تحت عنوان "حامي الازدهار" أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، إنشاء تحالف بحري جديد لردع هجمات الحوثيين التي تهدد سلاسل التوريد والتجارة العالمية عبر البحر الأحمر.

القوة التي كشف عنها البنتاغون تضم 10 دول، هي المملكة المتحدة والبحرين وكندا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا وسيشيل وفرنسا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

وغابت عن التحالف قوى إقليمية مؤثر في المنطقة مثل السعودية ومصر والإمارات.

ووفقا للبنتاغون، تتمثل مهمة هذه القوة العسكرية في التصدي المشترك للتحديات الأمنية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وضمان حرية الملاحة لجميع الدول وتعزيز الأمن والرخاء الإقليميين، وذلك بتنسيق من القوات البحرية المشتركة وقيادة فرقة العمل 153، بحسب تصريحات وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الاثنين، في إسرائيل.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في القاهرة، محمد سالم أبو المجد، لموقع "الحرة" إن "ملامح هذا التحالف البحري الجديد لا تزال غير واضحة. وفي هذه المرحلة، يعد التحالف ببساطة امتدادا لواحدة من قوات العمل المشتركة الخمس التي كانت الولايات المتحدة تقودها بين البحر الأحمر والخليج العربي منذ حوالي 20 عاما، من قاعدة في البحرين، تضم القوات البحرية من 39 دولة أعضاء".

وأضاف أن " عملية حامي الازدهار ستكون تحت رعاية فرق العمل المشتركة 153، أي أنه من الناحية العملية، فإن جميع البلدان التي أعلن عنها البنتاغون مرتبطة بالفعل بواحدة أو أخرى من فرق العمل المشتركة هذه، وبعضها، مثل فرنسا وأسبانيا، لديها بالفعل سفن في المنطقة".

وفي ما يتعلق بغياب الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة، قال أستاذ العلاقات الدولية إنه "في منطقة مثل الشرق الأوسط، حيث تختلف المصالح وتشتعل الأوضاع بسبب حرب غزة، يبدو غياب العديد من الدول عن هذا التحالف واضحا".

وأضاف أن "مصر، على سبيل المثال، هي عادة عضو في قوة العمل المشتركة 153، بل إنها تولت القيادة لأول مرة في نهاية عام 2022، لمدة ستة أشهر. وفي حين تستمد القاهرة جزءًا كبيرًا من إيراداتها من حقوق المرور في قناة السويس (أكثر من 8.5 مليار يورو في عام 2022) وتعد واحدة من أكبر المتلقين، إلى جانب إسرائيل، للدعم العسكري الأميركي كل عام، فقد امتنعت مصر عن إدانة هجمات الحوثيين حتى الآن".

وأوضح أن "السبب وراء عدم مشاركة مصر في التحالف ربما يرجع إلى عدم رغبتها في  التورط في أفعال ضد الحوثيين تفاديا لأي تصعيد محتمل من قبلهم، بالإضافة إلى أن استمرار إسرائيل في حربها على غزة قد يُظهر انضمام القاهرة لهذه المبادرة وكأنه تأييدا منها لهذه الحرب".

و"الشيء نفسه ينطبق على السعودية، إحدى القوى الكبرى في البحر الأحمر، وكذلك الإمارات"، بحسب ما قاله المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، لموقع "الحرة".

"الأزمة تكمن في أن هذا التحالف تكون في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، بالإضافة إلى أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذه الحرب، جعل من الصعب انضمام المملكة لهذه المبادرة لأنه سيسبب ردود فعل سلبية بالتأكيد"، أضاف آل عاتي.

وتابع "في الوقت الذي يشتعل فيه الصراع بين إسرائيل وحماس، يدرك السعوديون أن الموافقة العلنية بالانضمام إلى الولايات المتحدة في مبادرتها يمكن أن يضر بالسلام الذي كانوا يتفاوضون عليه لعدة أشهر مع الحوثيين للخروج من حرب استمرت 10 سنوات في اليمن".

وأوضح الخبير السياسي السعودي أن "السعودية والإمارات تعاملتا مع التطورات الأخيرة المتعلقة بالحوثيين بحذر، حيث أنهما ستتحملان وطأة أي تصعيد إضافي، خاصة أن كلا البلدين لا يريد أن يتعرض لأي من هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات من دون طيار مثلما حدث مع السعودية خلال المراحل الأخيرة من حرب اليمن، بما في ذلك الهجمات على منشأة نفط سعودية في عام 2022".

وأشار إلى أن "السعودية تدرك أن مصالحها تتوافق مع مبادرة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الصديقة لها والمتمثلة في تأمين الملاحة  في البحر الأحمر وسلاسل التجارة العالمية".

وأوضح أن "منطقة خليج عدن وباب المندب تعتبر ممرا مائيا أساسيا لمرور التجارة العالمية ومن المطلوب أن يقوم المجتمع الدولي بحمايته، وسبق للسعودية أن طالبت المجتمع الدولي بالمشاركة في الحرب لإعادة الشرعية في اليمن، وبوجود تحالف دولي وقوة رادعة لمنع تهريب السلاح الإيراني للحوثيين، وبتجريم جماعة الحوثي، لكن في ظل هذه التهديدات، رفعت واشنطن جماعة الحوثي من قوائم الإرهاب".

وعندما اتفقت السعودية وإيران على إعادة علاقاتهما الدبلوماسية، خلال وقت سابق من العام الحالي، تعززت الآمال بالتوصل لسلام في اليمن. وخلال الأسابيع التي سبقت حرب غزة، تقدمت المفاوضات بين السعودية، التي تقود تحالفا عسكريا لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن، وجماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء منذ 2014.

وخلال أبريل، توجه السفير السعودي لدى اليمن، محمد الجابر، إلى صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، فيما وصفه بأنه مسعى لـ "تثبيت" الهدنة التي تم التوصل إليها برعاية أممية، منذ العام الماضي.

وفي سبتمبر الماضي، أجرى مسؤولون حوثيون محادثات في الرياض طيلة 5 أيام، في أول زيارة علنية لوفد حوثي إلى السعودية منذ اندلاع الحرب عام 2015.

ودخل الحوثيون على خط الصراع بين إسرائيل وحماس من خلال مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل على بعد أكثر من 1500 كيلومتر من قاعدة قوتهم في العاصمة اليمنية، صنعاء.

وهدد الحوثيون باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل مهما كانت جنسيتها، محذرين شركات الشحن العالمية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.

ويمر نحو 15 في المئة من حركة الشحن العالمية عادة عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، لتعبر بعد ذلك أيضا البحر الأحمر قبالة اليمن.

لكن الاضطرابات عطلت التجارة البحرية، إذ أعادت شركات شحن توجيه رحلاتها حول أفريقيا بدلا من ذلك، ما زاد تكاليفها ومدتها.

وبشأن تأثير غياب القوى الإقليمية في المنطقة على مبادرة الولايات المتحدة، قال مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق وكبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي، لاري كورب، لموقع "الحرة" إنه "بعد المشاركة في حرب اليمن لسنوات عديدة، لا ترغب حاليا أي من السعودية والإمارات بشكل خاص في التورط في أي تصعيد محتمل آخر، بالإضافة إلى أنهما لا يمتلكان قوات بحرية كبيرة بما فيه الكفاية للتأثير على عمل المبادرة أو إنجاحها من عدمه".

وبالنسبة لمخاوف السعودية والإمارات من أن حماية الشحن التجاري قد تستدعي تصعيدا للصراع إلى النقطة التي تقوم فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها بقصف اليمن ردا على الهجمات في البحر الأحمر، يرى كورب أن "الولايات المتحدة لا ترغب أيضا في إشعال خط مواجهة آخر مع الحوثيين في اليمن".

وأضاف أن "الهدف الأساسي من المبادرة الأميركية هو ضمان استقرار التجارة العالمية، خاصة بعد ارتفاع أسعار الطاقة خلال الأيام الماضية، وليس فتح جبهة حرب جديدة مع  الحوثيين في اليمن أو إيران التي تدعمها، مشيرا إلى أن حكومة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تواجه ضغوطا متزايدة من الكونغرس بعد مطالبة عدد من الأعضاء بالرد على الحوثيين".

واستبعد مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق أن يتسبب التحالف في فتح جبهة حرب جديدة في اليمن أو مع إيران التي تدعم جماعتي الحوثي وحزب الله، قائلا إن "المبادرة تعطي إشارة واضحة على أنه ليست الولايات المتحدة وحدها التي تقف في وجههم بل ١٠ دول كبرى ومؤثرة، وهذا قد يُردع الحوثيين، لكن ليس من مصلحة أحد إشعال حرب أخرى حاليا في منطقة الشرق الأوسط".

ويرى كورب أن "إيران لن تتورط في حرب حاليا ضد هذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة"، كما توقع أن تنأى روسيا عن التورط بسبب حربها على أوكرانيا، وبالطبع تركيا التي تعتبر عضوا في حلف الناتو لن تتخذ موقفا معاديا لأي من الدول المشاركة في التحالف".

