سوريا.. أسواق مناطق النظام تعاني والتجار ينسحبون
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
دمشق- يعاني التجار في مناطق سيطرة النظام السوري من تحديات وصعوبات جمة للحفاظ على أعمالهم وتجارتهم تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والقانونية منذ سنوات، مما يدفع بعضهم إلى التخلي عن تجارته والانسحاب من السوق للحفاظ على رأس المال.
وتشهد الأسواق السورية واقعا تجاريا هو الأسوأ منذ بداية الأزمة الاقتصادية في البلاد قبل نحو 12 عاما، نظرا إلى الجمود المسيطر على حركة البيع والشراء، وتراجع القدرة الشرائية للسوريين، والقيود التي تفرضها القوانين الاقتصادية على التجار.
ويقول محمد (47 عاما)، وهو تاجر ألبسة في سوق الحريقة بدمشق "أوقات عصيبة تمر على التجار في أسواق دمشق مع انعدام حركة البيع".
ويضيف في حديث للجزيرة نت "لا يمكننا الحديث عن تجارة معافاة دون الحديث عن قدرة شرائية معقولة للمواطنين، فإذا كان العميل غير قادر على شراء السلعة، فلن يسعف التجار أي حل حكومي".
واعتبر محمد أن "انعدام القدرة الشرائية" للسوريين هو أبرز أسباب الركود في أسواق دمشق، لا سيما أن متوسط رواتب الموظفين لا يتجاوز 250 ألف ليرة (18 دولارا) وهو ما يكفي بالكاد لشراء مكونات وجبتين أو 3 من الطعام.
ويشير التاجر الدمشقي إلى سبب آخر للأزمة يتعلق بارتفاع أسعار البضائع المصنعة محليا، ويقول "إن المصانع تحمّل بضائعها كل التكاليف المضافة من كهرباء ووقود، ومواد أولية المستوردة بمعظمها غالية الثمن، وهذا كله يقضم من هامش الربح الذي نضعه نحن التجار، والذي أصبح اليوم هامشا ضئيلا جدا مقارنة بالأعوام السابقة."
ويشكو التجار في دمشق وسائر مناطق سيطرة النظام من الرسوم الضريبية المرتفعة، والتكاليف المالية السنوي التي تفرضها وزارة المالية، والتي تتجاوز في بعض الأحيان مبلغ مليوني ليرة سورية (142 دولارا) لبعض المحال.
ويضاف إلى ذلك ارتفاع سعر الكهرباء التجارية بنحو 150% منذ سبتمبر/أيلول الماضي، والصعوبة البالغة في توفير وتداول العملات الأجنبية التي تخضع لقيود قانونية مشددة.
آليات تعيق التجارة وترفع الأسعاروكشف عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم عن خروج أكثر من 100 ألف تاجر من العمل التجاري في سوريا، معتبرا ذلك بمنزلة خسارة كبيرة للاقتصاد السوري.
وتحدث أكريم، في تصريحات -قبل أيام- عن غياب الدعم الحكومي للقطاع التجاري، وأكد أن هذا الدعم لا يكاد يذكر مقارنة بالدعم المقدم للقطاع الصناعي، مشيرا إلى التداعيات السلبية لهذا الوضع على الاقتصاد.
وأضاف أكريم أنه من أصل 110 آلاف سجل تجاري مسجل لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام لا يوجد سوى 7 آلاف سجل فاعل وموجود في غرفة تجارة دمشق، مرجعا هذا الانكماش التجاري إلى "عدم وضوح القوانين التجارية".
وأوضح أكريم أن التاجر في سوريا بات اليوم في "أسوأ حالاته نتيجة عدم توجه الحكومة لدعمه والوقوف إلى جانبه بالشكل المطلوب".
وكان أكريم قد أشار في حديث لإذاعة شام المحلية، في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن ضبط الأسعار غير ممكن في ظل عدم وفرة المواد الأولية، وارتفاع سعر الصرف وأسعار الطاقة والمحروقات.
