مع اقتراب عام 2023 من نهايته، يجد الشرق الأوسط نفسه متورطا في شبكة من الأزمات التي قلبت الديناميكيات الإقليمية رأسا على عقب، متحدية التوقعات المتفائلة التي صدرت في وقت سابق من العام. 

ووفقا لتحليل لمجلة الإيكونومست، فإن الصراع الدائر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لم يكن بمثابة المواجهة الأكثر دموية منذ عام 1948 فحسب، بل أدى أيضاً إلى سلسلة من العواقب التي تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الأراضي المقدسة.

في تأمل مؤثر في العام المضطرب، يسلط تحليل للإيكونومست، الضوء على التحول الجذري من توقعات خفض التصعيد والدبلوماسية في المنطقة إلى الواقع القاسي المتمثل في تصاعد العنف والتوترات الجيوسياسية.

إن العلامات الأولية لاحتمال ذوبان الجليد في العلاقات الإقليمية، بما في ذلك الاتفاق الذي أبرمته السعودية مع إيران في مارس واستعداد جامعة الدول العربية لقبول بشار الأسد من جديد في مايو، قد طغت عليها إراقة الدماء الأخيرة.

وقبل اندلاع الصراع في أكتوبر، كانت إسرائيل تتمتع بعلاقات دافئة مع الدول المجاورة. ومع ذلك، فقد حولت الحرب إسرائيل من شريك إقليمي إلى دولة منبوذة في المنطقة. 

المواطنون العرب، الذين كانوا يأملون في تحسين العلاقات، ممتلئون الآن بالغضب، وقد وجد الشحن العالمي نفسه بشكل غير متوقع في مرمى نيران الصراع، مما يؤثر على الاقتصادات وربما يؤثر على السياسة الدولية.

على الرغم من المحاولات الأولية لتهدئة التصعيد، لم تتمكن الدول في المنطقة من منع العنف من جانب الجهات الفاعلة غير الحكومية.

 وقد أدى الصراع إلى تسليط الضوء على القضية القديمة المتمثلة في ضعف الدولة على نطاق واسع في الشرق الأوسط، حيث تمارس جماعات مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، نفوذها وتعطيل الاستقرار الإقليمي.

وأصبحت التداعيات الاقتصادية للصراع محسوسة بالفعل، وقد أدت الحرب إلى انخفاض قيمة العملات، والانكماش الاقتصادي. تراجعت السياحة، وهي مصدر مهم للدخل، في جميع أنحاء المنطقة، وتضيف هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر طبقة أخرى من الضغوط الاقتصادية.

لقد أجبر الصراع الولايات المتحدة، على الرغم من المحاولات السابقة للابتعاد عن الشرق الأوسط، على إعادة تأكيد نفوذها في المنطقة.

وتم نشر مجموعتين من حاملات الطائرات وآلاف من القوات، مما يؤكد الأهمية الدائمة للشرق الأوسط في الجغرافيا السياسية العالمية.

وفي الأراضي المقدسة ذاتها، أدت الحرب إلى تعميق الاتجاهات القائمة من التعنت، حيث أفسح التفاؤل بالتوصل إلى تسوية دائمة المجال أمام المواقف الراسخة.

وتشير الاستطلاعات إلى أن كلا من الفلسطينيين والإسرائيليين يتشددون في مواقفهم، مما يجعل احتمالات حل الدولتين أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

ورغم أن حرب غزة لم تعيد رسم الحدود ولم تطيح بأنظمة كما فعلت الصراعات السابقة، فإنها كشفت عن المشاكل التي ابتليت بها المنطقة دون حل. 

ومع نهاية العام، يواجه الشرق الأوسط مستقبلاً معقداً وغير مؤكد، حيث يبحر عبر تداعيات الصراع الذي غيّر كل شيء من نواحٍ عديدة، لكنه عزز رغم ذلك التحديات القديمة التي لا تزال قائمة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

دولة قطر من الدول الأكثر طموحا وتأثيرا في مجال التنقل الكهربائي على مستوى الشرق الأوسط

صنف تقرير صادر عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC)، دولة قطر كواحدة من الدول الأكثر طموحا وتأثيرا في مجال التنقل الكهربائي على مستوى الشرق الأوسط، بما يؤكد توجه الدولة بقوة نحو الريادة العالمية في هذا القطاع الحيوي.

ووفقا للتقرير فإن دولة قطر تسير بخطى سريعة نحو التحول إلى التنقل الكهربائي، بما يتماشى مع استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة التي تركز على الاستدامة، والتنويع الاقتصادي، والنمو المدفوع بالتكنولوجيا، وصولا لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، مبينا أن الخطط التي انبثقت في هذا المجال لعبت دورا محوريا في هذا التحول، حيث تم إطلاق استراتيجية المركبات الكهربائية، والتي تهدف إلى أن تشكل السيارات الكهربائية 10 بالمئة من إجمالي مبيعات المركبات بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تسريع تطوير البنية التحتية الداعمة لمستقبل التنقل عديم الانبعاثات الكربونية.

