حكم طواف المريض حاملًا القسطرة.. الإفتاء: يجوز ويؤدي ما شاء من العبادات
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
المريض حامل القسطرة البولية يُحكم بطهارته، ويجوز له الطواف بالبيت، ولا حرج عليه في ذلك، وطوافه صحيح مجزئ، بل يؤدي بطهارته هذه ما شاء من العبادات، ما لم ينتقض وضوؤه بسبب آخر، هكذا أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمون السؤال:"حكم طواف المريض حاملًا القسطرة ؟".
. إياك أن تفعلها
مِن المقرَّر شرعًا أنَّ الطواف بالبيت عبادةٌ فاضلةٌ وقربةٌ جليلةٌ، وفاعِلُها يُشبِه الملائكة المقرَّبين في طوافهم حوْل العرش، وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن طَافَ بِهَذَا البيْتِ أُسْبُوعًا يُحْصِيه، كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ، وَكُفِّرَ عَنهُ سَيِّئَةٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ دَرَجَةٌ، وَكَانَ عَدْلَ عِتْقِ رَقَبَةٍ».
وقوله: «أُسْبُوعًا»، أي: سبعة أشواط، كما في "مرقاة المفاتيح" للملا علي القاري (5/ 1791، ط. دار الفكر).
مدى اشتراط الطهارة في الطواف
قد اتَّفق العلماءُ على أنَّ الطهارة في الطوافِ مطلوبةٌ، واختلفوا في درجةِ هذا الطلب: فذهَبَ الجمهور إلى عدم صحَّة الطواف بغير طهارة، وذهَبَ الحنفيةُ إلى صحَّة طوافه، ويلزمُه دم.
قال ابنُ هبيرة في "اختلاف الأئمة العلماء" (1/ 292، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أنَّ مِن شرط صحَّة الطواف بالبيت في هذه الأطوِفَة، ركنها وواجبها ومسنونها: الطهارةُ وستر العورة، إلَّا أبا حنيفة، فإنه قال: ليسا بشرطٍ في صحته، إلا أنه يجِبُ بتركها دم] اهـ.
والطهارة المطلوبة في الطواف تكون من حدث وخبث، فالأول: بالوضوء في الأصغر، وبالغسل في الأكبر، وبالتيمم فيهما عند الفقد أو التعذر، والثاني: بإزالة العين النجسة عن ثوب وبدن ومكان، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكاساني (1/ 3، 60، ط. دار الكتب العلمية).
حكم طواف المريض حاملا القسطرةالقسطرة البولية (Urine Catheterization): وسیلةٌ تُستخدَم لتفریغ المثانة البولیة مِن البول المُحتَبَس بداخلها لِمَن یُعانُون مِن صُعوبةٍ في إخراج البول، وهي عبارةٌ عن كيسٍ خارج البدن، يوجد به أنبوب يَتَّصل بالمثانة ليخرج منها البول المحتبس في جسم المريض، كما أفاده "الدليل الطبي" للدكتور حسن أبو علوان (ص: 343، ط. E- kutub Ltd).
والحاصل أنَّ مريض القسطرة حال طوافه بالبيت متلبسٌ بحمله للنجاسة، وهو البول المتجمع في كيس القسطرة، وملازمة الحدث إياه، ومع أن الأصل نقض الوضوء بالبول الخارج من الجسم، إلا أن المريض حامل القسطرة البولية يأخذ حكم صاحب سلس البول، ويعامل معاملته، فيحكم بطهارته وصحة العبادة منه ما لم يتلبس بناقض آخر على ما ذهب إليه المالكية، وهو المختار للفتوى.
قال الإمام الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (1/ 291، ط. دار الفكر): [السَّلَس على أربعة أقسام: الأول: أن يلازم ولا يفارق، فلا يجب الوضوء ولا يستحب؛ إذ لا فائدة فيه، فلا ينتقض وضوء صاحبه بالبول المعتاد] اهـ.
