بلومبيرغ: هل تقضي الأخبار الكاذبة على الديمقراطية في 2024؟
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
توقع كاتب في مقال نشرته وكالة بلومبيرغ الإخبارية الأميركية أن تواجه الديمقراطية في العالم عام 2024 اختبارا ليست مستعدة له.
وقال ميهير شارما -وهو كاتب عمود في الوكالة وأحد كبار الباحثين في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث- إنه من المقرر أن تُجرى العام المقبل انتخابات عامة في أكبر 4 كتل ديمقراطية على مستوى العالم، وهي الهند والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإندونيسيا، وذلك للمرة الأولى منذ بزوغ فجر عصر الإنترنت.
وربما يتوجه نحو مليار شخص السنة المقبلة على امتداد شهورها إلى صناديق الاقتراع، وسط عاصفة من المعلومات المضللة والتلاعب الرقمي على نحو لم يشهد له العالم مثيلا.
ويعتقد الكاتب أن المخاطر ذات تبعات بالغة الأهمية بشكل استثنائي بالنسبة للديمقراطية نفسها. ففي الولايات المتحدة، هناك احتمال أن ينعم المرشح المفضل في الانتخابات بفرصة تتيح له أن يصبح "دكتاتورا".
وفي الاتحاد الأوروبي، يتجه اليمين المتطرف لتحقيق طفرة على نطاق القارة برمتها، بحسب شارما الذي يضيف أن المرشح الأوفر حظا في انتخابات إندونيسيا جنرال سابق اتُّهم ذات يوم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي الهند، تواجه المعارضة "المتعثرة" فرصتها الأخيرة للتصدي لاحتمال أن تتحول البلاد إلى حكم الحزب الواحد.
ويضيف أن العالم أدرك منذ 2016 على الأقل أن الانتخابات في العصر الرقمي معرضة على نحو غير اعتيادي للتلاعب، ولطالما ظل المشرفون على نزاهة الانتخابات يعملون بجد منذ ذلك الحين، إلا أنهم اليوم يخوضون "حربهم الأخيرة".
وقال الكاتب إن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016 تأثر آنذاك بالروايات المفبركة بعناية عبر برمجيات إلكترونية تديرها الروبوتات. فكان أن ظهر "جيش صغير من متقصي الحقائق" في جميع أنحاء العالم، وتضاعفت الآليات المخصصة لمنع وصول "الأخبار المزيفة" إلى الصحافة الرسمية.
وتعتبر الهند أكبر مختبر في العالم للممارسات الانتخابية "الرديئة"، والتي تضم في الوقت نفسه أكبر عدد من الناخبين.
ويمضي الكاتب إلى القول إن المعلومات المضللة المستندة على الذكاء الاصطناعي بدأت تنتشر بالفعل، ويصعب اكتشاف أنها مزيفة مع مرور كل شهر.
ومن الغريب أن الحيلولة دون انتشار مثل هذه الرسائل على نطاق واسع يكون أصعب عندما لا تبدو على الفور أنها عدائية أو موجهة لطرف بعينه.
وفي إندونيسيا على سبيل المثال، شوهد مقطع فيديو على تطبيق تيك توك ظهر فيه وزير الدفاع والمرشح الرئاسي برابوو سوبيانتو وهو يتحدث العربية، ملايين المرات.
ووفق شارما، فإن المقطع كان عبارة عن تزييف عميق تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي بغرض تعزيز أوراق اعتماده الدبلوماسية، وربما الإسلامية.
وإذا كان ثمة شيء واحد تعلمناه من حرب المعلومات التي رافقت الحرب الإسرائيلية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، فهو أن من نشؤوا في عصر الإنترنت ليسوا مهيئين بشكل أفضل للتعرف على ما تحويه تلك المعلومات من دعاية واضحة، كما يقول شارما.
ويضيف أن هؤلاء الأشخاص أقل قدرة على ما يبدو على التمييز بين الحقيقة والخيال، لذلك فإن الخطر الذي يتهدد الديمقراطية عابر لحدود الدول والمنصات المستخدمة عالمية، وكذا الرسائل التي تُنشر.
