تنبؤات بانقسام تدريجي.. ماذا سيحدث في القوى العظمى خلال 2024؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
استعرض موقع "المجلس الروسي للشؤون الدولية" في مقال رأي لمديره العام إيفان تيموفيف، بعض التوقعات لسنة 2024.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن العالم ودّع الأفكار المثالية حول العولمة التي سادت في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بشأن انتهاء التناقضات السياسية الكبرى بين القوى.
فيما يتعلق بروسيا التي تخوض صراعًا شديدًا مع الغرب انجر عنه فرض عقوبات وقيود تصدير، بات من الواضح لها أنه يمكن للاعتماد المتبادل على الغرب أن ينقلب في أي لحظة ضدها، وتؤثّر السياسة مرة أخرى على الاقتصاد، الأمر الذي يستدعي تنويع العلاقات التجاريّة.
وأشار الكاتب إلى أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة لا تزال قائمة على مستوى عالٍ من الاعتماد الاقتصادي المتبادل. ونظرًا لتزايد المنافسة السياسية يعمل الصينيون بنشاط على تطوير تقنيّاتهم وصناعاتهم الخاصة، لا سيما في ظل استهداف الولايات المتحدة قطاع التكنولوجيا الصيني عن طريق فرض عدد من العقوبات.
من جانبها، أدركت الولايات المتحدة أن تسييس العلاقات الاقتصادية قد يلحق بها ضررا، وهو ما أثبتته التجارب السابقة، حين هددت الصين الولايات المتحدة بفرض قيود على توريد المعادن النادرة إلى الخارج، وهي خطوة من شأنها التأثير بشكل خطير على عدد من القطاعات الصناعية، بما في ذلك قطاعات التكنولوجيا المتقدمة. لهذا السبب، يولي الأمريكيون في الوقت الراهن اهتمامًا كبيرًا بإعادة إنشاء صناعة الإلكترونيات الخاصة بهم ليس فقط من حيث اكتساب المعرفة وإنما أيضًا من حيث تكوين دورة إنتاج كاملة لأشباه الموصلات والإلكترونيات.
في الأثناء، ينزلق الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد نحو علاقة اعتماد مشترك مع الولايات المتحدة ولا ينادي بإرساء صناعته وسلاسل توريده الخاصة. ومع ذلك، يشكك الاتحاد الأوروبي هو الآخر في نهج العولمة واستراتيجية التنمية.
وذكر الكاتب أن إطار العولمة القائم على إجراء المعاملات المالية بالدولار وسلاسل التوريد العديدة والإحجام عن التخلي عن العلاقات الدولية لبلدان مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا والعديد من البلدان النامية الأخرى لا يزال قائمًا. وبينما تسعى هذه الدول إلى التنويع، بما في ذلك من خلال منصة البريكس، فإنها تتجنب الدخول في صراع مع الغرب. لذلك، تظهر الممارسة العملية عدم تكافؤ. وفي حين يجبر البعض العولمة على إعادة الهيكلة، يظل البعض الآخر محافظا عليها بالأساس في محاولة لضمان استقرار العلاقات الدولية.
نظريًا، من المنطقي التنبؤ بانقسام العالم تدريجيًا إلى عدة أقطاب (اثنان على الأقل: الولايات المتحدة والصين)، يمتلك كل واحد منصاته التكنولوجية الخاصة وسلاسل التوريد والدوائر المالية الداخلية وما إلى ذلك. لكن عمليًا، يتطلب هذا تكاليف كبيرة ووقتا طويلا. في المقابل، تتمثل مهام السياسة في تعزيز المصالح بأي ثمن بصرف النظر عن التكاليف. وعلى المدى الطويل، يمكن انقسام العالم إلى قطبين على الأقل. لكن ستتصدى بعض الأطراف وخاصة الشركات التي اعتادت العيش في ظروف أكثر ملاءمة لهذه المحاولات وستحاول التأثير عليها قدر استطاعتها.
خلف الأبواب المغلقة
أورد الكاتب أن علاقات روسيا مع الدول الحدودية على الجانب الأوروبي تستمر في التدهور بعد التحاق فنلندا بحلف شمال الأطلسي وإغلاق حدودها البرية مع روسيا بشكل كامل، مثلما فعلت دول البلطيق الثلاث. وغلق الحدود والعسكرة التدريجية لمنطقة البلطيق مجرد بداية وقد تصل الأمور إلى حد الاشتباكات العسكرية. مثل هذا الاحتمال قائم، ونظرا لعسكرة منطقة البلطيق وتوسيع حلف شمال الأطلسي على حساب فنلندا وفي المستقبل السويد، فإن مؤامرة إغلاق الحدود ليس سوى جزء من اتجاه سلبي أكثر شمولا.
