نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، ترجمته "عربي 21"، قالت فيه إن الرئيس الأمريكي أعرب مرارا وتكرارا التعاطف والحزن لمعاناة الإسرائيليين، ومخاوف اليهود في جميع أنحاء العالم، في أعقاب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، مما أكسبه تقديرا عميقا بين مؤيدي إسرائيل. لكن العديد من الأمريكيين العرب والمسلمين، وكذلك الناخبين الشباب والليبراليين المناهضين للحرب، يقولون إن نفس التعاطف والقناعة غالبًا ما كانا مفقوديْن من خطاب بايدن حول معاناة الفلسطينيين في غزة، حتى مع ارتفاع عدد القتلى هناك إلى أكثر من 18000، بما في ذلك الآلاف من الفلسطينيين الأطفال.



ونقلت الصحيفة عن قال شبلي تلحمي، وهو مراقب في الشرق الأوسط وباحث شرقي في جامعة ميريلاند: "الرئيس، بخلاف وصفه التصويري لهجوم حماس المروع على إسرائيل والضحايا الإسرائيليين.. نادرا ما تحدث عن الأطفال الفلسطينيين الممزقين إربا، أو مئات الآلاف من الأشخاص بدون ماء أو طعام"، مضيفا: “إنه يتحدث عن (الفلسطينيين) وكأنهم ضحايا زلزال أو كارثة طبيعية، دون ربطهم بأعمال الحكومة الإسرائيلية بدعمه ومساندته”.


وأفادت الصحيفة أن مسؤولي البيت الأبيض يعارضون ذلك بشدة، مشيرين إلى أن بايدن دعا تل أبيب مرارا وتكرارا إلى تجنب سقوط ضحايا من المدنيين. على سبيل المثال؛ قال الرئيس للصحفيين في 25 تشرين الأول/أكتوبر: "على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها، رغم صعوبة ذلك، لحماية المدنيين الأبرياء". ويقولون أيضا إن دعوات بايدن المتكررة لزيادة المساعدات لغزة مدفوعة بالرغبة في تخفيف معاناة الفلسطينيين الأبرياء، لكن العديد من القادة المسلمين والعرب الأمريكيين يشعرون أن نبرة بايدن العاطفية وتعبيرات التعاطف تختلف بشكل صارخ عندما يتحدث عن الإسرائيليين والفلسطينيين، خاصة مع تدهور الوضع الإنساني في غزة، فقد نزح حوالي 80% من سكان غزة، ويفتقر عدد متزايد منهم إلى الضروريات الأساسية، كما شعر البعض بالاستياء بشكل خاص من إنكار الرئيس قبل عدة أسابيع لأرقام الضحايا الصادرة من وزارة الصحة في غزة، التي تسيطر عليها حماس، رغم إن أرقام وزارة الصحة تتطابق بشكل وثيق مع الإحصاء الداخلي للحكومة الأمريكية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المسائل الاستخباراتية.

وفي اليوم التالي؛ اعتذر بايدن لمجموعة من القادة الأمريكيين المسلمين ووعد بالقيام بعمل أفضل، وفقًا لأشخاص تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم للكشف عن تفاصيل اجتماع خاص. وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن تعليق بايدن نابع من حقيقة أن الحكومة الأمريكية ليس لديها أي شخص على الأرض في غزة للتحقق من الأرقام وحقيقة أن أرقام وزارة الصحة لا تميز بين المقاتلين وغير المقاتلين. ولكن بالنسبة لبعض الأمريكيين العرب والمسلمين، فإن نبرة بايدن التي تبدو واقعية، محبطة بشكل خاص لأنها تأتي من شخصية معروفة بقدرته على الارتباط بالمعاناة، فلقد فقد الرئيس زوجته وابنته الرضيعة في حادث سيارة عام 1972، وتوفي ابنه بو بسرطان الدماغ في عام 2015، مما مكنه في كثير من الأحيان من التحدث عن الحزن بتعاطف حقيقي.


وذكرت الصحيفة أنه عندما يتحدث بايدن عن المعاناة والموت في غزة فإنه يظهر إحجاما عن انتقاد الاحتلال بشكل مباشر بسبب ذلك، مما يخلق خلافا متزايدا مع بعض موظفيه، فلقد أصبح العديد من كبار المسؤولين في إدارة بايدن أكثر استعداداً للإشارة إلى ذنب تل أبيب، والتحدث بشكل مثير للحزن الفلسطيني، منذ استأنفت حملتها العسكرية في غزة بضرب الجنوب بنفس الشراسة التي ضربت بها الشمال في وقت سابق.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في رحلة قامت بها مؤخرا إلى الشرق الأوسط؛ أعلنت نائب الرئيس كامالا هاريس أن "عدداً كبيرًا جدًّا من الفلسطينيين الأبرياء قتلوا"، مضيفة: "بصراحة، فإن حجم معاناة المدنيين والصور ومقاطع الفيديو القادمة من غزة مدمرة"، فيما حذر وزير الدفاع لويد أوستن، الذي كان يتحدث في الثاني من كانون الأول/ديسمبر في منتدى ريغان للدفاع الوطني، إسرائيل من أنه عندما يتعلق الأمر بالمدنيين، "إذا دفعتهم إلى أحضان العدو، فإنك تستبدل جيشاً مسلحاً؛ إنه نصر حاسم مع هزيمة استراتيجية".

وأقرّ المسؤولون بأنه تم تجاهل التحذيرات الأمريكية لتل أبيب بشأن سقوط ضحايا جنوب غزة، بينما لا يؤيّد فريق بايدن مقترح فرض شروط على المساعدات الأمريكية الموجّهة إلى دولة الاحتلال أو غيرها من التحركات العقابية التي يمكن أن تزيد الضغط على حليفتها في الشرق الأوسط.

وأشار مسؤولو البيت الأبيض إلى أن بايدن في عمود نُشر بتاريخ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر في صحيفة "واشنطن بوست" تحدث بشكل عاطفيّ عن المعاناة الفلسطينية، مشيرا إلى أن قلبه مفطور بسبب الوضع، حيث "يبكي الأطفال الفلسطينيون على آبائهم المفقودين. ويقوم الآباء بكتابة أسماء أطفالهم على أيديهم أو أرجلهم حتى يكون من الممكن التعرف عليهم في حالة حدوث الأسوأ. ويحاول الممرّضون والأطباء الفلسطينيون يائسين إنقاذ كل حياة ثمينة، بما لديهم من موارد قليلة أو معدومة…". لكن تصريحاته لم تعكس صراحة ما قاله مساعدوه بشأن العدد الكبير للضحايا الفلسطينيين، على الرغم من أنه انتقد ما وصفه باستخدام حماس للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية.

وفي تصريحاته الأخيرة بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أشار بايدن إلى أن "مئات الشاحنات الإضافية تستعد لدخول غزة خلال الأيام المقبلة لدعم الفلسطينيين الأبرياء الذين يعانون بشدة بسبب هذه الحرب التي شنتها حماس. فحماس لا تكترث لأمرهم". ويقول مساعدو بايدن إنه مرتبط عاطفيا بالكيان ويؤمن بدورها كملاذ حيوي للشعب اليهودي، وهو شعور تطور على مدى عقود من عمله في الحياة العامة، بما في ذلك كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

وحسب الصحيفة، يبدو أن هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أثّرت على بايدن بشكل عميق. وحسب هالي سويفر، الرئيسة التنفيذية للمجلس الديمقراطي اليهودي في الولايات المتحدة، فإن "دعم الرئيس بايدن لإسرائيل لم يبدأ في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر بل متجذر في خمسة عقود من الدعم العميق للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والارتباط العاطفي والالتزام تجاه إسرائيل".


وأوضح بعض مسؤولي البيت الأبيض أن بايدن يرى أن استهداف حماس الصريح للمدنيين الإسرائيليين يختلف كثيرًا عن حملة القصف الإسرائيلية، التي يتمثّل هدفها المعلن في القضاء على مقاتلي الجماعة المسلحة. لكن الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن سقوط عدد أكبر بكثير من الضحايا المدنيين، إذ يؤكد بعض مسؤولي بايدن أن هدف تدمير حماس لا يبرر القتل غير الضروري للفلسطينيين الأبرياء. وفي زيارة له لإسرائيل يوم 30 تشرين الثاني/نوفمبر، قال بلينكن في إشارة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن"… النتيجة مهمة بقدر أهمية النية".

على غرار بايدن، يعرف بلينكن بكونه مؤيدًا قويًا لإسرائيل تشكّلت آراؤه خلال سنوات الخدمة الحكومية. وبصفته كبير الدبلوماسيين الأمريكيين، كان وزير الخارجية في الطرف المتلقي للعديد من التحذيرات والنداءات من الزعماء العرب والجماعات الإنسانية التي تسعى إلى الحد من العنف. وقد استمع أيضًا إلى وجهات نظر متباينة داخل وزارة الخارجية والتقى بمؤلّفي مذكرات معارضة داخلية تدعو الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذها للمساعدة في إنهاء الصراع.

ذكرت الصحيفة أن العديد من الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين يعتقدون أن الأذى والغضب الحاليين ينبع جزئيًا من حقيقة أنهم دعموا بايدن في سنة 2020 على أمل أنهم كانوا ينتخبون شخصًا ملتزمًا بحقوق الإنسان يمكنه التعاطف مع الحزن العميق الذي يشعرون به الآن. فقد بعض الأمريكيين الفلسطينيين العشرات أو أكثر من أفراد عائلاتهم في الغارات الجوية الإسرائيلية، ويقول العديد من الأمريكيين العرب والمسلمين الآن إنهم لن يدعموا الرئيس في انتخابات العام المقبل.

ونقلت الصحيفة عن عمران صالحة، إمام المركز الإسلامي في ديترويت، أن العديد من المسلمين والعرب، بما في ذلك المسيحيين العرب والفلسطينيين، يشعرون بالخيانة. وأضاف صالحة أن كل الأشخاص الذين حرصوا على حشد الأصوات لبايدن، جميعهم يشعرون بالخذلان.

وقال أحد حلفاء بايدن ومسؤول سابق في الإدارة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن وجهات نظر الرئيس السياسية، إن مشاعر الرئيس تجاه إسرائيل طغت على تعاطفه مع الفلسطينيين، وهو تأكيد يعارضه البيت الأبيض بشدة. وأضاف المصدر ذاته "على المستوى الداخلي، يشتهر بايدن بالتعاطف مع الكثير من الناس. لكن ليس لديه نفس الشعور تجاه الفلسطينيين".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الفلسطينيين الاحتلال فلسطين الاحتلال بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البیت الأبیض تشرین الأول العدید من فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

بايدن: أتحمل مسؤولية فوز ترامب برئاسة أمريكا

أقرّ الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، بأنه يتحمّل قسطًا من المسؤولية عن فوز الرئيس الحالي دونالد ترامب في انتخابات العام الماضي، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن انسحابه من السباق لم يكن العامل الوحيد الذي أدى إلى تلك النتيجة.

وفي مقابلة بثتها شبكة "ذا فيو"، قال بايدن بوضوح: "نعم، أتحمّل المسؤولية؛ انظر، كنتُ المسؤول، وقد فاز، لذا فأنا أتحمّل المسؤولية"، في إشارة مباشرة إلى مسؤوليته كرئيس ديمقراطي انتهت ولايته بخسارة الحزب في الانتخابات الرئاسية.

ترامب يتراجع ويدرس خفض التعريفات الجمركية على الصيننائب ترامب عن التوترات بين الهند وباكستان: حرب لا تعنيناترامب يدعو لهدنة غير مشروطة بين روسيا وأوكرانيا.. ويتوعد المخالفبعد صفقة المعادن.. مباحثات هاتفية جديدة بين ترامب وزيلينسكيإذاعة جيش الإحتلال : ترامب يقطع الاتصال مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهوترامب: انتخاب بابا أمريكي للفاتيكان شرف عظيم للولايات المتحدةكاملة وشاملة.. ترامب يعلن عن اتفاقية تجارية مهمة مع بريطانيا

رغم اعترافه، حرص بايدن على الدفاع عن أدائه خلال رئاسته، موجهًا اللوم إلى ترامب في تعطيل تشريعات حيوية، أبرزها قانون أمن الحدود الذي قال إنه حظي بدعم الحزبين، لكن لم يُمرر بسبب ما وصفه بمناورات سياسية من جانب خصومه الجمهوريين.

