العراق – تمكن علماء من العثور على ترنيمة تاريخية تعود إلى الحضارة البابلية القديمة بعد اختفائها لأكثر من 2100 عام.

وهذه القصيدة الدينية التي كانت تنشد تمجيدا للإله مردوخ (أو مردوك)، الإله الحامي لمدينة بابل، تقدم وصفا شعريا أخاذا لمظاهر الحياة في تلك المدينة الأسطورية، حيث تتحدث عن أنهارها الجارية، وبواباتها المزينة بالجواهر، وكهنتها الطاهرين.

وعثر على أجزاء من هذه الترنيمة محفورة على ألواح طينية في أنقاض مدينة سيبار الأثرية التي تقع على بعد نحو 65 كيلومترا شمال بابل.

واستخدم فريق بحثي من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ تقنيات الذكاء الاصطناعي لإعادة تجميع 30 قطعة من هذه الألواح المتناثرة، وهي عملية كانت ستستغرق عقودا إذا ما تمت بالطرق التقليدية.

ويبلغ طول النص الأصلي للترنيمة نحو 250 سطرا. وتمكن العلماء حتى الآن من فك رموز وترجمة نحو ثلث هذا النص المكتوب بالخط المسماري. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في أنه يقدم رؤى جديدة وغير مسبوقة عن التفاصيل الحياتية والثقافية في بابل القديمة، حيث يصف البروفيسور إنريكي خيمينيز، قائد الفريق البحثي، النص بأنه “يتمتع بجودة أدبية استثنائية وببنية مترابطة بدقة”.

وتبدأ الترنيمة بتمجيد عظيم للإله مردوخ، الذي يوصف بأنه “مهندس الكون”، ثم تنتقل إلى تمجيد مدينة بابل نفسها، حيث تصورها كجنة غنية تفيض بالخيرات، وتشبهها بالبحر في عطائها، وبحديقة الفواكه في ازدهارها، وبالأمواج في تدفق خيراتها.

كما تقدم الترنيمة وصفا حيا لنهر الفرات والسهول الخصبة المحيطة به حيث ترعى المواشي.

لكن الأهم من ذلك أن النص يكشف عن منظومة القيم الأخلاقية في المجتمع البابلي، حيث تبرز قيم مثل احترام الغرباء وحماية الضعفاء في المجتمع.

وتمدح الترنيمة الكهنة الذين لا يذلون الأجانب، ويحررون الأسرى، ويرعون الأيتام. كما تقدم تفاصيل نادرة عن دور المرأة في المجتمع البابلي، حيث تكشف عن وجود كاهنات يعملن كقابلات لمساعدة النساء في الولادة، وهو دور لم يكن معروفا من قبل في المصادر التاريخية الأخرى.

وتشير الدلائل إلى أن هذه الترنيمة حظيت بمكانة خاصة في الثقافة البابلية، حيث ظلت تدرس في المدارس البابلية لما يقرب من ألف عام، منذ حوالي القرن الخامس عشر قبل الميلاد وحتى القرن الأول قبل الميلاد. وهذا يعني أن الأجيال المتعاقبة من الطلاب البابليين استمروا في نسخها ودراستها حتى بعد سقوط الإمبراطورية البابلية.

وتقع أطلال بابل التي تعد اليوم أحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، على بعد نحو 85 كيلومترا جنوب العاصمة العراقية بغداد، وما تزال شاهدة على مجد حضارة عمرها آلاف السنين.

ومن بين أبرز ما ورد في الترنيمة المذهلة، مقطع شعري يصف نهر الفرات، شريان الحياة الذي قامت على ضفافه بابل:

“الفرات هو نهرها صنيع الإله الحكيم نوديمود —
يروي الضفاف، ويسقي السهول،
يصب مياهه إلى البحيرة والبحر،
تزدهر حقوله بالزهر والعشب،
تتلألأ في مروجه أعشاب الربيع وسنابل الشعير،
متكدسة في وسطه أكوام حبوب الجعة،
المواشي والأغنام تجلس على المراعي الخضراء،
الفيض والغنى — ما هو حق للناس —
تتضاعف، وتتوافر وتتهافى بغزارة”.

ويقدر العلماء أن الترنيمة كتبت في الفترة بين 1500-1300 قبل الميلاد، ما يجعلها واحدة من أقدم الأعمال الأدبية الطويلة في تاريخ بابل. وعلى الرغم من أنها أحدث من ملحمة غلغامش الشهيرة، إلا أنها كانت تدرس وتنقل جنبا إلى جنب معها لقرون طويلة. ومن المثير للاهتمام أن الباحثين يعتقدون أن هذه الترنيمة هي عمل مؤلف واحد، على عكس ملحمة غلغامش التي تم تجميعها على مر العصور.

وما يزال اسم مؤلف هذه التحفة الأدبية مجهولا حتى الآن، لكن البروفيسور إنريكي خيمينيث الذي قاد هذا البحث، أعرب عن تفاؤله بإمكانية اكتشاف هويته في المستقبل.

المصدر: ديلي ميل

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

زاهي حواس يوقع 4 كتب في شيكاغو بعد محاضرته عن أسرار الحضارة المصرية

شهدت ولاية شيكاغو الأمريكية  فعالية ثقافية حيث ألقى عالم الآثار المصرية  الدكتور زاهي حواس محاضرة جماهيرية بعنوان “أسرار الحضارة المصرية القديمة”، بحضور عدد كبير من المهتمين بالتاريخ والآثار من مختلف الجنسيات.

زاهى حواس 

وتناول حواس في محاضرته أحدث اكتشافاته الأثرية في منطقتي سقارة والأقصر، مشيرًا إلى أن هذه المواقع لا تزال تخفي العديد من الأسرار التي تعمل البعثات المصرية على كشفها.

خرافات لا وجود لها في الآثار .. ماذا قال زاهي حواس عن الزئبق الأحمرخوفو أقرب الملوك إلى قلبي .. زاهى حواس: فيلم كليوباترا السوداء فاشل علميا وتاريخياالملكة كانت بدينة.. زاهي حواس: إلهام شاهين رفضت تجسيد حتشبسوت احترامًا للحقيقة التاريخيةزاهي حواس يروج للسياحة المصرية على قناة FOX الأمريكية

وأكد أن الاكتشافات الأخيرة تعزز من فهمنا لتاريخ مصر الفرعوني وتبرهن على مدى تطور الحضارة المصرية القديمة في مجالات العمارة والطب والفلك والهندسة وغيرها من العلوم.

وخلال الفعالية، قام حواس بتوقيع أربعة من كتبه وهم رمسيس الثاني  وتوت عنخ آمون والجيزة والاهرامات وأسرار مصر الفرعونية، وسط إقبال كبير من الحضور الذين حرصوا على اقتناء نسخ موقعة والتقاط الصور التذكارية معه.

وفي كلمته الختامية، شدد حواس على أن مصر بلد آمن، ودعا الحضور لزيارتها واكتشاف كنوزها الأثرية بأنفسهم، مشيرًا إلى أن السياحة الثقافية في مصر تشهد نموًا مستمرًا بفضل جهود الدولة في حماية الآثار وتنشيط السياحة.

وتأتي هذه المحاضرة ضمن جولة ثقافية يقوم بها حواس في عدد من المدن الأمريكية للترويج للحضارة المصرية وتعزيز العلاقات الثقافية بين مصر والولايات المتحدة.

طباعة شارك زاهى حواس الدكتور زاهي حواس حواس الحضارة المصرية القديمة مصر

مقالات مشابهة

  • بينَ النصِّ والقارئِ
  • بابل.. اكتشاف ترنيمة يتجاوز عمرها ألفي عام تتحدث عن الأخلاق والنساء
  • بابل تعطل الدوام الرسمي غداً الخميس
  • ظهور لافت لـ مي القاضي من سيارتها
  • زاهي حواس يوقع 4 كتب في شيكاغو بعد محاضرته عن أسرار الحضارة المصرية
  • بابل.. مصرع وإصابة 5 أشخاص بحادث سير مروّع (صور)
  • البحر صورة أخرى للمسافة
  • مجرم يسرق ويقتل سيدة سبعينية في بابل
  • بالكاجوال.. مي القاضي تخطف أنظار جمهورها