يديعوت أحرونوت: هذه أكثر المدن معاداة لإسرائيل بالولايات المتحدة
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن مجالس مدينتي ريتشموند وأوكلاند في ولاية كاليفورنيا منشغلة بالحرب الدائرة على بعد 12 ألف كيلومتر في قطاع غزة، أكثر بكثير مما هي منشغلة بحالة النظافة والخدمات التعليمية بالمدينة، وهي تعبر عن مشاعر ليست بالضرورة معاداة سامية كلاسيكية ولكنها بالأحرى مظهر لما يسميها الكثيرون "التقدمية المضطربة".
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم دانييل إديلسون من نيويورك- أن ريتشموند التي يبلغ عدد سكانها 16 ألف نسمة واشتهرت ببناء السفن الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية، هي أول مدينة في الولايات المتحدة تدين إسرائيل، متهمة إياها بـ"التطهير العرقي والعقاب الجماعي" الذي أدى إلى عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
دعم للشعب الفلسطيني
وقد أعلن مجلس مدينة ريتشموند بعد نقاش طويل دعمه الشعب الفلسطيني، ودعا إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري وممر آمن للمساعدات الإنسانية إلى غزة"، وأشار إلى أن "دولة إسرائيل تمارس العقاب الجماعي" الذي "يعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي".
وأكد قرار مجلس المدينة -حسب المراسل- وسط هتافات الحشود الحاضرة "فلسطين حرة.. حرة"، أن ريتشموند تعارض المساعدات العسكرية الهائلة التي تقدمها الولايات المتحدة كل عام لإسرائيل، والتي تحرم الأميركيين أيضا من المال لتلبية احتياجاتهم الملحة، معترفا مع ذلك بـ"الذاكرة التاريخية للمحرقة".
ونفى عمدة المدينة إدواردو مارتينيز -الذي صرخ السكان اليهود في وجهه بالنازي والمعادي للسامية- أن يكون القرار معاديا للسامية، وقال "أرفض أن يكون التحدث علنا ضد الجيش الإسرائيلي والحكومة اليمينية معاداةً للسامية".
وفي نهاية المناظرة، علقت شون كوزولشيك، وهي من سكان المدينة اليهود، قائلة إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "أمضت ليلة عظيمة في ريتشموند".
ونشرت كوزولشيك عمودا في الصحيفة اليهودية المحلية، كتبت فيه أن "مجلس مدينتنا المحلي في ريتشموند أصدر قرارا معاديا للسامية بشكل صارخ، مليئا بالأكاذيب والدعاية التحريضية لمحاسبة إسرائيل على كل ما حدث لها في 7 أكتوبر/تشرين الأول" الماضي.
وقالت كوزولشيك إن "يهود ريتشموند قد يقررون سحب استثماراتهم من هذه المدينة الفاسدة، لكننا لن نسمح بتحقيق أهداف حماس أو إيران أو روسيا أو أي وحش آخر يكره اليهود، بغض النظر عن عدد الطرق التي يخبرنا بها الناس أنهم يكرهوننا".
أوكلاند
وعلى مسافة ليست بعيدة عن ريتشموند، سارت أوكلاند، التي يبلغ عدد سكانها 434 ألف نسمة، على خطى جارتها، وصوّت مجلس المدينة بالإجماع على بيان يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وذلك بعد ساعات طويلة من النقاش الصاخب الذي تحدثت فيه منظمات مختلفة عن المأساة في غزة وآلاف القتلى من المدنيين.
وهذا الإعلان مجرد بيان رسمي لا يتجاوز الإدانة العلنية، وهو يدعو إسرائيل إلى احترام القانون الدولي والسماح بدخول مساعدات إنسانية غير محدودة إلى غزة، ويدعو إلى استعادة الخدمات الأساسية وإطلاق سراح جميع المحتجزين.
مدن كثيرة أخرىوفي الأسبوع نفسه، تبنت مدن كبيرة أخرى، مثل ديترويت وسياتل وأتلانتا، بيانات مماثلة، وأظهرت مجالسها معارضة للحرب على قطاع غزة ولدعم البيت الأبيض إسرائيل، ورغم أن قائمة المدن هذه أصبحت طويلة، فإن ريتشموند وأوكلاند وضعتا نفسيهما في طليعة المدن الأميركية المناهضة لإسرائيل.
