حاكمت «مبارك» ونجليه فى 3 جلسات وكتبت حيثيات الحكم فى 70 صفحة
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
عملًا بمبدأ «روح القانون».. أصدرت حكم بالبراءة لمتهم رغم اعترافه
نحتاج تطوير التشريعات وتغليظ العقوبة فى الجرائم الإلكترونية
يجب توثيق الطلاق لحماية الأسرة المصرية
الدراما مليئة بالمغالطات الخاصة بمهنة القضاء
تاريخه حافل بالأحكام القضائية فى عدد من القضايا التى شغلت الرأى العام، وأشهرها القضية التى عرفت إعلامياً، بـ«القصور الرئاسية»، والتى اتهم فيها الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك ونجليه «علاء وجمال»، وأصدر حكمه عليهم بالحبس 3 سنوات وتغريمهم متضامنين فيما بينهم 125 مليونًا و779 ألفًا و237 جنيهًا و53 قرشًا، وإلزامهم متضامنين برد مبلغ قيمته 21 مليونًا و197 ألفا و18 جنيهًا و53 قرشًا إلى الخزانة العامة للدولة.
داخل منزله بمدينة الشروق، وعلى مدار أكثر من 120 دقيقة، فتح المستشار حسن أحمد حسانين رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، خزينة أسراره لـ«الوفد»، فى حوار غلبت عليه روح القانون وتفسير لكثير من النصوص والقواعد القانونية، فإلى نص الحوار:
- محاكمة الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء، لم تستغرق معى سوى 3 جلسات، الأولى كانت للنيابة وتلاوة أمر الإحالة، والجلسة الثانية كانت للدفاع والمدعى بالحق المدنى، والثالثة نطقت بالحكم وهو السجن المشدد 3 سنوات، فى مايو 2015، والذى أيدته محكمة النقض فى يناير 2016.
وكتبت حيثيات الحكم فى 70 صفحة، لأنها قضية للتاريخ، ولن تتكرر كثيرًا، وكانت فيها إضرار بالمال العام، وأُسندت إلى هذه القضية لأنها ضمن اختصاصى، وبالتحديد خبرتى فى قضايا المالى العام التى امتدت لـ11 عامًا، إلى أن توليت محامى عام لنيابة الأموال العامة العليا، بعد عمل قضائى طويل.
- المحاكمة كانت فيها بعض المواقف والمفارقات التى لا أنساها، منها عندما كان المحامون والمدعى بالحق المدنى، يذكروننى كقاضى المنصة بسيدى الرئيس، ورئيس الدولة «مبارك» موجود فى قفص الاتهام، وسعدت كثيرًا بعد مرور عام على المحاكمة، وأيدت محكمة النقض الحكم، وهذا معناه أن حكمى على المتهمين لا يوجد به ثغرة ليُنقض بها الحكم.
- لم أتجاوز حدودى القانونية، فسألته عما أسند إليه، وأجاب بالنفى، وكذلك نجلاه جمال وعلاء، وهذه طريقتى فى التعامل مع جميع المتهمين، فهو بالنسبة لى متهم عادى مثل باقى المتهمين، فلم أنظر إلى أنه رئيس دولة، ولم أضعها فى اعتبارى نهائيًا، لأنى مطالب بحكم القانون بصرف النظر عن شخص المتهم.
- كان من الممكن أن أطيل مدة التقاضى، مثل تخصيص جلسة لفض الأحراز، وأُجزيء مرافعة النيابة على جلستين، وكان من الممكن أجزيء مرافعة الدفاع، لكن وضعت فى اعتبارى أن القضية لا تطول، لأننى أعانى من الصخب الإعلامى، كما أن طبيعة القضية فرضت على أمور أصعب على التعايش معها منها، التواجد الأمنى والمكثف وكاميرات المراقبة، وكل تحركاتى يجب أن تكون فى تأمين مشدد، وأنا أحب التحرك بحرية.
