هل يقود التصعيد على حدود لبنان إلى حرب بين حزب الله وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- يحظى الواقع الإستراتيجي على الحدود اللبنانية -تدريجيا- بمكانة متقدمة في اعتبارات الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية، خاصة عقب اغتيال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) صالح العاروري، في العاصمة اللبنانية بيروت.
على الحدود الشمالية وفي منطقة الجليل الأعلى، حيث تم إخلاء قرابة 100 ألف إسرائيلي من البلدات والمستوطنات الحدودية، وسط التوتر المتواصل بالتوازي مع الحرب على غزة، تبدو الأمور للوهلة الأولى أقل تعقيدا، لكن التوتر الأمني يسير في منحى تصاعدي.
وحتى دون أن تقر إسرائيل رسميا بتنفيذها عملية اغتيال العاروري، فإن تقديرات محللين عسكريين تُجمع على أن حدة التوترات على الجبهة الشمالية تتصاعد بشكل غير مسبوق منذ حرب لبنان الثانية عام 2006.
ووفق محللين إسرائيليين، فإن تصاعد التوتر الذي قد ينذر بمواجهة شاملة، ليس فقط لأن حزب الله وحماس سيسعيان للانتقام لاغتيال العاروري، بل لأن تل أبيب تجد نفسها في وضع معقد ما قد يدفعها إلى تحرك عسكري أوسع إذا لم تنجح الجهود الدبلوماسية في إبعاد مقاتلي حزب الله عن الحدود.
ورغم الإجماع في تل أبيب على أن حزب الله بات "مرتدعا وغير معنِيّ بحرب شاملة وواسعة"، فإن تصاعد حدة التوتر الأمني يعزز السيناريو الذي طرحه وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بضرورة توجيه ضربة استباقية للحزب.
وتتوافق التقديرات على أن إسرائيل تتجه إلى سيناريو حرب شاملة على الجبهة الشمالية مع لبنان في ظل بدء المؤسسة العسكرية استخلاص العبر من التصور الأمني حيال حركة حماس في قطاع غزة "بأنها مرتدعة وغير معنية بحرب شاملة". ولكن هذه الفرضية انهارت بالهجوم المفاجئ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويقول المحلل السياسي بصحيفة "معاريف"، بن كسبيت إن اغتيال العاروري "يضع قرار الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بشأن دخوله في مواجهة شاملة أمام تحديات، في وقت حساس أيضا بالنسبة لإسرائيل، مع الإعلان الأميركي عن عودة حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى الغرب وتقليص وجودها العسكري قبالة سواحل بيروت، ما يسهم بتراجع الردع الإسرائيلي".
ويضيف أن "نصر الله يعي أن أوراقه لا تزال سيئة. إسرائيل مستعدة، وقوات الاحتياط حشدت في الشمال، وتم إجلاء السكان، ويحتفظ سلاح الجو بمعظم قوته بالجليل الأعلى، لعبة نصر الله بين الترهيب والتصعيد يجب أن تُحسم قريبا. لكن بالنسبة لتل أبيب، هل تتحول المواجهة مع حماس إلى حرب متعددة الجبهات؟".
تحذير ووعيدوخلص تقدير موقف لـ"معهد أبحاث الأمن القومي"، التابع لجامعة تل أبيب إلى أن خطاب وتصريحات نصر الله، تظهر أن الحزب اللبناني بات "مرتدعا وغير معنِيّ بتصعيد القتال على الحدود الشمالية".
وتقول الباحثة في المعهد أورنا مزراحي إن نصر الله "جدد تحذيراته للقيادة الإسرائيلية من أجل ردعها عن شن حرب واسعة النطاق عندما توعد تل أبيب برد قاس، خصوصا وأن اغتيال العاروري في بيروت يفاقم معضلة نصر الله الذي يوجد بمأزق قبالتها"، حسب تقديرها.
وترى مزراحي أن ملامح التصعيد تتكشف من خلال تنفيذ اغتيالات في بيروت أو العمليات العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، والتي تسببت بأضرار واسعة النطاق لأصول حزب الله فيما يتعلق بالبنية التحتية والأسلحة واغتيال عناصر عديدة وتضرر سكان القرى اللبنانية التي ينطلق منها عناصر الحزب.
وتحت عنوان "لقد وعدت الحكومة بالتغيير في الشمال، وقد يدفع ذلك إسرائيل إلى تحرك عسكري أوسع"، كتب المحلل العسكري بصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، مقالا استعرض من خلاله التصعيد المتدرج على الحدود الشمالية.
وأشار إلى أن الواقع الميداني في الجليل الأعلى وعدم تغيير الواقع بحسب ما يريد السكان الإسرائيليون في البلدات الحدودية، والتوتر الأمني المتصاعد على الحدود اللبنانية، من شأنه أن يدفع تل أبيب نحو شن عملية عسكرية واسعة وحرب شاملة مع حزب الله.
ويضيف هرئيل أن الحكومة الإسرائيلية والجيش تعهدا في مرحلة مبكرة من التوتر على الحدود اللبنانية "بالعمل على تغيير الوضع، ويمكن أن يكونا بذلك قد ربطا نفسيهما دون خيار بالعملية العسكرية والحرب الشاملة مع حزب الله".
