وكيل الأزهر لخريجي الدفعة 23 بطب دمياط: بثوا الأمل والتفاؤل في القلوب
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
شهد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء، حفل تخرج الدفعة الثالثة والعشرين بكلية الطب جامعة الأزهر بدمياط، وذلك بمركز الأزهر للمؤتمرات بالقاهرة.
الأزهر الشريف مبدعوقال وكيل خلال كلمته بالاحتفالية، إن هذا اليوم هو يومُ السَّعادةِ الَّذي يحتفي فيه الأزهرُ الشَّريفُ ويحتفلُ بالأطبَّاءِ مَّن تحمَّلوا الصِّعابَ، وبذلوا من أعمارِهم ونفوسِهم وحياتِهم؛ من أجلِ تحقيقِ آمالِهم وطموحاتِهم، وسعادةِ آبائِهم وأمَّهاتِهم، وهو يومُ الوفاءِ الَّذي يفي فيه الأزهرُ الشَّريفُ لهذا الوطنِ بهذه الكفاءاتِ الشَّبابيَّةِ الَّتي تحملُ آمالَ المستقبلِ المشرقِ، والغدِ المزدهرِ.
وأضاف أنَّ هذا اليوم يمثل أيضًا يوم تصحيحِ الفكرِ، الَّذي يُقدِّمُ فيه الأزهرُ الشَّريفُ أدلَّةً جديدةً على أنَّ خدمةَ الأوطانِ إنَّما تكونُ بالعطاءِ وبالعملِ، وليست بالكلامِ ولا بالشَّعاراتِ، وهذا هو منهجُ الأزهرِ الَّذي يُعلي من قدرِ العاملينَ في وقتٍ يحتاجُ فيه الوطنُ إلى كُلِّ نَفَسٍ لاستكمالِ مسيرتِه نحو التَّقدُّمِ، واليوم نرى وجوهًا مشرقة، ننظرُ إليها فتمتلئُ قلوبُنا سعادةً، بما نراه في الخرِّيجينَ الشَّبابِ من بهجةِ الحياةِ، وأملِ المستقبلِ، وثمراتِ الصَّبرِ والمثابرةِ على العلمِ والتَّحصيلِ والمدارسةِ.
وأكد أنه في ظلِّ ما نعانيه من آلامٍ وحزنٍ بسببِ ما يجري في الدِّيارِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، في فِلَسطينَ الأبيَّةِ وفي غزَّةَ الفتيَّةِ من اعتداءٍ صارخٍ يخالفُ ما يعرفُه بنو الإنسانِ من أديانٍ سماويَّةٍ، وأعرافٍ دوليَّةٍ ومواثيقَ أمميَّةٍ، ويستهدفُ الأطفالَ الأبرياءَ ودورَ العبادةِ والعزَّلَ، بما يؤكِّدُ أنَّ الوحشيَّةَ والبربريَّةَ ما تزالُ في طبائعِ الصَّهاينةِ الَّذين يحاولون خداعَ العالمِ بشعاراتٍ كاذبةٍ؛ في ظلِّ هذه الأجواءِ الخانقةِ يأتي حفلُ اليومِ برهانًا ساطعًا ودليلًا ناصعًا على أنَّ الخيرَ في الأمَّةِ سيظلُّ إلى أن يشاءَ اللهُ.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن التاريخ العريق يثبتُ لكليَّةِ الطِّبِّ بجامعةِ الأزهرِ، ومستوى خرِّيجيها، أنَّ الأزهرَ الشَّريفَ مبدعٌ في فهمِ رسالةِ الإسلامِ وتطبيقِها؛ فلم يقفْ بها عند الدَّعوةِ النَّظريَّةِ، ولم يقفْ بها عند معالجةِ الرُّوحِ والعقلِ، بل نقلها إلى دعوةٍ عمليَّةٍ تعالجُ القلبَ والبدنَ معًا، وهذا ناتجٌ من أنَّ الأزهرَ الشَّريفَ يدركُ أنَّ الإنسانَ مركبٌ من مادةٍ وروحٍ، وأنَّ المجتمعَ كما يحتاجُ إلى عالمٍ بالشَّريعةِ ينطقُ بالأحكامِ حلالًا وحرامًا، فإنَّه يحتاجُ كذلك إلى طبيبٍ ماهرٍ ينطقُ بأحوالِ الإنسانِ صحَّةً ومرضًا، فإذا انضمَّ علمُ الأديانِ وعلمُ الأبدانِ في إنسانٍ فتلك غايةٌ غاليةٌ، وهذا هو الأزهرُ، وهؤلاءِ هم أبناؤه الَّذين يملكون مِن الكفاءةِ والمهارةِ ما يسجِّلون به أسماءَهم في تاريخِ العلمِ الدِّينيِّ والدُّنيويِّ معًا.
