جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-12@09:39:44 GMT

المنهج السياسي العُماني الحكيم

تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT

المنهج السياسي العُماني الحكيم

 

 

 

د. صالح الفهدي

 

تساءلتُ حينما وقعَ حادثٌ معيَّنٌ كيف سيصاغُ البيان السياسي العُماني إِثْر ذلك الحادث، وكيف يمكنُ لسلطنة عُمان أن تخرجَ ببيانٍ متوازنٍ، واقعي، بعيدٍ عن العاطفةِ، مرتهنٍ للأسباب، فإذا بالبيان السياسي يخرجُ على درجةٍ عاليةٍ من الواقعيةِ دون إغفالِ العلاقات بين الطرفين في ذلكم الحادث.

البيانُ في الحقيقةِ ليس مجرَّد كلماتٍ جاهزةٍ تقال، وإِنما هو تأكيدٌ على المبادئ التي ترتهنُ إليها السياسة العُمانية؛ مبادئ ليست مبتدعةً، وإنما متأصِّلةً تعكسُ أصالة التاريخ العُماني، وتعبِّرُ عن المعتقدات التي تؤمنُ بها الشخصية العُمانية.

إنَّ صنع التوازنات مع الثبات على المبادئ في مختلف المواقف ليس أمرًا يسيرًا في عالمٍ تتجاذبه القوى على اختلافها؛ قوى لا تعرفُ في كثيرٍ من الأحيان إلا منطق القوةِ القاهرة، بينما تسوِّقُ-زيفًا وكذبًا- شعارات الديمقراطيةِ، وحقوق الإنسان، وغيرها من الشعارات التي تروِّجُ لها وسائل قواها الناعمة.

في هذا العالم يدفعُ الثابتُ على المبدأ الواضح السليم أثمانًا لمبادئه، وكثيرًا ما يقفُ بين عداوةٍ بسبب ثباته، أو صداقة زائفةً بسبب ميولهِ عن المبادئ التي تأسس عليها أو يُغرى بمصالحَ مؤقَّتة لتخديره وشراء مواقفه.

بينما تثبتُ سلطنة عُمان على مبادئها العادلة الشرعية في الدفاعِ عن الظلمِ، وعدم جواز التدخل في شؤون الغير، ولا في جواز التدخل في شؤونها، وتؤمنُ بحرية الشعوب في تقريرِ مصيرها، ساعيةً في ذلك إلى تحقيق السلام العادل الأصيل، والارتباط بالعلاقات السَّامية مع الدول والشعوب.

ولهذا فإِننا نجدُ أن صوتَ سلطنة عُمان لا يتردَّدُ أبدًا في إظهارِ تنديدهِ بأيِّ عدوان سافرٍ على دولةٍ ذات سيادةٍ دون وجهِ حق، أو شعبٍ دونَ وجهِ حق، حتى وإن كانت القوى العظمى في العالم هي المعتدية، فلا صوتَ يعلو صوتَ المبدأ الحُر، فهذا الصوت تعبيرٌ عن السيادةِ بما فيها من مبادئ وأُسس لا يمكنُ إخفاؤها، ولا المساومة عليها.

وإذا كانت العبارة السائدة في السياسة تقول "لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وإنما مصالح دائمة" هي عبارةٌ تصدقُ في العلاقات السياسية، وتبرهنُ على ذلك المواقف التاريخية فإننا نتوقفُ عن كلمة "المصالح" التي تقبلُ الوجهين: مصالحَ فيها من الخذلان والإذلالِ، أو فيها من حفظِ السيادة والقرار، وهُنا نجدُ أن السياسة العُمانية حكيمةً في واقعية "المصالح" لكنها أيضًا حازمةً في أن لا تكون هذه المصالح على حساب المبادئ التي آمنت بها الدولة العُمانية وقامت عليها أركانها.

وإذ إنها دولةُ سلام أصيل، فإنها ليس لديها من مواقفَ ظاهرةً وباطنة، وليس لديها مصالح فوق الطاولةِ، وتحت الطاولة، وليس لديها نوايا ظاهرة وأُخرى مبطَّنة، وإنما لديها مبادئ جليَّةً لا تساومُ عليها، ولذلك وثقَ بها من وثق، وأعرضَ عنها من لم توافقهُ هذه السياسة السامية المنهج.

إنَّ الأثر النفسي والوطني من هذا المنهج السياسي العُماني على المواطن العُماني لهو أثرٌ بالغُ الأهمية؛ فالمواطنُ العُماني يرى في مواقف بلده نحو القضايا العادلة، والمواطن الذي يتابع البيانات السياسية في مختلف الأحدث ليشعرُ بأن هذا صوته النابع من القناعة الراسخة، بل يشعرُ أن هذا صوتُ التاريخ العُماني ورجالاته، ولذلك كان هذا التناغم والانسجام بين السياسة العُمانية والمواقف الشعبية أكان على صعيد المستوى أم على صعيد الأفكار واضحًا لا ازدواجيةَ فيه، وهُنا كانت مساحة الحرية للتعبيرِ عن الرأي الشعبي واسعةً ما دامَ ذلك الرأي مستندًا إلى أُسس بنَّاءةً وليس مشاعرَ انفعاليةً عارضة.

المنهج السياسي العُماني مصدرُ فخرٍ للإنسان العُماني، ولا شكَّ بأنه أسهم في تكوين نظرة الشخصية العُمانية الوازنة نحو مختلف الأحداث والوقائع بما تأسس عليه من مبادئ كريمة تحفظُ للوطنِ سيادته ورفعته، وتصونُ لمواطنيه العزة والحرية والكرامة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ذمار.. مليشيا الحوثي تختطف طفلين لابتزاز والدهما المحتجز لديها وتسجيل اعترافات مفبكرة

اختطفت مليشيا الحوثي الإرهابية، مساء السبت، اثنين من أبناء معلم محتجز في أحد سجونها منذ أسبوع، في مديرية جهران بمحافظة ذمار (وسط اليمن)، بعد حصار منزله وترويع النساء والأطفال.

وذكر الناشط عبدالله السنامي، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، مساء السبت، أن المليشيا اختطفت طفلين قاصرين من أبناء شقيقه المعلم محمد حسين علي ناجي السنامي، ونقلتهما إلى سجن إدارة أمن مديرية جهران بالمحافظة ذاتها.

وكانت مليشيا الحوثي قد اختطفت المعلم محمد حسين، وهو أحد الكوادر التربوية في مديرية جهران، من منزله بتاريخ 31 يوليو الماضي، واحتجزته في زنزانة انفرادية داخل إدارة أمن المديرية منذ ذلك الحين، دون توجيه أي تهم قانونية بحقه.

وأوضح السنامي أن المليشيا تحتجز الطفلين مع والدهما في سجن أمن جهران، وتمارس عليهم ضغوطاً لإجبارهم على تسجيل مقطع فيديو يعلنون فيه أن المشاهد الموثقة للمسلحين الحوثيين وهم يحاصرون المنزل أثناء وجود النساء والأطفال داخله "مفبركة".

وأشار إلى أن زوجة شقيقه طريحة الفراش حالياً بعد إصابتها بوعكة صحية حادة نتيجة الخوف الشديد جراء اقتحام المنزل من قبل مسلحي المليشيا.

وكانت منظمة "مساواة للحقوق والحريات" قد أدانت جريمة الاختطاف التعسفي التي تعرض لها المعلم محمد حسين، موضحة أنها تلقت بلاغاً من أسرته يفيد بأن مجاميع مسلحة تابعة للقيادي الحوثي الملقب بـ"أبو عبدالله المؤيد" حاصرت المنزل في قرية السنام بوادي سربة، واقتادته إلى سجن أمن جهران، حيث لا يزال محتجزاً منذ 31 يوليو.

وأضافت المنظمة أن أسرة المعلم تعرضت لمضايقات وتهديدات مستمرة، وصلت إلى حد التهديد المباشر بقتل أحد أبنائه، مؤكدة أن ما تتعرض له الأسرة يمثل "جريمة مركبة".

وطالبت المنظمة قيادة مليشيا الحوثي بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المعلم، وحمّلتها المسؤولية الكاملة عن سلامته وسلامة أسرته.

مقالات مشابهة

  • هل يفوز ترامب على جبهة السياسة الاقتصادية؟
  • أزمة كهرباء.. الهند تغلق وحدة في أكبر مفاعل نووي لديها
  • أستاذ بجامعة جورج واشنطن: مصر لديها تاريخ طويل وريادة عالمية في إنتاج القطن
  • باسم نعيم : نتنياهو يواصل “الأكاذيب” التي اعتاد عليها منذ بداية الحرب
  • هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت
  • ماذا نعرف عن دونباس الأوكرانية التي يشترط بوتين السيطرة عليها لوقف الحرب؟
  • ماني يخرج من حسابات جيسوس
  • ذمار.. مليشيا الحوثي تختطف طفلين لابتزاز والدهما المحتجز لديها وتسجيل اعترافات مفبكرة
  • بعد صورتها مع محمد رمضان.. من هي لارا ترامب؟ وكيف اقتحمت عالمي السياسة والفن؟
  • الخارجية الفلسطينية: إعادة احتلال غزة بالكامل يندرج ضمن السياسة التوسعية الإحلالية