ويتوقع أن يستمر تبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وقوات الحزب بالشكل الحالي عدة أشهر تتم خلالها محاولة التحرك الأميركي والفرنسي للتوصل إلى تسوية سياسية.
رد فعل قاس
لكن فرص نجاح الدبلوماسية، يقول هرئيل "ليست عالية، وبالتالي هناك احتمال أنه بعد استنفاد الاتصالات الدبلوماسية، ستستعد إسرائيل أيضا لتحرك عسكري".
ويعتقد المحلل العسكري أن تل أبيب تأخذ سيناريو مواجهة مع حزب الله بعين الاعتبار حتى قبل اغتيال العاروري، إذ تقدر التوقعات الإسرائيلية احتمال أن يؤدي رد فعل الحزب القاسي على الاغتيال إلى وضع الطرفين على طريق سوء التقدير وإلى تصعيد فعلي وشامل.
بدوره، يقول المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" طال ليف-رام إن اغتيال العاروري وتكثيف الغارات المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي في سوريا واستهداف مقرات تابعة لإيران "هي بالطبع رسالة موجهة إلى حسن نصر الله مفادها بأن إسرائيل مستعدة لرفع مستوى المخاطر في الحرب بلبنان".
وأوضح أنه ربما للمرة الأولى منذ بداية الحرب على غزة والتصعيد على الحدود الشمالية، فإن إسرائيل -عقب اغتيال العاروري- "هي التي تضع زعيم حزب الله في معضلة كبيرة حول كيفية الرد"، قائلا إن الاغتيال الذي وقع في الضاحية الجنوبية في بيروت يشكل مرحلة أخرى في الحرب.
وأشار ليف-رام إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أخذت بعين الاعتبار أيضا احتمال التدهور الأمني على الجبهة اللبنانية، لكنها تقدر أنه من المرجح أن يكون لنصر الله عدد غير قليل من المصالح، وعليه قد يتجنب في رده أو عملياته العسكرية سيناريو حرب شاملة وشديدة مع تل أبيب.
وفي كل الأحوال، يقول إن "قوات الدفاع الإسرائيلية مطالبة بالاستعداد لرد عسكري يتجاوز النمط الذي اتبعه حزب الله حتى الآن، في محاولة لتحصيل ثمن باهظ من إسرائيل. لذا، فكما حدث في الأيام القليلة الماضية التي تميزت بتوترات شديدة في الشمال، فإن الحرب المقبلة سوف تكون أكثر صرامة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: على الحدود الشمالیة اغتیال العاروری حرب شاملة حزب الله نصر الله فی بیروت تل أبیب
إقرأ أيضاً:
غزة.. شهادات أخرى عن "مأساة المساعدات" تكذب رواية إسرائيل
نقلت منظمة "أطباء بلا حدود"، الأحد، شهادات لمصابين عالجتهم بموقع إغاثة في غزة، أفادوا بتعرضهم لإطلاق نار من جميع الجهات من قبل القوات الإسرائيلية.
وألقت المنظمة غير الحكومية، باللوم على مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة، في الفوضى التي سادت موقع الحادث برفح جنوبي قطاع غزة.
ونفى الجيش الإسرائيلي بشدة إطلاق النار على المدنيين في موقع توزيع المساعدات التابع لمؤسسة غزة الإنسانية أو بالقرب منه، في رفح.
وأعلن جهاز الدفاع المدني في غزة أن النيران الإسرائيلية قتلت 31 فلسطينيا وأصابت العشرات في الموقع، كما أفاد شهود عيان وكالة "فرانس برس" أن الجيش الإسرائيلي هو من أطلق النار.
وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" في بيان: "أبلغ المصابون المنظمة أنهم تعرضوا لإطلاق النار من جميع الجهات، من طائرات مسيّرة ومروحيات وقوارب ودبابات وجنود إسرائيليين على الأرض".
ووصفت منسقة الطوارئ في منظمة "أطباء بلا حدود" كلير مانيرا، نظام مؤسسة غزة الإنسانية بأنه "لا إنساني وخطير وغير فعال للغاية".
وقالت: "أسفر ذلك عن وفيات وإصابات بين المدنيين كان من الممكن تفاديها. يجب ألا تقدَّم المساعدات الإنسانية إلا من المنظمات الإنسانية التي تمتلك الكفاءة والعزيمة لتقديمها بأمان وفعالية".
وأفادت مسؤولة الاتصالات في المنظمة نور السقا، أن ممرات المستشفى كانت مليئة بالمصابين، معظمهم من الرجال، وأفادت أنهم تعرضوا لـ"جروح واضحة ناجمة عن طلقات نارية في أطرافهم".
ونقلت "أطباء بلا حدود" عن أحد المصابين، ويدعى منصور سامي عبدي، وصفه لأشخاص يتقاتلون على 5 منصات مساعدات فقط.
وقال: "طلبوا منا أن نأخذ الطعام ثم أطلقوا النار من كل اتجاه. هذه ليست مساعدات. إنها كذبة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن تحقيقا أوليا خلص إلى أن قواته "لم تطلق النار على المدنيين أثناء تواجدهم قرب موقع توزيع المساعدات الإنسانية أو داخله".
كما قال متحدث باسم مؤسسة غزة الإنسانية، إن حماس "حرضت بنشاط على هذه التقارير الكاذبة".