باحث أثار: يكشف أسرار أنفاق السرابيوم في سقارة
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
دراسة جديدة لخبير الترميم الدولي فاروق شرف استشاري الترميم بمشروع السرابيوم في سقارة والتي تعرض الإعجاز العلمى والهندسى فى بناء أنفاق السرابيوم ووضع 24 تابوتًا داخله حيث يزن التابوت مائة طن.
وأشار خبير الترميم فاروق شرف إلى أن السرابيوم هو اسم يطلق على كل معبد أو هيكل ديني مخصص لعبادة إله الوحدانية سيرابيس، وهي عبادة مقدسة في مصر في العصر "اليوناني"، تجمع بين إلهين من آلهة مصر القديمة وهما أوزوريس وأبيس
ويوجد العديد من السرابيوم في مصر وإيطاليا، منها الموجود في سقارة وآخر موجود في الإسكندرية وهو مخصص للإله سرابيس، كما يوجد سرابيوم في روما القديمة، وفي مقاطعة أتاكما، وهو أحد المعابد المكرسة للإلهين المصريين إيزيس وأوزوريس، ويوجد سرابيوم آخر بمنطقة كامبو مارتسيو في روما، لكن سرابيوم سقارة الأهم والأكثر تعقيدًا في هندسته المعمارية النادرة.
وأوضح شرف أن السرابيوم يتكون من مجموعة من الأنفاق والسراديب بطول 400 متر، محفورة في قلب صخر هضبة سقارة، ويبدأ بممر طويل يؤدي إلى سلالم عبارة عن مصاطب كبيرة، في آخرها باب صغير، يفتح على ممر رئيسي على استقامة واحدة، طوله 136 مترا وعلى جانبيه 24 غرفة دفن مقببة منحوتة في الصخر، لا تواجه هذه الغرف بعضها بعضًا، بل حفرت بالتبادل حتى لا تحدث ضغطًا على التربة التي حفرت عليها، وجداريات المقبرة تزينها النقوش المصرية القديمة، من بلاطات جبسية كما يحتوى السرابيوم على عدد 26 تابوتًا مختلفى الشكل من الخامات المختلفة وهى من:- (الجرانيت الأخمر – الجرانيت الإسود – البازلت – الكوارتز – الديورايت) وهى صخو أشد صلابة وهذه التوابيت خالية من النقوش سوى واحد فقط.
أسرار السيرابيومومن ناحيته ألقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، الضوء على ألغاز السرابيوم التى طرحتها الدراسة موضحًا أن الأنفاق بطول 400 متر محفورة في قلب صخر هضبة سقارة وليست وسط الرمال، والممر الرئيسي على استقامة واحدة، فهل يُمكن أن يكون هذا النفق الطويل قد تم حفره فقط بواسطة المعاول؟.
أنفاق السيرابيوموإذا نظرت إلى استدارة النفق واستقامته، هل تستطيع يد بشرية أن تحفر نفقًا بتلك الدقة والاستقامة لهذه المسافة، أم يمكن القول إن هذا مستحيل دون وجود آلة حفر؟ كما أن سراديب السرابيوم في ذاتها لغز فهي فى الصيف تجدها باردة، وفي الشتاء حارة يتصبب العرق وأنت داخلها.
ويشير الدكتور ريحان إلى الإعجاز العلمي والهندسي فى التوابيت داخل هذا النفق وهى منحوتة فى الصخر من أربعة جوانب وقاعدة وغطاء، وجسد التابوت نفسه نُحت عن طريق اقتطاع كتلة مصمتة من الجرانيت بأنواعه المُختلفة من المحاجر الموجودة في جنوب البلاد، في الأقصر وأسوان والسودان وسيناء والبحر الأحمر والفيوم.
