المسلة:
2025-07-03@14:52:55 GMT

ما بعد الحرب على إيران

تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT

ما بعد الحرب على إيران

3 يوليو، 2025

بغداد/المسلة:

إبراهيم العبادي

هناك شبه كبير بين حرب الأيام الستة التي شنها الكيان الإسرائيلي في حزيران عام 1967، وبين حرب الأيام الاثني عشر التي شهدت عدوان إسرائيل وراعيتها الولايات المتحدة على إيران في حزيران عام 2025. كلتا الحربين وقعتا كوقع الصدمة على العرب والإيرانيين، وكلتاهما مهدت لهزّات فكرية وسياسية بعد الصدمة العسكرية والأمنية.

أوجه الشبه بين الحربين عديدة، وأوجه الاختلاف محدودة. لنبدأ من أوجه الاختلاف: إذ انتهت حرب الأيام الستة بهزيمة عربية منكرة ضاعت فيها سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية لنهر الأردن، بما فيها القدس. فيما لم تشهد الحرب الأخيرة معارك برية ، ولا خسارة أراضٍ من جانب إيران أو الكيان الصهيوني، بل شهدت خسارة قيادات عسكرية كبيرة وعلماء نوويين إيرانيين. ولم يحصل تغيير في الجغرافيا أو الوحدة الترابية لإيران، ما أبقى على الوضع الجيوسياسي على حاله من هذه الناحية، وإن حصل شيء من التبدل في مفاهيم الأمن والردع والتوازن بعد المفاجآت والانكشافات التي حصلت.

وجه الاختلاف الآخر في هذه الحرب أن العرب دخلوا الحرب مجتمعين تقريبًا، وإن كان العبء الأكبر قد وقع على عاتق المصريين، فيما واجهت إيران العدوان عليها منفردة، لم تجد إلا نفسها لتعتمد عليها، بلا حليف كبير ولا نصير صغير.

أما أوجه التشابه والتماثل العديدة، فأبرزها أن الحرب كانت متوقعة وقريبة خلال أسابيع، وأقصى موعد متوقع كان شهرًا أو ما يزيد قليلاً. وتوقّع الحرب يعني أن تكون الاستعدادات على أشدها، ولا يكون الهجوم مفاجئًا وصادمًا.

فوجئ المصريون بالضربة الأولى كما تفاجأ الإيرانيون بها، وترتب على ذلك فقدان التوازن لساعات طويلة وزمن ثمين، قبل أن يستفيق الإيرانيون من الضربة ويعودوا إلى الإمساك بلحظة الرد على العدوان.

سبق الحرب خطاب تهديد وردع وحرب نفسية مضادة، وتبيّن أن خطاب الحرب ليس كخطاب الميدان؛ فائض القوة الكلامية كان أكبر بمرات عديدة من القوة الحقيقية.

تشابهت الحربان في حجم الاختراق المعلوماتي والاستخباري. في حرب 1967 كان إيلي كوهين، جاسوس إسرائيل الأكبر، قد دُفن بعد أن أوصل معلومات مفصلة وثمينة عن الجبهة السورية من خلال اختراقه لمجتمع الضباط والساسة. وكانت إسرائيل تعرف أوقات حركة أسراب الطائرات المصرية وطيّاريها، وتعرف نقاط الوهن والضعف فيها، كما تعرف نقاط قوة الجيوش العربية وقياداتها الميدانية، ووظّفت كل ذلك لإحداث الصدمة لدى الخصم حال انطلاق شارة المعركة .

في الحرب الأخيرة، لم يمنع منهج التشكيك وعدم الثقة بالآخر من الوقوع في فخ التراخي ووهم القوة وضعف الإدراك لألاعيب الخصوم المتحالفين. فكانت الأفخاخ الكلامية والسياسية سببًا في تراجع الاستعدادات والتراخي عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

التشابه الأكبر بين الحربين كان في انكشاف الجبهة المناهضة لإسرائيل، بسبب التفوق التكنولوجي والمعلوماتي، وضعف الدفاعات الجوية، والسيطرة شبه المطلقة على الأجواء، مما سمح للعدو باختيار ضرباته وممارسة عدوانه وغطرسته.

الدرس الأكبر المستخلص من هذه الحرب كان سقوط جدار الردع، وتجرّؤ العدو على بدء الاعتداء مستفيدًا من الغطاء الحربي والسياسي والدعائي المساند له.

سردية “الدفاع عن الوجود” استُخدمت ذريعة لمساندة الكيان الغاصب أوروبيًا وأمريكيًا، لتبرير خرق القانون الدولي، وتوصيف إيران كتهديد دائم، والتغطية على ما فعلته إسرائيل بأفعالها القذرة. (اعتراف مستشار ألمانيا، ميرتس، بأن إسرائيل قامت بالفعل القذر نيابة عنا، وترديد زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع لمقولة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” قُبال التهديد النووي الوجودي القادم من إيران).

لو لم تصمد إيران وتمارس حرب استنزاف للجبهة الداخلية الإسرائيلية، وتوسع مساحات التدمير داخل المدن والمراكز الحيوية، لما استجاب نتنياهو لنداء وقف إطلاق النار.

ما أحبط أهداف الهجوم الصهيوني على إيران كان الروح الوطنية العميقة لدى الإيرانيين، ووحدة الموقف الداخلي، الذي تجسد نموذجه في موقف المفكرين والمثقفين الإيرانيين في الخارج، رغم اختلافهم الحاد مع النظام.

فقد كانت النداءات تحث على الصمود والدفاع عن “إيران الدولة والتاريخ والحضارة”، وتناسي مظاهر الاختلاف السياسي والقومي والفئوي. فقد أظهر الإيرانيون تماسكًا كبيرًا، ولم يعبر أشد المعارضين عن موقف ممالئ للعدوان أو متحين للفرص، إلا شرذمة من ناشطين وقوى مسلحة مناوئة.
كان موقف رجل الدين السني، مولوي عبد الحميد البلوشي (المعروف بنقده الحاد لسياسات النظام)، نبيلاً حين وقف يدعو إلى الدفاع عن إيران.

واكتسبت إيران تعاطفًا من شعوب كثيرة خارجها، بعضها من منطلق أخلاقي، وآخر قومي، وثالث ديني – إسلامي.

وفيما شمت بها قوميون وإسلامويون عرب راحوا يقدحون بزناد الطائفية والعداوة المذهبية، وضجت منابرهم بمبررات “الخطر الشيعي” و”المشروع الإيراني القومي”، ولم يقلقهم المشروع الصهيوني الذي بات يضرب آخر القلاع الإسلامية لإسقاطها وفرض الهيمنة والاستعلاء الصهيوني على الشعوب والمنطقة عامة.

توقّف إطلاق النار ولم تنتهِ الحرب وربما يعاود الاعداء هجومهم على ايران، غير أن ما كشفته حرب الأيام الاثني عشر سيدشّن مرحلة من الجدل والنقاش في إيران خاصة، وربما لدى شعوب ودول المنطقة عامة.
دروس هذه الحرب بليغة وخطيرة، ايرانيا سيُعاد تعريف الأمن القومي ، وسياسات الدفاع والأمن، وأولويات التسليح والسياسة الخارجية.
وسيشمل النقد الخطاب السياسي، وثقافة المقاومة، واستراتيجية التحشيد والتعبئة، وبناء التحالفات. لقد شمّر المثقفون وذوو الرأي الإيرانيون عن سواعدهم لتصحيح أخطاء وممارسات وسياسات داخلية وخارجية ساعدت في التمهيد للحظة الهجوم الإسرائيلي – الأمريكي على بلادهم.

الصدمة الأخطر كانت في حجم الاختراق الجاسوسي، والغفلة عن ملاحظة “سيكولوجية الخيانة والسقوط” لدى أفراد كثيرين وأسبابها، رغم ثقافة التعبئة والخطاب الثوري الصلد.هذه ستكون الفقرة الاهم في مشروع المراجعة والمسائلة ،بعضهم ذهب بعيدا مقترحا تنقيح الدستور واعادة توزيع الصلاحيات .

إيران مقبلة على تطورات كبيرة لتفادي الأسوأ، وهم قادرون على ذلك. مباشرة وفي اليوم التالي لوقف إطلاق النار، لم يتأخر النابهون ولم يصمتوا عن الأخطاء والخطايا الكبيرة التي وقعت.

وحدهم أسرى خطاب التمجيد والتبجيل، أو خطاب التبكيت والكراهية والأحقاد الطائفية خارج إيران، سيظلون يدورون في حلقة الجدل العقيم عن مَن انتصر ومَن انهزم!!!؟، دفاعًا عن مقولاتهم الرديئة .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: حرب الأیام الدفاع عن

إقرأ أيضاً:

«رباعية» الهلال..«الصدمة» و«الزلزال»!

 

عمرو عبيد (القاهرة)

أخبار ذات صلة 5 أسباب تُطيح إنتر ميلان خارج «مونديال الأندية»! الإشادة بالهلال بعد إقصاء السيتي في «مونديال الأندية»


وصفت صحيفة «ماركا» الإسبانية النُسخة الحالية من كأس العالم للأندية، بأنها «الأكثر جنوناً»، وكتبت الصحف الإنجليزية والإيطالية عن «يوم المفاجآت الصارخة»، الذي شهد الإطاحة بفريقي مانشستر سيتي وإنتر ميلان، من دور الـ 16، على يد الهلال السعودي وفلوميننسي البرازيلي، بنتائج غير متوقعة على الإطلاق، وقالت «ماركا» إن ما حققه الهلال يُعد مفاجأة ضخمة خيالية بكل المقاييس، بعد مباراة «مجنونة» شهدت تسجيل 7 أهداف، بينها «رُباعية عربية» لـ «الزعيم»، هزت شباك أحد أكبر عمالقة الكرة العالمية في الحقبة الحالية.
«الصدمة»، «الزلزال»، «الضجة الكبرى»، كلها كلمات وعناوين استخدمتها الصحف الإنجليزية والإسبانية في وصف نجاح الهلال في إقصاء مانشستر سيتي، وهو ما أبرزته «تيليجراف» و«الجارديان»، وما تناولته «ماركا» و«موندو ديبورتيفو»، حيث دار أغلب الحديث عن الموسم المحبط لبيب جوارديولا مع مانشستر سيتي، الذي اكتمل بهذا الخروج المبكر من كأس العالم، غير المتوقع على الإطلاق، وانتقدت الصحف الإنجليزية فريقها، الذي استهتر بمنافسه السعودي وأضاع العديد من الفُرص السهلة في البداية، ليُعاقب بطريقة «قاسية»، ولم تنس أن توجه تحذيراً لـ «بيب»، بضرورة إصلاح الأخطاء الدفاعية المتكررة لفريقه، قبل انطلاق موسم جديد، لن يكون مقبولاً فيه أن يخرج بطل إنجلترا لسنوات كثيرة سابقة متتالية، بهذا الحصاد مرة أخرى!
وبعنوان «الآن.. من سيعتذر لكريستيانو رونالدو؟»، خرج المقال الرئيس في صحيفة «ماركا» الإسبانية، ليشيد بفريق الهلال والدوري السعودي بصورة غير مسبوقة، ولم لا؟، فهو أول فريق عربي يُحقق فوزاً على منافساً أوروبياً في تاريخ بطولات كأس العالم للأندية، وأي منافس وأي فوز على طريقة «ماركا»، إنه مانشستر سيتي بطل أبطال أوروبا والعالم قبل عامين فقط، وأفضل فريق إنجليزي في العقد الحالي، وقالت إن «نبوءة» رونالدو تحققت الآن، بعد فوز الهلال على «السيتي» والتأهل على حسابه إلى ربع نهائي «المونديال».
الهلال، الذي كتبت عنه الصحف الإنجليزية أنه تمكن من مقارعة الفرق الأوروبية منذ الدور الأول، بتعادل وأداء قوي أمام ريال مدريد، ثم التعادل مع سالزبورج في مباراة كان «الزعيم» خلالها أقرب للفوز، ووسط توقعات بهزيمة كبيرة أمام «البلومون»، صنع الفريق السعودي «المعجزة»، ليؤكد أن «الأسطوري» رونالدو لم يكن «مجنوناً» أو «مبالغاً» عندما قال إنه يتوقع أن يكون الدوري السعودي ضمن أفضل 5 بطولات دوري في العالم في المستقبل.
وهو تصريح واجه سخرية ونقداً لاذعين، عبر كثير من الصحف العالمية، التي رأت أن «الدون» يحاول الدفاع عن قراره باللعب في الدوري السعودي، بـ «غطرسة» حسب وصفها، تحولت إلى «نبوءة» يتحقق جزء منها الآن، وتابع مقال «ماركا» الحديث عن رد فعل الإعلام الأوروبي الذي رأى أن رونالدو يبحث عن المال والاعتزال الهادئ، بانتقاله إلى النصر السعودي، لكن الحقيقة هي أن «صاروخ ماديرا» تجرأ وتجاوز حدود كرة القدم التقليدية، مراهناً على بناء «حالة جديدة»، كون انتقاله بات «نقطة تحول» تبعتها تحركات متتالية من نجوم عالميين، قادوا الهلال اليوم لتحقيق «معجزة» في كرة القدم الحديثة.
والآن، ستتغير نظرة العالم إلى الفرق السعودية، مثلما بدأ الأمر مع ممثلي أميركا الجنوبية، الذين تألقوا في هذا المونديال أيضاً، لأن الهلال وفلوميننسي، وغيرهما، كشفا عن بطولات دوري تنافسية بالفعل، تهدد النخبة الأوروبية وقد تحقق المزيد من المفاجآت في البطولة الحالية، وبالتأكيد سيتطور الأمر في النُسخ المُقبلة، فمن سيعتذر لرونالدو الذي يلعب في دوري يضم هذا الفريق «المفاجأة»؟ ورغم بلوغه رُبع نهائي «المونديال»، إلا أنه احتل المركز الثاني في بطولته المحلية، التي فاز بها فريق الاتحاد، الذي يلعب له «الهداف العالمي» كريم بنزيمة، وجاء «نصر رونالدو» ثالثاً، إذن فهذا هو الدوري السعودي، وهؤلاء «سفراؤه» إلى العالم

مقالات مشابهة

  • الحرب المفروضة على إيران.. نقلة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل
  • مخاوف في مصر والأردن من مشروع خفي تعمل عليه إسرائيل بعد حربها ضد إيران
  • "هوس الجواسيس" بعد الحرب مع إسرائيل.. إيران ترحّل مئات الآلاف من الأفغان إلى بلادهم
  • من انتصر في الحرب: إسرائيل أم إيران؟
  • مجلة أمريكية: حرب “إسرائيل” على إيران فشلت.. وردع طهران تعزز بدلاً من إضعافه
  • «رباعية» الهلال..«الصدمة» و«الزلزال»!
  • روسيا: إسرائيل عادت للتركيز على غزة بعد وقف إطلاق النار مع إيران
  • بينهم 132 امرأة.. أكثر من 900 قتيل في إيران خلال الحرب مع إسرائيل
  • مصدر: إيران ستجعل من الحرب القادمة مع إسرائيل حربها الأخيرة
  • إيران.. زيادة حادة لحصيلة ضحايا الحرب مع إسرائيل