ديسمبر 23, 2023آخر تحديث: ديسمبر 23, 2023

رامي الشاعر

كاتب ومحلل سياسي

اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتأييد 13 عضوا وامتناع روسيا والولايات المتحدة القرار رقم 2720 حول غزة وإسرائيل، والذي يدعو إلى “اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسع وآمن ودون عوائق، ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية”.

ثم تسأل نفسك عزيزي القارئ ما هي آلية “تهيئة الظروف اللازمة  لوقف مستدام للأعمال القتالية”، وما يمكن أن تعنيه هذه الجملة الفضفاضة حمالة الأوجه، والتي تطرح أسئلة أكثر من استجابتها للكارثة الإنسانية المتمثلة في عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وأكثر من مليون لاجئ يقف العالم أمام مصيرهم مكتوف الأيدي، بينما تعبث قوى الاحتلال  ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية بكل عجرفة وصلف وفكر يعود للقرون الوسطى إن لم يكن إلى عصر الغاب.

أقول لك ما تعنيه هذه “الظروف اللازمة”، إنها ذلك الوهم المتأصل في عقل الملتاث نتنياهو، والذي يتوهم أن بإمكانه “التخلص من حماس”، وتعني هذه العبارة تحديدا “تهيئة الوقت الكافي للجيش الإسرائيلي كي ينتهي من مهمته بتدمير حماس وقتل أكبر عدد من الفلسطينيين وتهجير البقية والتفكير فيما سيحدث اليوم التالي بعد محو غزة”.

لقد أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن الولايات المتحدة الأمريكية كشفت عن نفسها أمام العالم بأسره مرة أخرى بمنعها صدور دعوة من مجلس الأمن الدولي من أجل وقف الأعمال القتالية في غزة.

ولفت نيبينزيا إلى أن واشنطن، عوضا عن ذلك، دفعت نحو “لعبة  غير نظيفة البتة” بنص مشروع “يمنح إسرائيل فعليا ترخيصا لقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة تحت ذريعة “تهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية”.

وأضاف نيبينزيا أنها “لحظة مأساوية في حياة المجلس”، وليست  لحظة انتصار للدبلوماسية متعددة الأطراف، وأنها لحظة “الابتزاز الشديد والازدراء الصريح والواضح وغير المسبوق والمجرد من المبادئ من قبل واشنطن لمعاناة الفلسطينيين وتطلعات المجتمع الدولي لإنهاء هذه المعاناة”.

وأوضح نيبينزيا في كلمته أنه لو لم تكن الوثيقة مدعومة من قبل عدد من الدول العربية لكانت روسيا “استخدمت حق النقض ضدها”!، ولفت الأنظار إلى أن عددا من معدي النص المشاركين بما في ذلك الدول العربية، قد سحبوا صياغتهم المشتركة، وتابع: “لكننا نصر على أن العالم العربي قادر على اتخاذ قراراته الخاصة، وتحمل كامل المسؤولية عنها”.

وأكد أن “هذا هو السبب الوحيد الذي جعلنا لا نعترض على هذه الوثيقة. ولكن أريد أن أؤكد مرة أخرى أننا نعارض بشكل قاطع فحوى الفقرة الثانية من القرار الحالي، ونعتبر أن المسؤولية عن جميع العواقب المحتملة ستقع على الدول التي وافقت على النسخة التي فرضتها الولايات المتحدة، ولا يمكننا التوقيع تحت هذا”.

وقال نيبنزيا أنه “وبغض النظر عن نتائج التصويت اليوم، يظل  الطلب الواضح من مجلس الأمن هو وقف إطلاق النار بالكامل كأمر ضروري. وبدونه من المستحيل ببساطة تنفيذ قرارات مجلس الأمن في قطاع غزة”.

لقد قال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي  بالبيت الأبيض جون كيربي إن السلطات الإسرائيلية “تدرك الحاجة إلى تخفيف حدة القتال في قطاع غزة، وإن عليهم اتخاذ قرار بشأن التوقيت الذي سيحدث فيه ذلك”.

ويتساءل المرء عن أي “إدراك” يتحدث كيربي، في الوقت الذي تستمر  فيه إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة وقبلها بريطانيا على مدى 75 عاما في قتل الفلسطينيين واعتقالهم وتعذيبهم واضطهادهم وحرمانهم من ممارسة أبسط حقوقهم الوطنية والإنسانية. إن هؤلاء يزدروننا نحن العرب ويستهترون بكل دولة عربية تتمتع بكامل العضوية في جامعة الدول  العربية، والغريب ألا يصدر عن الجامعة العربية، ما يهدد المصالح الأمريكية، حينما تستخدم الأخيرة حق النقض ضد مشروع قرار عربي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة لوقف إطلاق النار.

ولماذا لا يطرح العرب مجتمعين بشكل واضح أن إحدى دولهم محتلة، ويتخذون موقفاً جدياً على جميع الأصعدة والمستويات لتحررها، ولماذا لم يعلن مندوبي الدول العربية أو وزراء الخارجية العرب عن موقف واضح مثلما أعلن مندوب روسيا موقفه بخصوص السلوك المشين للولايات المتحدة في مجلس الأمن.