وتابع أن المجتمع أحوج ما يكون إلى هذا النَّموذجِ الأزهريِّ الَّذي يجمعُ بينَ علومِ الدِّينِ وعلومِ البدنِ، وأشيرُ هنا إلى نموذجٍ يُؤكِّدُ رِيادةَ الأزهرِ الشَّريفِ في عِلم الطِّبِّ عبرَ التَّاريخِ، وهو «الشَّيخُ أحمدُ بنُ عبدِ المنعمِ بنِ يوسفَ بنِ صيامٍ الدَّمنهوريُّ»، الَّذي كان عالمًا بمذاهبِ أئمَّةِ الفقهِ الأربعةِ، حتَّى لُقِّبَ بـ«المَذَاهِبيِّ»، وقد وصفَه معاصروه بأنَّه كانَ عالمًا فذًّا، ومُؤلِّفًا عَظيمًا، ترقَّى في مناصبِه بالأزهرِ إلى أنْ أصبحَ شيخًا للجامعِ الأزهرِ لمدَّةِ عشرِ سنواتٍ، ليكونَ أوَّلَ طبيبٍ فقيهٍ محقِّقٍ يتولَّى المشيخةَ. ومن أبرزِ مؤلَّفاتِه في مجالِ الطِّبِّ: «القولُ الصَّريحُ في علمِ التَّشريحِ».
وأردف أن الشَّيخ الدَّمنهوري لم يكتفِ بدراسةِ الطِّبِّ إلى جنبِ العلومِ الشَّرعيَّةِ واللُّغويَّةِ، وإنَّما كانَ الشَّيخُ أحمدُ الدَّمنهوريُّ واحدًا من علماءِ الأزهرِ الَّذين عُرِفوا بالثَّقافةِ الواسعةِ الَّتي شملتْ الرِّياضياتِ والهندسةَ والفلكَ، وهكذا شأنُ العلماءِ.
وبيٌّن وكيل الأزهر أن تحضُّرَ الإنسانِ وتقدُّمَه مرتبطٌ بالأخلاقَ؛ ولذا عُنيت الأديانُ والحضاراتُ بالأخلاقِ عنايةً بالغةً منذ فجرِ الحضاراتِ الأولى، وعمادُ الإسلامِ هذه المنظومةُ الأخلاقيَّةُ الَّتي تنقُلُ الإنسانَ من الفوضى والعبثيَّةِ إلى النِّظامِ والتَّرقِّي، وفي ذلك يقولُ سيِّدُ الخلقِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنَّما بُعـثـتُ لأتـمِّمَ مـكـارمَ الأخـلاقِ»، ومهنةُ الطِّبِّ لها نصيبٌ وافرٌ من هذه الأخلاقِ.
