جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-10@09:02:56 GMT

حرب.. وحُب!

تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT

حرب.. وحُب!

 

 

 

نُحب كما لو أنَّ الحياة لا تُعاد، ونُغادر كما لو أننا لم نُولد أصلًا. وبين البداية والنهاية، لا شيء سوى ركام الكلمات

 

ريم الحامدية

[email protected]

 

العالم مُشتعلٌ بالحروب، الحدود تنزف، المدن تُمحى، والسماء تمطر بالصواريخ، لكن هناك حربًا أخرى لا تُعرض على الشاشات، ولا تنقلها وكالات الأنباء. حرب صامتة، ناعمة، لكنها لا تقلّ ضراوة.

إنها حرب الحُب. تلك الحرب التي تدور في صدر عاشق ينتظر، وفي قلب يخشى الخسارة، وفي عيون قرأت "أُحبُك" في غير وقتها، وفي صوت خنقته الكلمات، فصَمَتَ.

ليست كل الحروب تُخاض بالرصاص، ولا كل الحُب يُكتب بالورد. في الحياة جبهتان لا تراهما العين: قلب يعشق حتى الإنهاك، وآخر ينسحب تحت وابل من الكلمات الصامتة. في عالم لا يمنحنا وقتًا كافيًا لارتداء خوذ العاطفة، نخوض الحُب كما نخوض الحرب، بنبض عالٍ وخسائر لا تُحصى. الحُب ليس قصيدة تُقال؛ بل بندقية تركها العاشق في حضن الليل ومضى. والحرب ليست ساحة، بل قلب لم يجد من يفهم لغته.

في الخارج تُرسم خرائط الحرب بقلم البارود، وتُحدَّد مناطق الخطر بمدى الصواريخ. أما في الداخل، فترسم حدود الاشتياق بين رسالة تُكتب وأخرى تُمحى، وتُقاس الخسارة بمدى ما لم يُقل. هناك تُعلن الهدنات وتُوقَّع اتفاقات السلام على الورق، أما في قلوب المُحبين، فلا هدنة مع الذاكرة، ولا سلام مع الغياب، ولا توقيع ينهي الشوق حين يشتعل في لحظة هدوء. هناك تُطلِق الطائرات والصواريخ نحو أهدافها، وهنا تُطلِق الذكريات دون إذن مسبق، فتضرب القلب في أنقى لحظاته.

في ساحات الحرب، يتدرّب الجنود على القتال، أما في ساحات الحُب، فلا أحد يعلّمنا كيف ننجو، كيف نُحب دون أن نستنزف، أو كيف نغادر الساحة دون أن ننكسر. في هذا الحُب- الحرب، لا نرتدي زيًّا عسكريًّا، لكننا نحمل خوذات من الحذر، ونخوض معاركنا خلف ابتسامة، ونبكي هزائمنا في صمت. الغياب لا يُكتب دومًا كخيانة؛ بل كانسحاب من معركة بات فيها الحُب أقرب إلى الموت البطيء.

الحُب ليس سلامًا دائمًا؛ بل جبهات مفتوحة. فيه من الخوف ما يكفي لإعلان الطوارئ، ومن الحنين ما يُشبه قصفًا جويًّا على المدن الخالية. نكتب رسائلنا كما تُكتب الدول معاهدات الهدنة، بخطٍّ مرتجف وبنوايا مُؤجّلة. من قال إنَّ المُحبين لا يحملون خوذًا؟ نحن نحتمي بنظراتهم، ونتخندق خلف ابتسامة واحدة، ونتألم بصمت حين يخذلنا الرد. الحرب تُعلَن بانفجار، أما الحُب… فينفجر بصمتٍ، في منتصف الرسائل، في منتصف الليل، في منتصف القلب؛ في الفؤاد!

هل هناك فارق بين من فقد وطنًا ومن فقد حَبيبًا؟ الاثنان ينظران خلفهما طويلًا، ينامان بجوار الخيبة، ويحملان خارطة لا تؤدي إلى العودة. أحيانًا نحتاج إلى هدنة بين قلبين متعبين، لا لنفوز، بل لنعيش. نريد أن نتنفس وسط أنقاض القصص، أن نُرمم أنفسنا دون أن نُجبَر على النسيان. الحرب لا تسألنا إن كنّا مستعدّين، والحُب أيضًا لا يمهلنا لتوضيب قلوبنا. كلاهما يختبر هشاشتنا، يجرّدنا من الحصانة، ثم يكتب علينا أن نُكمل الحياة بنصف سلام.

نحن نُحب كما لو أنَّ الحياة لا تُعاد، ونغادر كما لو أننا لم نُولد أصلًا. وبين البداية والنهاية، لا شيء سوى ركام الكلمات وذكريات نازفة لا ترمّمها أي هدنة. نحن لا نُحب كما يُحب الشعراء في قصائدهم، نحن نُحب كما تُحب الأرض المطر بعد الجفاف. يا من ظننت أن الحُب مفرٌّ من المعارك، اعلم أنَّ أجمل الحروب هي تلك التي خضناها بكل صدق، بكل نبض، بكل ضعف، وخرجنا منها أحياء. نحن نُحب كما المدن المحاصرة، تتوق للحظة صمت قبل أن ينفجر كل شيء.