وكانت "حادثة المراحيض" ذات دلالة، إذ إن إسرائيلية أصيبت بالصدمة عندما اكتشفت كتابات معادية لإسرائيل على الجدران في جميع أنحاء أوكلاند، وفي دورات المياه في مقهى بالمدينة، وبعد تقديم شكوى للموظفين، طلبت العودة لتريهم الكتابة، وبعد أن فهموا إلى أين يتجه الأمر، قالوا إنهم "يعرفون أن إسرائيل تحب الاستيلاء على الممتلكات الخاصة والقول إنها لها"، وقد نددت إدارة المقهى لاحقا بالحادثة.
والأسبوع الماضي، أصبحت المدارس العامة في المدينة ساحة معركة، حيث أعطى عشرات المعلمين تلاميذهم دروسا غير مصرح بها مؤيدة للفلسطينيين كجزء من "دروس تعليمية" نظمتها مجموعة من نشطاء نقابة المعلمين في المدينة، وجمعوا فيها "مواد دراسية" لطلاب الصفوف من الثامن إلى الثاني عشر.
وتصف هذه الدروس إسرائيل بأنها "دولة فصل عنصري"، وتشير إلى "القمع والإبادة الجماعية التاريخية المستمرة للفلسطينيين".
وقد عارضت إدارة التعليم في المدينة هذه المبادرة، ووصفتها بأنها "مثيرة للخلاف" و"ضارة"، ولكن دون أن تتخذ أي خطوات ضد المعلمين، مما أثار استياء الآباء والمنظمات اليهودية الذين يخشون أن يؤدي ذلك إلى تأجيج معاداة السامية.
يهودي أميركي تعليقا على موقف الكثير من الشباب الأميركي المؤيد للفلسطينيين: هؤلاء لا يؤمنون بدولتين لشعبين، بل يؤمنون بأننا أخذنا الأرض وعلينا الآن أن نتركها
تقدميّة مجنونةويرى السكان اليهود -حسب الصحيفة- أن هذه ليست معاداة السامية الجامحة، بل "التقدمية المجنونة" التي اجتاحت المنطقة، "إنه جيل شاب نشأ على الاعتقاد بأن اليهود بيض وأنهم مستعمرون، لذا فإن هذا هو صراع السود ضد البيض"، كما يقول أحد السكان اليهود، مضيفا أن هؤلاء "لا يؤمنون بدولتين لشعبين، بل يؤمنون بأننا أخذنا الأرض وعلينا الآن أن نتركها".
ورغم أنهم يقولون إن المشاعر المعادية لإسرائيل في هذه المدن "ليست شخصية"، بل هي جزء من سياق واسع للنخبة مقابل المضطهدين، فإن المجتمع اليهودي حساس لمعاداة السامية، والجانب الآخر يستغل الوضع.
وتحاول المنظمات اليهودية الضغط على مجلس مدينة أوكلاند حتى لا ينحاز إلى أي طرف في الصراع أو يدين إسرائيل، لأن الهدف النهائي هو الحد من نيران معاداة السامية وعدم إطالة أمد القتال في غزة، كما يرى الكاتب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معاداة السامیة
إقرأ أيضاً:
إيران تشكك في اتفاق غزة وتتهم واشنطن بالانحياز لـإسرائيل
تأخّر الموقف الإيراني الرسمي من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقع في شرم الشيخ، بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس" نحو 12 ساعة بعد إعلان الاتفاق، في وقت سارعت فيه معظم دول العالم والمنظمات الدولية إلى الترحيب به، ما أثار استغراب المراقبين وأطلق تحليلات متعدّدة حول أسباب هذا التأخير.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" أنّ: "وزارة الخارجية الإيرانية، قد أصدرت بيانا، بعد مرور نصف يوم على توقيع الاتفاق، أكدت فيه أنّ الجمهورية الإسلامية كانت داعمة للمقاومة الفلسطينية "المشروعة" خلال العامين الماضيين، وأنها استخدمت كل إمكانياتها الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، للضغط على دولة الاحتلال وداعميها من أجل وقف ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية" وطرد المحتلين من غزة".
وجاء في البيان أنّ: طهران "تحيي ذكرى شهداء المقاومة"، وتدعو المجتمع الدولي إلى ضمان التزام دولة الاحتلال الإسرائيلي ببنود الاتفاق، محذّرة جميع الأطراف من "خداع ونقض العهد" من قبل تل أبيب، كما طالبت بتحقيق العدالة عبر تحديد ومحاكمة المسؤولين عن "جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة.