لذا، فإن الدفاع عن الديمقراطية لا يمكن أن يكون محليا، "لسبب واحد، هو أنها مهمة لا تستطيع أي حكومة التصدي لها بمفردها". لكن لكل دولة أساليبها الخاصة المختلفة عندما يتعلق الأمر بتأمين انتخاباتها، وقد استفاد كل من المتلاعبين المحتملين والمنصات التي يستغلونها من هذا الاختلاف.
ويؤكد الكاتب أن مستوى التضليل الذي سيظهر العام المقبل سوف يمحو دفاعاتنا المنفردة ما لم نتبن نهجا أكثر إستراتيجية وأساليب موحدة.
ويختم بالقول إن العالم بحاجة إلى تضافر الجهود قبل كل شيء، ذلك لأن الدفاع عن الديمقراطية ظل دوما أحد دواعي العمل المتعدد الأطراف، وينبغي أن يتضمن هذا الدفاع حماية الانتخابات الوطنية خلال العام المقبل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إندونيسيا
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: البحر ساحة نزاع اقتصادي جديد بين أميركا والصين
تدخل المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين مرحلة جديدة أكثر حساسية بعد أن تحوّل البحر إلى ساحة مواجهة مباشرة بين القوتين، إذ فرض الطرفان رسوما مرتفعة متبادلة على السفن وملّاكها، في خطوة يرى محللون أنها تنذر بإرباك واسع في تجارة الطاقة والسلع والأسواق الاستهلاكية، وفقا لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ".
رسوم متبادلة وتصعيد في قلب طرق التجارة البحريةوأوضحت "بلومبيرغ" أن واشنطن بدأت في فرض رسوم على السفن الصينية بدءا من 14 أكتوبر/تشرين الأول، تنفيذا لقرار أعلنته إدارة الرئيس دونالد ترامب في أبريل/نيسان، لترد بكين بعد أشهر بإجراءات مضادة شملت فرض رسوم ومراقبة مشددة على السفن الأميركية وشركاتها، الأمر الذي فاقم التوتر في واحد من أكثر القطاعات الحيوية للاقتصاد العالمي.
وذكرت الوكالة أن شركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية، إحدى أكبر شركات النقل البحري في آسيا، كانت من بين المتضررين المباشرين بعدما فرضت بكين عقوبات على وحداتها العاملة في أميركا، مما يعكس اتساع نطاق الصراع ليشمل شركات من دول ثالثة مرتبطة بسلاسل الشحن بين القطبين.
وأضاف التقرير أن تكاليف حجز ناقلات النفط الخام قفزت إلى أعلى مستوياتها خلال العام عقب إعلان الصين رسومها الجديدة على المواني، بحسب بيانات "مؤشر بالتك تانكر" الذي يقيس متوسط أسعار 12 خطا رئيسيا للناقلات.
ويشير محللو "بلومبيرغ" إلى أن هذا التصعيد "ينقل الحرب التجارية من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة النقل"، في ظل اضطرار الشركات المالكة للسفن إلى إعادة ترتيب أساطيلها أو تغيير أعلامها أو مساراتها لتفادي العقوبات المتبادلة. ومع ذلك، فإن تلك الحلول المؤقتة "لم تصمد طويلا أمام تسارع الإجراءات الانتقامية".
انقسام في سوق الشحنويحذّر التقرير من أن استمرار النزاع سيؤدي إلى انقسام سوق الشحن العالمية إلى محورين متقابلين، الأمر الذي سيؤثر على تدفقات النفط والمعادن والبضائع الاستهلاكية، مؤكدا أنه "كلما طال أمد النزاع زاد الضرر الذي سيلحق بالشركات والمستهلكين على حد سواء".
إعلانوفي مقارنة لافتة، ذكّرت "بلومبيرغ" بما حدث في أعقاب العقوبات الغربية على النفط الروسي والإيراني، عندما ظهرت "أساطيل مظلمة" من السفن المتهالكة لتسيير التجارة بعيدا عن أعين العقوبات، وهو سيناريو تقول الوكالة إنه "قد يتكرر الآن ولكن على نطاق أوسع وأكثر خطورة".
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن تسييس التجارة البحرية بين واشنطن وبكين يُهدد بتحويل البحر المفتوح إلى ساحة نزاع اقتصادي جديد، محذّرا من أن "صناعة الشحن -ومعها مليارات المستهلكين في العالم- ستكون الخاسر الأكبر".