أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

عاشت فرنسا خلال سنة 2023 المنتهية قبل أيام، على وقع ارتفاع قياسي وغير مسبوق في حالات إفلاس الشركات، الأمر الذي ينذر بوضع اقتصادي مثير للقلق، خلال قادم السنوات، سيما بعد أن قفز عدد الشركة المفلسة إلى أزيد من 55 ألفًا، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ عام 2017.

وارتباطا بالموضوع، ربطت تقارير اقتصادية هذا التزايد القياسي في عدد حالات الإغلاق، بالارتفاع الكبيرة في الأسعار نتيجة التضخم، خاصة في قطاع الطاقة، وارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي تسبب في ارتفاع تكاليف التشغيل لدى الشركات.

في ذات السياق، أفادت ذات التقارير أن قطاعات حيوية من قبيل التجارة والبناء، التي تتكون في الغالب من الشركات الصغيرة، عانت كثيرا من تبعات هذا التحول الاقتصادي، حيث تمثل حاليا 43 بالمائة من إجمالي حالات الإفلاس.

ووفقا لتقرير صادر عن "بنك فرنسا"، كانت هناك زيادة مذهلة بنسبة 72 بالمائة في عدد الشركات الكبرى التي أغلقت أبوابها مقارنة بالمعدل المسجل خلال العقد السابق، مشيرا إلى أن هذه الشركات، تمثل بالنظر إلى قوتها العاملة الواسعة ومساهمتها الكبيرة في الاقتصاد، قطاعا حيويا يتعرض الآن للتهديد، قبل أن يؤكد أن نحو 55492 شركة ومنشأة بفرنسا، أعلنت إفلاسها وأغلقت في عام 2023.

وأشار البنك الفرنسي إلى أن المستوى الحالي لعدد حالات الإفلاس لا يتجاوز المتوسط بين عامي 2010 و 2019 (59.342)، وخلال جائحة فيروس كورونا (2020-2021) حيث كان هذا المؤشر أقل مرتين مما هو عليه الآن.

كما أوضح ذات التقرير أن الحديث يدور في معظم الحالات عن شركات صغيرة ومتوسطة (55.435 حالة) لا يتجاوز عدد عمالها 250 شخصا، مشيرا إلى أن عدد الشركات المتوسطة والكبيرة التي يتجاوز عدد عمالها 250 شخصا وأغلقت العام الماضي، بلغ 57 شركة أي أكثر مرتين من عام 2022.

هذا العدد المتزايد في حالات الإفلاس، وفق مختصين، يكشف عن التحديات المتصاعدة التي تواجهها الشركات الفرنسية، بغض النظر عن حجمها، في ظل المناخ الاقتصادي الحالي، مشيرين إلى أن قطاع المطاعم والفنادق إلى جانب قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، باتت مهددة أيضا بالإفلاس، مؤكدين أن القطاع الوحيد الذي أظهر نوعا من المرونة هو القطاع الزراعي، الذي شهد انخفاضًا طفيفًا بنسبة 1.3 بالمئة في عدد حالات الإفلاس.

ويرى ذات المختصين أن هذه الزيادة غير المسبوقة في حالات إفلاس الشركات الفرنسية خلال عام 2023، تؤكد الحاجة الملحة إلى تدخلات استراتيجية لتحقيق الاستقرار في بيئة الأعمال وحماية المستقبل الاقتصادي للبلاد.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: حالات الإفلاس إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»

