أوردت وسائل الإعلام الروسية معلومات عن بدء وصول عدد كبير من المرتزقة إلى أوكرانيا من الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا في سوريا ومن العراق للمشاركة في الحرب ضد روسيا.

وبشكل عام، يكمن السبب الوحيد الذي منع الولايات المتحدة الأمريكية من شن حرب مباشرة ضد روسيا، منذ تفكك الاتحاد السوفيتي هو افتقارها للجنود الراغبين في التضحية بأنفسهم.

إن الحرب، حتى باستخدام الأسلحة التقليدية، وحتى لو كانت ضد روسيا الضعيفة، تنذر بدمويتها الفائقة، ما يعتبر غير مقبول للمجتمع الأمريكي.    

في التسعينيات، تمكن الأنجلو ساكسون، من العثور على مورد بشري، تمثل في الانفصاليين والإسلامويين في الشيشان وداغستان، غير أن أعدادهم كانت نسبيا غير كبيرة، وحسم ذلك النزاع بفضل جهود بوتين وأحمد قديروف.

بيد أن الحظ ابتسم للأنجلو ساكسون عام 2014، بظهور دولة كبيرة نسبيا في العالم، وغبية بما يكفي لاختيار مهرج لرئاستها والاستعداد للتضحية بنفسها، بالدخول في حرب ضد روسيا، من أجل المصالح الأمريكية.  

ويحاول الناتو، بأي حال، استبعاد الصدام المباشر مع روسيا، بتعويض نقص الأسلحة الحديثة لدى القوات المسلحة الأوكرانية بإرسال القوى البشرية إلى "مفرمة اللحم" أثناء المعركة. لذا نجد أن ضخامة حجم الخسائر الأوكرانية غير مستغربة. فقدت أوكرانيا، منذ بدء الهجوم في 4 من يونيو 26 ألف جندي، وفق وزارة الدفاع الروسية.  

وتستنفد أوكرانيا تدريجيا إمكانياتها للتعبئة، إذ غادر البلاد قرابة ثمانية ملايين أوكراني، ويتهرب الرجال الأوكرانيون، على نطاق واسع، من التجنيد، ويلتقطونهم من الشوارع والمحلات التجارية ليرسلوهم إلى الجبهة. بالطبع، مع هذه الظروف، يصبح المرتزقة الأجانب، موردا ثمينا.  

ووفق تقديرات وزارة الدفاع الروسية بلغ المجموع الإجمالي للمرتزقة الأجانب في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية، منذ بداية الحرب، 11 ألف شخص، وأن المجموعة الأكثر عددا بينهم وصلت من بولندا (أكثر من 2,6 ألف شخص)، ثم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا (900 شخص)، من جورجيا (800 شخص)، تليها بريطانيا ورومانيا (من كل دولة 700 شخص وأكثر)، ثم كرواتيا (أكثر من 300 شخص)، وفرنسا والمناطق التي تسيطر عليها تركيا في سوريا (200 شخص وأكثر من كل منها).

قتل منهم حوالي 4,9 ألف وغادر حوالي 4,8 ألف، لأنهم رأوا أن ما يجري لا يبدو كنزاعمع عدو ضعيف التسليح في الشرق الأوسط. الآن يقاتل في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية حوالي ألفي مرتزق أجنبي.    

في ذات الوقت، وكقاعدة عامة، يعتبر هؤلاء مقاتلين مدربين جيدا وذوي خبرة، وتستخدمهم القيادة الأوكرانية في الهجوم الحاسم. في العام الماضي، لعب المرتزقة الأجانب دورا هاما، أثناء الهجوم الأوكراني على مقاطعة خاركوف. الآن، أيضا، يتم نشرهم في العمق، وفي المواقع التي تنجح القوات الروسية في اختراقها على جبهة كوبيانسك في مقاطعة خاركوف.

وفي هذا الوقت يبدو أن الرئيس التركي يقترب من نفاد إمكانياته في اتباع سياسة خارجية فاعلة ومستقلة. الاحتراق السريع لاحتياطيات النقد الأجنبي لدعم الليرة قبل الانتخابات الرئاسية أدى اقتراب تركيا من الإفلاس. أردوغان، يحتاج، على وجه السرعة، إلى إيجاد ممول على استعداد لسد الثغرات العملاقة في ميزانية البلاد.

روسيا لا يمكنها حمل مهمة الصرف على تركيا على عاتقها إضافة إلى أنها أصبحت أقل سعيا لشراء ولائها. كذلك، أصبحت إمكانيات دول الخليج العربية لمساعدة تركيا، أيضا محدودة. يمكن للصين شراء تركيا، ولكن فقط مع موقفها السياسي، ما يعتبر غير مقبول لأردوغان لأسباب عديدة. وهكذا، تبقى الولايات المتحدة، والأهم من ذلك أوروبا.

أعتقد، لا ينبغي تقييم خطوات أردوغان الأخيرة كتغيير حاد ونهائي في سياسته للمناورة بين الأقطاب. أذكِر، بأنه، في الأيام الأخيرة، أطلق سراح النازيين الأوكرانيين من فوج آزوف، ووافق على قبول ضم السويد إلى الناتو، وأعلن عن صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى تجديده لطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي حصل فيه على دعم الولايات المتحدة الأمريكية.. إلخ.

مع ذلك، وحسب وجهة نظري، هذا ليس تغيير لقواعد اللعبة، بل، هو رفع قيمة الرهان في اللعبة السابقة، لأن أردوغان يحتاج الآن إلى مبلغ أكبر بكثير. وكبائع الآيس كريم التركي، لوّح أمام أنف الغرب بجائزة حلوى، بيد أن على واشنطن الآن بذل الجهد للحصول على ما تبغيه.

إلى جانب ذلك، سيتوجب على بروكسل رفع القيود التجارية ودفع مبالغ لأردوغان، حتى لا يطالب بعضوية الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، روسيا ستنتظرها مواجهة جرعة من ابتزازات أردوغان، لأن، طعنة الظهر من تركيا، في ظروف الهجوم الأوكراني، أكثر حساسية. أعتقد أننا سنشاهد في الخطوة التالية السفن الحربية التركية لمرافقة الحبوب الأوكرانية، وإرسال المسلحين الذين تسيطر عليهمتركيا إلى أوكرانيا.

واللافت أن سوريا لديها "أوكرانيوها"، الذين يعتقدون أن تدمير بلادهم بمساعدة رعاة أجانب هو أفضل سبل السعادة والازدهار. القسم الأكبر منهم يقع تحت سيطرة أردوغان وسيستخدمه الآن في ألعابه القاتلة.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

 

 

 

 

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أخبار سوريا العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا المعارضة السورية تطرف رجب طيب أردوغان كييف الولایات المتحدة الأمریکیة ضد روسیا

إقرأ أيضاً:

أردوغان وبوتين يبحثان السلام في أوكرانيا

أفاد مكتب الرئيس التركي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقشا جهود السلام الشاملة في أوكرانيا خلال محادثات عقدت في عشق آباد، حيث أكدت تركيا دعمها الكامل لهذه المساعي.

وأشار البيان الرسمي إلى أن الزعيمين بحثا العلاقات الثنائية بين تركيا وروسيا بالإضافة إلى جهود السلام في سياق الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وتم التأكيد مجددًا على دعم تركيا لهذه الجهود، كما تم مناقشة جميع القضايا بالتفصيل بما في ذلك تجميد الاتحاد الأوروبي للأموال الروسية.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتين استعداد تركيا لاستضافة المفاوضات بشأن أوكرانيا بأي صيغة، وذلك بهدف تسريع جهود التهدئة وحل الأزمة المستمرة منذ سنوات.

واستضاف منتدى السلام والثقة الدولي في عشّق آباد اجتماع الزعيمين، الذي ركز على السنة الدولية للسلام والثقة والذكرى السنوية لحياد تركمانستان، إلى جانب متابعة الوضع في أوكرانيا، وأوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن الزعيمين تبادلا وجهات نظر معمقة حول القضية الأوكرانية والشؤون الإقليمية والدولية.

ويأتي هذا اللقاء بعد آخر اجتماع جمع الزعيمين في سبتمبر الماضي على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في الصين، مما يعكس استمرار الحوار الوثيق بين أنقرة وموسكو في قضايا الإقليمية والدولية.

ومنتدى السلام والثقة الدولي في عشق آباد يُعد منصة سنوية تجمع قادة دوليين ومسؤولين كبارًا لمناقشة قضايا الأمن الإقليمي والدولي وتعزيز الحوار بين الدول.

ويركز المنتدى على تبادل الخبرات في مجالات السلام والأمن والثقة المتبادلة، ويستعرض المبادرات المتعلقة بالسلام وحل النزاعات، بالإضافة إلى دعم التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول المشاركة.

وتستضيف تركمانستان هذا المنتدى ضمن سياستها طويلة المدى للحفاظ على حيادها وتعزيز دورها كوسيط إقليمي موثوق، كما يشارك فيه قادة دول عدة لبحث ملفات ساخنة مثل النزاعات الإقليمية والأزمات الإنسانية والمفاوضات الدولية.

ويشكل المنتدى فرصة للتلاقي بين رؤساء الدول ووزراء الخارجية والمسؤولين الأمنيين لتنسيق الجهود في مكافحة الأزمات وتعزيز الاستقرار، ما يعكس أهمية عشّق آباد كمنصة دبلوماسية عالمية مؤثرة في ملفات السلام والأمن الإقليمي.

آخر تحديث: 12 ديسمبر 2025 - 18:42

مقالات مشابهة

  • أردوغان وبوتين يبحثان السلام في أوكرانيا
  • أردوغان يؤكد لبوتين: تركيا مستعدة لاستضافة المفاوضات بشأن أوكرانيا بأي صيغة
  • الكرملين: روسيا ترحب بجهود تركيا للتوصل إلى تسوية في أوكرانيا
  • روسيا تهاجم منشآت طاقة في منطقة أوديسا الأوكرانية
  • تركيا.. تدني شعبية الحركة القومية يضع تحالف أردوغان أمام خيارات صعبة
  • ترامب يتباهى: أحرر المعتقلين في تركيا بمكالمة مع أردوغان!
  • روسيا: خسائر القوات الأوكرانية خلال الصراع تجاوزت مليون عسكري
  • روسيا تسجّل أكبر ليلة لإسقاط الطائرات المسيّرة الأوكرانية
  • هل يجهّز أردوغان ابنه بلال ليصبح رئيس تركيا القادم؟
  • سفير أمريكا بأنقرة: ترامب يقترب من حل مشكلة طائرات إف-35 مع تركيا