واتسمت السنة الماضية بتصعيد العقوبات الغربية ضد روسيا بعد دخول اللوائح التي تم اعتمادها قبل عام حيز التنفيذ. فعلى سبيل المثال، فُرض حظر على تصدير المنتجات النفطية الروسية إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، صاحبه توسع خطير في قوائم السلع الصناعية المحظور تسليمها إلى روسيا. وتعتبر العقوبات صنيعة العمليات السياسية، ومن النوع الذي لا توجد فيه شروط مسبقة لتخفيفها بشكل مستدام. وتظهر التجربة أن فرض العقوبات أسهل من رفعها أو تخفيفها.
في هذا الصدد، كانت الولايات المتحدة المبادر بفرض العقوبات. وعلى مدى القرن الماضي، قدّمت واشنطن عدداً أكبر من هذه المبادرات مقارنة بجميع الدول والمنظمات الدولية الأخرى مجتمعةً. ويمكن للرئيس الأمريكي إلغاء أوامره التنفيذية المتعلقة بالعقوبات. ومن خلال التوصل إلى اتفاقات سياسية لرفع العقوبات يمكن أن تتغير الوقائع بجرة قلم واحدة، والاتفاق النووي الإيراني خير دليل على ذلك.
مع أخذ هذه التطورات بعين الاعتبار، يتعين على الشركات الروسية التطلع إلى بناء أساس أقوى على الجانب الشرقي. ومع أن الوضع الحالي يؤثر أيضًا على الشرق، الذي لم تنضم حكوماته إلى العقوبات المناهضة لروسيا، غير أن الشركات قد تمتثل للمطالب الأمريكية.
وتجاوزت العديد من وسائل الإعلام الروسية والأجنبية القانون الدولي خلال العامين الماضيين. ومن الواضح أنه كلما ارتفع مستوى الصراع في العلاقات الدولية، زاد الإخلال بالقانون الدولي. فعلى سبيل المثال، واجهت العلاقات الروسية الأمريكية في مجال التعاون بين وكالات إنفاذ القانون بعض المشاكل بسبب الاحتكاك السياسي. وفي نفس الوقت، تنشأ صعوبات فيما يتعلق بإنفاذ القانون، بما في ذلك في سياق الصراع العربي الإسرائيلي والصراع في أوكرانيا.
وتتجه أصابع الاتهام نحو الأمم المتحدة في الوقت الراهن، ومع تفاقم الوضع في قطاع غزة بات واضحا أن الأمم المتحدة لا تستطيع حل الصراعات الكبيرة والصغيرة على حد السواء. إلى جانب الأمم المتحدة، فإن مؤسسات مثل منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، التي تعمل بشكل ديناميكي على تطوير وتوسيع قائمة الدول الأعضاء في مجموعة البريكس، والتي ستترأسها روسيا في هذه السنة، تعمل بشكل فعال. ورغم الخوف من إمكانية تسييسها غير أن المؤسسات الدولية ما زالت تتطور.
وقال ألكسندر الثالث ذات مرة إن روسيا تمتلك حليفين فقط وهما الجيش والقوات البحرية. ومع ذلك، في عهد ألكسندر الثالث أنشأت تحالفات نشطة مع فرنسا. في عهده وضعت هذه الأسس وتم الحفاظ على منطق الدبلوماسية أي تقليل عدد الأعداء وتعظيم عدد الحلفاء. وفي العالم الحديث، لا تزال هناك حاجة بالتأكيد إلى الحلفاء.
لم تتخلّ روسيا عن هذه الفكرة، سواء في المجال العسكري أو الاقتصادي. على الصعيد الاقتصادي تنتمي إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وعلى الصعيد العسكري السياسي هي عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي - مع العلم أن قدرات كلا الهيكلين محدودة، ولا يمكن مقارنتهما بحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، إذ تواجه منظمة معاهدة الأمن الجماعي في الوقت الراهن صعوباتها الخاصة في سياق العلاقات بين روسيا وأرمينيا.
في الوقت نفسه، لا تمثل التحالفات اليوم شراكة تعاقدية صارمة ويمكن أن تكون ظرفية هدفها حل مشاكل محددة. وهكذا فإن دول البريكس، بالإضافة إلى روسيا، تحافظ على علاقاتها مع الغرب ولا تتخلى عن تنويع علاقاتها. وبالنسبة لروسيا سيظل الحدث الرئيسي في السياسة الخارجية هو الوضع حول أوكرانيا وبناء ملامح الوجود في ظل الأزمة مع الغرب وتطوير العلاقات مع الصين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الصين الاتحاد الأوروبي روسيا امريكا الصين روسيا الاتحاد الأوروبي تنبؤات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی فی الوقت الراهن بما فی ذلک مع الغرب
إقرأ أيضاً:
ماذا تعرف عن اقتصاد النرويج.. أغنى دولة نفطية في أوروبا؟
أصبح النفط المحرك الرئيسي لاقتصاد النرويج، منذ اكتشاف احتياطيات بحرية ضخمة في أواخر ستينيات القرن الماضي، ولطالما ارتبط الاقتصاد النرويجي بقطاع الطاقة.