من جهته، أرجع أبو يحيى (52 عاما)، تاجر أغذية وصاحب مستودع في منطقة الميدان بدمشق، ارتفاع الأسعار في الأسواق للسياسات الحكومية "غير المدروسة".
وأضاف التاجر في حديث للجزيرة نت "لا يمكننا كتجار تحديد كلفة المستوردات بدقة لعدم ثبات سعر الصرف من جهة، ولتأخر وصول المستوردات عبر المنصة (آلية حكومية لتنظيم استيراد البضائع من الخارج) شهرين و3 أشهر من جهة أخرى، وهو ما يضطرنا إلى تسعير السلع بأسعار أعلى مما قد تكون عليه لضمان عدم الخسارة".
ويشير أبو يحيى إلى أن بطء عمل منصة المستوردات ضاعف الأزمة حيث أدى إلى "حرمان السوق كثيرا من السلع والمواد الأولية والأساسية، وأدى إلى عجز التجار وأصحاب المصانع عن تأمينها، مما دفعهم في بعض الأحيان إلى إغلاق محالهم ومصانعهم".
من جهته، كشف عضو إدارة غرفة تجارة دمشق محمد حلاق في تصريح لإذاعة ميلودي المحلية، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن عدم وجود آلية حكومية لخفض الأسعار أو تثبيتها، مشيرا إلى أن اللوائح السعرية التي يتم إصدارها من قبل الحكومة غير مطابقة للواقع.
وأكد حلاق أن القرارات الرسمية الصادرة عن الحكومة كإنشاء منصة المستوردات، وإقرار قانون حماية المستهلك أسهمت بإعاقة عمل التجار، وتسببت برفع الأسعار.
ويرى اقتصاديون أن منصة المستوردات أعاقت حركة الإنتاج عبر تقييدها عملية الاستيراد وتمويل المستوردات، وحصرها بشركات الصرافة المحلية والمصرف المركزي، مما أدى إلى هروب رؤوس الأموال وبالتالي انكماش الاقتصاد.
وتجبر المنصة التجار على تسديد 50% من قيمة المستوردات للبنك المركزي مقابل منحهم إجازة الاستيراد شرط تسديد باقي المبلغ بعد شهر من وصول البضائع المستوردة، مما يكبد التجار خسائر ومصاريف إضافية مع تغير سعر الصرف، ويدفعهم للتحوط ورفع الأسعار، وهو ما يؤدي إلى غلاء السلع في الأسواق.
تضخم وخسائر اقتصادية
ويعاني الاقتصاد السوري منذ 12 عاما من أزمات متفاقمة جراء استمرار الصراع في البلاد، وبلغ معدل التضخم عام 2023 وحده 156% بحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب عبد الرؤوف نحاس.
وخسرت الليرة السورية نحو 100% من قيمتها خلال عام 2023، ليسجل سعر صرف الدولار 14 ألف ليرة في ديسمبر/كانون الأول الجاري مقارنة بـ 7 آلاف مطلع عام 2023.
ويشير تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الخسائر الاقتصادية للحرب في سوريا قد بلغت نحو 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2022، في حين يحتاج 13.4 مليون سوري إلى مساعدة إنسانية.
وتُقدَّر الخسائر المباشرة وغير المباشرة للقطاع النفطي وحده بنحو 112 مليار دولار مع نهاية عام 2022، بحسب بيان وزارة الخارجية في حكومة النظام السوري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
سوريا تشتعل من جديد.. انفجارات في الداخل وحرائق تلتهم غابات اللاذقية
شهدت عدة محافظات سورية سلسلة انفجارات بالتزامن مع استمرار الحرائق، ففي جبلة، دوّت انفجارات عنيفة في اللواء 107 أثارت تساؤلات حول مصدرها، فيما كشفت سلطات حلب تفاصيل انفجار مستودع ذخائر قديمة في منطقة النيرب تسبب بإصابة 14 مدنياً، كما شهدت محافظة اللاذقية انفجاراً ضخماً ناجماً عن مخلفات الحرب خلال موجة حرائق واسعة تجتاح المنطقة، وفي السياق السياسي، أكد المبعوث الأمريكي توماس باراك موقف واشنطن من قوات سوريا الديمقراطية، مشدداً على دعمها دون تبني أي حكومة منفصلة في شمال شرق سوريا، في رسالة تعكس التوترات المستمرة على الأرض.
وتواصلت، ليل الجمعة- السبت، جهود فرق الإطفاء والدفاع المدني السوري لإخماد الحرائق الضخمة المندلعة في غابات ريف اللاذقية الشمالي، حيث تواجه هذه الفرق ظروفاً معقدة بفعل التضاريس الوعرة، وكثافة الغطاء النباتي، وانتشار الألغام ومخلفات الحرب في عدد من المحاور الملتهبة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن عمليات الإطفاء تتركز على ثلاثة محاور رئيسية تُعد من بين الأصعب في المنطقة، وهي: برج زاهية، وغابات الفرنلق، ومنطقة نبع المر قرب مدينة كسب. وتكمن صعوبة العمل في هذه المناطق في التضاريس الجبلية الحادة وانتشار المخلفات المتفجرة، مما يزيد من مخاطر تقدم الفرق الأرضية.
وأوضح الدفاع المدني السوري، عبر قناته على “تلغرام”، أن الرياح القوية التي هبت بعد ظهر الجمعة ساهمت في تجدد الحرائق وتوسعها، رغم أن الفرق كانت قد تمكنت صباحاً من تطويق النيران نسبياً، خاصة في محور نبع المر، الذي لا يزال الأخطر من حيث صعوبة الوصول وسرعة انتشار اللهب.
وبالتزامن تفجرت ذخائر متفجرة من مخلفات الحرب في مناطق متفرقة بمحافظة اللاذقية، حيث شهدت المحافظة موجة حرائق غير مسبوقة بدأت في 3 يوليو 2025 من مناطق جبل التركمان وبيت القصير وزغرين، وانتشرت لاحقاً لتشمل عدة مواقع أخرى.
وتداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر انفجاراً ضخماً تلاه دوي نيران وامتداد اللهب، مع تأثيرات مدمرة على البيئة والممتلكات القريبة.
وفي مساء الجمعة 11 يوليو، دوّت انفجارات عنيفة في منطقة اللواء 107 بريف مدينة جبلة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية، وأظهرت مقاطع الفيديو المنتشرة دوي الانفجارات واندلاع النيران، وسط حالة من الغموض حول أسباب الانفجار والجهة المسؤولة عنه، كما تحدثت بعض التقارير عن احتمالية أن تكون الصواريخ التي استهدفت القاعدة أطلقتها بوارج إسرائيلية قبالة الساحل السوري، غير أن المعلومات لم تتأكد رسمياً حتى الآن.
انفجار داخل مستودع ذخائر سري بحلب وإصابات مدنية
في تطور منفصل، أعلنت محافظة حلب عن وقوع انفجار داخل مستودع ذخائر سري تحت الأرض، يعود لمخلفات النظام السابق، في موقع كتيبة دفاع جوي سابق بمنطقة النيرب شرق المدينة، مساء الجمعة.
ووفقاً للمكتب الصحفي بالمحافظة، وقع الانفجار عند الساعة 16:45 وأسفر عن إصابة 14 مدنياً بجروح متفاوتة، حيث تدخلت فرق الدفاع المدني فوراً وقدمت الإسعافات الأولية ونقلت المصابين إلى المستشفيات، مع تأكيد أن حالتهم مستقرة.
وأكدت السلطات المحلية فتح تحقيق شامل لتحديد أسباب الحادث والتفاصيل المتعلقة به، مع التزام المحافظة الكامل بالحفاظ على سلامة السكان وأمنهم.
وقفة احتجاجية أمام سينما الكندي في دمشق رفضاً لإغلاقها وتحويلها إلى مركز ثقافي
نظم فنانون وصحفيون سوريون وقفة احتجاجية أمام سينما الكندي في دمشق، مطالبين بإعادة النظر في قرار مديرية الأوقاف بفسخ عقد إيجار السينما وتحويلها إلى مركز ثقافي.
وأكد المشاركون على ضرورة الحفاظ على الطابع السينمائي والتاريخي للقاعة التي تمثل جزءاً مهماً من الذاكرة الثقافية السورية.
يذكر أن وزارة الأوقاف فسخت عقد الإيجار المبرم مع ورثة محمد عارف الخيمي وشركاه، مشيرة إلى نيتها إعادة تأهيل العقار وتحويله إلى مركز ثقافي يُعنى بشباب سوريا ومعارفهم.
وكانت سينما الكندي قد افتتحت عام 1953، حاملة أسماء عدة عبر تاريخها، منها “أدونيس” و”بلقيس”، وعُرض فيها فيلم “النسر الصغير” وأولى الأفلام الروائية لمؤسسة السينما السورية، لتبقى رمزاً ثقافياً بارزاً في دمشق
توماس باراك: مدينون لقوات سوريا الديمقراطية لكن ليس بحكومة خاصة بهم
أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن الولايات المتحدة مدينة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لكنها لا تدعم إقامة حكومة خاصة بها، مشدداً على أن واشنطن لن تؤيد أي نتيجة انفصالية في سوريا.
وقال باراك في تدوينة على منصة “إكس” إن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا يمثل بداية استراتيجية جديدة لأمة مزقتها الحرب، موضحاً أن الولايات المتحدة لا تسعى لبناء دولة أو فرض نظام فيدرالي في سوريا.
وأضاف أن رسالة الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب ترتكز على تحقيق السلام والازدهار، مع منح النظام السوري فرصة لإعادة البناء ضمن سوريا موحدة، مؤكداً أن البلاد يجب أن تبقى بجيش وحكومة واحدة، ولا يمكن أن تتحول إلى ست دول منفصلة.
وأشار باراك إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تضم وحدات حماية الشعب، التي ترتبط بحزب العمال الكردستاني المصنف منظمة إرهابية من قبل كل من تركيا والولايات المتحدة، لافتاً إلى أن واشنطن مدينة لتضحيات قسد، لكنها لا تعترف بها كحكومة مستقلة.
جاء هذا التصريح في إطار السياسة الأمريكية التي تؤكد الحفاظ على وحدة سوريا ورفض الانفصال، مع فتح المجال أمام إعادة إعمار البلاد.
موقع عبري يسلط الضوء على جماليات السياحة السورية ويحث الإسرائيليين على استكشافها رغم الصعوبات
نشر موقع “والا” العبري مقالًا مطولًا تناول السياحة في سوريا، مسلطًا الضوء على ثروتها الأثرية وتنوع مناظرها الطبيعية من شواطئ وغابات اللاذقية إلى مناظر جبل قاسيون الخلابة، معتبراً أن سوريا تمتلك مقومات لتصبح وجهة سياحية إقليمية بارزة.
واستعرض المقال رحلة سياحية قادها ديفيد بنفينستي عام 1945 تضمنت زيارة مواقع مثل “حارة اليهود” في دمشق، وقبر صلاح الدين، والمسجد الأموي، مؤكدًا أن هذه الثروة الثقافية قد لا تعود قريبًا، لكن قطاع السياحة يشكل اليوم عاملًا رئيسيًا في انتعاش سوريا الاقتصادي ومحاولتها الانخراط مجددًا في المجتمع الدولي.
وأشار الموقع إلى تخفيف العقوبات الدولية مؤخراً، وتزايد اهتمام المستثمرين الإقليميين، مما يخلق آفاقًا متفائلة أمام إعادة تأهيل مواقع أثرية مثل تدمر وقلعة حلب، مع استمرار تحديات كبيرة في البنية التحتية والأمن.
قبل اندلاع الحرب عام 2011، استقطبت سوريا ملايين السائحين وحققت إيرادات كبيرة، ويأمل الخبراء أن تسهم السياحة في إعادة الإعمار ودعم الاقتصاد الوطني.