جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-16@14:49:52 GMT

المنهج السياسي العُماني الحكيم

تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT

المنهج السياسي العُماني الحكيم

 

 

 

د. صالح الفهدي

 

تساءلتُ حينما وقعَ حادثٌ معيَّنٌ كيف سيصاغُ البيان السياسي العُماني إِثْر ذلك الحادث، وكيف يمكنُ لسلطنة عُمان أن تخرجَ ببيانٍ متوازنٍ، واقعي، بعيدٍ عن العاطفةِ، مرتهنٍ للأسباب، فإذا بالبيان السياسي يخرجُ على درجةٍ عاليةٍ من الواقعيةِ دون إغفالِ العلاقات بين الطرفين في ذلكم الحادث.

البيانُ في الحقيقةِ ليس مجرَّد كلماتٍ جاهزةٍ تقال، وإِنما هو تأكيدٌ على المبادئ التي ترتهنُ إليها السياسة العُمانية؛ مبادئ ليست مبتدعةً، وإنما متأصِّلةً تعكسُ أصالة التاريخ العُماني، وتعبِّرُ عن المعتقدات التي تؤمنُ بها الشخصية العُمانية.

إنَّ صنع التوازنات مع الثبات على المبادئ في مختلف المواقف ليس أمرًا يسيرًا في عالمٍ تتجاذبه القوى على اختلافها؛ قوى لا تعرفُ في كثيرٍ من الأحيان إلا منطق القوةِ القاهرة، بينما تسوِّقُ-زيفًا وكذبًا- شعارات الديمقراطيةِ، وحقوق الإنسان، وغيرها من الشعارات التي تروِّجُ لها وسائل قواها الناعمة.

في هذا العالم يدفعُ الثابتُ على المبدأ الواضح السليم أثمانًا لمبادئه، وكثيرًا ما يقفُ بين عداوةٍ بسبب ثباته، أو صداقة زائفةً بسبب ميولهِ عن المبادئ التي تأسس عليها أو يُغرى بمصالحَ مؤقَّتة لتخديره وشراء مواقفه.

بينما تثبتُ سلطنة عُمان على مبادئها العادلة الشرعية في الدفاعِ عن الظلمِ، وعدم جواز التدخل في شؤون الغير، ولا في جواز التدخل في شؤونها، وتؤمنُ بحرية الشعوب في تقريرِ مصيرها، ساعيةً في ذلك إلى تحقيق السلام العادل الأصيل، والارتباط بالعلاقات السَّامية مع الدول والشعوب.

ولهذا فإِننا نجدُ أن صوتَ سلطنة عُمان لا يتردَّدُ أبدًا في إظهارِ تنديدهِ بأيِّ عدوان سافرٍ على دولةٍ ذات سيادةٍ دون وجهِ حق، أو شعبٍ دونَ وجهِ حق، حتى وإن كانت القوى العظمى في العالم هي المعتدية، فلا صوتَ يعلو صوتَ المبدأ الحُر، فهذا الصوت تعبيرٌ عن السيادةِ بما فيها من مبادئ وأُسس لا يمكنُ إخفاؤها، ولا المساومة عليها.

وإذا كانت العبارة السائدة في السياسة تقول "لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وإنما مصالح دائمة" هي عبارةٌ تصدقُ في العلاقات السياسية، وتبرهنُ على ذلك المواقف التاريخية فإننا نتوقفُ عن كلمة "المصالح" التي تقبلُ الوجهين: مصالحَ فيها من الخذلان والإذلالِ، أو فيها من حفظِ السيادة والقرار، وهُنا نجدُ أن السياسة العُمانية حكيمةً في واقعية "المصالح" لكنها أيضًا حازمةً في أن لا تكون هذه المصالح على حساب المبادئ التي آمنت بها الدولة العُمانية وقامت عليها أركانها.

وإذ إنها دولةُ سلام أصيل، فإنها ليس لديها من مواقفَ ظاهرةً وباطنة، وليس لديها مصالح فوق الطاولةِ، وتحت الطاولة، وليس لديها نوايا ظاهرة وأُخرى مبطَّنة، وإنما لديها مبادئ جليَّةً لا تساومُ عليها، ولذلك وثقَ بها من وثق، وأعرضَ عنها من لم توافقهُ هذه السياسة السامية المنهج.

إنَّ الأثر النفسي والوطني من هذا المنهج السياسي العُماني على المواطن العُماني لهو أثرٌ بالغُ الأهمية؛ فالمواطنُ العُماني يرى في مواقف بلده نحو القضايا العادلة، والمواطن الذي يتابع البيانات السياسية في مختلف الأحدث ليشعرُ بأن هذا صوته النابع من القناعة الراسخة، بل يشعرُ أن هذا صوتُ التاريخ العُماني ورجالاته، ولذلك كان هذا التناغم والانسجام بين السياسة العُمانية والمواقف الشعبية أكان على صعيد المستوى أم على صعيد الأفكار واضحًا لا ازدواجيةَ فيه، وهُنا كانت مساحة الحرية للتعبيرِ عن الرأي الشعبي واسعةً ما دامَ ذلك الرأي مستندًا إلى أُسس بنَّاءةً وليس مشاعرَ انفعاليةً عارضة.

المنهج السياسي العُماني مصدرُ فخرٍ للإنسان العُماني، ولا شكَّ بأنه أسهم في تكوين نظرة الشخصية العُمانية الوازنة نحو مختلف الأحداث والوقائع بما تأسس عليه من مبادئ كريمة تحفظُ للوطنِ سيادته ورفعته، وتصونُ لمواطنيه العزة والحرية والكرامة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ختام برنامج "رحلة مصمم" لتعزيز قدرات الشباب العُماني في مجالي التصميم والعمارة

مسقط- الرؤية

اختتمت أكاديمية براعة بالتعاون مع شركة "بي. بي. عُمان" البرنامج التدريبي "رحلة مصمم"، بمشاركة 57 شابًا وشابة من الكوادر الوطنية، وذلك بعد برنامج مكثّف امتد لثلاثة أشهر متواصلة ركّز على تأهيل الشباب وصقل مهاراتهم في مجالي التصميم والعمارة وفق أحدث المناهج والتقنيات العالمية.

وجاء البرنامج كمنصة تدريبية متكاملة هدفت إلى تمكين الخريجين والباحثين عن عمل، حيث تضمن مسارين رئيسيين، الأول في العمارة والتصميم الداخلي، والثاني في التصميم الجرافيكي وتصميم المنتجات. واشتمل على حلقات عمل تقنية يومية أتاحت للمشاركين فرصاً عملية مباشرة لتطوير مهاراتهم، وأسهمت في ربط الجانب النظري بالتطبيق العملي. وخلال فترة البرنامج، أُنجز أكثر من 160 مشروعاً تطبيقياً، كما تم تطوير أكثر من 30 نموذجاً أولياً لأفكار إبداعية مبتكرة، إلى جانب تنظيم ستة معارض متخصصة عرضت نتاجات المشاركين، ووفرت لهم منصات للتواصل المهني والإرشاد الاحترافي، مما عزز جاهزيتهم للانخراط في سوق العمل أو إطلاق مشاريعهم الخاصة.

وقال المهندس سعيد الشيذاني، المؤسس والرئيس التنفيذي لأكاديمية براعة: "إن برنامج (رحلة مصمم) يتجاوز كونه مبادرة تدريبية تقليدية، فهو يهدف إلى إيجاد قيمة اقتصادية مضافة من خلال إعداد جيل قادر على تلبية احتياجات سوق العمل في القطاعات الإبداعية، مشيراً إلى أن الاستثمار في مجالات التصميم والعمارة لا ينعكس فقط على المستوى الفردي للشباب، بل يسهم كذلك في رفع كفاءة الصناعات الوطنية، ودعم قطاعات ناشئة مرتبطة بالاقتصاد الإبداعي، وهو ما يشكّل رافداً مهماً لتنويع مصادر الدخل وتعزيز التنافسية الاقتصادية لسلطنة عُمان".

من جانبه، أكد إبراهيم الهنائي، مدير الاستثمار الاجتماعي في "بي. بي. عُمان والكويت وقطر"، أن البرنامج يمثّل نموذجاً عملياً على كيفية ربط التدريب الأكاديمي باحتياجات السوق، موضحاً أن المشاريع والنماذج الأولية والمعارض التي خرج بها المشاركون تعكس قدرة الكفاءات الوطنية على تطوير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي متطلبات قطاعات حيوية مثل الإنشاءات، والتسويق، والتقنيات الإبداعية. وأضاف أن مثل هذه المبادرات لا تقتصر على تعزيز فرص التشغيل فحسب، بل تسهم أيضاً في إيجاد بيئة اقتصادية مستدامة تدعم ريادة الأعمال وتواكب توجهات رؤية عُمان 2040 نحو اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والإبداع.

ويأتي اختتام برنامج "رحلة مصمم" ليجسّد قيمة الشراكات في دعم الاقتصاد الوطني عبر تمكين الكفاءات الشابة وتعزيز قدراتها الإبداعية، بما يسهم في تزويدهم بالمهارات التقنية اللازمة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار. ويفتح هذا التوجه آفاقاً واسعة أمام الاقتصاد الإبداعي ليكون رافداً محورياً في تنويع مصادر الدخل، وإيجاد فرص عمل نوعية، وتعزيز تنافسية سلطنة عُمان إقليمياً ودولياً، بما يواكب مستهدفات رؤية عُمان 2040.

مقالات مشابهة

  • القسام: المقاومة التزمت بما تم الاتفاق عليه وسلمت كل من لديها من أسرى أحياء وجثث تستطيع الوصول إليها
  • ختام برنامج "رحلة مصمم" لتعزيز قدرات الشباب العُماني في مجالي التصميم والعمارة
  • «التحديات التي تواجه الشباب وكيفية التغلب عليها ».. ندوة توعوية لوحدة السكان في البحيرة
  • المُضاعِف الاقتصادي قراءة في السياق العُماني
  • بالصور.. قطر إلى "المونديال".. والحلم العُماني يتبخر في سماء الدوحة
  • وفاء الحكيم تحاور د. أمل جمال في معرض الزمالك للكتاب: "الفن رسالة تصل للناس بالصدق"
  • تسهيلات ضريبية لدعم القطاع البحري العُماني
  • الزراعيين: مصر لديها خبرات كبيرة في مجال زيادة إنتاجية الأرز ومحاصيل الخضر
  • يوسف الشرقاوي: مصر لديها القدرة على التواصل مع جميع الأطراف لحل القضية الفلسطينية
  • جمعت بين الثروة والتأثير السياسي.. من تكون ميريام أدلسون التي أشاد بها ترامب أمام الكنيست؟