تكمن خصوصية التجربة النرويجية في قدرتها على إدارة ثرواتها الطبيعية بكفاءة عالية، إذ مزجت بين الإنتاج المستدام والتخطيط المالي طويل الأمد، ما مكنها من تأسيس أكبر صندوق سيادي في العالم، وضمان استقرار اقتصادي واسع النطاق.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4النرويج التي أصبحت غنية أكثر من اللازم.. حين يتحول الازدهار إلى عبءlist 2 of 4الصندوق السيادي النرويجي يراجع استثماراته في بنوك إسرائيليةlist 3 of 4صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من شركة إسرائيليةlist 4 of 4صندوق الثروة السيادي النرويجي يخسر 40 مليار دولارend of listالنفط في النرويجتُعد النرويج أكبر منتج للنفط والغاز في أوروبا، بإنتاج إجمالي يزيد عن 4 ملايين برميل من المكافئ النفطي يوميا، وتقدر احتياطيات النفط المؤكدة في النرويج بنحو 7 مليارات برميل وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، ووكالة رويترز.
وبلغ إنتاج النرويج من النفط في شهر ديسمبر/كانون الأول 2024 نحو 1.78 مليون برميل يوميا، كما أنتجت 217 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي يوميا في الفترة نفسها، وفقا لتقرير مديرية النفط البحري النرويجية.
وتواصل البلاد استكشاف وتطوير حقول النفط والغاز الجديدة، بما في ذلك في بحر بارنتس في القطب الشمالي.
تستخرج الجزء الأكبر من النفط في البلاد شركة إكوينور (Equinor)، وهي شركة طاقة نرويجية مملوكة للدولة بنسبة 67%، وتعمل كذلك في نحو 30 دولة في العالم. تُنتج إكوينور 70% من النفط والغاز الطبيعي في النرويج شكلت عملياتها في النرويج 67% من إجمالي عملياتها العالمية في عام 2021 تُنتج الشركة نحو مليوني برميل من النفط يوميًا عالميًا، يخرج معظمها من النرويج، وفق بيانات عام 2024 الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية الغاز الطبيعي في النرويجمع نمو إنتاج الغاز الطبيعي في النرويج، زادت كمية سوائل الغاز الطبيعي المنتج بشكل كبير، لتصل إلى ذروة بلغت 351 ألف برميل يوميا في عام 2017.
وفي عام 2023، بلغ إنتاج سوائل الغاز الطبيعي 204 آلاف برميل يوميا، وأكبر حقلين هما ترول (23 ألف برميل يوميا) وأسجارد (21 ألف برميل يوميا).
إعلانوتعد "كارستو" (Kårstø) أكبر مركز لمعالجة سوائل الغاز الطبيعي في أوروبا، ثم يُنقل الغاز الجاف أساسا عبر خطوط الأنابيب إلى باقي الدول الأوروبية وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ويصدر البروبان والبيوتان والبنزين الطبيعي من كارستو إلى أوروبا والعالم، بينما يُشحن الإيثان إلى مُستخدمي البتروكيماويات في حوض بحر الشمال. ويُعد كهفا تخزين البروبان في كارستو، اللذان تبلغ سعتهما الإجمالية أكثر من 1.6 مليون برميل، الأكبر في أوروبا.
أظهرت بيانات هيئة الإحصاء النرويجية أن إجمالي الواردات النرويجية لعام 2024 بلغ نحو 1.75 تريليون كرونة نرويجية، (نحو 172 مليار دولار).
وتنوعت الواردات بين عدد من القطاعات الحيوية:
إعلان تصدرت الآلات والمعدات الكهربائية (مثل الحواسيب وأجهزة الاتصالات والمحركات) القائمة تلتها المركبات، وخصوصا السيارات الكهربائية التي تحظى بإقبال كبير في إطار سياسة التحول نحو النقل المستدام. شملت الواردات المنتجات الكيميائية، خاصة الأدوية والمواد الصناعية. المواد الغذائية والمشروبات المعادن والصلب الملابس والمنسوجاتأما على صعيد الميزان التجاري، فقد سجلت النرويج فائضا تجاريا قدره 722 مليار كرونة (69.4 مليار دولار) خلال عام 2024، مما يعكس قوة صادراتها، لا سيما في قطاعي النفط والغاز.
وختاما، يُعد الاقتصاد النرويجي نموذجا فريدا يجمع بين استغلال الموارد الطبيعية بكفاءة، وإدارة مالية حكيمة عززتها إيرادات النفط والغاز، ما مكن البلاد من بناء أكبر صندوق سيادي في العالم.
وانعكست هذه السياسات على مستوى معيشة السكان، إذ ينعم المواطن النرويجي بدرجات عالية من الرفاه، ومستوى منخفض من البطالة والتفاوت في الدخل، مما يجعل النرويج واحدة من أكثر الدول استقرارا وازدهارا في العالم.