وفي الوقت الحالي، ير ى كورب أن "واشنطن تواصل تبني نهج الاحتواء التقليدي، وهذا هو الهدف من تشكيل فرقة عمل بحرية على أوسع نطاق ممكن مع شركاء عالميين، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة التجارة العالمیة فی البحر الأحمر العمل المشترکة بالإضافة إلى هذا التحالف فی المنطقة فی الیمن إلى أن بما فی

إقرأ أيضاً:

استئناف الرحلات الجوية إلى دمشق: السعودية بعد أيام والإمارات في 16 تموز المقبل

لأول مرة منذ عام 2012، تستعد شركات الطيران الإماراتية لاستئناف رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي اعتبارًا من 16 تموز/يوليو المقبل وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا" عن مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للطيران المدني السوري، علاء صلال. اعلان

وأعرب صلال عن سعادته بهذا التطور، مشيرًا إلى أن عودة الطيران الإماراتي إلى الأجواء السورية ستشجع شركات أخرى حول العالم على اتخاذ خطوات مماثلة، مما سيترك آثارًا إيجابية على مختلف القطاعات الاقتصادية، وخاصة القطاع السياحي. وأكد أن الجالية السورية الكبيرة في الإمارات ستستفيد من تسهيل رحلاتها إلى الوطن.

وأوضح أن استئناف أبو ظبي لرحلاتها يشمل خطوط "طيران الإمارات" وشركة "فلاي دبي" التي حطت أمس في مدرجات مطار العاصمة، مع وجود مؤشرات على انضمام شركات إماراتية أخرى خلال الفترة القريبة.

Relatedمن ساحات القتال إلى أسواق إدلب: "الجهاديون الأجانب" يبحثون عن وطن في سورياتاسع محطة خارجية.. رئيس سوريا الانتقالي يبحث مع أمير الكويت العلاقات الثنائيةاتفاق الـ 7 مليارات.. هل تعيد الطاقة رسم ملامح سوريا الجديدة؟

وأضاف صلال لـ"سانا" أن العديد من شركات الطيران العربية والأجنبية تخطط لاستئناف رحلاتها إلى سوريا، ومن أبرزها شركة "فلاي ناس" السعودية، التي من المتوقع أن تهبط أولى رحلاتها خلال أيام قليلة، فور الانتهاء من الترتيبات التشغيلية والحصول على الموافقات النهائية.

سانا تعلن عن استئناف الإمارات والسعودية لرحلاتهما الجوية إلى دمشق في الأيام القادمة

ومع خروج سوريا من العباءة الإقليمية لإيران، تتسع الآفاق الاقتصادية أمام حكام دمشق الجدد الذين يسعون إلى رفع العقوبات الاقتصادية بشكل كامل عن البلاد، ويعملون على تغيير موقعهم على الخريطة السياسية في المنطقة، مظهرين انفتاحًا على الدول الخليجية والغربية، وكذلك إسرائيل.

وفي وقت سابق من يوم الخميس، وقعت الحكومة السورية، اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 7 مليارات دولار مع تحالف شركات دولية، لتشييد مشاريع طاقة كهربائية ضخمة تشمل إنشاء أربع محطات غازية ومحطة طاقة شمسية، بقدرة إجمالية تصل إلى 5 آلاف ميغاواط.

وقد مثل الاتفاق الذي جرى توقيعه في دمشق بحضور رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ومبعوث ترامب لسوريا توماس باراك، تحوّلًا محوريًا في السياسة الاقتصادية للمرحلة الانتقالية، كما عكس بوضوح اتجاهًا دوليًا جديدًا نحو الانخراط في عملية إعادة إعمار سوريا وفتح نافذة عليها.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • لماذا انتصرت إسرائيل في لبنان وفشلت في اليمن؟: السعودية تفتح ملفاً مسكوتاً عنه
  • واشنطن تجدد تهديداتها لسفن الوقود التي تصل مناطق الحوثيين بـ "عقوبات قاسية"
  • الولايات المتحدة تعود للبلطجة في البحر الأحمر.. واليمن يرد بضربة موجعة
  • الأمم المتحدة تدعو أنصار الله الحوثيين للإفراج عن موظفيها المحتجزين في اليمن
  • لماذا لا تنجح الحكومة في أداء مهامها في الولايات المتحدة؟
  • استئناف الرحلات الجوية إلى دمشق: السعودية بعد أيام والإمارات في 16 تموز المقبل
  • حاملة الطائرات الأمريكية تعود إلى قاعدتها بعد معارك شرسة ضد الحوثيين في البحر الأحمر
  • ‎غروندبرغ يبحث مع وزير خارجية مصر الأوضاع في اليمن والبحر الأحمر
  • “غروندبرغ” ووزير الخارجية المصري يناقشان تطورات اليمن والبحر الأحمر
  • غروندبرغ يقول إنه ناقش مع وزير الخارجية المصري الوضع بالبحر الأحمر والسلام في اليمن