ثم بعد اقتطاع تلك الكتلة المُقدرة بـ 80 طنًا تقريبًا من المحجر، يتم حفرها وصقلها، وبعد ذلك يتم نحت الغطاء، والتوابيت كُلها مصنوعة من صخور عالية الصلابة (الجرانيت الأحمر – الجرانيت الأسود – البازلت – الديورايت – الكوارتز) وهي صخور لا يمكن التعامل معها إلا عن طريق قواطع الماس، ولا يعقل أن يقوم أحد بنحتها بالأدوات التي كانت تُستخدم في عصر الأسرات وهي على التوالي (الحجارة – النحاس – البرونز – ثم الحديد في العصور المتأخرة) كلها لا يمكن التعامل معها مطلقًا بهذه الأدوات فضلًا عن صقلها بهذا الشكل.
زوايا مكتملة الدقةويتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة بأن حفر الصندوق نفسه مُحير إذا كيف قاموا به؟ لا شك أن المعاول وآلات الطرق البدائية لا يُمكنها أن تُخرج مثل هذا المُنتج الهندسي الفريد، فجميع زوايا الصندوق الداخلية والخارجية عبارة عن 90 درجة كاملة، ليست 90.1 ولا 89.9.
أيضا مُعامل التسطيح بنسبة خطأ أقل من 0.02%، وهي درجة لا يُمكن بلوغها في العصر الحديث إلّا بإستخدام آلات عالية الدقة، أو تقنية بصرية ضوئية كالليزر، وذلك للحصول على التسطيح التام.
الصندوق نفسه مصقول بدرجة تجعل ذهنك يتطلع إلا أن هناك ماكينات أو تقينه متقدمة قد قامت بحفره وصقله بهذا الشكل الدقيق.
ثم نأتي إلى السؤال الأهم.. كيف تم وضع تلك التوابيت العملاقة داخل النفق الذي له مدخلًا واحدًا ضيقًا جدًا ومن الألغاز أيضًا لغز التابوت البازلتي البالغ من الوزن 100 طن أنه مثبت على أرضية غرفة الدفن عن طريق الحفر لقاعدته بعمق بمقدار ٥ سم فى أرضية الغرفة لإحكام تثبيته.
وينتقل إلى لغز آخر وهى خلو التوابيت من مومياوات وهى مغلقة عدا تابوت واحد فقط، ولماذا لم يُعثر في أي تابوت منهم على أي مومياء أو جثة لجسد العجل أبيس؟ من صنعها وكيف؟.. ولماذا صُنعت.. ولماذا هي شديدة الضخامة؟ كيف نقلوها إلى داخل دهاليز وأنفاق السرابيوم.
وينوه الدكتور ريحان إلى عجز العلماء عن معرفة السبب وراء صناعة توابيت السرابيوم الجرانيتية لعدة أسباب، أهمها أن توابيت بحجم 100 طن لماذا يمكن صناعتها؟ بل والأغرب كيف تمت صناعتها؟
ولكن الأغرب من كل ذلك كيف تم نقلها إلي تلك الأنفاق وتحريكها في ظل ضيق الأنفاق، فبحسبة صغيرة جدًا هناك صخرة جرانيتية مجوفة ومصقولة بالداخل وزنها 100 طن، فلو تصورنا أن الرجل القوى يمكنه حمل 100 كجم فنحن نحتاج ألف رجل قوى لحمل التابوت ونقله تلك المسافة الضيقة والتى لا تتسع إلًا لخمسون رجلًا حول التابوت ولماذا تمت صناعتها؟، ومن المعروف للجميع أن المصريين القدماء كانوا بأحجامنا الحالية ويتضح ذلك من المومياوات الموجودة في المتاحف المصرية والعالمية إذا فلماذا يمكن صناعة توابيت جرانيتية يمكنها استيعاب عشرة أثوار كبيرة بالغة.. يشاع أن تلك التوابيت قد صنعت لدفن العجل المقدس آبيس ذو المواصفات المذكورة في كتب الباحثين ولكن لماذا هي بهذه الضخامة فمن الأفضل أن يتم صناعتها من الخشب الأخف وزنًا وأسهل صنعًا وتكون بالحجم الطبيعي للثور فقط وليس بتلك الضخامة غير معقولة.
كما أن نوع الصخر المستخدم في التوابيت لغزًا آخر حيث أنه بالإضافة إلي حجمه البالغ الضخامة فهو من الجرانيت الأقسي صلابة علي مستوى الجدول الدورى للمعادن والصخور والذى يستحيل نحته وتشكيله في هيئة توابيت إلّا بالشفرات الماسية وبواسطة آلات غاية في التعقيد وليست بمجرد أزاميل وآلات نحت نحاسية بدائية كما هو موجود في المتاحف بخصوص آلات النحت القديمة المستخدمة في عصور مصر القديمة
بل والأغرب من كل ذلك الدقة الغير عادية في قياسات التوابيت من الداخل والزوايا القائمة 90 درجة من كل الاتجاهات بنسبة خطأ في الألف والتى محال أن تحدث إلا بواسطة أجهزة حفر إلكترونية ضخمة وليس بواسطة عنصر بشرى بالإضافة إلي درجة الصقل العالية جدًا من داخل تلك الصناديق.
فقد أعطي أحد العلماء الأمريكان مواصفات التابوت الجرانيتى إلي كبري شركات الرخام الأمريكية ليتم صناعة واحدًا مشابهًا في الحجم والشكل من الجرانيت ولكن اعتذرت الشركة لعدم وجود امكانيات أو معدات متوفرة تمكنها من ذلك.
وأردف الدكتور ريحان من خلال الدراسة بأنه لم يتم تحديد عمر توابيت السرابيوم علي وجه الدقة، فمنهم من يقول أنها قد تمت صناعتها في عصر الأسرات المتأخر، ولكن تلك الفرضية غير منطقية بالمرة لعدم توافر أجهزة أو آلات تمكنهم من نحت تلك التوابيت في تلك الفترة والأغرب من ذلك أن تلك التوابيت قد صنعت من قطعة واحدة من الجرانيت ولم يتم تركيبها من مجموعة قطع يتم لصقها حتى يسهل صقلها ونقلها إلي السراديب الضيقة تحت الأرض كما أن الأنفاق نفسها هي لغز آخر فلا يمكن صناعة تلك الأنفاق بتلك الإستقامة وتلك الأرضية المنبسطة علي امتداد النفق إلا بواسطة آلات حفر الأنفاق الحديثة كالتى تم حفر نفق قناة السويس ومترو الأنفاق بها فهل يعقل أن يكون تلك المشروع الضخم هو مجرد مدافن للعجل آبيس المقدس لدى المصريين القدماء؟.
يعتقد بعض العلماء أن تلك السراديب المحتوية علي أربع وعشرون تابوتًا جرانيتيًا ما هي إلا بطاريات عملاقة لنقل الطاقة وتخزينها أو توليدها ومؤيدوا تلك النظرية استندوا في آرائهم إلي الضخامة في التوابيت البالغ وزنها 100 طن والكتلة الواحدة المصنوع منها التابوت لكي يتحمل ضغط شيء معين أو يكون موصلًا للطاقة لعدم وجود أي فواصل أو لحامات وكذلك الغطاء للتابوت البالغ وزنه مقدار الثلاثون طنًا واستندوا أيضا إلي التابوت المستقر في نهاية النفق والذى لم يصل إلي التجويف الخاص به كأنما توقف العمل فجأة ليكمل العمال يومهم غدًا.
ولكن الغد لم يأتى علي الاطلاق، وقد افترضوا حدوث كارثة فجأة أدت إلي نهاية العمل إلي الابد قبل اكتماله علي النحو المحدد له لتلك المشروع كأنما انفجار نووي أدى إلي هلاك الجميع بشكل مفاجىء ونهاية لتلك الحضارة.
يعتقد الباحث فاروق شرف أن هذه الحضارة كانت فى عصر ما قبل الأسرات ويبدو جليًا أنها كانت قمة الرقي والقوة التكنولوجية التى لم يعهدها البشر حتى يومنا هذا والسؤال مطروح على علماء المصريات لحل ألغاز السرابيوم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدکتور ریحان تابوت ا
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: المقاومة حولت نقطة ضعفها إلى قوة بـ750 كيلومترا من الأنفاق
أكد الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا، أن المقاومة الفلسطينية نجحت في تحويل افتقادها للعمق الجغرافي الأفقي إلى قوة حقيقية من خلال إبداع الأنفاق بـ"العمق الجغرافي العمودي" تحت الأرض.
وأوضح الخبير العسكري -في تحليله للمشهد العسكري- أن هذا التطوير الإستراتيجي يفسر عدم قدرة إسرائيل على حسم المعركة رغم مرور أشهر كثيرة على بدء العدوان.
ولفت حنا إلى أن المقاومة في بداياتها كانت تفتقد إلى العمق الجغرافي الأفقي، ومن هنا بدلت هندسة القطاع وخلقت ما يسمى بالعمق الجغرافي العمودي تحت الأرض.
وبحسب رؤيته، فإن هناك حوالي 750 كيلومترا من الأنفاق حتى الآن، حسب المعلومات من المصادر العامة، لافتًا إلى أن إسرائيل لم تتمكن من تدمير إلا 30% منها.
وأشار الخبير العسكري إلى أن هذا الواقع يفسر بجلاء عدم قدرة الاحتلال على إنهاء الحرب بسرعة، رغم تفوقه التكنولوجي والعددي.
في السياق ذاته، أكد حنا على أن المقاومة قادرة على التأقلم أسرع من قدرة جيش الاحتلال على التطوير، موضحًا أنه في كل مرحلة من مراحل الحرب، وبسبب تبدل الهندسة المدنية وتبدل ساحة الحرب، تُظهر المقاومة دائمًا قدرتها على التأقلم.
وقدم الخبير مثالًا عمليًا على هذا التأقلم قائلا "بملاحظة الكمين الهندسي في الشجاعية، تم استعمال قذيفة غير منفجرة، ثم قذيفة ثاقبة، وبالتالي تفجير كبير جدا، وهذا ما يؤكد على الإبداع التكتيكي للمقاومة في استغلال الظروف المتاحة".
إعلانوكانت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– بثت اليوم الأحد مشاهد فيديو توثق كمينا هندسيا استهدف آليات الاحتلال المتوغلة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة بتفجير متزامن لقنبلة من مخلفات الاحتلال وعبوة ناسفة من نوع "ثاقب".
حرب استنزاف
ومن ناحية أخرى، لفت حنا إلى أن إسرائيل دخلت فعليًا في حرب استنزاف، موضحًا أن الاستنزاف يحدث عندما يبدو العدو عير قادر على القتال أو لديه مشاكل في تعويض جنوده.
وأضاف أن هذا الأمر بات ملاحظًا داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة في عدم القدرة على تجنيد الحريديم، والتذمر وتوقيع العرائض من قبل الاحتياط.
وأوضح أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير كان قد تحدث عندما تسلّم منصبه وقال إنه يحتاج 3 أشهر للعملية العسكرية برًّا و9 أشهر لتنظيف المنطقة بالمفهوم الإسرائيلي والانتهاء من المقاومة، لكن حنا يؤكد أن الواقع أثبت عكس هذه التوقعات.
وعلى صعيد آخر، انتقد حنا الإستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع المدنيين، موضحًا أن الهدف دائمًا هو منع المقاومة من المساحة، و"لكن في الوقت نفسه هي عملية تهجير للغزيين إلى مناطق معينة تم الحديث عنها على أنها فقاعات إنسانية".
وأضاف أن إسرائيل "عسكرت" المياه والغذاء والدواء، وحتى أمن المواطن الغزي، مشيرًا إلى أن الهدف هو تهجير الغزيين من مكان إلى آخر وربطهم بمكان معين لمنع عودتهم إلى مناطقهم الأصلية إن كان في بيت لاهيا، أو الشجاعية، أو جباليا.
وأكد الخبير على أن الطريق الآخر كي تكون الحرب قصيرة هو عبر السياسة، وهذا هو البعد الذي ينقص فعلًا الطرح الإسرائيلي، منتقدًا رهان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على النصر العسكري دون أفق سياسي واضح.