أن ما يحدث هو جزء من مخطط إسرائيلي خبيث، كشفت عنه “واشنطن بوست” في مقال لها نشرته الصحيفة يوم الخميس الماضي، بشأن الصدام بين واشنطن وتل أبيب، والذي أعتقد أن نتنياهو، حتى اللحظة يمسك فيه بزمام المبادرة.

تقول الجريدة إنه في الأيام التي تلت 7 أكتوبر كان لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي طلب من الرئيس بايدن وهو “الضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لفتح حدود بلاده واستقبال جزء كبير من سكان غزة”، وردت واشنطن بأن الفكرة “لم تجد قبولا لدى الحكومة المصرية، التي أوضحت أنها ليست مهتمة بقبول اللاجئين الفلسطينيين ولعب أي دور في تهجيرهم الجماعي”.

وقد وجه نتنياهو طلبا مماثلا إلى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زياراتهما لإسرائيل. ووفقا لدبلوماسيين، فقد رفض كلا الزعيمين الاقتراح جملة وتفصيلا.

كما تتابع الجريدة بشأن هوس نتنياهو ونرجسيته المريضة، حيث  يقول للإسرائيليين إن المأساة كانت ستصبح أسوأ لولا وجوده في سدة الحكم، فيزعم: “أنا فخور لأنني منعت إنشاء دولة فلسطينية، لأن الجميع اليوم يفهم ما كان يمكن أن تكون عليه تلك الدولة الفلسطينية، بعد ما رأينا الدولة الفلسطينية الصغيرة في غزة”.

من هنا يصبح تعبير “تهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال  القتالية” في صيغة قرار الأمم المتحدة مفهوماً، حيث يعني التعبير فيما يعني “تهيئة الظروف للازمة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي بتهجير أهالي غزة”، والعمل على أجندة اليوم التالي فيما بعد، إما بالاحتلال، أو بالبحث عن “سلطة مناسبة” تدير القطاع لحساب إسرائيل.

إلا أن الواقع على الأرض، وكما أوضحت في مقالات سابقة، لا علاقة له بأوهام وهلاوس نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة التي تضم مستوطنين لا يقلون عن نتنياهو مرضاً، فالمقاومة لن تنتهي، والفكرة لن تختفي. وستظل جذورنا في الأرض، مهما حاول المغتصبون المحتلون اقتلاعها. سننشئ دولتنا المستقلة، شاء من شاء وأبى من أبى.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

وزير الكهرباء يدعو الشعب إلى استخدام “الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء”!

آخر تحديث: 10 ماي 2025 - 9:51 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أعلن وزير الكهرباء الإطاري زياد علي فاضل، السبت، إطلاق الرابط ‏الإلكتروني الخاص بقرض شراء المنظومات الشمسية للمواطنين ضمن مبادرة ‏البنك المركزي.وقال المكتب الإعلامي لوزير الكهرباء في بيان، ، إن “الوزير زياد علي فاضل يعلن إطلاق الرابط ‏الإلكتروني الخاص بقرض شراء المنظومات الشمسية للمواطنين ضمن مبادرة ‏البنك المركزي العراقي“.واكد فاضل، أن “هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لتوجيهات رئيس ‏الوزراء بتنويع مصادر الطاقة، وتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية“.واوضح أن “المواطنين بإمكانهم الآن التقديم عبر الرابط على بوابة أور الإلكترونية واقتناء منظومات الطاقة الشمسية من خلال الاستفادة من قروض البنك المركزي ‏بأقساط ميسرة ومدعومة مما يسهم في تخفيف أزمة الكهرباء وتوفير طاقة نظيفة “.وأضاف أن “الوزارة بالتعاون مع البنك المركزي العراقي, حريصة على تسهيل ‏إجراءات حصول المواطنين على هذه المنظومات من خلال آليات شفافة تضمن ‏وصول الدعم لمستحقيه”. داعياً إلى الاستفادة من هذه المشاريع التي تعد جزءاً من ‏استراتيجية الوزارة لتنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاستدامة في قطاع الكهرباء”.يذكر ان الحكومات بعد 2003 صرفت على وزارة الكهرباء أكثر من 100 مليار دولار والبلد بلا كهرباء ذهب معظم المبلغ إلى إيران وجيوب اللصوص .

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء يدعو الشعب إلى استخدام “الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء”!
  • لماذا فشلت “ثاد” في اعتراض صاروخ الحوثيين على إسرائيل؟.. الدويري يجيب
  • تحديات تعرقل استخدام الدفع الإلكتروني لدى “مول الحانوت”
  • انتخاب المملكة عضواً ممثلا عن المجموعة العربية في “الإيكاو”..فيديو
  • مجلس الأمن يمدد مهمة حفظ السلام في جنوب السودان
  • “ترامب” قرر القطيعة مع “نتنياهو” والفجوة بينهما تتسع
  • انتخاب المملكة بالإجماع ممثلًا عن المجموعة العربية لعضوية مجلس “الإيكاو”
  • ويتكوف يُطلع مجلس الأمن على "تطورات غزة"
  • “نتنياهو” يتعود بمواصلة ضرب الحوثيين بغض النظر عن الموقف الأمريكي
  • الأمم المتحدة: غزة تواجه المجاعة والحصار غير إنساني ويجب رفعه فورًا