- الأولى كانت قضية اغتصاب، فى عام 2013، المتهم فيها أب، والمجنى عليها ابتنه والتى أنجبت طفلا، بالمخالفة لكافة الأديان السماوية، ولم أكن أتخيل أن مثل هذه الجريمة يمكن أن تحدث، واحترت فى نسب الطفل هل ينسب إلى والده ويكون شقيق والدته، فكانت من القضايا الشاذة التى مرت على فى حياتى القضائية، وقررت أن يودع الطفل فى دار أيتام، وتمت تسمية باسم اعتبارى، وحكمت على المتهم بأقصى عقوبة.
القضية الثانية، قضية مخدرات رغم كبر الكمية المضبوطة، وعلى الرغم من وجود إذن بالتحريات وإذن بالضبط، قضيت فيها بالبراءة، بسبب وجود خطأ فى الإجراءات، ففى هذه الواقعة أثبت الضابط فى محضره نوع السيارة واسم مالكها، وكمية المخدرات الموجودة، فكان تاريخ القبض سابقًا لتاريخ إذن النيابة بالضبط والتفتيش، وكانت هذه ثغرة فى القضية، وللأسف لم يثرها دفاع المتهم، والمحكمة تبينت من هذه النقطة وحكمت بالبراءة، فلم أنظر إلى كمية المخدرات، ولكن إجراءات الضبط التى لم تكن سليمة.
- لابد أن تتطور القوانين مع مستجدات الحياة، فهناك جرائم استحدثت منها الجرائم الإلكترونية التى لم تكن موجودة بالماضى، فلابد من تعديل تشريعي يواكب هذا التطور الزمنى وتطور الجرائم، فإذا لم يتطور القانون مع المجتمع ومتطلبات الحياة فيكون هناك قصور فى القانون، وبالتالى التعديلات التشريعية مطلوبة فى كل وقت حتى تساير وتواكب الحياة المتسارعة، كما نحتاج إلى تغليظ العقوبة فى بعض الجرائم التى تفشت فى المجتمع، منها الحيازة والإتجار فى السلاح والمخدرات، لأن تغليظ العقوبة سيساهم فى الحد منها.
- إذا رأى القاضى أن الحكم الواجب فى القضية التى ينظرها، هو الإعدام، فيجب أن ينطق به، ولكنى وطيلة حياتى القضائية، لم أقض بإعدام متهم، وأقصى عقوبة قضيت بها فى جرائم المخدرات، هى السجن المؤبد.
- روح القانون مسألة هامة جدا، ويحضرنى الآن قضية وأنا فى بدء حياتى القضائية، كنت قاضى جنح، وعُرض علىّ متهم فى واقعة بناء بدون ترخيص، وكانت العقوبة فى ذلك الوقت الحبس الوجوبى، وإزالة المبنى وغرامة، وكان من الغريب فى القضية اعتراف المتهم بالجريمة أمامى، وبالنظر إلى طبيعة المبنى محل المخالفة، وجدتها مقبرة، وقال المتهم «والدى توفاه الله، ومعى شهادة الوفاة وتاريخ المحضر»، فلم يكن أمامه إلا تكريم جثمان والده ودفنه، فمع اعترافه بالمخالفة القانونية وثبوتها فى حقه يقينا، إلا أننى استعملت روح القانون فى ذلك الوقت، وقضيت بالبراءة، وهذه هى العدالة بمعناها الحقيقى، فليست العدالة تطبيقًا جامدًا لنصوص القانون المجردة.
أما بالنسبة لمصطلح «شاهد ملك»، فلا يوجد فى القانون، ما يسمى بالشاهد الملك، لكنه مصطلح تعارف عليه الناس من الدراما، ويعنى أن شاهدًا كان فى الأصل متهمًا، ولكن باعترافه بالجريمة، فيصبح غير متهم، فيسمى شاهد ملك.
- تناولت الدراما منصة القضاء بشىء مختلف عن الحقيقة، فهى تعبر عن المحكمة ومنصة القضاء، بحوار الدفاع مع المتهم والمجنى عليه، أو نقاشات بين القاضى والمتهم، حتى تجذب المشاهد، لكن نحن فى القضاء، ليست مهمتنا جذب المشاهد أو الإعلان عن أنفسنا، وهذه المغالطات بسبب عدم الرجوع إلى أهل المهنة أثناء الكتابة أو صياغة السيناريو والحوار.
- إذا كانت القضية كبيرة ومهمة، وتقدموا بطلب لحضور الجلسة، فأسمح لهم بالحضور، لأن حق الإعلام نقل ما يدور فى الجلسات والأحكام للرأى العام، فلا أمنع الإعلام من حضور القضايا نهائيًا، لكن من غير المقبول أن يوجهوا لى أسئلة خلال الجلسة ولكن بعدها من الممكن.
- رغم أنى قاضى جنايات، إلا أننى، أصدرت كتابًا يحمل اسم «الخلع شرعًا وقانونًا»، لعشقى للأحوال الشخصية، فأول قانون للخلع كان قانون رقم 1 لسنة 2000، وكتابى أول مؤلف يتناول الخلع ويشرفنى ذلك.
- للأسف أثيرت هذه القضايا عندما خربت الذمم، فنرى الزوج يطلق ثم ينكر واقعة الطلاق، ومن وجهة نظرى لابد من توثيق الطلاق فى المحكمة، لكن ستحدث مشكلة شرعية، إذا أوقع الزوج يمين الطلاق ولم يوثقه، فما حكم الزوجة، فالتساؤل هنا هل هذه السيدة مطلقة أم لا، وللخروج من هذا المأزق، يجب أن يكون هناك ضمير لدى الناس، وأنا من أنصار المطالبة بتوثيق الطلاق، حتى تستوفى الزوجة حقوقها، فالتوثيق يحمى الزوجة والأولاد.
- تذهب الزوجة إلى المحكمة وتثبت الطلاق، وفى حالة غياب الشهود، وعجزت الزوجة عن الدفع بدليل يؤكد وقوع الطلاق، توجه له اليمين الحاسمة، ما إذا طلق من عدمه.
- لم أعاصر التحول الرقمى فى التقاضى خلال سنوات عملى، لكنه يساهم فى الإسراع من وتيرة القضايا، ويساعد القضاة كثيرا فى حالات تجديد الحبس، وكذلك لا يحتاج إلى انتقال المتهمين إلى المحكمة مع كل إجراء، مع تحقيق كافة الضمانات المكفولة لهم فى القانون، مما يوفر تكلفة مادية ومعنوية، ويقلل من استنفاذ جهود وزارة العدل والداخلية فى هذا الملف من حراسات مشددة، واستنفار أمنى فى حالة المتهمين الخطرين.
- فكرة ممتازة فكنت أذهب إلى «سجن ليمان طرة»، وكانت هناك قاعات مجهزة تجهيزًا كاملًا، تضمن حراسة كاملة لهيئة المحكمة، وتضمن للمتهمين تواجدهم فى مقر محبسهم، فهى فكرة مفيدة للجميع، فانتقال القضاة إلى مراكز الإصلاح وتأمينهم أيسر من نقل المتهمين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عدد من القضايا القصور الرئاسية روح القانون
إقرأ أيضاً:
غدا.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حبسه في قضية مجوهرات شاليمار شربتلي.. خاص
تنظر غدا الأربعاء محكمة النقض أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه عام في اتهامه بسرقة مجوهرات الفنانة التشكيلية شاليمار شربتلي زوجة المخرج السينمائي خالد يوسف.
وقدم المستشار مرتضى منصور والمستشار شريف حافظ هيئة دفاع المخرج عمر زهران مذكرتين بأسباب الطعن على الحكم ملتمسين براءته وقبول الطعن.
كانت أودعت محكمة جنح مستأنف الجيزة، حيثيات حكمها بتخفيف عقوبة الحبس الصادرة بحق المخرج عمر زهران إلى سنة واحدة مع الشغل بدلًا من السنتين، في القضية المتهم فيها بسرقة مجوهرات شاليمار شربتلي، زوجة المخرج خالد يوسف، والتي بلغت قيمتها حوالي 2.5 مليون دولار.
وقالت المحكمة أنها انعقدت يوم الأربعاء 8 يناير 2025، وقامت بتعديل الحكم الابتدائي في قضية سرقة المنقولات، حيث قررت المحكمة تخفيف العقوبة ضد المتهم عمر زكريا إمام زهران من سنتين إلى سنة واحدة مع الشغل، في حين تم تأييد الحكم الصادر في الدعوى المدنية والذي يلزم المتهم بدفع تعويض للمدعية بالحق المدني قدره 40 ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
وكانت النيابة العامة قد أسندت إلى المتهم وزميله تهمة الاشتراك في سرقة المنقولات المملوكة للمدعية شاليمار حسن عباس شربتلي، والتي تمت خلال قيام المتهم بأداء خدمة عامة في منزل المجني عليها. وقد أصدرت محكمة أول درجة حكمها بحبس المتهم سنتين مع الشغل والنفاذ، مع إلزامه بدفع التعويضات.
وتقدم المتهم بطعن استئنافي تم النظر فيه في جلسة 25 ديسمبر 2024، حيث دفع محامو الدفاع ببطلان الإجراءات وطلبوا تعديل القيد والوصف القانوني للاتهام، كما طالبوا بالبراءة. وفي جلسة 1 يناير 2025، قدم الدفاع دفوعاً متنوعة تتعلق ببطلان القبض والتفتيش وعدم تطابق المسروقات مع البلاغ المقدم من المجني عليها.
من جانبه، طالب وكيل المدعية بالحق المدني بتأييد الحكم الابتدائي، حيث قررت المحكمة في النهاية قبول الاستئناف شكلاً، وتأييد الحكم في الدعوى المدنية، مع تعديل العقوبة في الدعوى الجنائية إلى سنة واحدة مع الشغل، بالإضافة إلى تأكيد إلزام المتهم بالمصاريف الجنائية والمدنية.
وفي هذا السياق، أكدت المحكمة الاستئنافية أنه وفقًا للفقه القضائي والقانوني، فإنه ليس من الضروري أن تذكر المحكمة الاستئنافية أسباب الحكم في قضائها الجديد، بل يكفيها الإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي.
وقد جاء في حيثيات الحكم أن المحكمة إذا رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها، فلا يلزمها ذكر تلك الأسباب في حكمها الاستئنافي، بل تكفي الإحالة إليها، إذ إن الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها كما اعتبرت المحكمة أن القرار الذي أصدرته محكمة أول درجة جاء متماشيًا مع مقتضيات القانون.
وأكدت المحكمة أن الدفع المقدم من الدفاع حول "تلفيق التهمة" لا يتطلب ردًا صريحًا من المحكمة، حيث تم الرد ضمنًا من خلال الإدانة، بناءً على الأدلة المقدمة في التحقيقات.
كما تطرقت المحكمة إلى سلطتها في تقدير الأدلة والشهادات، مؤكدة أنها تعتمد على ما يتوافق مع التحريات والأدلة المقدمة، ولا يجوز للطعن في هذه الأمور أمام محكمة النقض ما دام الحكم صادرًا بناءً على وقائع ثابتة في التحقيقات.
وخلصت المحكمة إلى أن التهمة ثابتة بحق المتهم بناءً على الأدلة المقدمة، حيث أكدت أن دفاع المتهم لم يقدم جديدًا يمكن أن يؤثر على سلامة الحكم، ليتم تأييد الحكم في الشق الجنائي مع تعديل العقوبة كما تم ذكره.
ومتى كان ذلك وكان الثابت للمحكمة وقد تبين للمعلمة ابان المحاكمة الجنائية أن المتهم يعاني من سوء حالته الصحية ونظرا لكبير السن كما انه لم يكن لديه ثمة سوابق جنائية و ما شاهدة من إجراءات تحقيق و محاكمة وتوقيع العقوبة، عليه الأمر الذي ترى معه المحكمة أن تأخذ المتهم بعين الرأفة، وتقضى بتخفيف العقوبة المقضي بها في الحكم المستأنف، وذلك بالاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل عملًا بالحق المخول لها بنص المادة 3/117 من قانون الإجراءات الجنائية.