وتوقع التقرير أن نسبة مبيعات سيارات البطارية الكهربائية (BEV) في قطر سترتفع من 1.1 بالمئة في عام 2024 إلى 14.4 بالمئة بحلول عام 2035، فيما سترتقع نسبة مبيعات السيارات الهجينة القابلة للشحن (PHEV) من 0.7 بالمئة في عام 2024 إلى 9.6 بالمئة بحلول عام 2035.

وفي هذا الصدد استعرض التقرير الدور البارز الذي لعبته وزارة المواصلات في قيادة التحول نحو التنقل المستدام، من خلال خطط استراتيجيات عملها التي أطلقتها لدعم التحول نحو التنقل الكهربائي والهادفة إلى مستقبل أنظف وأكثر كفاءة ووعيا بيئيا.

وأوضح التقرير أن هذه الخطط ساهمت بوصول نسبة الحافلات الكهربائية  إلى 73 بالمئة من أسطول حافلات النقل العام، ما يعكس تحولا ملموسا نحو النقل الأخضر، كما لعبت الوزارة دورا بارزا في إنشاء مصنع لتجميع الحافلات الكهربائية في منطقة أم الحول الحرة، بالتعاون بين شركة يوتونغ الصينية وشركة مواصلات "كروة".

وبين أن كأس العالم FIFA قطر 2022 ساهم بشكل واضح في استعراض قدرات الدولة في التنقل الكهربائي، حيث تم استخدام نحو ألف حافلة كهربائية لنقل المشجعين والزوار، لتكون أول بطولة كأس عالم في الشرق الأوسط تركز بهذا الشكل على النقل الكهربائي.

وتوقع التقرير أن يساهم التحول إلى التنقل الكهربائي مصحوبا بالتوسع في مصادر الطاقة النظيفة في خفض انبعاثات الكربون بدولة قطر إلى نحو 5 بالمئة مقارنة بالاعتماد الكامل على مركبات الوقود التقليدي، مما يدعم التزامها الكامل بالنقل المستدام منخفض الكربون.

وبالتوازي مع ذلك أوضح التقرير أن أهم محركات القوة والتميز في مجال التنقل الكهربائي لدى دولة قطر تستند على رؤيتها الوطنية 2030 التي تدمج الاستدامة في صميم التنمية الاقتصادية والبيئية، مشيرا في هذا الصدد إلى توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة بمعدل 4.1 بالمئة سنويا حتى 2029، مصحوبا بزيادة سكانية بنحو 3.2 مليون نسمة بحلول 2030، مما يخلق سوقا متسعا لمركبات المستقبل، إلى جانب مساع جادة لتركيب أكثر من ألف وحدة شحن كهربائي بحلول عام 2030، مدعومة بخطط بناء نحو 4 آلاف وحدة شحن كهربائي بحلول عام 2035، فضلا عن التزام الدولة بمصادر إنتاج الطاقة النظيفة مع هدف إنتاج 5 غيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول 2035، ما يضمن تغذية شبكة الشحن الكهربائي بالكامل من مصادر متجددة.

وكشف التقرير أن التركيز على الاستثمارين المحلي والعالمي في هذا المجال ساهم في دعم التحول إلى التنقل الكهربائي في الدولة، حيث ساهم القطاع الخاص بإطلاق منصة تصنيعية إقليمية صاعدة، من خلال أول علامة تجارية وطنية للسيارات الكهربائية إيكوترانزيت (Ecotranzit)، وتطوير مركبة (Vim) ذات العلامة التجارية القطرية.

إلى جانب ذلك تم إنشاء شركة (ABB) بمنطقة أم الحول الحرة، والتي تضم مركز تدريب وخدمات متخصصة في البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية بالتعاون مع هيئة الأشغال العامة "أشغال".

كما أثبتت دولة قطر أنها شريك استثماري عالمي مؤثر، مع مساهمات جهاز قطر للاستثمار في كبرى شركات تصنيع البطاريات مثل (SK On)، ما يضع قطر ضمن اللاعبين الكبار في سلسلة القيمة العالمية للبطاريات، بالإضافة إلى أن الدولة أصبحت وجهة استثمارية جذابة عالميا، تستقطب شركات مثل فولكس فاغن وبورشه ويوتنغ لتأسيس أعمالها في السوق القطري.

مقالات مشابهة

  • الصين وروسيا تجددان إدانة الاحتلال الإسرائيلي وتؤكدان التمسك بالحل السياسي لأزمة الشرق الأوسط
  • أسعار الذهب تشتعل وسط التوتر في الشرق الأوسط
  • الذهب يصعد وسط التوتر في الشرق الأوسط
  • مصر والصين تؤكدان ضرورة تحييد خطر اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط
  • رتيبة النتشة: إسرائيل لا تعلن حقيقة الأهداف التي يتم إصابتها
  • مستقبل الصراع بين إيران وأمريكا
  • دولة قطر من الدول الأكثر طموحا وتأثيرا في مجال التنقل الكهربائي على مستوى الشرق الأوسط
  • استقرار أسعار الذهب مع ترقب لتطورات الصراع في منطقة الشرق الأوسط
  • أستاذ العلوم السياسية: خطة نتنياهو لهيمنة إسرائيل على الشرق الأوسط تواجه تحديات كبيرة
  • السبب الحقيقي لاندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران