هل تستعيد الصين معجزتها الاقتصادية في عام 2024؟
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
أثار التعافي الاقتصادي المخيب للآمال في الصين خلال المرحلة اللاحقة لجائحة كوفيد-19 شكوكا كبيرة حول أسس النمو المذهل الذي حققته البلاد على مدى عقود، ووضع بكين أمام خيار صعب لعام 2024 وما بعده، فإما أن تتحمل عبء المزيد من الديون، أو تحقق نموا أقل.
وكانت التوقعات تشير إلى أنه بمجرد رفع الصين القيود الصارمة التي فرضتها لاحتواء انتشار فيروس كورونا سيعود المستهلكون إلى مراكز التسوق، ويتواصل تدفق الاستثمارات الأجنبية، ويزداد نشاط المصانع، وتستقر مزادات الأراضي ومبيعات المنازل.
لكن المتسوقين الصينيين بدؤوا في الادخار تحسبا لتكرار الأيام العصيبة، وسحبت شركات أجنبية أموالها، ويواجه المصنعون تراجعا في الطلب من الغرب، وشهدت الموارد المالية للحكومات المحلية تذبذبا، وتخلفت شركات للتطوير العقاري عن السداد.
وقدمت التوقعات التي تحطمت على صخرة الواقع مسوغا إلى حد ما لأولئك الذين دائما ما شككوا في نموذج النمو الصيني.
ويقول المتشككون إزاء الصين إن بكين أخفقت في تحويل الاقتصاد من تنمية يقودها قطاع البناء إلى نمو قائم على الاستهلاك قبل عقد من الزمن حينما كان يجب عليها فعل ذلك. ومنذ ذلك الحين، فاقت الديون الاقتصاد، ووصلت إلى حد أن الحكومات المحلية والشركات العقارية تكافح حاليا من أجل سداد خدمات الديون المستحقة عليها.
وتعهد صانعو السياسات هذا العام بتعزيز الاستهلاك وتقليل اعتماد الاقتصاد على قطاع العقارات. وتوجه بكين البنوك لتقديم مزيد من القروض للصناعات المتطورة بعيدا عن العقارات.
غير أن وضع خريطة طريق ملموسة طويلة الأجل لتسوية الديون وإعادة هيكلة الاقتصاد يظل أمرا بعيد المنال.
وأيا كانت الاختيارات التي ستتخذها الصين، سيكون لزاما عليها أن تأخذ في الاعتبار شيخوخة السكان وانكماش عددهم والبيئة الجيوسياسية الصعبة في ظل تزايد قلق الغرب من التعامل مع الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ما أهمية الأمر؟من المرجح أن ينمو اقتصاد الصين في حدود الـ5% خلال 2023 متجاوزا سرعة نمو الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، تكمن تحت هذا العنوان حقيقة أن الصين تستثمر أكثر من 40% من إنتاجها، وهو ضعف ما تستثمره الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن جزءا كبيرا منه غير منتج.
ويعني هذا أن العديد من الصينيين لا يشعرون بالنمو المحقق. وتجاوزت معدلات البطالة بين الشباب 21% في يونيو/حزيران الماضي، وهي آخر بيانات يتم نشرها قبل توقف الصين عن إصدارها بشكل أثار الجدل.
ويعمل خريجو الجامعات الذين درسوا من أجل الالتحاق بوظائف في الاقتصاد المتقدم حاليا في وظائف لا تتطلب مهارات كبيرة لتغطية نفقاتهم، في حين تُخفض أجور آخرين. ويشعر أصحاب المنازل بأنهم أكثر فقرا في اقتصاد توضع فيه 70% من ثروات الأسر في العقارات. وحتى في إحدى النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد وهي قطاع السيارات الكهربائية، سببت حرب الأسعار إزعاجا للموردين والعمال.
ويقول محللون إن التشاؤم على الصعيد الوطني قد يعرض الرئيس شي جين بينغ لمخاطر تتعلق بالاستقرار الاجتماعي. وسيكون هذا ملموسا على نطاق واسع، لأن معظم الصناعات العالمية تعتمد بصورة كبيرة على الموردين في الصين. وتعتمد أفريقيا وأميركا اللاتينية على شراء الصين لسلعهما الأساسية وتمويل التصنيع فيهما.
ماذا عن 2024؟إن المشاكل التي تواجهها الصين لا تمنحها سوى القليل من الوقت قبل أن تضطر لاتخاذ بعض الخيارات الصعبة. ويحرص صانعو السياسات على تغيير بنية الاقتصاد، لكن الإصلاح كان دائما أمرا صعبا في الصين.
وتتعثر بالفعل الجهود الرامية إلى تعزيز رفاه مئات الملايين من العمال المهاجرين الريفيين، الذين يمكنهم بحسب بعض التقديرات إضافة 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي إلى استهلاك الأسر إذا تمتعوا بنفس الخدمات العامة مثل سكان المناطق الحضرية، بسبب مخاوف بشأن الاستقرار الاجتماعي والتكاليف.
وتصطدم جهود الصين لحل مشكلات قطاع العقارات والديون بمخاوف مماثلة. من يدفع ثمن استثماراتهم السيئة؟ البنوك أم الشركات المملوكة للدولة أم الحكومة المركزية أم الشركات أم الأسر؟.
ويقول اقتصاديون إن أيا من هذه الخيارات قد يعني ضعف النمو في المستقبل. ومع ذلك، تبدو الصين في الوقت الراهن مترددة في اتخاذ خيارات من شأنها التضحية بالنمو من أجل تحقيق الإصلاح.
ويدعو مستشارو الحكومة إلى نمو مستهدف عند 5% للعام المقبل.
وفي حين أن هذه النسبة تتسق مع هدفه عام 2023، فإنها لن تحظى بالثناء نفسه على أساس سنوي إذا ما قورنت بالركود الناجم عن إجراءات الإغلاق في عام 2022.
وقد يدفع مثل هذا الهدف الصين نحو مزيد من الديون وهو نوع من التيسير المالي الذي أدى إلى قيام وكالة موديز بخفض نظرتها المستقبلية لتصنيف الصين الائتماني إلى سلبية شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، مما دفع الأسهم الصينية إلى تسجيل أدنى مستوياتها في 5 سنوات.
وسيشي موضع إنفاق هذه الأموال بما إذا كانت بكين تغير نهجها، أو تضاعف نموذج النمو الذي يخشى الكثيرون أن يكون قد بلغ نهايته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الاقتصاد
إقرأ أيضاً:
بكين تصدر إنذاراً لمواجهة الفيضانات
أصدرت بلدية بكين في وقت مبكر من صباح اليوم الخميس، إنذارا باللون الأزرق لمواجهة العواصف المطيرة، وفعّلت الاستجابة الطارئة من المستوى الرابع لمواجهة الفيضانات على مستوى البلدية.
وكانت الأمطار الغزيرة قد بدأت بالفعل في الهطول على بكين ليلة الأربعاء.
وبحسب بيانات أصدرتها مديرية الأرصاد الجوية في بكين حوالي الساعة السابعة صباح اليوم، فإن من المتوقع أن تشهد معظم مناطق البلدية هطول أمطار غزيرة يتجاوز منسوبها 30 ملم في الساعة ومناسيب تراكمية للهطولات المطرية تصل إلى أكثر من 50 ملم خلال ست ساعات.
أخبار ذات صلةوتواجه مناطق الجبال والتلال مخاطر حدوث كوارث ثانوية مثل السيول المفاجئة والانهيارات الأرضية والانزلاقات الطينية جراء الأمطار الغزيرة، في حين قد تتعرض المناطق المنخفضة لتجمعات مياه الأمطار.
وأوصت السلطات المحلية جميع الجهات المعنية بتنفيذ تدابير مكافحة الفيضانات، ودعت المواطنين إلى متابعة تحديثات الأحوال الجوية أولا بأول، وحمل لوازم المطر عند الخروج، وتجنب الاحتماء أو الوقوف بالقرب من المباني العالية أو اللوحات الإعلانية، ونصحت السائقين بتوخي الحذر على الطرق الزلقة وتجنب المرور في المناطق المغمورة بالمياه.
ولدى الصين نظام للتحذير من الأحوال الجوية مؤلف من أربعة مستويات مرمزة بالألوان، حيث يمثل اللون الأحمر أشدها خطورة، يليه البرتقالي، ثم الأصفر فالأزرق، كما يعتمد نظام الاستجابة للطوارئ على أربعة مستويات، حيث يمثل المستوى الأول أكثرها شدة.
المصدر: وكالات