طائر يفهم لغة البشر ويرشدهم إلى مكان العسل بأفريقيا
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
تمكن فريق بحثي دولي من علماء الأنثربولوجيا من التوصل إلى أن "دليل العسل الكبير" يتعلم إشارات البشر في المناطق التي يعيش بها، ويستخدمها ليقودهم إلى مكان العسل، فيقومون بجمعه والاستفادة منه.
و"دليل العسل الكبير" هذا إنما هو طائر شهير في مناطق متفرقة من قارة أفريقيا، مثل إثيوبيا وكينيا وتنزانيا وموزمبيق وبتسوانا وجنوب أفريقيا، ويمتلك ريشا بني اللون مع ذيل خارجي أبيض، ويقف بوضعية منتصبة.
ويختلف الجنسان في هذا النوع من الطيور، حيث يمتلك الذكر منقارا ورديا وحلقا أسود وغطاء أذن أبيض كبيرا، أما الأنثى فلديها منقار داكن وحلق شاحب.
وكان معروفا للعلماء منذ سنوات طويلة أن هذا الطائر يفهم إشارات السكان المحليين، وحينما يسمعها فإنه ينطلق في طريقه ناحية أعشاش النحل، مع إصدار صوت مميز يجذبهم إليه، فيحصلون على العسل ويأكل هو ما تبقى من قرص العسل.
ولكن السؤال الذي أثار انتباه علماء الأنثربولوجيا كان عن طبيعة تلك العلاقة، فهذا الطائر بري تماما وغير مُدرب، والغريب أنه يفهم إشارات مختلفة في دول مختلفة، ففي تنزانيا مثلا يتمكن السكان من قبائل الهادزا من إثارة انتباه الطائر بصفير موسيقي يشبه صوت العصافير، أما في موزمبيق فيجذب صيادو العسل من قبائل الياو هذه الطيور بصوت رتيب يتبعه نخر منخفض يشبه أن تنطق "بررر .. إه". (استمع إلى الأصوات المستخدمة في جذب الطيور في الملف الصوتي التالي)
وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية "ساينس"، فإن الطيور كانت أكثر استجابة للأصوات التي تصدرها الثقافة المحلية مقارنة بالثقافات الأخرى.
وللتوصل إلى تلك النتائج قام الباحثون بتسجيل أصوات من الثقافتين الهادزا والياو، ثم قاموا بتشغيل تلك الأصوات في المجتمعين، وقاموا بملاحظة استجابة دليل العسل الكبير، ووجدت أن الطيور كانت أكثر عرضة للظهور وقيادة الشخص إلى العسل عندما سمعت تسجيلات من نوع النداء الذي يصدره شركاؤها البشريون المعتادون، مقارنة بالأصوات التي يصدرها صيادو العسل من بلد مختلف.
وتدعم هذه النتيجة فكرة مثيرة جدا لانتباه العلماء، وهي أن الطائر يتعلم لغة البشر التي يحدثونه بها، ولا توجد إشارات عامة يستجيب لها بشكل عام، ويعد هذا بحسب الدراسة مثالا نادرا للتطور الثقافي المشترك بين البشر والحيوانات البرية.
وأظهرت بعض الدراسات السابقة في هذا النطاق أن دليل العسل الكبير حقق فائدة هائلة للبشر الذين يسكن معهم في المكان نفسه، حيث ارتفع معدل عثور جامعي العسل على أعشاش النحل بنسبة 560%.
ولكن الأغرب في هذا السياق، بحسب بيان رسمي صادر من جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس المشاركة في الدراسة، أن العلماء وجدوا أن هذا الطائر كان يقود السكان إلى أعشاش ذات إنتاجية أعلى بشكل ملحوظ من تلك التي عُثر عليها بدونه.
وبسبب هذا الطائر الصغير، تحسنت صحة هؤلاء السكان المحليين الذين يعملون بجمع الثمار واصطياد الحيوانات، حيث بات العسل يمثل بين 8% و10% من حمياتهم الغذائية اليومية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هذا الطائر
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف كيف نجا البشر الأوائل من ظروف البيئات القاسية
يُعد البشر الحيوان الوحيد الذي يعيش في جميع البيئات الممكنة تقريبًا، من الغابات المطيرة إلى الصحاري وصولًا إلى التندرا.