ولم يصدر أي تعليق رسمي آخر من كبار المسؤولين الإيرانيين بشأن الاتفاق، غير أن وسائل الإعلام المقربة من الحكومة قلّلت من دور الولايات المتحدة في التوصل إليه، وشكّكت في إمكانية استمراره. وربط محللون هذا الموقف الحذر بتصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي قال في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، إنّ: "الهدنة كانت ثمرة "جهود دبلوماسية أميركية"، مشيرا إلى أنّ: "الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية ساهم في تسريع التوصّل إلى الاتفاق".
وقالت صحيفة "كيهان" المقربة من التيار المحافظ إنّ: "تصريحات ترامب تربط الهدنة بـ"السلام في الشرق الأوسط"، وهو ما يتعارض مع موقف إيران التي تعتبر واشنطن شريكة في "جرائم إسرائيل" في غزة، وترى أن وساطتها: غير محايدة".
أما القنوات التلفزيونية الحكومية الإيرانية، فقد تجنبت الإشارة إلى أدوار الولايات المتحدة أو مصر أو تركيا أو قطر في التوصل إلى الاتفاق، ووصفت الهدنة بأنها "انتصار لحركة حماس والمقاومة الإسلامية"، معتبرة دولة الاحتلال الإسرائيلي، الطرف الخاسر في الحرب المستمرة منذ عامين.
وفي السياق نفسه، أكد محللون في برامج هذه القنوات أنّ: دولة الاحتلال الإسرائيلي قد فشلت في تحقيق أهدافها، واضطرت، بوساطة أمريكية، إلى قبول وقف إطلاق النار.
من جانبها، عبّرت وكالة "تسنيم" المرتبطة بالحرس الثوري عن تشككها في الاتفاق، مرجحة أن تقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بنقضه لاحقا. وذكرت الوكالة أنّ: "قبول إسرائيل للاتفاق لم يكن نتيجة ضغط سياسي أمريكي أو احتجاجات غربية، بل بسبب خلافات داخلية بين الحكومة والجيش حول استمرار الوجود العسكري في غزة".
أيضا، أوضحت أنّ: "الجيش رأى استحالة مواصلة العمليات، بينما أصرّت الحكومة على البقاء. وأضافت "تسنيم" أن ترامب استغل هذا الخلاف لصالح الجيش ليظهر بمظهر: رجل السلام الساعي لجائزة نوبل".
إلى ذلك، نشرت وكالة "إرنا" وموقع "مشرق" التابع للحرس الثوري تحليلات حول غياب جدول زمني واضح لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، معتبرين أنّ: "انسحابا كاملا ومفاجئا بعد عامين من الحرب أمر غير مرجح، لأنه سيُنظر إليه كهزيمة لإسرائيل أمام الرأي العام المحلي والدولي".
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، أثار شكر حركة "حماس" للولايات المتحدة في بيانها الختامي، دون الإشارة إلى دعم إيران، ردود فعل غاضبة بين بعض الإيرانيين الذين اعتبروا ذلك "نكرانا للجميل".
وكتب الصحافي الإيراني المتخصص في الشأن الفلسطيني، أحمد زيد آبادي، أنّ: "طهران لا يمكنها معارضة الاتفاق علنا"، لكنها ستتعامل معه "بحذر"، معتبرا أنه قد يشكل فرصة لتحسين العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، شريطة ألا تبحث طهران عن "صراع جديد مع الغرب بدلا من القضية الفلسطينية".
وفي المقابل، قالت الصحافية الإيرانية نفيـسة كوهـنورد، مراسلة "بي بي سي" الفارسية، إنّ: "الاتفاق ربما جاء مقابل "تنازل كبير" لإسرائيل، قد يرتبط بتصعيد التهديدات ضد إيران".
وبحسب محللين نقلتهم وسائل إعلام إيرانية، فإنّ: "الجمهورية الإسلامية ستواصل التعامل بحذر مع الهدنة لتجنب الظهور بموقف مناهض لتطلعات الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي، مع الاستمرار في التشكيك بالوساطة الأمريكية، تحسبا لأي خرق إسرائيلي يمكن أن تستخدمه طهران لتأكيد صحة موقفها."