القشور الحيوية توفر التماسك لسور الصين العظيم
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
اكتشف فريق بحثي دولي مساحات كبيرة من سور الصين العظيم تتماسك معا بفضل "القشرة الحيوية"، وهي طبقات رقيقة من المواد العضوية التي ساعدت في حماية الأعجوبة المعمارية من التآكل.
وبحسب الدراسة المنشورة حديثا في دورية "ساينس أدفانسز"، فإن سور الصين العظيم يمتد لمسافة مذهلة تبلغ 8851.8 كيلومترا عبر بيئات الأراضي الجافة في الغالب، وهو مُعترف به كموقع تراث عالمي نظرا لمدة بنائه التي لا مثيل لها وامتداده الجغرافي.
وقد ظل سور الصين العظيم لأكثر من خمسة قرون، وهو بمثابة مظهر لا غنى عنه للأمة الصينية وكنز لا يقدر بثمن للحضارة الإنسانية. وقد بُني في العديد من المواقع والفترات الزمنية باستخدام التربة المدكوكة، والتي كانت من أكثر المواد شيوعا وتُستخدم لبناء الهياكل الكبيرة في العالم القديم، وتشمل المواد الخام الطبيعية مثل التربة والحصى وتُستخدم لبناء الجدران والأساسات.
وباعتباره هيكلا رمزيا للأرض المدكوكة، فإن السور العظيم معرض بشدة للتعرية الريحية وتساقط الأمطار والتملح ودورات التجمد والذوبان، مما يؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل التشقق والتفكك وحتى الانهيار في نهاية المطاف.
وبالنظر إلى آثار تغير المناخ العالمي، فإن السور العظيم معرض لخطر التدهور الشديد، الأمر الذي قد يعرض للخطر متانة هيكله الترابي على المدى الطويل. وحتى الآن، لا يزال 5.8% فقط من إجمالي طوله محفوظا بشكل جيد، في حين أن 52.4% إما اختفى أو تدهور بشدة. ولذلك، يجب تنفيذ إستراتيجيات الحفظ على سبيل الاستعجال.
القشور الحيوية.. كيف حمت السور؟ومن المعروف أن القشور الحيوية -وهي مجتمعات ذاتية التغذية ضوئيا تتكون أساسا من البكتيريا الزرقاء والطحالب والأشنات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى وجزيئات التربة المرتبطة بإحكام- تغطي أجزاء كبيرة من سور الصين العظيم.
وعلى الرغم من أن القشور الحيوية لا تستعمر سوى بضعة سنتيمترات على سطح التربة، فإنها يمكن أن تعمل كمهندسين للنظام البيئي تدعم وتنظم العديد من العمليات الرئيسية للتربة والنظم البيئية الأرضية.
لكن القشور الحيوية قد تؤثر أيضا على الاستقرار الميكانيكي والخصائص الفيزيائية والكيميائية للأرض المدكوكة المستخدمة في بناء السور العظيم، لتكون بمثابة غطاء حي طبيعي لحماية القطع التراثية الأرضية في المناخات الجافة. ومع ذلك، فإن كيفية مساهمة القشور الحيوية في الحفاظ على سور الصين العظيم غير معروفة تقريبا.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة بو شياو أستاذ علوم التربة في كلية علوم وتكنولوجيا الأراضي في جامعة الصين الزراعية في بكين: "لقد عرف البناؤون القدماء المواد التي يمكن أن تجعل الهيكل أكثر استقرارا".
ويضيف شياو لموقع لايف ساينس: "لتعزيز القوة الميكانيكية، بُنيت الأرض المدكوكة للجدار بالطين والرمل والمواد اللاصقة الأخرى مثل الجير من قبل البناة الأصليين، وتُوفر هذه المكونات أرضا خصبة للكائنات الحية التي تبني القشور الحيوية".
ولاختبار قوة سور الصين العظيم وسلامته، جمع الباحثون عينات من ثمانية أقسام مختلفة بنيت في الفترة ما بين عامي 1368 قبل الميلاد و1644 قبل الميلاد خلال عهد أسرة مينغ، ووجدوا أن 67% من العينات تحتوي على "قشور حيوية" التي أطلق عليها شياو اسم "مهندسي النظام البيئي". وباستخدام أدوات ميكانيكية محمولة، سواء في الموقع أو في المختبر، قاس الباحثون القوة الميكانيكية للعينات واستقرار التربة وقارنوا تلك البيانات بأجزاء الجدار التي تحتوي فقط على الأرض المدكوكة العارية، وفقا لبيان.
ووجدوا أن عينات "القشرة الحيوية" كانت في بعض الأحيان أقوى بثلاث مرات من عينات الأرض الصلبة. ووفقا للدراسة، كانت العينات التي تحتوي على الطحالب دسمة بشكل خاص. وذلك لأن البكتيريا الزرقاء وأشكال الحياة الأخرى داخل القشرة الحيوية تفرز مواد مثل البوليمرات، والتي من شأنها أن "ترتبط بإحكام" مع جزيئات الأرض المدكوكة، مما يساعد على "تعزيز استقرارها الهيكلي" عن طريق تكوين ما هو في الأساس إسمنت، كما قال شياو.
وأضاف أن هذه المواد الإسمنتية والخيوط البيولوجية ومجموعات التربة داخل طبقة القشرة الحيوية تشكل أخيرا شبكة متماسكة ذات قوة ميكانيكية قوية واستقرار ضد التآكل الخارجي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: سور الصین العظیم
إقرأ أيضاً:
دبي تستضيف المنتدى الدولي للطاقة الحيوية المستدامة
دبي (وام)
ناقش صنَّاع قرار وخبراء وأكاديميون ورواد الصناعة من مختلف أنحاء العالم، خلال المنتدى الدولي للطاقة الحيوية المستدامة، الذي استضافته دبي أمس تحت شعار «من الإمارات إلى العالم الأخضر»، مستقبل الطاقة الحيوية المستدامة ودورها في دعم اقتصاد دائري منخفض الكربون، وتطوير حلول مبتكرة للوقود الحيوي، بما في ذلك وقود الطائرات المستدام، والوقود البحري، ووقود النقل المتجدّد، وتشجيع العلماء الشباب على تطوير البحث العلمي في هذا المجال.وعقد المنتدى تحت رعاية وزارة الطاقة والبنية التحتية، وبتنظيم مشترك بين اتحاد الجامعات العربية وجائزة يوسف بن سعيد لوتاه للعلماء الشباب.
وأكد المهندس سيف غباش وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية المساعد لقطاع البترول والغاز والثروة المعدنية، بهذه المناسبة، أن دولة الإمارات جعلت الاستدامة محوراً رئيسياً في أجندتها الوطنية، واضعة هدفاً طموحاً لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، عبر مبادرات متقدمة لخفض الانبعاثات وتعزيز مشاريع الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وأوضح أن الطاقة الحيوية تمثل مساراً مهماً في مزيج الطاقة المستقبلي، ولاسيما وقود الطيران المستدام والوقود منخفض الكربون، حيث كانت الإمارات من أوائل دول المنطقة التي اختبرت رحلات عبر وقود SAF بالتعاون مع شركات وطنية.
وأشار إلى أن مبادرات «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»، وبرامج الاقتصاد الدائري، ومشروعات إزالة الكربون، تُسهم في تسريع التحول.
وأكد أهمية الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص لتعزيز الابتكار وتطوير تقنيات تدعم اقتصادًا منخفض الكربون.
من جانبه قال معالي الأستاذ الدكتور عمرو عزت سلامة، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، إن هذه المبادرة تعزز الاستثمار في الكفاءات والمواهب العربية، وتشجع العلماء الشباب على الابتكار والإبداع، وتدعم مكانة البحث العلمي بما يسهم في التنمية المستدامة في الإمارات والعالم العربي.
من جهته قال يوسف بن سعيد لوتاه، مؤسس جائزة يوسف بن سعيد لوتاه للعلماء الشباب، إن جائزة العلماء الشباب تهدف إلى تعزيز التكامل بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية عربياً، ودعم الحلول المستدامة في الكيمياء الخضراء والطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري، معرباً عن الفخر بإطلاق هذه الجائزة من دبي، لتعزيز قدرات الشباب العرب والشراكات بين القطاع الخاص والحكومي والأكاديمي نحو مستقبل أفضل للجميع.
وتضمن المنتدى، جلستي عمل بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين، حيث شارك في الأولى كل من د. جينيفر هولمغرين - الرئيس التنفيذي لشركة لانزاتك، الولايات المتحدة الأميركية، والبروفيسور روبرت سبيساك - رئيس مجلس إدارة مجموعة إنفين، سلوفاكيا، والمهندسة مريم المطروشي - رئيسة اللجنة المعنية بحماية البيئة، منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، فيما أدارت الجلسة د. حنيفة البلوشي من جامعة خليفة.
أما الجلسة الثانية فقد شارك فيها كل من جوليان ثييل - الرئيس التنفيذي لشركة ديسيل، سويسرا، وشيجي وانج - المدير العام، مجموعة بينايو، الصين، وشين إيتو - شركة JGC، اليابان، وأدارتها البروفيسور ماريا لورديس فرناندز - مركز RICH، في جامعة خليفة.
وفي ختام فعاليات المنتدى، تم تكريم الفائزين بجائزة يوسف بن سعيد لوتاه للعلماء الشباب في الفئات الثلاث، وهي فرع الكيمياء الخضراء، وفرع الطاقة المتجددة، وفرع الاقتصاد الدائري.
وتوجّه المشاركون بالشكر إلى وزارة الطاقة والبنية التحتية على رعايتها لهذه المبادرة التخصصية الدولية، وإلى اتحاد الجامعات العربية وجائزة يوسف للعلماء الشباب، وكل المشاركين والداعمين، مؤكدين التزامهم بالمساهمة في دعم الابتكار العلمي والطاقة الحيوية المستدامة، وفتح آفاق جديدة نحو مستقبل أخضر ومشرق.