وواصل أن المتأمِّل للحركةِ العلميَّةِ الطِّبِّيَّةِ يجدُ مبحثًا عريقًا من مباحث علمِ الطِّبِّ، اقترن به منذُ نشأتِه، وهو «الأخلاقُ الطِّبِّيَّةُ»، ويكفي قَسَمُ أبقراطَ دليلًا على هذه الأخلاقيَّاتِ الرَّاقيةِ الَّتي تضبطُ العلاقةَ بين الطَّبيبِ والمريض، ولم يغبْ هذا النَّوعُ من التأليفِ والبحثِ عن علماءِ الإسلامِ، فقد عرفت الحضارةُ الإسلاميَّةُ نمطًا فريدًا من التَّصنيفِ الطِّبِّيِّ يُسمَّى «أدبُ الطَّبيبِ» يُعنى بكلِّ ما يُجنِّبُ الطَّبيبَ الخطأَ في ممارسةِ المهنةِ على ضوءِ القواعدِ الحاكمةِ.
وذكر نماذج لأشهرِ الكتبِ في هذا الباب ومنها: كتابُ «امتحانِ الأطبَّاءِ» لابنِ إسحاق، وكتابُ «أخلاقِ الطَّبيبِ» للرَّازيِّ، وكتابُ «أدبِ الطَّبيبِ» لإسحاقَ الرَّهاويِّ، و«رسالةُ دعوةِ الأطبَّاءِ» لابنِ بطلان، و«الرِّسالةُ الأفضليَّةُ في تدبيرِ الصِّحَّةِ» لموسى بن ميمون، و«رسالةٌ في بيانِ الحاجةِ إلى الطِّبِّ وآدابِ الأطبَّاءِ ووصايهم» للشِّيرازيِّ، وغيرُها من الكتبِ والرَّسائلِ.
واستطرد: نحن أمام حفلٍ نجني فيه ثمرةَ التَّعبِ والسَّهرِ والآمالِ، وأثقُ تمامًا بأنَّ الخرِّيجين والآباءَ والأمَّهاتِ لتمتلئُ قلوبُهم اليومَ فرحًا وسعادةً، ولكنِّي أدعوكم إلى مزيدٍ من الطُّموحِ، فلا ينبغي أن تتوقَّفَ أحلامُكم عند شهادةِ التَّخرُّجِ، وإنَّما أريدُكم جميعًا أن ترفعوا رايةَ الأزهرِ فتكونوا إضافةً جديدةً في عالمِ «الطِّبِّ الأزهريِّ» إن صحَّت التَّسميةُ، وأن تَسْعَوا للحصولِ على شهادةٍ من اللهِ بخدمةِ النَّاسِ ونفعِهم، فتكونوا من خيرِ النَّاسِ، ألم يقلْ رسولُ اللهِ ﷺ: «خيرُ النَّاسِ أنفعُهم للنَّاسِ»، وأريدُكم أن تجمعوا إلى جنبِ ذلك أن تدْعوا النَّاسَ إلى اللهِ، وتبثُّوا في قلوبِهم الأملَ والرَّجاءَ والتَّفاؤلَ، بعيدًا عن مفرداتِ المرضِ والوجعِ والألمِ واليأسِ والإحباطِ.
وختم وكيل الأزهر كلمته بتهنئة الأطبَّاء الجدد، ودعاء الله لهم بالتَّوفيقِ والسَّدادِ، وتوصيتهم بالخيرِ، وتذكيرهم بما يحملونه من علمٍ ومن تاريخٍ عريقٍ للأزهرِ الشَّريفِ، وأنه ما أحوجَ واقعَنا إلى خطابِ الأملِ بعيدًا عن خطابِ الألمِ، وما أحوجَه إلى خطابِ الفرحِ والسَّعادةِ بعيدًا عن خطابِ الحزنِ والكآبةِ، سائلًا اللهَ أن يحفظَ بلادَنا، وأن يوفِّقَ وُلاةَ أمورنا، وأن يكشفَ عنَّا ما أهمَّنا، وأن يأذنَ بالفرجِ إنَّه على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأزهر كلية الطب الأزهر الشريف وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يفتتح معهد العراقى الإعدادي للفتيات بأبوحماد
افتتح الدكتور السيد الجنيدى رئيس الإدارة المركزية لمنطقة الشرقية الأزهرية معهد فتيات العراقى الإعدادي التابع لإدارة أبوحماد التعليمية الأزهرية.
