طوفان الأقصى تُفاقم عقدة العقد الثامن بإسرائيل
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
القدس المحتلة- عادت عقدة العقد الثامن إلى دوائر النقاش في الساحة الإسرائيلية مع استمرار الحرب على غزة لتكشف التداعيات الأولية لمعركة "طوفان الأقصى" على الهوية الإسرائيلية الجماعية، وتقويض الأمن الشخصي وانهيار النظرية الأمنية بهذا المجتمع.
وشكلت "طوفان الأقصى" -التي شنتها حماس بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023- محطة فارقة في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي مع تآكل ردع المقاومة الفلسطينية، والإخفاق بالإنذار المبكر تجاه هجماتها، وغياب صورة الانتصار، والفشل في الحسم السريع بالمواجهات العسكرية مع الفصائل الفلسطينية.
هذه التقديرات والقراءات استعرضها بايغا شوحط، وزير المالية الأسبق في عهد حكومة إسحق رابين، في حوار مع "ملحق السبت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، حيث وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وحمله مسؤولية الفشل بمنع الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على مستوطنات "غلاف غزة" والنقب الغربي، وفتح باب الصراع مع الفلسطينيين على مصراعيه.
ويعتبر الوزير السابق عراب الاتفاقيات الاقتصادية المنبثقة من اتفاق أوسلو، ومهندس العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، علما بأنه كان من أوائل الإسرائيليين الذين وضعوا حجر الأساس للمشروع الاستيطاني في قطاع غزة خمسينيات القرن الماضي.
الحاضر والمستقبلاليوم، ومع اندلاع "طوفان الأقصى" يشير شوحط (87 عاما) يشير إلى أنه ينظر إلى الماضي بشوق، وإلى الحاضر بغضب. ويقول "لقد استسلم نتنياهو للابتزاز، فالمليارات تذهب إلى أشياء لا تساهم في الاقتصاد، إذا استمر الانقسام وتوزيع الميزانيات على الأحزاب المشاركة بائتلاف الحكومة، فهذا هو الخطر على وجودنا".
وعندما كان عمره 20 عاما، وصل شوحط الذي أنهى الخدمة العسكرية بالجيش حديثا، إلى كيبوتس "ناحال عوز" القريب من مدينة غزة، ويقول "كنا نعيش تحت القصف، لم يستسلم المصريون، لقد دمروا اقتصادنا في الكيبوتس، كنا نهرب إلى الملاجئ طوال الوقت".
ويقول شوحط في مذكراته "بين الصحراء والكنز" التي نشرها قبيل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي "احتل المصريون القطاع، وبعد ذلك أعادوه. ثم ساد الهدوء لسنوات قليلة" ويصف الفترة القصيرة هناك بأنها "أيام حرب وسلام في ناحال عوز".
ويضيف "في مارس/آذار 2022، ذهب جميع الأصدقاء الذين أسسوا المشروع الاستيطاني في غزة، وبعضهم ما يزالوا على قيد الحياة، إلى غلاف غزة للزيارة. كنا ضيوف الكيبوتس، لقد رأينا الخط الحدودي، لكننا لم نتخيل قط أن ما جرى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يمكن أن يحدث".
واستعرض شوحط استنتاجاته من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، قائلا "أعتقد أن الحدث دراماتيكي على مستوى عال للغاية، لقد قوّض وهز شيئا ما بالمفهوم الأمني الإسرائيلي بأكمله والثقة الكبيرة التي كانت لدينا. أنا لا أقول إننا يجب أن نستسلم، لكنني أقول إننا على مفترق طرق رئيسي، خصوصا في ظل الشرخ الذي تسببت به الإصلاحات بالجهاز القضائي ونهج وسياسات حكومة نتنياهو".
وأضاف أن "نتنياهو يدفع أثمانا غير معقولة سواء في السياسات الاقتصادية، أو في الموازنة العامة، هذا الشيء يجب أن يتغير لأنه خطر كبير جدا على وجودنا هنا".
وردا على سؤال: هل يجب أن يرحل نتنياهو؟ قال "ليس هناك شك إطلاقا. عشية العقد الثامن في حال دُمِّر الهيكل الثالث -بالإشارة إلى دولة إسرائيل- فسيتم تسجيل ذلك باسم نتنياهو الذي يوظف الحرب لأهدافه السياسية الشخصية، إنه كارثة لا توصف لإسرائيل، الأمر ببساطة فظيع جدا".
خطيئة وفساد
وتحدث شوحط عن أوائل تداعيات "طوفان الأقصى" مع أداء حكومة اليمين المتطرف خلال الحرب بكل ما يتعلق في القضايا الإسرائيلية الداخلية سواء الاقتصادية أو التشريعات والإصلاحات القضائية، مضيفا أن الخطر يهدد استمرار المشروع الصهيوني وخاصة في حال استمر الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي.
وأضاف "إذا استمرت سياسة التفضيل القطاعي في المجتمع الإسرائيلي، وإن كل شيء مسموح العمل والقيام به، فأموال وميزانيات الائتلاف لضمان استمرار الحكومة بمثابة الخطيئة الأصلية التي ارتكبها بتسلئيل سموتريتش وشركاه: أقاموا 6 أو 7 وزارات غير ضرورية تلقت مليارات الشواكل مع آلاف الموظفين الذين لا حاجة إليهم، وهذا خلف وضعا غير معقول، ووصل إلى عالم الفساد".
وأوضح شوحط أن المليارات تخصص الآن إلى التعليم الديني التوراتي الذي لا يوفر التعليم الأساسي، ولا يعطي أي شيء للاقتصاد الإسرائيلي، ولا يطور إمكانات وقدرات الناس وأفراد المجتمع، قائلا "تحدث أشياء فظيعة، كل ذلك من أجل الحفاظ على الحكومة".
ويرى أن تصاعد قوة اليمين المتطرف الذي وصفه بـ"المجنون" وتغلغل القومية اليهودية المسيحانية بالمجتمع الإسرائيلي يشكل خطرا على وجود إسرائيل، قائلا " لم يتم تأسيس الحركة الصهيونية من أجل بناء الهيكل، وعندما هاجر والدي عام 1925 إلى فلسطين، وكان عمره 17 عاما، جاء ليبني إسرائيل، وليس المعبد".
ويقول شوحط "بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول أعترف بأنني أشعر بقلق أكبر من أي وقت مضى، وأيضا بسبب الخلاف الداخلي والكراهية التي رسخها نتنياهو الذي أصبح حامل راية الانقسام الطائفي بين اليهود، لقد أصبحت أداة سياسية للحصول على الأصوات".
وتعليقا على الحملة التي يقودها نتنياهو ضد اتفاقية أوسلو، التي اعتبرها "كارثة كبرى" أدت إلى أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، قال شوحط "هذا مجرد هراء كبير.. كنا ندير الضفة الغربية وقطاع غزة، ونعلّم ملايين من العرب هناك، وقدمنا لهم الخدمات، لكنهم لم يريدونا، شيئا فشيئا تطورت المقاومة هناك، من المستحيل أن نتصور وضعا سنبقى فيه نسيطر على 7 ملايين عربي بين البحر والنهر، ونحن 6 إلى 7 ملايين يهودي، هذا لا يمكن أن يستمر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
"أفضل بدرجة واحدة" عن الطريقة التي تعامل بها مع زيلينسكي في البيت الأبيض.. هكذا يعامل ترامب نتنياهو
بات واضحًا أن العلاقة بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب قد بلغت أدنى مستوياتها. وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن الرئيس الأمريكي يتعامل مع نتنياهو "أعلى بدرجة واحدة" فقط، من الطريقة التي تعامل بها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال المشادة الكلامية التي جرت في البيت الأبيض. اعلان
لن تشمل زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط إسرائيل، سيمر بالمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة دون أن يتفقد أكبر حليف له في المنطقة. ربما تكفي هذه الخطوة لمعرفة حجم الخلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فترامب، الذي يكره أن يتمّ استغلاله، كما نقلت إدارته لوزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، يمشي بعيدًا عن "بي بي" كما كان يحبّ أن يناديه، وقرر قطع الاتصالات معه، حسبما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلية.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الفتور بين الزعيمين، بدأ في الظهور عندما أعلن ترامب للصحفيين عن نيته في الذهاب نحو مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، دون أن يطلع زعيم حزب الليكود عن خطوته، وهو جالس قربه.
بعد ذلك، وقّع سيد البيت الأبيض اتفاقًا لوقف إطلاق النار مع جماعة "أنصار الله" الحوثيين في اليمن، يضمن حماية السفن الأمريكية التجارية في البحر الأحمر، دون أن تشمل الصفقة تل أبيب، التي ما زالت تتعرض لهجمات باليستية بين الحين والآخر، ما جعل حلفاء ترامب في الدولة العبرية يشعرون وكأنهم تركوا لوحدهم.
Relatedحلم ضرب منشآت إيران النووية يراود إسرائيل.. التوتر يتصاعد بين ترامب ونتنياهوبرج ترامب في دمشق وسلامٌ مع إسرائيل.. هكذا يحاول أحمد الشرع استمالة الرئيس الأمريكيالقناة الـ12: تعليمات للجيش بوقف إطلاق النار بدءا من 12 زوالا للتمكن من استعادة الجندي عيدان ألكسندرولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، فذهب إلى تفاهم مع حركة حماس، التي وافقت على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، بمعزل أيضًا عن الدولة العبرية.
وفيما تبدو هذه الخلافات مستحدثة، تقول "واشنطن بوست" إن الصدع بدأ يتشكل منذ وقت طويل، يعود إلى تهنئة نتنياهو للرئيس السابق جو بايدن عند فوزه بالانتخابات الرئاسية ريثما كان يعترض ترامب على النتائج.
وكذلك عندما أعلن رئيس الوزراء عن ضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة، وهو الأمر الذي يتعارض مع رؤية الزعيم الجمهوري الجديدة للشرق الأوسط.
وعلى الرغم من تأكيدات الإدارة الأمريكية بأن هذه التحركات تصب في مصلحة الاستقرار الإقليمي، إلا أن أصواتًا إسرائيلية تخشى من أن استبعاد دولتهم بهذا الشكل، قد يقوض العلاقة مع واشنطن.
وكانت قد أفادت تقارير بأن الرئيس الأمريكي سيخرج عن المألوف في طريقة تعاطيه مع الشرق الأوسط، وربما يعرض على الرياض الوصول إلى تكنولوجيا نووية دون اشتراط التطبيع مع تل أبيب، في خطوة من شأنها تغيير التحالفات والمشهد الجيوسياسي.
ويظهر أن ترامب يعطي المصالح الاقتصادية والتجارية في أمريكا الأولوية على الحسابات الأمنية التقليدية بين بلاده وإسرائيل، وهي رسالة فهمها الإسرائيليون جيدًا. إذ نقلت هيئة البث عن الوزير آفي ديختر، المقرب من نتنياهو، قوله: "نحن لسنا النجمة رقم 51 على العلم الأمريكي".
وتابع ديختر قائلاً: "أهداف الحرب لم تتغير"، مما يشير إلى أن الطرفين قد يقفان على مفترق طرق.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة