طوفان الأقصى هى عملية قامت بها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلى يوم السابع من أكتوبر الماضى، التى تعتبر أكبر هجوم بشرى منذ سنوات طويلة، فقد استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية.

وهذا الأمر الذى قابله الاحتلال الإسرائيلى بقصفه المتواصل على غزة بكل ما أوتى من قوة غاشمة فلا يفرق بين نساء وأطفال وشيوخ ومنشآت بها مدنيون آمنون عزل، وما زال يشن العديد من الغارات حتى اللحظة، مما نتج عنه الكثير من الشهداء والجرحى نتيجة هذا القصف المتكرر والمستهدف.

والآن أصبح الوضع مختلفا بعد مرور شهرين وأكثر على الحرب فى غزة، خاصة عقب انتهاء الهدنة التى تمت خلال الأيام الماضية، فلم يعد هناك أى مكان آمن فى قطاع غزة، وذلك حسبما أكدت منظمة الأمم المتحدة.

فالآن يرتكب جيش الاحتلال الإسرائيلى جرائم جديدة ضد الإنسانية، وذلك حسبما نشرت وسائل إعلام فلسطينية من فيديوهات وصور توثق جريمة جديدة يمكن يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين العزل فى قطاع غزة.

«البوابة» فى هذا التقرير ترصد تاريخ اليهود، وأن ما يحدث فى غزة فى هذه الآونة لم يكن بجديد عليهم من هذه المذابح والإبادات التى يرتكبونها ضد المدنيين، فنجد عالم الاجتماع الفرنسى «غوستاف لوبون» فى كتابه «اليهود فى تاريخ الحضارات الأولى» الذى قام بترجمته المترجم عادل زعيتر، يسرد ما يدحض به زعم اليهود الزائف القائل إن لفلسطين حقا تاريخيا لهم والمشتمل على أعظم دجل بشرى وأفظع تضليل سياسى، أن شعب اليهود يقتبس من الأمم التى عاش شتيتا بينها غير أخس عيوبها شأن أجداده، كما يثبت ذلك سلوكه الوحشى الأخير فى فلسطين.

يسلط هذا الكتاب الضوء على أن اليهود لم يكن لهم فن ولا صناعة ولا أى شيء تقوم به حضارة، فاليهود لم يأتوا بأى مساعدة سواء كانت صغيرة أو كبيرة فى المعارف البشرية، حتى أن قدماء اليهود لم يتجاوزوا أطوار الحضارة السفلى التى لا تكاد تميز من طور الوحشية، فعندما خرج هؤلاء البدويون الذين لا أثر للثقافة لديهم من باديتهم ليستقروا بفلسطين وجدوا أنفسهم أمام أمم قوية متمدنة منذ زمن طويل فكان أمرهم كأمر العروق الدنيا التى تكون فى أحوال مماثلة فلم يقتبسوا من تلك الأمم العليا سوى أخس ما فى حضارتها أى عيوبها وعادتها الضارية.

يقول الكاتب "غوستاف لوبون"، إن تاريخ اليهود الكئيب لم يكن غير قصة لضروب المنكرات، فتأثيرهم فى تاريخ الحضارة صفر ولا يستحقون بأى وجه أن يعدوا من الأمم المتمدنة، وظلوا فى عهد مملوكهم بدويين آفاقين مفاجئين مغيرين سفاكين مولعين بقطاعهم مندفعين فى الخصام الوحشى، فإذا ما بلغ الجهد منهم ركنوا إلى خيال رخيص، تائهة أبصارهم فى الفضاء فهم كسالى خالين من الفكر كأنعامهم التى يحرسونها، إلى جانب ذلك فتاريخهم كله لا أثر للرحمة عندهم، فيوصف تاريخهم بالوحشية، فالذبح المنظم يعقب كل فتح لهم مهما قل، فكان الأهالى الأصليون يوقفون فيحكم عليهم بالقتل دفعة واحدة فيبادون باسم "يهوة" إله قبيلتهم، من غير نظر إلى الجنس أو السن وكان التحريق والسلب يلازمان سفك الدماء.

بين "لوبون"، إن اليهود كانوا فى غاية العجز أن يقيموا بأنفسهم مدنهم واضطروا فى إبان سلطانهم فى عهد سليمان إلى الاستعانة بالخارج فجابوا بنائين وعمالا لم يكن بين بنى إسرائيل قرن لهم، وفلسطين أو أرض الميعاد لم تكن غير بيئة مختلقة لليهود فالبادية كانت وطنهم الحقيقى، ولن تجد شعبا عطل من الذوق الفنى كما عطل اليهود فيهكلهم المشهور بـ"هيكل سليمان" أقيم على الطراز الآشورى، من قبل بنائين من الأجانب ولم تكن نسخ هذا الملك غير نسخ دنيئة عن القصور المصرية أو الآشورية.

يقول أيضا " لوبون" فى كتابه "حضارة العرب"، إن من الإهانة للعربى أن يقاس أو يقارن باليهودى فمبدأ اليهود كما فى سفر"يشوع" هو"أهلكوا جميع ما فى المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف، وأحرقوا المدينة وجميع من فيها بالنار".

وهذا العكس تماما فى مبدأ العرب كما وجدناه فى وصية أبى بكر الصديق التى قال فيها:"لا تخونوا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تذبحوا ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة"، بل إن العرب أنفسهم هم من مدنوا أوروبا ثقافة وأخلاقا، وكنت أتمنى أن يكون العرب قد استولوا على العالم ومنه أوروبا لما كان فيهم من نبل الطبائع وكريم السجايا.

وذكر أيضا "لوبون"، أن اليهود لم يقتبسوا من الأمم السابقة إلا عيوبها وعادتها الضارية ودعارتها وخرافاتها فقربوا لجميع آلهة آسيا فقربوا لعشرتوت ولبعل ولمولك من القرابين ما هو أكثر جدا مما قربوه لإله قبيلتهم يهوة العبوس الحقود الذى لم يثقوا به إلا قليلا لطويل زمن، على الرغم من كل إنذار جاء به أنبياؤهم، وكانوا يعبدون عجولا معدنية وكانوا يضعون آباءهم فى ذرعان محمرة من نار مولك، وكانوا يحملون نساءهم على البغاء المقدس فى المشارف.

وأشار أيضا "لوبون" إلى أن البؤس الأسود الذى صب من فوره على بنى إسرائيل هو الذى حال لا ريب فيه دون انحلالهم التام وأدى إلى وحدتهم العجيبة، وما أوحى به إليهم دوما من كره عميق لمختلف الأمم التى اتصلوا بها، وصانهم من الزوال بانصهارهم فيها، وما حدث من سحق الدول المجاورة إياهم، ومن استعباد الدول الآسيوية العظمى لهم فى كل حين، ومن استرسالهم فى الفتن الداخلية الدائمة ووقوعهم فى داء الفوضى العضال عند استردادهم ظلا من الحرية، أوجب ظهور أحوال لا تعرف الروح البشرية معها سوى وساوس القنوط لما لا يكون لديها من عوامل الأمل، فهناك كان يظهر المتعصبون الراجفون ذوو النفوذ العميق فى نفوس الجموع على الدوام فما كان لأمة من العرافين والملهمين والمجاذيب مثل ما كان لبنى إسرائيل، وبنو إسرائيل لم يظهر فيهم من النوابغ غير الأنبياء التى كان تستغرف إلهاماتها من مصدر واحد.

يضيف "لوبون" قائلا: إذا ما عدت العهد القديم وجدت بنى إسرائيل لم يؤلفوا كتابا، والعهد القديم هذا لم يشتمل على شيء يستحق الذكر إلا ما يتألف من رؤى ناس متهوسين، ومن أخبار باردة وأقاصيص داعرة ضارية، وأثبتوا عجزهم عن الإتيان بأدنى تقدم فى الحضارة التى اقتبسوا أحط عناصرها، فاليهود بعد أن جمعوا ثروات وفق غرائزهم التجارية القوية لم يجدوا بينهم بنائين متقنين قادرين على تشييد المبانى والقصور، فاضطروا إلى الاستعانة بجيرانهم الفنيقيين على الخصوص كما تدل عليه التوراة، فاليهود اقتصرت معارفهم على تربية السوائم وفلح الأرض، والتجارة بوجه خاص، وما كان لفلاح اليهود ليدوم غير مدة قصيرة، فقد أسفرت غرائزهم على النهب والسلب، وأسفر تعصبهم هذا عن عدم احتمال جيرانهم لهم فلم يشق على هؤلاء الجيران أن يستعبدوهم.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: طوفان الأقصى تاريخ اليهود الاحتلال الإسرائيلي الاحتلال الإسرائیلى الیهود لم ما کان لم یکن

إقرأ أيضاً:

الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا

ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!

‎الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.

‎لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».

‎لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.

‎الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.

‎لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.

‎لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.

‎المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.

‎المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.

السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!

‎المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.

‎والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!

‎هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.

‎أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.

‎والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.

‎السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.

‎القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!



مقالات مشابهة

  • الأكبر في التاريخ .. واشنطن والرياض توقعان صفقة أسلحة ب142 مليار دولار
  • وزير الأوقاف: بناء الإنسان وصناعة الحضارة هما محور تعاوننا مع جامعة النيل
  • الأكبر في التاريخ.. السعودية وأمريكا توقعان صفقة أسلحة بـ 142 مليار دولار
  • السعودية وأمريكا توقّعان أكبر اتفاقية دفاعية في التاريخ
  • من أعظم مخرج في التاريخ؟ ريتا خان تجيب
  • “صفعة التاريخ”.. تحالفات تُرسم ومصير عباس على الطاولة
  • الفردوسي.. صاحب أطول ملحمة في التاريخ
  • الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا
  • كان.. يا ما كان
  • للمرة الأولى في التاريخ.. امرأة تترأس الاستخبارات البريطانية