بدأ الحفل بالسلام الجمهوري ثم القرآن الكريم للطالب أحمد تامر ممدوح الفائز بمسابقة القرآن العالمية وألقى محمد محمود كلمة وجه خلالها الشكر لكل من شارك فى افتتاح معهد فتيات العراقى الإعدادي الذي يُساهم بدوره في الارتقاء بالمنظومة التعليمية الأزهرية بمركز أبوحماد.
وأكد الدكتور السيد الجنيدى أن معهد فتيات العراقى الإعدادي أقيم بالجهود الذاتية لأهالي القرية وبالتعاون مع الأزهر الشريف وسيتم افتتاح روضة أطفال بالمعهد، مشيرا لدعمه للأزهر وطلابه للنهوض بالتعليم الأزهري، ومثمناً مجهودات المجتمع المدني وإسهاماته لإقامة صرح تعليمي يعود بالنفع على أبناء الأزهر الشريف بالقرية، ومشددًا على أهمية الالتزام بالحضور والانضباط في العملية التعليمية، ومشيدًا بجهود إدارة المعهد والمعلمين في توفير مناخ تعليمي مناسب يليق برسالة الأزهر الشريف.
وأوضح الجنيدى بأن الحديث عن الأزهر الشريف يجعل الجميع يعيش في رحاب النور والمعرفة والهداية، والأزهر الشريف والعلم قرينان في بناء الحياة وإصلاح الإنسان، ليكون جديرًا بعبادة الله الواحد الديان ولذلك كتبَ الله الرفعةَ لبيوته التي يُذكرُ فيها اسمه فقال:" في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ".
وأشار الدكتور محمد سلطان لدور العلم في نهضة الأمم وتقدمها فهو اللبنة الأولى للازدهار والعلو والرفعة قال تعالي { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وهو منبت الفضائل، والطريق إلى الجنة، يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة"، فطلب العلم وحبه من علامات توفيق الله للإنسان، والعلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ً ولا درهمًا إنما ورثوا العلم.
ووجه الدكتور حازم الخشاب الشكر للدكتور السيد الجنيدى على سعية الدؤوب وجهوده المخلصة في تشغيل معهد فتيات العراقى الإعدادي، فلم يتأخر عنا في أي شيء يخص الأزهر الشريف مشيدًا بالدور الكبير الذي يقوم به الأزهر الشريف في نشر قيم التسامح والاعتدال، ومؤكدا بأن المعهد سيعزز هذا الدور في المنطقة.
هذا وتخلل الحفل فقرات شعرية وابتهالات دينية ومدائح نبوية وكورال حول حب الوطن والتضحية من أجله ودور الأزهر في نشر الوسطية وفضل القرآن والأم من طلاب معاهد العراقي والإمام الحسين بن على ومعهد فتيات الأسدية.
حضر الإفتتاح الدكتور محمد سلطان مدير إدارة أبوحماد الأزهرية والدكتور حازم الخشاب وكيل كلية التكنولوجيا والتنمية بجامعة الزقازيق والدكتور محمد إبراهيم سلامة مدير معمل بحوث الثروة السمكية بالعباسة وصبحي عليوة مدير إدارة التخطيط بالمنطقة ورضا الديب مدير أمن منطقة الشرقية الأزهرية والدكتور حسام عبد الرحمن موجه القرآن الكريم والدكتور صالح رجب واعظ بمنطقة وعظ الشرقية وعدد من مديري الإدارات وموجهي ومديري ومعلمي وطلابي الأزهر الشريف ولفيف من أهالي القرية.