كما أقرّ الرئيس السابق بأنه لم يبذل الجهد الكافي لتسويق إنجازاته السياسية خلال فترته الرئاسية، مشيرًا إلى أن "بعضها كان سيؤتي ثماره لاحقًا"، وهو ما لم يستطع الناخبون تلمسه قبل موعد الانتخابات.

وعن خسارة كامالا هاريس، نائبة الرئيس السابقة والمرشحة الديمقراطية التي هزمتها حملة ترامب، اعتبر بايدن أن الهزيمة لم تكن مفاجئة له، لكنه شدد على أنها "كانت مؤهلة جدًا"، غير أن الحملة ضدها شابها "تمييز ضد المرأة"، على حد تعبيره.

ترامب يتراجع ويدرس خفض التعريفات الجمركية على الصيننائب ترامب عن التوترات بين الهند وباكستان: حرب لا تعنيناترامب يدعو لهدنة غير مشروطة بين روسيا وأوكرانيا.. ويتوعد المخالفبعد صفقة المعادن.. مباحثات هاتفية جديدة بين ترامب وزيلينسكيإذاعة جيش الإحتلال : ترامب يقطع الاتصال مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهوترامب: انتخاب بابا أمريكي للفاتيكان شرف عظيم للولايات المتحدةكاملة وشاملة.. ترامب يعلن عن اتفاقية تجارية مهمة مع بريطانيا

كما لفت إلى "الأثر السلبي الهائل" لجائحة كوفيد-19، الذي قال إنه أضعف أداء الحكومة وزاد من الضغوط على حملة الحزب الديمقراطي.

وفي خضم الحديث عن قراره بالانسحاب من سباق 2024، أوضح بايدن أن قراره لم يكن نابعًا من ضغط صحي أو إدراكي، بل من حرص على عدم تقسيم الحزب الديمقراطي، قائلاً: "السبب الوحيد لانسحابي هو أنني لا أريد أن ينقسم الحزب الديمقراطي". كما نفى الشكوك التي أثيرت حول تراجع قدراته الذهنية خلال ولايته، مؤكدًا: "لا يوجد ما يدعم ذلك"، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"الإنجازات الكبيرة" التي حققها في الشهور الأخيرة من رئاسته.

طباعة شارك ترامب وبايدن ترامب بايدن هاريس انتخابات

مقالات مشابهة

  • اللجنة الوطنية للطوارئ تطمئن المواطنين بشأن الهزة الأرضية التي شعر بها سكان طرابلس
  • الشي الملاحظ بعد سقوط الإنقاذ، أن أكثر الناس عداوة للكيزان (..)
  • باكستان تعلن إعادة فتح مجالها الجوي بشكل كامل أمام كافة الرحلات
  • عشرة أهداف جعلت الرئيس ترامب يوقف الغارات الجوية على المليشيات الحوثية في اليمن بشكل مفاجئ
  • ترامب يستوعب الدرس.. شواهد هزيمة الأمريكيين في اليمن!
  • الرئيس السيسي يشارك في مأدبة الغداء التي أقامها «بوتين» على شرف المشاركة باحتفالات عيد النصر
  • أخبار العالم | بايدن: أتحمل مسؤولية فوز ترامب بالرئاسة.. الرئيس الأمريكي يدرس خفض التعريفات الجمركية على الصين.. وهجمات جوية متبادلة بين الهند وباكستان
  • بايدن: أتحمل مسؤولية فوز ترامب برئاسة أمريكا
  • تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها
  • مدبولي: الرئيس السيسي يُتابع بشكل دوري جهود تطوير منظومة الصحة بأنحاء الجمهورية