عام مُرٌ مرّ على المسجد الأقصى والعام الجديد ليس أقل قتامة
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
القدس المحتلة- يُسدل الستار على 2023، وهو واحد من أقسى الأعوام على المسجد الأقصى المبارك منذ الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس عام 1967.
ولعلّ الربع الأخير من العام الذي تمثل في حصار المسجد وتشديد إجراءات الدخول إليه مع اندلاع الحرب على قطاع غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان الفصل الأصعب في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية بحق أولى القبلتين.
وضمن هذه الانتهاكات وثّقت محافظة القدس، التي تُعتبر أعلى تمثيل رسمي فلسطيني في المدينة، اقتحام 51 ألفا و994 متطرفا ومتطرفة ساحات الأقصى منذ بداية العام حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وكان من أصعب ما مرّ على المسجد تولي إيتمار بن غفير حقيبة وزارة الأمن القومي، وأعلن في اليوم الأول له في منصبه نيته اقتحام الأقصى وهو اليوم ذاته الذي تلقى فيه رسالة من جماعات الهيكل المتطرفة تشمل 11 مطلبا لها في المسجد.
وقال بن غفير في أحد اقتحاماته "أنا سعيد لصعودي إلى جبل الهيكل، وهو المكان الأكثر أهمية لشعب إسرائيل. مرة أخرى نثبت من أصحاب المكان في القدس، وتهديدات حماس لن تردعنا".
وفتح وجوده في الحكومة شهية الجماعات المتطرفة لتحقيق مكاسب جديدة، إذ أرسل 15 حاخاما كتابا رسميا له ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يطالبون من خلاله بالسماح بذبح قربان عيد الفصح اليهودي داخل الأقصى.
وفي تحدّ خطير نشرت جماعات الهيكل المتطرفة مقطعا مصورا لأحد قادتها الروحيين تحرّض فيه أنصارها على ذبح قربان الفصح بالقوة داخل المسجد الأقصى، وقال الحاخام ناتان تسفي برين "ألف يهودي سيدخلون جبل الهيكل عبر باب السلسلة، ويقدمون قربان الفصح هناك.. صدقوا هذا ما سيحدث".
وبالتزامن مع هذه التصريحات الخاصة بعيد الفصح الذي تزامن مع شهر رمضان المبارك، صمّم المصلون على الاعتكاف في الأقصى منذ ليلة رمضان الأولى ونجحوا في ذلك لليلتين متتاليتين.
وفي ليلتي 14 و15 رمضان اقتحم الاحتلال المصلى القبلي بشكل وحشي واستهدف المصلين بداخله بالرصاص المغلف بالمطاط والقنابل الغازية والصوتية والهراوات، واعتقل 450 معتكفا دفعة واحدة.
استهداف باب الرحمة
ولم يكن مصلى باب الرحمة، في الجزء الشرقي من المسجد، بمعزل عمّا يحدث في الساحات من انتهاكات، وناله منها الكثير خلال عام 2023، إذ اقتحمته الشرطة والمخابرات الإسرائيلية مرارا، وأخرجت حراس الأوقاف الإسلامية منه واستفردت به، واعتقلت عددا من الشبان من داخله، وذلك بعد التقدم إلى المحكمة الإسرائيلية بطلب أمر إغلاق المصلى بزعم أنه "مكاتب تستخدم كمقر لأنشطة تخريبية وتحريضية".
وكان من اللافت أيضا خلال العام الجاري تعمُد جماعات الهيكل المتطرفة الانتقال إلى مستوى جديد من العدوان، إذ باتت تحيي المناسبات الهامشية لديها في الأقصى كما تتعامل مع مواسم الاقتحامات المركزية في الأعياد اليهودية الكبرى.
ومن ضمن الانتهاكات الجماعية التي سُجلت في ساحات الأقصى -وخاصة الشرقية منها المحيطة بمصلى باب الرحمة- رفع علم الاحتلال وإنشاد نشيده "الوطني"، وأداء طقس "السجود الملحمي" وصلاة "بركات الكهنة" الجهرية، بالإضافة إلى قراءة لفائف من التوراة في الساحات.
ونال المسجد هذا العام، كما كل عام، نصيب من التصريحات المتطرفة انطلق أبرزها على لسان عضو الكنيست من حزب الليكود عميت هاليفي، الذي قدّم مسودّة خطّة تفصيلية لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط المصلى القبلي للمسلمين، في حين تكون قبّة الصخرة المشرفة حتى الحد الشمالي من المسجد لليهود.
أما الرئيس التنفيذي لمنظمة "جبل الهيكل بين أيدينا" توم نيساني، فقال بعد انتهاء اقتحامات ما تسمى بذكرى خراب الهيكل "مع ارتباط إسرائيل بجبل الهيكل لا يمكن إيقاف إرادة الشعب اليهودي".
بعد الحرب ليس كما قبلهاوارتفعت نبرة التطرف في تصريحات المسؤولين بعد شن الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ عممت جماعات الهيكل على أفرادها بضرورة اقتحام المسجد، وجاء في دعواتها "الجواب الصهيوني المناسب هو الدخول الحر لليهود إلى جبل الهيكل".
كما دعت هذه الجماعات إلى إغلاق أبواب أولى القبلتين بوجه المسلمين حتى إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وقالت "لا بد من إغلاق جبل الهيكل تماما في وجه المسلمين، حتى يعود آخر مختطف إسرائيلي إلى إسرائيل".
وإلى جانب ذلك حاولت هذه الجماعات إقحام قضية المسجد في عمليات قتال الجنود الإسرائيليين في غزة، فطُبعت صورة الهيكل المزعوم على خُوَذ الجنود وبزّاتهم العسكرية، وكتبت جماعات الهيكل معلقة على هذه الصور "الجندي الذي يفهم ما يحتاج حقا للقتال من أجل الفوز".
وتزامن كل ذلك مع إحكام الشرطة قبضتها على أبواب المسجد وتعاملها بمزاجية مع المصلين الذين لم ينجح سوى عدد قليل منهم في الوصول إلى الساحات.
وجرى التضييق على موظفي الأوقاف وحريتهم في أداء عملهم خاصة لجنة إعمار المسجد، والاستمرار في سياسة الإبعاد، حتى وصل عدد من أُبعدوا عنه منذ بداية العام إلى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى 577 شخصا وفقا لبيانات محافظة القدس.
ماذا في 2024؟
يقول الأستاذ المشارك في دراسات بيت المقدس ورئيس قسم التاريخ الإسلامي في جامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية خالد العويسي إن ما شهده المسجد الأقصى خلال عام 2023 هو تطبيق متسارع من حكومة الاحتلال للرؤية الأميركية الصهيونية المعلنة في بنود صفقة القرن التي نصت بشكل واضح على جعل هذا المقدس مكانا مشتركا للعبادة كحال المسجد الإبراهيمي في الخليل.
وفي نظرته الاستشرافية لما ينتظر الأقصى عام 2024، أكد العويسي في حديثه للجزيرة نت، أن تهويده سيتصاعد إن لم يكن هناك رادع للاحتلال، لأنه سيسعى لزيادة مكتسباته من خلال تخصيص كنيس في ساحات المسجد ضمن سياسة التقسيم المكاني.
ويرى العويسي أن التخبط السياسي والعسكري للاحتلال خلال الحرب على غزة يدفعه لتحقيق أي مكاسب، وإن كانت في ساحة المسجد الأقصى من أجل إرضاء قاعدة اليمين المتطرف وجماعات الهيكل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المسجد الأقصى جماعات الهیکل بن غفیر
إقرأ أيضاً:
الأوقاف: الاحتلال اقتحم الأقصى 25 مرة خلال حزيران
قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في تقريرها الشهري، إن الاحتلال الإسرائيلي صعد من انتهاكاته بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية خلال شهر حزيران، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف.
وأوضح التقرير، الذي وصلت "وفا" نسخة عنه، اليوم الخميس، أن الاحتلال ومستعمريه نفذوا أكثر من 25 اقتحامًا للمسجد الأقصى المبارك، تخللها أداء طقوس تلمودية، إلى جانب إغلاق المسجد 11 مرة ومنع دخول المصلين بذريعة "الوضع الأمني"، إضافة إلى تحديد أعداد المصلين داخل المسجد، وفرض إجراءات تهويدية خطيرة على البلدة القديمة ومصلى قبة الصخرة.
وأشار التقرير إلى أن آلاف المصلين أدوا صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى وسط تضييقات مشددة، فيما اقتحم جنود الاحتلال ومستعمرون باحات قبة الصخرة خلال الصلاة، ونفذ مستوطنون طقوسًا علنية من غناء ورقص وتصفيق .
وفيما يتعلق بالحرم الإبراهيمي، منعت سلطات الاحتلال رفع الأذان فيه 89 وقتًا خلال حزيران، وأغلقته أمام المصلين والزوار لمدة 12 يومًا متواصلة، كما رفضت تسليمه في عيد الأضحى وذكرى الهجرة النبوية الشريفة.
كما رصد التقرير قيام الاحتلال بتركيب أجهزة إنذار في أروقة الحرم، واعتلاء عدد من جنوده سطحه، بالإضافة إلى إضاءة جدرانه بالأعلام الإسرائيلية، وإغلاق بابه الشرقي، وإنارة المنطقة المحيطة به بالقوة.
وأكدت وزارة الأوقاف أن هذه الإجراءات تمثل اعتداء صارخًا على صلاحياتها، وتعديًا على قدسية الحرم الإبراهيمي، واستفزازًا لمشاعر المسلمين، ومحاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني عليه.
وفي السياق ذاته، وثق التقرير إغلاق قوات الاحتلال كنيسة القيامة في القدس أمام المصلين المسيحيين لمدة 11 يومًا متتالية، واقتحام مسجد الصلاحي الكبير في مدينة نابلس وتفتيش كامل مرافقه بما فيها الغرف وسطح المسجد.
ودعت وزارة الأوقاف المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والدينية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات المتواصلة التي تمس حرية العبادة، وتهدد الوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الصحة العالمية: النظام الصحي بغزة يواجه خطر التوقف التام الأمم المتحدة: 85% من غزة تخضع لأوامر تهجير قسري تفاصيل خطة أمريكية - تبادل أسرى وجثامين على خمس مراحل خلال هدنة 60 يوما الأكثر قراءة بالصور: محدث إجابات امتحان الفيزياء 2025 توجيهي فلسطين بالفيديو: إجابات امتحان الرياضيات ورقة أولى 2025 توجيهي الأردن العلمي والأدبي مؤسسات الأسرى: الاحتلال حوّل سجونه إلى ساحات لتعذيب المعتقلين السعودية تدعم فلسطين بـ30 مليون دولار ضمن المنحة المالية المقدّمة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025