زي النهاردة.. انتصار الجيش المصري على نظيره العثماني في معركة قونية
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
تمر علينا اليوم الخميس الموافق 21 ديسمبر ذكري انتصار الجيش المصري بقيادة إبرا هيم باشا علي الجيش العثماني في معركة قونية، حيث جاء ذلك في 21 ديسمبر عام 1832.
معركة قونية:
وقعت معركة قونية في 21 ديسمبر عام 1832 ، بين مصر والدولة العثمانية، خارج مدينة قونية “تركيا”، وقاد المصريين إبراهيم باشا، بينما قاد العثمانيين رشيد محمد خوجة باشا، وانتهت المعركة بانتصار ساحق لجيش محمد على واقتراب إبراهيم باشا من الآستانة عاصمة الدولة العثمانية.
خلفية تاريخية
في عام 1820م ثارت الكثير من مدن اليونان ضد الحكم العثمانى، فأرسل السلطان محمود الثاني لليونان عام 1822 ميلادي جيشاً بقيادة خورشيد باشا لقمع التمرد ولكن جيش خورشيد هزم وفشل في القمع التمرد، فلجأ السلطان العثماني إلى أقوى ولاته محمد علي باشا ليستعين بجيشه الذي أثبت كفاءته ليقوم بمحاربة العصيان بمدن اليونان الثائرة ، وفي عام 1823م جهز محمد علي حملة عسكرية وعين إبنه إبراهيم باشا قائداً عليها ونجح إبراهيم باشا في إخماد ثورة جزيرة كريت.
وفي عام 1824 تحرك الأسطول المصري من الإسكندرية إلى كريت ومنها إلى جزيرة رودس حيث تقابل الأسطولان المصري والعثماني وتوجها إلى المورة وهناك نجح إبراهيم في القضاء على الثوار،
وفي عام 1827مد إقتحم إبراهيم باشا أثينا ونجح في إخضاع كافة المدن اليونانية الثائرة ، تدخلت الدول الأوروبية لمساعدة الثوار اليونانيين، وقد قامت معركة نافارين في 19شهر أكتوبر عام 1827 بين الأسطول المصري وأساطيل الدول الأوروبية وتحطم الأسطول المصري في تلك المعركة،
حاول محمد علي أن يطلب من السلطان العثماني بأن يمنحه حكم الشام لتعويض خسائر تحطم أسطوله ولكن السلطان رفض، وكان هذا دافعاً لمحمد علي في تخطيطه لإرسال حملة عسكرية للإستيلاء على أراضي الشام،
فتحرك الجيش المصرى في 31 أكتوبر عام 1831 بقيادة كوجوك إبراهيم (ابن اخت محمد على)، وكان مؤلفاً من 30 الف جندى مزودين بكثير من مدافع الميدان والحصار وبدأ بالإستيلاء على غزة ثم يافا، وفي 2 نوفمبر عام 1831م تحرك إبراهيم باشا وأركان حربه وسليمان باشا الفرنسى بالأسطول المصرى حاملاً جزءاً من الجيش وكميات كبيرة من المؤن والذخائر الحربية إلى يافا.
وفي 8 شهر نوفمبر عام 1831 دخل المصريون يافا، وفي 13 نوفمبر احتلوا حيفا، وفيها وفد اليهم زعماء قبائل عرب نابلس وطبرية والقدس وقدموا فروض الطاعة.
فتحرك إبراهيم باشا إلى عكا وحاصرها ونجح في الإستيلاء عليها 1831م ثم استولى على دمشق ثم إتجه إلى حمص وهناك دارت موقعة حمص 8 يوليو 1832م وانتصر فيها ثم استولى على حلب واسر حاميتها البالغ عددها الف جندى في 14 يوليو عام 1832م ثم إتجه شرقاً إلى بيلان وقامت هناك معركة بيلان في 30 يوليو عام 1832م وانتصر على القوات العثمانية ليفتح أمامه الطريق إلى الأناضول، وتقدم إبراهيم باشا بعد معركة بيلان واستولى على ولاية أدنه ثم طرسوس ثم أرسل جزءاً من قواته فأحتلت أورفه وعنتاب ومرعش وقيصرية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جزيرة رودس الجيش العثماني الجيش المصري إبراهیم باشا محمد علی
إقرأ أيضاً:
فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها.
أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.
فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود.
ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه.
تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.
لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى.
ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.
ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية.
وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.
كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.
وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين.
وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.
ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.
ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.
إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة.
وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.
رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.