لجريدة عمان:
2025-06-16@11:01:20 GMT

نوافذ :أن تعيش كمالا وهميا

تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT

[email protected]

هناك فترة محددة، يقال عنها فترة الشباب، وهي الفترة النزقة في حياة كل إنسان، حيث يأتي الفرد فيها بسلوكيات فيها من الرعونة، والشطط، والتهور، في إطلاق الأحكام، ومع ذلك يسمح لنا فيها بأن نشعر بأننا على درجة كبيرة من المثالية، ولأنه شعور ضمني معنوي، ليس له أساس «مادي» على الواقع، فإن هذه الفترة لا تلبث أن تزول سريعا، وإن آمن البعض بحتمية بقائها واستمرارها عنده مدى الحياة «شعور من الوهم» فهي حالها كحال مختلف الفترات الذي ترافقنا على فترات مختلفة من أعمارنا، حيث تظل فترة الشباب من أكثر الفترات غنى بكل هذه التموضعات النفسية التي تتلاشى شيئا فشيئا مع تراكم تجربة الحياة عند كل إنسان؛ بلا استثناء، والاستثناء الوحيد الذي لا يفرط في كثير منها هو عندما يتلبس أحدنا الوهم، وما أدراك ما الوهم.

ويأتي الشعور بالمثالية عندما تطغى النرجسية على الشخصية الإنسانية، وهي القاتلة بلا شك؛ قاتلة، لأنها لا تترك مجالا لكثير من القيم الإنسانية، حيث تزج بصاحبها في متون تضخم الذات، والشعور بالفوقية الزائفة، وأصفها بالزائفة لأنه ليس هناك شخص يفوق شخصا، في أي شأن من شؤون الحياة، نعم؛ هناك مسافة أفقية، نسبية بين الأشخاص، هذه المسافة هي التي ترى فلان من الناس متفوق في أمر ما على آخرين، وهذا التفوق إن حدث فهو ليس علوا على الآخرين، وإنما في المستوى الأفقي ذاته، ويقاس بالنسبية الأفقية فقط، وليس بالنسبية العمودية، ولذلك أتصور من وجهة نظر شخصية أن من ينتقد طبيبا لا بد أن يكون طبيبا هو الآخر، وليس من المقبول مطلقا أن تنتقد طبيبا وأنت لم تدخل كلية الطب، وتعرف حقيقته، ويصدق هذا على جميع التخصصات، والمقاربة ذاتها تذهب عندما نرى فلان من الناس يوصف بالكرم -والكرم هنا حالة شائعة عند الجميع- فليس هو الكريم المطلق ليكون فوق الجميع، ولكنه يتميز بكرم نسبي، وهذه النسبية بقدر ما ترتفع في مؤشر الكرم في لحظة زمنية ما عند شخص ما، فهي تنخفض في لحظة زمنية أخرى عند ذات الشخص، لأن هناك شخصا آخر حقق نسبة أعلى، ومعنى هذا أن ليس هناك كمال مطلق، ومن يشعر نفسه بذلك فهو واهم، وعليه أن يبحث عن علاج لأوهامه.

عندما نستقرئ الواقع نجد أن هذه الصور تتكرر في كل شأن من شؤون الحياة، ولأن الحياة شأن عام، يمتلكه الجميع، فبذلك يظل الجميع عند هذا المستوى النسبي، فليس هناك تفوق بالمطلق، وليس هناك تميز بالمطلق، وليس هناك أفضيلة بالمطلق، وليس هناك إنجاز بالمطلق، فقد خبر الناس كل مشروعات الحياة اليومية على امتداد تاريخهم الإنساني، ولم يبق شيء بكر، لم تمر عليه اشتغالات الإنسان، وبالتالي فالذين يغالون في هذا الجانب، ويحملون أنفسهم فوق ما لا تطيق، يبقى من الجيد مراجعة هذه النفس، ومصارحتها، فلن تأتي بشيء لم يأت به الأُوَلُ، نعم، فطر الإنسان على البحث عن التميز، وهذا حق مشروع له، ومعاتب إن لم يسع إلى تحقيقه، إن هو يملك أدواته، ولكن هذا الحق محكوما بإطار قيمي لا يتعدى إلى الآخر، وبإطار زمني «العمر» وكما قال أحدهم: «عمر الشبيبة يبدي عذر صاحبه فما بال شيبة يستهويه شيطان» وكلا الإطارين متلازمين منذ النشأة الأولى، وحتى مغادرة هذه الحياة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لیس هناک

إقرأ أيضاً:

نتنياهو: هجومنا على إيران سينتهي عندما نقضي على برنامجها النووي

نتنياهو: هجومنا على إيران سينتهي عندما نقضي على برنامجها النووي

مقالات مشابهة

  • لطيفة تعيش حزنًا كبيرًا بعد فقدان شقيقها.. وتؤجل تحضيرات ألبومها الجديد
  • البروفيسور فيكتور غاو: واشنطن تعيش كابوسين وترامب يفضل ارتداء قبعة صنعت في الصين
  • العرابي: إسرائيل تعيش إعادة حسابات بعد الهجوم الإيراني المؤثر بأراضيها
  • نتنياهو: هجومنا على إيران سينتهي عندما نقضي على برنامجها النووي
  • أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
  • فعلها ترامب وليس نتنياهو… ونجحت إيران بالرد
  • ثأر مشروع.. أستاذ قانون دولي: الهجوم الإيراني دفاع عن النفس وليس انتقاما
  • شاكيرا:أبنائي سبب بقائي على قيد الحياة
  • مجدى يوسف: أوروبا تعيش حالة من الرعب بسبب ضرب إيران
  • حجز شخص انشأ كيانا تعليميا وهميا فى الجيزة