باسل العكور يكتب :السقوط المدوي للمنظومة القانونية والقيمية في الغرب ..الاثار الكارثية للمشاركة في حرب الابادة على غزة
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
كتب باسل العكور
اختار الغرب المتحضر (..) في ازمة غزة ان يتنازل عن المنظومة القانونية والقيمية والاخلاقية التي ادعى لعقود خلت بانه يجسدها و يمثلها ويدافع عنها ، هذا التنازل الاضطراري او الطوعي نسف تماما المرجعيات المعيارية التي كان الغرب ومختلف مؤسساته الرسمية وغير الرسمية يتشدق بانه راعيها ووكيلها الحصري .
وهنا – والحالة بهذا البؤس – علينا ان نسأل : ما هي المعايير الجديدة التي ستحكم وتضبط سلوك هذه الدول مع المجتمع الدولي من جهة ، ومع مواطنيها من جهة اخرى ؟
مقالات ذات صلةاذا كان الاعتداء على حقوق الانسان الفلسطيني ، على حقوق الطفل والمرأة ، يمكن التغاضي عنه في هذه الازمة ، فما الذي سيكفل التزام هذه الدول بهذه الحقوق في علاقاتها الدولية او في مجتمعاتها ايضا ؟ التنازل عن المنظومة القيمية في حالة غزة يشي بأن التزامهم بها ليس حقيقيا، وان حكومات هذه الدول لا تجد غضاضة في التنازل عنها اذا ما اضطرت الى ذلك ، وهذا بحد ذاته خطير للغاية ، فليس ممكنا ان تؤمن بالقيمة ونقيضها بنفس الوقت .
اذا كان الانحياز الاعلامي الفاضح لدولة الاحتلال مقبولا من الناحية المبدئية لديهم ، فكيف سيكون واقع حال وسائل اعلامهم بعد هذه الازمة وقد تنازل العاملون بها جميعا عن مبادئ المهنة واخلاقياتها وميثاق شرفها ؟
ولغايات توضيح الدلالات الخطيرة لهذه المواقف المزدوجة المتضاربة ، ولتقديم امثلة على بوادر السقوط المعياري ، دعونا نستحضر قصة تلك السيدة البريطانية التي تم تفتيش منزلها واقتيادها امام اطفالها الى المركز الامني لانها فقط نشرت تعليقا مؤيدا لغزة على السوشال ميديا ، دعونا نتذكر كيف قامت قوات الامن في كل من باريس وبرلين في منع المسيرات و سحل المتظاهرين المؤدين لغزة، وهناك امثلة ايضا لصحفيين تم فصلهم من وظائفهم لا لشىء الا لانهم خالفوا موقف مؤسساتهم الصحفية المنحازة ، وكذلك موظفين في مؤسسات مجتمع مدني المانية قامت بمنع موظفيها من التعبير عن رأيهم في الاردن وغيرها ، وهذا انسحب على سفارات غربية حذرت من اتخاذ موقف معاد لحليفتهم اسرائيل ، وكل هذه انتهاكات جسيمة لحقوق اصلية كان الغرب يؤكد انه يكفلها لجميع مواطنيه، وتبين عكس ذلك .
ماذا لو انتهكت حقوق او حريات شخص او مجموعة اشخاص في تلك الدول المتمدنة، فما هي ضمانات كفالة هذه الحقوق ومحاسبة منتهكيها ، طبعا لا ضمانات ، ماذا لو تعرضت احدى العاملات في واحدة من الدوائر الرسمية الغربية او حتى الدبلوماسية(..) لتحرش من قبل احد زملائها الذكور ، وقامت هذه الموظفة بتقديم شكوى بحق المتحرش ، فما هي ضمانات المعالجة القانونية العادلة لهذه الواقعة ، طبعا لا يوجد اي ضمانة ، فلقد تخلى الغرب عن مرجعيته الاخلاقية والقيمية تماما ، واستعاض عن ذلك بمواقف واجراءات وقرارات ضربت بنيته القانونية والقيمية بشكل كلي .
الامثلة والافتراضات اعلاه كلها وقعت فعلا ، حكومات الغرب غضت الطرف عمليا عن تلك التجاوزات ، وحتما هناك مئات الامثلة الاخرى التي تكشف انهيارا قيميا شاملا بدأ يطفو على السطح ويلمس الناس اثره يوميا ، وهذا امر في غاية الخطورة .
العالم يتغير او للدقة يتداعى اخلاقيا ويستحيل نظامه الى فوضى عارمة.. ان مشاهدة حرب الابادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني وحلفاؤه الغربيون ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية على الهواء مباشرة ، ليس امرا يمكن تجاوزه او احتواء نتائجه ..
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
أستاذ قانون الدولي يكشف التداعيات الكارثية للهجوم الإسرائيلي على إيران ويطالب بمحاكمة المعتدين فورًا
أشاد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بالبيان الصادر من الخارجية المصرية والذي أدان الهجوم الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية فجر اليوم، وأكد أنها تمثل انتهاكات واضحه لميثاق الأمم المتحدة، وتعد تهديدا مباشرا للامن والسلم الدوليين.
ووصف الدكتور محمد مهران، الضربة الإسرائيلية على إيران بأنها جريمة حرب واضحة تستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا، محذرًا من أن التداعيات قد تصل إلى حد اندلاع صراع عالمي يهدد السلم والأمن الدوليين.
وأكد مهران أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي الإيرانية وأسفر عن مقتل كبار القادة العسكريين الإيرانيين يشكل انتهاكًا جسيمًا لأهم مبادئ القانون الدولي، خاصة مبدأ عدم جواز استخدام القوة في العلاقات الدولية المنصوص عليه في المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح استاذ القانون الدولي، أن العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة «الأسد الصاعد» تنتهك عدة مواثيق ومعاهدات دولية أساسية، بما في ذلك مثياق الأمم المتحدة، واتفاقية لاهاي لعام 1907 الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية، واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، مشيرًا إلى أن استهداف القيادات المدنية والعسكرية في دولة ذات سيادة يعد جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وحذر الدكتور مهران من أن الآثار السياسية لهذا العدوان ستكون مدمرة على المستوى الإقليمي والدولي، مؤكدًا أن الهجوم سيؤدي إلى انهيار كامل للتوازنات الإقليمية وقد يدفع إيران وحلفاءها إلى ردود أفعال عسكرية واسعة النطاق تشمل الميليشيات المسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، مما يهدد بتحويل الصراع إلى حرب إقليمية شاملة.
وأشار إلى أن التداعيات الاقتصادية ستكون كارثية على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل موقع إيران الاستراتيجي على مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، محذرًا من أن أي اضطراب في هذا الممر المائي الحيوي سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط والغاز يضرب الاقتصاد العالمي ويدخل العالم في ركود اقتصادي عميق.
ولفت الخبير الدولي إلى أن الآثار الأمنية للهجوم ستمتد لتشمل تنشيط الخلايا النائمة للجماعات المسلحة الموالية لإيران في مختلف أنحاء المنطقة، مما قد يؤدي إلى موجة من العمليات الانتقامية ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية والغربية في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذا السيناريو قد يدفع القوى الكبرى إلى التدخل العسكري المباشر مما يزيد من احتمالية اندلاع صراع عالمي.
وأكد الدكتور مهران أن موقف القانون الدولي من هذا العدوان واضح ولا لبس فيه، حيث يعتبر الهجوم عملًا عدوانيًا محظورًا ينتهك الأسس الراسخة للنظام القانوني الدولي منذ إنشاء الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادة 51 من الميثاق لا يمكن الاحتجاج به من قبل إسرائيل في هذه الحالة لأنه يتطلب وجود هجوم مسلح فعلي وليس مجرد تهديد محتمل.
وطالب بضرورة عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي واتخاذ إجراءات رادعة ضد إسرائيل تشمل فرض عقوبات اقتصادية وسياسية شاملة، محذرًا من أن فشل المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم سيرسل رسالة خطيرة مفادها أن القوة هي المحدد الوحيد في العلاقات الدولية وليس القانون.
وشدد على ضرورة إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة وملاحقة المسؤولين عن التخطيط والتنفيذ، مؤكدًا أن إفلات المعتدين من العقاب سيشجع على المزيد من الانتهاكات ويقوض مصداقية النظام القضائي الدولي برمته.
وحذر من أن التداعيات الإنسانية للتصعيد ستكون مأساوية، حيث قد تؤدي إلى موجات نزوح جماعي جديدة وأزمة لاجئين ضخمة تضاف إلى الأزمات الإنسانية القائمة في المنطقة، مؤكدًا أن الشعوب هي من ستدفع الثمن الأكبر لهذا التهور السياسي والعسكري.
ودعا الدكتور مهران إلى تحرك عربي موحد لمواجهة هذا العدوان وحشد الدعم الدولي لإيران كدولة تعرضت لعدوان غير مبرر، مؤكدًا أن الصمت في هذه اللحظة التاريخية الحرجة يعني التواطؤ مع الانتهاكات والمساهمة في تدمير النظام القانوني الدولي الذي استغرق عقودًا لبنائه.