وقال العلَّامة الدُّسُوقِي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 116، ط. دار الفكر): [وذهب العراقيون مِن أهل المذهب إلى أنَّ السَّلَس لا يَنْقُض مطلقًا، غايةُ الأمر أنَّه يُستحب منه الوضوء إذا لَم يُلَازِم كلَّ الزمان، فإنْ لازَمَ كلَّه فلا يُستحب منه الوضوء] اهـ.
وأما حمله للنجاسة المتمثلة في البول المتجمع في القسطرة مع عدم إمكان النزع والإفراغ، واستمرار التدفق، فمن المعفُوَّات التي تصح العبادة مع وقوعه، فسقط اعتباره شرعًا، وقد اتفق الفقهاء على أن المتلبس بالنجس المتعذر الاجتناب والإزالة في حكم الطاهر؛ لعموم قول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف أن "المَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ"؛ فكان مقتضى ذلك التخفيفَ عن مريض القسطرة في أمور العبادة، كما هو الشَّأن في كلِّ صاحب عذر من أصحاب الحدث الدائم، كصاحب السلس والمستحاضة ونحوهما، ويكون الواجبُ عليه حينئذ أن يغسل محِلَّ النجاسة -إذا سرت منه وتلوَّث معها-، ويتأكَّد مِن عدم خروج شيء يلوث المسجد في أثناء الطواف، ثم يتوضَّأ وضوء الصلاة، ويطوف بالبيت ويصلِّي ما شاء، ما لم يأت بناقض آخر.
قال العلَّامة الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 90، ط. المكتبة العصرية): [فاقد ما يزيل به النجاسةَ المانعةَ: يصلي معها، ولا إعادة عليه؛ لأنَّ التكليف بحسب الوُسع] اهـ.
وقال الإمام الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 131): [المعتمد في المذهب أنَّ مَن صلَّى بالنجاسة متعمدًا عالمًا بحكمها، أو جاهلًا وهو قادرٌ على إزالتها: يُعيد صلاته أبدًا، ومَن صلى بها ناسيًا لها، أو غير عالِمٍ بها، أو عاجزًا عن إزالتها: يُعيد في الوقت على قول مَن قال: إنها سُنَّة، وقَوْلِ مَن قال: إنها واجبةٌ مع الذِّكر والقُدْرة] اهـ. فأفاد أنَّ العجْز صيَّرها من المعفوات.
وقال العلامة الشَّرْوَانِي الشافعي في "حاشيته على تحفة المحتاج" (1/ 398، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ولا يجوز لِلسَّلِسِ أن يُعَلِّق قارورةً لِيَقْطُرَ فيها بَوْلُهُ؛ لكونه يَصير حاملًا لنجاسةٍ في غير معدنها مِن غير ضرورة] اهـ. فلما قيَّد الحكم بغير الضرورة نفاه عمَّا كان لضرورة، كما المريض حامل القسطرة محَل السؤال.
وقال شرف الدين الحجَّاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 95، ط. دار المعرفة) عن النجاسة: [فمَتَى لَاقَاهَا ببَدَنه أو ثوبه، أو حَمَلَها عالِمًا أو جاهِلًا أو ناسِيًا، أو حَمَل قارورةً فيها نجاسةٌ.. قادِرًا على اجتنابها، لم تَصِحَّ صَلَاتُه] اهـ. فقيَّد عدم الصحة بالقدرة، مما أفاد الصحة عند العجز.
كما أن فقهاء الشافعية في وجهٍ قد قرروا صحة صلاة حامل شيء من النجاسة ما دامت في شيء مُحكَم الإغلاق، بحيث لا يخرج منه شيء يصيب جسد الطائف أو ثوب إحرامه.
قال الإمام الشيرازي في "المهذب" (1/ 119، ط. دار الكتب العلمية): [وإن حمل قارورة فيها نجاسة، وقد شد رأسها، ففيه وجهان: أحدهما: يجوز؛ لأن النجاسة لا تخرج منها، فهو كما لو حمل حيوانًا طاهرًا] اهـ. وهذا حاصلٌ بالجملة في القسطرة المسؤول عنها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الطواف بالبیت
إقرأ أيضاً:
ماذا تفعل إذا كنت تعاني من سلس البول؟
تفسد بعض العوارض الصحية حياة الأفراد وتجعلهم يترددون عند الخروج من المنزل أو ممارسة الأنشطة المعتادة، وأسوأ هذه العوارض تلك التي تتعلق بتسرب البول من المثانة رغما عن إرادة الإنسان.
يعاني ما يصل إلى 30% من كبار السن من سلس البول، وهو خروج البول دون قصد، وتنتشر هذه المشكلة بشكل أكبر بين النساء، وقد ارتفعت نسبة الرجال الذين يعانون من هذه المشكلة خلال العقد الماضي تقريبا. إليك ما يجب معرفته حول سلس البول ومتى يجب زيارة الطبيب.
ما الذي يسبب سلس البول؟يوجد عدة أنواع من سلس البول، تعتمد إستراتيجيات العلاج على نوعه وشدّته، ومدى انزعاج المريض واعتلال صحته.
يحدث سلس البول الإلحاحي، وهو نوع شائع من سلس البول، عند الشعور بحاجة مفاجئة أو شديدة للذهاب إلى الحمام، ولكن البول يتسرب قبل أن يتمكن المريض من ذلك، عادة ما يكون سببه عامل مهيج يدفع المثانة إلى الانقباض في وقت لا ينبغي لها فيه ذلك، تشمل العوامل المهيجة القهوة والأطعمة الحارة والمحليات الصناعية.
ويحدث سلس البول الإجهادي عند العطس أو السعال أو الضحك، مما يزيد الضغط على المثانة، كما أن زيادة الوزن والإمساك يمكن أن يزيدا الضغط الكلي على المثانة.
تشبه المثانة الخزان الممتلئ بالبول طوال اليوم، غالبا ما يحدث التسرب عند انقباضها أو عند وجود ضغط شديد عليها.
يقول ستيفن سامرز، المدير الطبي لعيادة المسالك البولية للبالغين في جامعة يوتا هيلث في الولايات المتحدة لصحيفة واشنطن بوست الأميركية: "يتفاعل الجسم بتسريب القليل من البول لتقليل الضغط".
كيف تقي نفسك من سلس البول؟
تقول جينيفر مايلز توماس، الأستاذة المساعدة في جراحة المسالك البولية بكلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة: "ابدأ بإعطاء الأولوية لنمط حياة صحي بشكل عام".
يعد تناول الفواكه والخضروات جزءا أساسيا من النظام الغذائي الصحي، وهي غنية بالألياف، مما يساعد على الوقاية من الإمساك، ومن المهم أيضا الحد من مهيجات المثانة، مثل القهوة (حتى منزوعة الكافيين).
إعلانتساعد التمارين الرياضية في علاج سلس البول والحفاظ على صحة القلب، مما قد يقلل من الحاجة لمدرّات البول (التي قد تسبب التبول بكثرة). بالإضافة إلى ذلك يكون من الأسهل الذهاب إلى الحمام قبل حدوث التسريب عندما يكون وزن المريض صحيا.
يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي المساعدة في تمارين كيجل والعلاج الطبيعي لقاع الحوض، مما يساعد في معالجة ضعف عضلات قاع الحوض (العضلات التي تدعم المثانة).
متى تجب استشارة الطبيب؟يجب استشارة الطبيب في أسرع وقت ممكن إذا كان المريض يعاني من سلس البول بشكل منتظم لأن النتائج تكون أفضل لمن يراجع الطبيب مبكرا.
قد يرغب الطبيب في استبعاد بعض الحالات مثل التهاب المسالك البولية أو حصوات الكلى، كما يرتبط انقطاع النفس النومي وداء السكري ومشاكل البروستاتا بسلس البول.
قد يصف أطباء المسالك البولية في بعض الحالات أدوية معينة لتقليل التسرب أو قد يقترحون إجراء جراحيا.