هذه القدرة على التكيف مهارة تعود إلى ما قبل العصر الحديث، فوفقًا لدراسة جديدة نشرت في مجلة "نيتشر"، فقد طور الإنسان العاقل القديم مرونة البقاء من خلال إيجاد الغذاء والموارد الأخرى في مجموعة واسعة من الموائل الصعبة قبل أن ينتشر من أفريقيا منذ حوالي 50000 عام.
قالت إليانور سكيري، عالمة الآثار التطورية في معهد ماكس بلانك لعلم الإنسان الجيولوجي في يينا، ألمانيا: "قوتنا العظمى هي أننا متخصصون في النظم البيئية".
كيف نجا البشر الأوائل من ظروف البيئات القاسية؟تطور جنسنا البشري لأول مرة في أفريقيا منذ حوالي 300، 000 عام. وبينما تُظهر الاكتشافات الأحفورية السابقة أن بعض المجموعات قامت بغزوات مبكرة خارج القارة، فإن المستوطنات البشرية الدائمة في أجزاء أخرى من العالم لم تحدث إلا بعد سلسلة من الهجرات منذ حوالي 50، 000 عام.
قالت إميلي هاليت، عالمة الآثار بجامعة لويولا في شيكاغو، والمؤلفة المشاركة في الدراسة: "ما الذي اختلف في ظروف الهجرات الناجحة؟ لماذا كان البشر مستعدين هذه المرة؟".
بشر العصر الحجري حققوا تقدمًا تقنيًا مهمًا واحدًاافترضت نظريات سابقة أن بشر العصر الحجري ربما حققوا تقدمًا تقنيًا مهمًا واحدًا أو طوروا طريقة جديدة لمشاركة المعلومات، لكن الباحثين لم يجدوا أدلة تدعم ذلك.
اتبعت هذه الدراسة نهجًا مختلفًا بالنظر إلى سمة المرونة نفسها.
جمع العلماء قاعدة بيانات للمواقع الأثرية التي تُظهر الوجود البشري في جميع أنحاء أفريقيا منذ 120000إلى 140000 عام. لكل موقع، وضع الباحثون نموذجًا للمناخ المحلي خلال الفترات الزمنية التي عاش فيها البشر القدماء.
قال هاليت: "كان هناك تغيير حاد في نطاق الموائل التي استخدمها البشر بدءًا من حوالي 70، 000 عام. لقد رأينا إشارة واضحة جدًا إلى أن البشر كانوا يعيشون في بيئات أكثر تحديًا وتطرفًا".
في حين أن البشر قد نجوا لفترة طويلة في السافانا والغابات، إلا أنهم انتقلوا إلى كل شيء من الغابات المطيرة الكثيفة إلى الصحاري القاحلة في الفترة التي سبقت 50000 عام، متطورين ما أسماه هاليت "مرونة بيئية أتاحت لهم النجاح".
كما أن هذه القفزة النوعية في القدرات مثيرة للإعجاب، فمن المهم ألا نفترض أن الإنسان العاقل وحده هو من فعل ذلك، كما قال عالم الآثار بجامعة بوردو، ويليام بانكس، الذي لم يشارك في البحث.
وأضاف أن مجموعات أخرى من أسلاف البشر الأوائل غادرت أفريقيا أيضًا وأقامت مستوطنات طويلة الأمد في أماكن أخرى، بما في ذلك تلك التي تطورت إلى إنسان نياندرتال الأوروبي.
وأضاف أن البحث الجديد يساعد في تفسير سبب استعداد البشر للتوسع عبر العالم في الماضي البعيد، لكنه لا يجيب على السؤال الدائم حول سبب بقاء جنسنا البشري فقط اليوم.
اقرأ أيضاًباستخدام مجسمات لحيوانات الغابة.. حفلات مفتوحة بالمنتجعات السياحية بالبحر الأحمر
باستخدام مجسمات لحيوانات الغابة.. حفلات مفتوحة بالمنتجعات السياحية بالبحر الأحمر