وفي نهاية الأمر، قد تضع الحروب أوزارها وتعود الدول إلى طاولة الحوار. لكن الحروب التي يخوضها القلب تظل مشتعلة، حتى في أكثر اللحظات هدوءًا. ففي حين يُعاد إعمار المدن، لا أحد يرمم قلبًا خُذل، ولا ترسل الأمم المتحدة قوات لحفظ السلام. نحن لا نُحب ببراءة، كما لا نُحارب بخفة. نضع قلوبنا في ساحة المعركة، بكل ما فيها من صدق وخوف. فما بين حربٍ وحُب، نكتشف أنَّ أخطر الأوطان هو القلب حين يُحب ولا يجد من يُنقِذه!

 

 

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

آل باتشينو يثير الجدل بخاتم ذهبي .. فهل هناك زواج جديد في حياته؟

أثار ظهور النجم العالمي آل باتشينو بخاتم ذهبي في إصبعه موجة واسعة من التكهنات، بعد حضوره العرض الأول لفيلم ليوناردو دي كابريو الجديد "معركة تلو الأخرى". فقد تداول المتابعون صورًا ظهر فيها الممثل الحائز على الأوسكار مرتديًا خاتمًا لامعًا، ما فتح الباب أمام شائعات جديدة حول احتمال دخوله القفص الذهبي سرًا.

اقرأ ايضاًآل باتشينو يكشف سبب وضعه صورة الغول "Shrek" كغلاف لهاتفه

مصادر مقرّبة من آل باتشينو سارعت إلى نفي ما تردّد، وأكد ممثله الإعلامي لموقع Page Six أن الممثل البالغ من العمر 85 عامًا لا يرتبط بأي زواج جديد، ولا يزال يعيش فترة عزوبية، مشيرًا إلى أن ما يجمعه حاليًا بمنسقة الإنتاج نور الفلاح هو علاقة صداقة قوية وتعاون مستمر في رعاية طفلهما رومان.

View this post on Instagram

A post shared by Noor (@nooralfallah)

وخلال ظهوره في العرض السينمائي الأخير، لفت آل باتشينو الأنظار بإطلالة أنيقة شملت قميصًا أسود طويل الأكمام وسترة خفيفة وشالًا داكنًا، بينما التُقطت له صور وهو يبتسم للكاميرات، في وقت ركّز فيه الجمهور على الخاتم الذي أثار موجة الشائعات.

اقرأ ايضاًتركي آل الشيخ يكشف عن إعلان مبتكر لمسرحية "عرس مطنطن" ويشوق الجمهور لأجواء شامية مرحة

وكانت علاقة آل باتشينو بنور الفلاح قد بدأت خلال فترة انتشار جائحة كوفيد-19، وأعلنا عنها لاحقًا عبر منشور على "إنستغرام". وقد رُزق الثنائي بطفلهما رومان في يونيو 2023، قبل أن يعلنا انفصالهما في عام 2024 مع الإبقاء على علاقة ودية قائمة على الاحترام وتربية مشتركة للطفل.

ويعد رومان أصغر أبناء آل باتشينو، إذ سبق للممثل المخضرم أن أنجب ابنته جولي البالغة 35 عامًا، إضافة إلى التوأمين أوليفيا وأنتون اللذين يبلغان 24 عامًا، من علاقات سابقة مع جان تارانت وبيفرلي دي أنجيلو.

كلمات دالة:آل باتشينوأخبار المشاهيراعمال المشاهيرتصريحات المشاهير تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

هيا أبو جبارة محررة في قسم باز بالعربي

محررة في قسم باز بالعربي

الأحدثترند آل باتشينو يثير الجدل بخاتم ذهبي .. فهل هناك زواج جديد في حياته؟ هرتسوغ يهاجم ممداني بسبب انتقاده حرب غزة وثائق مسرّبة تكشف "أين يعيش الأسد في روسيا" زجاجات متطايرة وشاشات محطمة..كواليس صادمة في غرفة ملابس ريال مدريد بعد الهزيمة أوين: صلاح قدّم الكثير مع ليفربول ولكن تصريحاته الأخيرة غير مقبولة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • أكد نوايا بلاده القائمة على الاعتداءات وإشعال نار الحروب.. وزير إسرائيلي متطرف: الحرب مع سوريا حتمية
  • الإمارات تحظر السفر إلى مالي وتدعو مواطنيها هناك إلى العودة
  • إيران: اتفاقية الضمانات النووية أصبحت "غير مناسبة لظروف الحروب"
  • جابر: هناك توجه لدى السلطات العمومية لمراجعة قانون العمل
  • وزير الخزانة التركي: هناك إمكانات ضخمة للتعاون الاقتصادي مع قطر
  • في عيد ميلادها الـ62.. إمبراطورة اليابان تؤكد أهمية ترسيخ السلام ونبذ الحروب
  • محمد شبانة: هناك رؤية مختلفة لملف التعاقدات في الأهلي
  • آل باتشينو يثير الجدل بخاتم ذهبي .. فهل هناك زواج جديد في حياته؟
  • علماء.. الأوقات على المريخ تختلف عن الأرض… والزمن هناك أسرع
  • قطر: الفلسطينيون في غزة لا يريدون مغادرة الأرض ولهم كل الحق في العيش هناك