أجهزة الراديو تعود إلى قطاع غزة مع الحرب
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
قطاع غزة"أ.ف.ب": ما كان محمود الداوودي يتصور أن ينفد مخزونه من أجهزة الراديو بالكامل منذ بدء الحرب قبل أكثر من شهرين، مع إقبال متجدد كبير عليها في قطاع غزة في ظل انقطاع الكهرباء والانترنت والاتصالات.
انقطاعات الكهرباء مألوفة أساسا في يوميات سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، لكنها استحالت انقطاعا تاما منذ فرضت إسرائيل حصارا مطبقا على القطاع مع بدء الحرب، مانعة خصوصا دخول الوقود إليه.
ويحول ذلك دون إمكان تشغيل أجهزة التلفزيون والحواسيب أو شحن الهواتف النقالة وتصفح الانترنت للحصول على معلومات إلا في حال وجود ألواح للطاقة الشمسية أو مولدات كهرباء وهو ترف لا يملكه غالبية السكان في القطاع الخاضع لقصف إسرائيلي كثيف ومتواصل.
فبات جهاز الراديو الذي يعمل بالبطاريات الوسيلة الوحيدة لمتابعة الأخبار.
يملك الداوودي البالغ 33 عاما محلا لبيع الهواتف النقالة والإلكترونيات في رفح في جنوب القطاع.
ويؤكد لوكالة فرانس برس "منذ الأسبوع الأول من بداية الحرب، نفذت لدينا كل أجهزة الراديو في فروعنا الثلاثة وفي المخازن كان لدينا كمية كبيرة نفذت جميعها".
ويشير الداوودي "الراديو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الأخبار وما يدور حولنا في ظل انقطاع الانترنت والاتصالات. كما أنه خيار مثالي بالنسبة للناس في ظل أزمة الكهرباء" موضحا "البطاريات تدوم لمدة طويلة".
وأوضح أن سعر جهاز الراديو كان 25 شيكلا (6,8 دولارات) قبل الحرب. وأصبح حاليا مع زيادة الطلب عليه 60 شيكلا (16,4 دولارا).
وبعد أكثر من شهرين من انطلاق عمليات القصف والاشتباكات العنيفة، نزح الجزء الأكبر من سكان القطاع وهم يعانون من نقص كبير جدا في المواد الغذائية والمياه والأدوية والوقود.
ويوضح الداوودي "حتى الأجهزة التي تم إرجاعها بسبب وجود عطل فيها بيعت ونفدت حتى الهواتف النقالة لدينا" موضحا أن الكثيرين اختاروا شراء أجهزة هاتف قديمة تملك خاصية الراديو والإنارة بكشاف لاستخدامها لغرضي إضاءة الخيم وسماع الأخبار.
وانطلقت شرارة الحرب في السابع من أكتوبر بهجوم غير مسبوق شنّته حماس على إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، أوقع نحو 1140 قتيلا، بحسب السلطات الإسرائيلية، فيما خُطف نحو 250 شخصا واقتيدوا رهائن إلى قطاع غزة حيث لا يزال 129 منهم محتجزين.
ردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس وبدأت هجوما واسع النطاق تسبب بدمار هائل في قطاع غزة. وأوقع القصف 19453 شهيدا على الأقل، نحو 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، وفق حكومة حماس.
ويرى حسين أبو هاشم الذي يعمل في متجر آخر أن "أجهزة الراديو كانت تملأ السوق، ولكن منذ بدء الحرب لم يعد هناك شيء" مشيرا إلى ارتفاع أسعار هذه الأجهزة لشدة الطلب عليها.
ويضيف "الناس تريد أن تعرف الاخبار ومكان القصف والاطمئنان على أهلها. ولا يوجد انترنت ولا اتصال ولا كهرباء. أجهزة الراديو أغلبها تعمل على البطارية، بعضها يعمل على الطاقة الشمسية" مشيرا أنها بيعت جميعا.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1,9 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة نزحوا بسبب الحرب، نصفهم من الأطفال.
أطلق عدد من القنوات من بينها "الجزيرة" القطرية و"بي بي سي" العربية بثا مخصصا لسكان قطاع غزة لمعرفة آخر التطورات.
يقول أحمد البواب (35 عاما) الذي نزح من حي الشيخ رضوان في مدينة غزة إلى خيمة في رفح "نتابع الأخبار عبر الراديو، لا توجد خيارات أخرى".
ويضيف "كنت اتابع اذاعات محلية كالأقصى والقدس لكنها توقفت، اتابع الجزيرة والعربية وأي اذاعة صوتها واضح، جميع المحطات تتكلم عن غزة".
من جهتها تؤكد أم ابراهيم التي نزحت من خان يونس أنها تسمع الأخبار يوميا "لأعرف ماذا يحدث حولنا. أين القصف والبيوت المستهدفة ومن تم هدم بيته ومن بقي واسماء الشهداء" موضحة "نتلهف على أي خبر من غزة أو من منطقتنا أو أي مكان في القطاع".
وتشير "أتجول بين الخيام لأسمع الأخبار (عبر اجهزة الراديو الأخرى) حين تنفد البطارية من الراديو والهاتف النقال" الخاص بها.
أما محمد حسونة (75 عاما) الذي نزح من مدينة غزة إلى رفح، فيتابع الإذاعات الإسرائيلية كونه يتقن العبرية.
ويقول "اسمع القنوات الاسرائيلية، وانقلها لابنائي وجيراني. أحرص على ذلك لأنها تنقل الاخبار من الجانب الاسرائيلي".
ونزح صلاح زعرب (37 عاما) من شرق خان يونس إلى رفح جنوبا، موضحا أنه يتابع الإذاعات طوال الوقت.
ويقول أمام خيمته "العالم يتقدم في مجال التكنولوجيا ونحن نتراجع في غزة. سيصلون بنا للعصر الحجري. نقوم بإشعال الحطب ونجلس أمام الخيم لإعداد الشاي ونسمع الأخبار عبر الراديو لحظة بلحظة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
14 شهيدا إثر نتيجة البرد القارس بغزة
صراحة نيوز-قالت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة إن 14 فلسطينياً، بينهم 6 أطفال، استشهدوا نتيجة الأمطار والبرد القارس، منذ بدء تأثير المنخفض الجوي بيرون، فيما انهار أكثر من 15 منزلاً في مناطق متفرقة من القطاع.
وأوضحت المصادر أن النازحين يواجهون أوضاعاً إنسانية قاسية داخل خيام مهترئة، في ظل إمكانيات شبه معدومة لحماية الأطفال من البرد، مؤكدة استمرار وصول حالات بسبب الانهيارات والغرق.
وأضافت أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني انتشلت جثامين 4 فلسطينيين، بينهم طفلان، إثر انهيار منزل في منطقة بير النعجة شمالي القطاع، فيما أشار مراسلون إلى انهيار مبنى متعدد الطوابق في مشروع بيت لاهيا دون تسجيل إصابات.
وبيّن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الأمطار الغزيرة والرياح العاتية أغرقت وجرفت واقتلعت أكثر من 27 ألف خيمة، منذ أول أمس، ما فاقم معاناة مئات آلاف النازحين في مختلف مناطق القطاع.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إن أكثر من 140 ألف شخص تضرروا من الأمطار التي غمرت أكثر من 200 موقع نزوح في قطاع غزة، مؤكداً ضرورة رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، ورفع الحظر عن عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأضاف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف في فلسطين جوناثان كريكس أن الحاجة ملحة لإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة، موضحاً أهمية تكثيف إدخال الملابس والخيام لمواجهة الظروف الجوية القاسية.
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن ما يدخل من مستلزمات الإيواء لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، ولا يقي من المطر والبرد، مشددة على أن استشهاد فلسطينيين بسبب انهيار الخيام والبرد يؤكد استمرار حرب الإبادة وإن اختلفت أدواتها.
وأوضحت مصادر محلية أن المنخفض الجوي جاء في وقت يعيش فيه النازحون أوضاعاً مأساوية بسبب انعدام مقومات الحياة الأساسية وتراجع الخدمات الحيوية جراء الحصار، مبينة أن نحو 250 ألف أسرة تعيش في مخيمات نزوح داخل القطاع.
سياسياً، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، بالسماح الفوري وغير المشروط بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وضمان توفير الغذاء والماء والدواء والمأوى للسكان، واحترام امتيازات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وأشار القرار، الذي صاغته النرويج، إلى ضرورة حماية الطواقم الطبية والإغاثية، ومنع التهجير القسري وتجويع المدنيين، وعدم عرقلة عمل الأمم المتحدة.
وأكدت تقارير أممية أن إسرائيل ما تزال تعرقل تدفق المساعدات إلى غزة رغم مرور شهرين على اتفاق وقف الحرب، موضحة أن الكميات المسموح بإدخالها أقل من الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات نحو مليونين وأربعمئة ألف إنسان.
وأضاف بيان مشترك لوزراء خارجية قطر والسعودية ومصر والأردن والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان أن دور الأونروا لا غنى عنه لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، مديناً اقتحام القوات الإسرائيلية مقر الوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، ومؤكداً أن دورها غير قابل للاستبدال في توزيع المساعدات.
وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن قرار الجمعية العامة يعكس ما وصفته بانحياز ضد إسرائيل، فيما قالت الخارجية الأميركية إن القرار غير جاد ومثير للانقسام، مضيفة أنه يستند إلى مزاعم اعتبرتها كاذبة.
وبيّنت مصادر حقوقية أن الحرب التي بدأت في تشرين الأول 2023 خلفت أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، إضافة إلى دمار واسع طال نحو 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في قطاع غزة.