عباس "يتفرج" وواشنطن تضغط وإسرائيل ترفض.. السلطة الفلسطيينة في مأزق الحرب على غزة
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
توالت زيارات مسؤولين أمريكيين كبار للضفة الغربية للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على أمل أن يتمكن الرجل، 88 عاماً من إدخال ما يكفي من تعديلات على سلطته، التي لا تحظى بشعبية، تؤهلها لإدارة غزة بعد الصراع، بين إسرائيل وحماس، الذي يقف فيه متفرجاً.
وكان عباس أحد مهندسي اتفاقية أوسلو للسلام مع إسرائيل في 1993 التي أنعشت الآمال في إقامة دولة فلسطينية، لكن بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة التي تخضع لإدارة سلطته، نال من شرعيته شيئاً فشيئاً.وصار كثير من الفلسطينيين يرون إدارته فاسدة وغير ديمقراطية ومغيبة.
وبعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر(تشرين الأول) قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، بوضوح إنه يريد أن يرى السلطة الفلسطينية التي يديرها عباس منذ 2005 تتولى المسؤولية في غزة بمجرد انتهاء الصراع بعد إعادة هيكلتها، وتوحيد إدارة غزة مع الضفة الغربية.
A series of top US officials have travelled to the West Bank recently to meet with Mahmoud Abbas in the hope the 88-year-old – a spectator in the Israel-Hamas war – can overhaul his unpopular Palestinian Authority enough to run Gaza after the conflict https://t.co/OKeibluZR8 pic.twitter.com/bCtxyEJZMk
— Reuters (@Reuters) December 16, 2023والتقى مستشار بايدن للأمن القومي جيك سوليفان، بعباس، الجمعة، ليصبح آخر مسؤول أمريكي كبير يحثه على تغيير سريع. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن لصحافيين بعد لقائه بالزعيم الفلسطيني في أواخر نوفمبر(تشرين الثاني) إنهما ناقشا الحاجة إلى إصلاحات لمكافحة الفساد، وتمكين المجتمع المدني، ودعم الصحافة الحرة.
مقترحات الغرف المغلقةوقالت 3 مصادر فلسطينية ومسؤول كبير من المنطقة على دراية بالمحادثات، إن مقترحات واشنطن في الغرف المغلقة تشمل أيضاً تنازل عباس عن بعض سيطرته على السلطة.
وقالت المصادر الفلسطينية والإقليمية إنه بموجب المقترحات المطروحة، يمكن لعباس أن يعين نائباً له ويسلم المزيد من الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء، ويدخل شخصيات جديدة في القيادة.
ولم يرد البيت الأبيض على تساؤلات رويترز. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن خيارات القيادة مسألة تهم الشعب الفلسطيني ولم تعط توضيحاً للخطوات اللازمة لإعادة هيكلة السلطة.
وفي مقابلة مع رويترز في مكتبه برام الله، قال عباس إنه مستعد لتعديلات على السلطة الفلسطينية بقيادات جديدة، وتنظيم الانتخابات المعلقة منذ فوز حماس في آخر انتخابات في 2006 وإقصاء السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، على أن يكون هناك اتفاق دولي ملزم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية/ وهو ما يرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وائتلافه اليميني المتطرف.
وقال عباس في المقابلة الأسبوع الماضي عندما سئل عن المقترحات الأمريكية إن المشكلة ليست تغيير السياسيين الفلسطينيين وتشكيل حكومة جديدة، وإنما سياسات الحكومة الإسرائيلية.
وفي الوقت الذي قد يقر فيه عباس بأن حكمه الطويل يقترب من نهايته، يقول هو وزعماء فلسطينيون آخرون إن على الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي الأول لإسرائيل، أن تضغط على حكومة نتانياهو للقبول بإقامة دولة فلسطينية تشمل غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية.
وأفاد مصدر مطلع في واشنطن بأن عباس أبدى سراً انفتاحه على بعض المقترحات الأمريكية لإصلاح السلطة الفلسطينية، بما فيها ضخ "دماء جديدة" بمهارات تكنوقراطية، ومنح مكتب رئيس الوزراء المزيد من الصلاحيات التنفيذية.
وبينما يؤكد مسؤولون أمريكيون أنهم لم يقترحوا أي أسماء على عباس، تقول مصادر إقليمية ودبلوماسيون إن البعض في واشنطن وإسرائيل يفضلون أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ نائباً محتملاً وخليفة في المستقبل.
وقالت 4 مصادر أمريكية، واثنان منها من المسؤولين في الإدارة، إن واشنطن تحث الأردن، ومصر، ودول الخليج، وهي دول لها بعض النفوذ لدى السلطة الفلسطينية، على إقناع عباس بالمضي قدماً في إصلاحات مؤسسية بشكل عاجل للإعداد "لليوم الموالي". ولم يرد مسؤولون في الأردن، ومصر، وقطر بعد على طلبات للتعليق.
وقالت المصادر الأمريكية إن عباس تعهد مرات بتعديلات على إدارته في السنوات القليلة الماضية، ولكن ليس لديه الكثير من النتائج ليقدمها، لذلك سيواصل كبار المسؤولين الأمريكيين الضغط، لمعرفة إذا كان سيفعل ذلك هذه المرة.
ومع ذلك، يرى مسؤولون أمريكيون أن عباس لا يزال الشخصية القيادية الفلسطينية الواقعية الوحيدة في الوقت الحالي رغم تراجع شعبيته بين الفلسطينيين، وشك إسرائيل التي تندد برفضه إدانة هجوم حماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول).
وأفاد مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، طلب حجب هويته بسبب الطبيعة السرية للمحادثات، بأن مساعدين لبايدن يحثون قيادات إسرائيل بهدوء على التخلي عن معارضتهم للسلطة الفلسطينية، بعد إعادة هيكلتها واضطلاعها بدور قيادي في غزة بعد الصراع.
وقال آخر، من المصادر الأمريكية: "لا شيء آخر مطروح". ويقول مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل تحتاج على المدى القصير إلى فك الحظر عن المزيد من التحويلات الضريبية إلى السلطة الفلسطينية، التي جمدتها بعد 7 أكتوبر(تشرين الأول)، ليتسنى لها دفع الرواتب.
تعنت إسرائيلقالت مصادر دبلوماسية فلسطينية وأمريكية إن المحادثات حول ما سيحدث بمجرد انتهاء الحرب تزايدت في الأسابيع القليلة الماضية، إلا أنه لم تُقدم خطط لعباس.
وتزايد التنديد الدولي بالهجوم الإسرائيلي في ظل ارتفاع عدد القتلى الذي قالت السلطات الصحية في غزة إنه اقترب من 19 ألفاً، الجمعة، لكن نتانياهو مصمم على أن الحرب ستستمر حتى القضاء على حماس وإعادة الرهائن وتأمين إسرائيل من الهجمات المستقبلية.
واجتاحت القوات الإسرائيلية غزة رداً على هجوم حماس المباغت عبر الحدود على جنوب إسرائيل قبل أكثر من شهرين، وتقول إسرائيل إن هجوم حماس أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز 240 رهينة. وبحث سوليفان مع نتانياهو، الخميس، خطوات لتحول الهجمات الإسرائيلية على غزة إلى عمليات أقل شدة تركز على أهداف عالية القيمة.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير أيضاً إن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأن القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية لا بد أن تكون حاضرة في غزة بعد الحرب مثلما هي حاضرة الآن في أجزاء من الضفة الغربية.
وقال نتانياهو، الثلاثاء، إن "ثمة خلافاً مع حليفه الأمريكي حول حكم السلطة الفلسطينية لغزة". وأضاف أن غزة "لن تكون حماس ستان أو فتح ستان".
وكان من المقرر أن تكون السلطة الفلسطينية، التي تشكّلت بعد اتفاق أوسلو في 1993 وتسيطر عليها حركة فتح، إدارة مؤقتة لتمهيد الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويدير عباس السلطة منذ 18 عاماً، لكن إقامة دولة فلسطينية لم يتحقق.
ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن من الممكن أن يستعيد عباس بعض الثقة بين الفلسطينيين إذا تمكن من إظهار استئصاله للفساد ورعايته لجيل جديد من القادة وحشده المساعدات الأجنبية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب ونيل مزيد من الدعم من الخارج لإقامة دولة فلسطينية.
ودعا عباس الولايات المتحدة خلال مقابلته مع رويترز إلى رعاية مؤتمر دولي للسلام للاتفاق على الخطوات النهائية لإقامة دولة فلسطينية. وربما تجري إقامة هذا التجمع على غرار مؤتمر مدريد 1991 الذي عقده الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عقب اندلاع حرب الخليج بين عامي 1990 و1991. وقال مسؤول أمريكي كبير إنه تم بحث فكرة المؤتمر مع شركاء، لكن المقترح لا يزال في مرحلة أولية.
ويعتقد عباس وزعماء فلسطينيون آخرون أن الولايات المتحدة لا بد أن تضغط بشكل أكبر على إسرائيل للسماح بإقامة دولة فلسطينية تتألف من غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وقال عباس، إن الولايات المتحدة "هي القوة الوحيدة القادرة على أن تأمر إسرائيل بوقف هذه الحرب" والوفاء بالتزاماتها، لكنه قال إنها لا تفعل ذلك.
ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، واشنطن إلى ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل عبر تدابير مثل التصويت في مجلس الأمن الدولي ووقف إرسال شحنات الأسلحة وفرض عقوبات على التوسع في المستوطنات.
وأعلن بلينكن هذا الشهر توقيع عقوبات على مستوطنين إسرائيليين مسؤولين عن الهجمات على فلسطينيين، لكن الحكومة الأمريكية تظل وفية في دفاعها عن إسرائيل في الأمم المتحدة، إذ ترفض الدعوات إلى وقف إطلاق النار، ووافق بايدن أيضاً على تقديم مساعدات عسكرية خلال الأسابيع الماضية.
A series of top US officials have travelled to the West Bank recently to meet with Mahmoud Abbas in the hope the 88-year-old – a spectator in the Israel-Hamas war – can overhaul his unpopular Palestinian Authority enough to run Gaza after the conflict https://t.co/OKeibluZR8 pic.twitter.com/bCtxyEJZMk
— Reuters (@Reuters) December 16, 2023 سلطة بلا سلطةقال سري نسيبة، وهو فلسطيني معتدل من القدس وأستاذ في الفلسفة وكان رئيساً لجامعة القدس، إن ثمة شكوكاً حول احتكار السلطة الفلسطينية للسلطة وحول ما وصفه بأنه انفصالها عن الواقع وفسادها. لكنه قال إن الوضع لن يتحسن دون إنهاء إسرائيل احتلالها للضفة الغربية والسماح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف نسيبة "المشكلة مش مقصورة في عباس لأن لو راح عباس مهما يكون اللي مكانه ايه اللي ممكن يعمله؟ ولا شيء".
ويكافح معاونو بايدن من أجل الاستقرار على كيفية توفير "أفق سياسي" للفلسطينيين في ظل عدم استعداد العامة من الإسرائيليين لتقديم تنازلات.
وحتى في الضفة الغربية، فقدت السلطة الفلسطينية في الوقت الحالي شعبيتها لأنها تعد ذراعاً خفياً للاحتلال الإسرائيلي. وكثيراً ما تنفذ قوات إسرائيلية مداهمات في مناطق خاضعة لحكم السلطة الفلسطينية، بما في ذلك رام الله.
وأظهر استطلاع منشور، الأربعاء، أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية تزايد شعبية حماس بين الفلسطينيين مقابل تراجع في شعبية عباس، ما يشير إلى أن حماس ربما تفوز بأي انتخابات في الأراضي الفلسطينية.
وعلى الرغم من تأخر الانتخابات كثيراً، تعتقد الولايات المتحدة أن من السابق لأوانه إدلاء الفلسطينيين بأصواتهم بعد انتهاء الحرب بفترة وجيزة. لكن المسؤولين الأمريكيين متنبهون إلى فوز حماس في الانتخابات التشريعية في 2006، وهي انتخابات شجعت واشنطن وحكومات غربية أخرى إقامتها. وقالت مصادر أمريكية إن في أي وقت ستُجرى فيه انتخابات لا بد من استبعاد حماس.
وتشهد الضفة الغربية توسع المستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش الأمنية التي تجعل التنقلات اليومية للفلسطينيين شاقة. ويشكو كثيرون من تزايد الهجمات العنيفة، ففي الشهرين المنصرمين قتل الإسرائيليون ما لا يقل عن 278 فلسطينياً في الضفة الغربية.
وقال السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي "هذه سلطة بلا سلطة"، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على إيراداتها أو أمنها. وذكر أن انتهاء الاحتلال الإسرائيلي، لا إجراء إصلاحات داخلية، هو ما سيضفي الشرعية على القيادة الفلسطينية. وأضاف "أي سلطة فلسطينية ستخدم الاحتلال الإسرائيلي ستفقد مصداقيتها وشرعيتها".
والبرغوثي سياسي فلسطيني مستقل يتردد اسمه بوصفه مرشحاً محتملاً لمنصب رئيس الوزراء.
ويقول بعض المسؤولين الفلسطينيين إن استعادة مصداقية السلطة ستتطلب توسيع قاعدتها في إدارة وحدة وطنية لتشمل حماس في حكم غزة والضفة الغربية.
لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن واشنطن مصرة على رفضها اضطلاع زعماء حماس بأي دور، ولو بالمشاركة بدور صغير. وذكروا أيضاً أن القوات الإسرائيلية ينبغي ألا تظل في غزة أكثر من فترة "انتقالية" غير محددة بمجرد انتهاء الحرب.
وقال المسؤول الكبير بإدارة بايدن "نحتاج إلى شيء ما في غزة. ذلك الشيء لا يمكن أن يكون حماس التي تلحق الضرر بسكان غزة والتي تهدد إسرائيل، ولن تدعم إسرائيل ذلك". وأضاف "الفراغ ليس الحل أيضاً، لأن ذلك سيكون فظيعاً وربما يمنح حماس مساحة للعودة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا إقامة دولة فلسطینیة السلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة مسؤولون أمریکیون الضفة الغربیة رئیس الوزراء حماس فی غزة بعد فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تتجه نحو هدنة في غزة لكنها تتجاهل الحديث عن وقف الحرب
لم يعد اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل في قطاع غزة بعيدا عن أن يصبح واقعا على الأرض على ما يبدو، لكن المشكلة تظل في رفض بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– إنهاء الحرب، وهو موقف يتعارض مع موقف رئيس أركانه إيال زامير، الذي حذر من "فقدان السيطرة".
ومع أن نتنياهو أعلن أنه سيرسل وفده المفاوض إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم الأحد، فإن بيانا صادرا عن مكتبه أكد عدم قبوله بالتعديلات التي وضعتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمته الولايات المتحدة.
وكان المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) قد عقد بوقت متأخر أمس السبت اجتماعا لبحث رد (حماس) على مقترح وقف إطلاق.
أما الاجتماع الذي عقده المجلس صباح الخميس الماضي فوصف بالصاخب و تخللته مشادة بين نتنياهو وزامير، في حين اتهم وزيرا المالية والأمن القومي المتطرفان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الجيش بعدم تنفيذ تعليمات القيادة السياسية، وفق ما نقلته القناة 12.
وطلب نتنياهو -وفق وسائل إعلام إسرائيلية- إعداد خطة لإجلاء سكان غزة نحو جنوب القطاع، وقال إنه يريد رؤيتها عندما يعود من زيارته المقررة لواشنطن هذا الأسبوع، وهو ما عارضه زامير محذرا مما أسماه "فقدان السيطرة في القطاع".
ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية، فقد أكد نتنياهو لسموتريتش وبن غفير أنه لن يترك غزة إلا وهي منزوعة السلاح، في حين نقلت قناة "24 نيوز" عن مكتب رئيس الحكومة أن المقترحات التي أدخلتها حماس على المقترح "غير مقبولة".
توتر مدروس
ومع ذلك، يمكن القول إن هذا التوتر الحاصل داخل المجلس الأمني المصغر مدروس كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، الذي أشار إلى حدوث تحول يتعلق بقبول الشاباك والجيش والأجهزة الأمنية لصفقة التبادل الجزئية، وهي المؤسسات التي لطالما تبنت الرؤية اليمنية المتطرفة التي كانت ترفض هذا النوع من الصفقات.
إعلانلكن جبارين قال -خلال مشاركته في برنامج مسار الأحداث- إن إسرائيل تبدي مرونة ظاهرة لتشتري الوقت من أميركا، وتخفف الانتقادات الداخلية والعالمية المتصاعدة، لكنها من الناحية العملية "لا تقدم تنازلات فعلية على الأرض ولا تتحدث أبدا عن نهاية الحرب، بل إنها تبحث كيفية الخروج من الصفقة وليس الانخراط فيها".
وهذا هو سبب الخلاف بين نتنياهو رئيس أركانه على ما يبدو، حيث أكد الأخير أنه من المستحيل السيطرة على مليوني إنسان بقوة السلاح، في حين تقول كل وسائل الإعلام الإسرائيلية إن نتنياهو لم يقدم أي حل لما بعد الحرب سوى احتلال القطاع.
ويحاول نتنياهو -على ما يبدو- التخلص من ورقة الضغط الوحيدة عليه حاليا المتمثلة في الأسرى، بينما تواصل الأمم المتحدة الحديث عن المخاطر المتزايدة لعملية التجويع ومنع إسرائيل إدخال المساعدات للسكان الذين يقتل منهم عشرات يوميا وهم يحاولون الحصول على قليل من الطعام لأولادهم.
كما قالت صحيفة "واشنطن بوست" اليوم السبت إن ائتلافا يضم أكثر من 200 منظمة إنسانية وحقوقية قال -في بيان الثلاثاء الماضي- إن الفلسطينيين في غزة أصبحوا يواجهون خيارا مستحيلا يتمثل في الموت جوعا أو الموت من أجل الحصول على الطعام.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن مسؤولين عسكريين أكدوا لنتنياهو في وقت سابق أن هدف إضعاف حماس عسكريا قد تحقق وأن الأسرى المتبقين -الذين يمثلون هاجسا متزايدا في إسرائيل- لن يعودوا دون صفقة تبادل.
ولا تبدو إسرائيل قادرة على تحقيق مزيد من التقدم العسكري في القطاع بالنظر إلى العمليات المتصاعدة للمقاومة والتي قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إنها تعكس ابتكارا في التكتيكات يدفع زامير للضغط من أجل حل سياسي، لأنه يمتلك قوة يستمدها من كونه ليس مسؤولا عن فشل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
زامير يبحث عن حل سياسي
والسبب في هذا أن زامير يدرك جيدا صعوبة احتلال القطاع بالنظر لما يتطلبه هذا من قوة وعدد وأثمان في الأرواح، لذلك فهو يحاول تطويق غزة من خلال العمل في الشمال والسعي لإنهاء عمليات خان يونس جنوبا ليعزل الفلسطينيين في المواصي ووسط القطاع ليبدأ استنزاف المقاومة، برأي الخبير العسكري.
غير أن الحل الأمثل لزامير -برأي حنا- هو التوصل لصفقة سياسية تنهي الحرب وتمنحه فرصة إعادة ترميم الجيش الذي يتعرض لخسائر متواصلة تعزز أحاديث العسكريين السابقين عن حرب الأشباح.
وإلى جانب ذلك، فإن سلسلة العلميات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في غزة مؤخرا كسرت نشوة النصر على إيران التي كانت تعيشها إسرائيل وأعادتها للواقع الذي تعيشه في غزة، حيث تعالت أصوات المنظمات الحقوقية والإنسانية للأسلوب الذي تعتمده إسرائيل في توزيع المساعدات الإنسانية، ويرى كثيرون أن الجيش يفرض حكما عسكريا عمليا من خلال التحكم في الطعام والشراب وحركة الناس، لكنه لا يعلن ذلك رسميا حتى لا يتحمل تبعاته القانونية.
لذلك، فإن المهم في الوقت الراهن ليس التصريحات وإنما ما يجري داخل الغرف المغلقة، خصوصا أن إسرائيل تتحدث عن إعادة تموضع أو انسحاب جزئي لكنها لا تتحدث أبدا عن إنهاء الحرب.
إعلان
ظروف الهدنة متوفرة
ومع ذلك، فإن الأمور تبدو قريبة من التوصل لهدنة مؤقتة، ليس لأن ضمير نتنياهو قد استيقظ -كما يقول الباحث السياسي سعيد زياد- وإنما لأنه فشل مجددا في تحقيق أهدافه عسكريا، فضلا عن التغيرات الإقليمية التي طرأت بعد الحرب على إيران.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال الأسبوع الماضي إنه يتوقع التوصل لاتفاق خلال الأسبوع الجاري، لكنه لم يقدم إطارا واضحا لما سيتم في حال فشل الطرفان في التوصل لاتفاق خلال مدة الشهرين المقترحة للهدنة، كما يقول زياد.
وأبدت حماس مرونة في بعض الأمور المتعلقة بانسحاب قوات الاحتلال التي يفترض أن تنسحب إلى مسافة 700 متر داخل الحدود، وأن تخرج من كافة المحاور التي استحدثتها في القطاع مع بقائها في 5 نقاط رئيسية، لكنها تصر على أن تتولى الأمم المتحدة توزيع المساعدات، وهو ما ترفضه واشنطن.
وبحسب صحيفة "معاريف" فإن ترامب "سيضغط لإبرام الصفقة خلال زيارة نتنياهو التي ستبدأ لواشنطن الاثنين المقبل، حتى لو بقيت حماس في القطاع.
وكان ترامب قد وصف موقف حركة حماس الذي قالت فيه إن ردها اتسم بالإيجابية بالجيد.