د. يوسف بن حمد البلوشي -

لم تكن الشركات العائلية يومًا عنصرًا هامشيًا في أي اقتصاد مُنتِج حول العالم، وإنما مثَّلت على مدى العصور أحد الأعمدة الرئيسية إنتاجًا وتمويلًا وتنميةً؛ فمن «المتيلشتاند» (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) في أوروبا، إلى أبطال الصناعة المُثابرين في آسيا، وسلاسل التجارة في الخليج، تضخ الشركات العائلية استثمارات طويلة المدى، وتُوظِّف وتدرِّب العمالة المحلية، وتعمل في قطاعات متعددة لدورات اقتصادية متتالية. وهذه القدرة على الاستمرارية تمثل هدفًا تسعى إليه الدول عند انتقالها من الاقتصاد القائم على الاستهلاك، إلى النمو المُرتكِز على الإنتاج والتصدير وبناء القدرات الوطنية. وتعكس تجربة سلطنة عُمان هذا النموذج؛ فمنذ سبعينيات القرن الماضي أسهمت الشركات العائلية العُمانية في بناء الموانئ والطرق، وتوزيع السلع الأساسية، وإنشاء الورش والأساطيل، والانخراط في شراكة مع الدولة لتوفير البنية الأساسية للحياة الحديثة. أما اليوم فقد اجتازت عُمان هذه المرحلة؛ إذ تنشد «رؤية عُمان 2040» من القطاع الخاص أداء أدوار وطنية أكثر عمقًا وتأثيرًا، وبالتحديد مُضاعَفة التصنيع المحلي وزيادة الصادرات الوطنية للخارج، والتوسع في خلق الوظائف المناسبة للمواطنين. وبفضل علاماتها التجارية، وخطوطها الائتمانية، وشبكات مورديها، وشركائها الدوليين، فإن الاعتماد على الشركات العائلية يمثل الطريق الأسرع نحو تنفيذ المزيد من المشروعات عوضًا عن الارتكان إلى السياسات والأجهزة الحكومية وحدها. وفي هذا المقال، ندعو الى الاهتمام بهذه الشريحة المهمة من شركات القطاع الخاص والذي يمثل من وجهة نظري الحل الاقتصادي الأول لتحقيق التحولات المنشودة لإعادة الهيكلة الاقتصادية والتنويع وتوليد فرص العمل الشركات، فلا يخفى ما تواجه الشركات العائلية من تحديات وحاجتها الملحة لتحقيق 3 تحوّلات حاسمة من أجل تعزيز أدوارها:

التحوُّل الأول: الحوكمة والتعاقب القيادي؛ إذ إنه مع تراجع دور جيل الآباء المؤسسين لهذه الشركات، لم تعد الإجراءات غير الرسمية كافية، ثم فإن وجود ميثاق عائلي مكتوب، واللجوء لمجلسٍ يُعالِج الشؤون العائلية خارج قاعة مجلس الإدارة، بجانب مجلس إدارة مهني يضم أعضاءً مستقلين، وخطة واضحة لتعاقب الرئيس التنفيذي أو المدير المالي، لن تكون مظاهر شكلية؛ لكن ستؤهل هذه الكيانات للحصول على التمويل المصرفي اللازم لتوسعة أعمالها.

والحقيقة تؤكد أن الحوكمة الجيدة تعمل على تخفيض تكلفة رأس المال، وتُسرِّع القرارات، وتَحُول دون نِزاعات تُبدِّد القيمة. وعندما نعكف على تطبيق ذلك عمليًا، فإننا نشير إلى انعقاد دوري لمجلس الإدارة، وتشكيل لجانٍ فاعلة للمراجعة وإدارة المخاطر، وصياغة عقود أداء تُكافئ عمليات تحويل واستلام النقد، والأمن والسلامة وخطط توظيف المواطنين.

التحوُّل الثاني: التركيز الاستراتيجي، من خلال الانتقال من النهج التجاري القائم على تنفيذ مشروعٍ مقابل مشروع آخر، إلى استراتيجية للتصنيع وتقديم خدمات قائمة على «العناقيد القطاعية». ومن الفرص الممكنة في هذا الجانب: الصناعات المعدنية التحويلية، والتصنيع الدقيق للمكوِّنات، ومواد البناء ذات الجودة المُعتمَدة، والصناعات الغذائية وسلاسل التبريد المرتبطة بالمزارع والموانئ، ومنصّات تقديم الرعاية الصحية، ومكوّنات نقل الطاقة وخدمات التشغيل والصيانة. وتُوفِّر المناطق الحرة والمناطق الصناعية البيئة المواتية لقيام هذه الصناعات، وفق نموذج تنفيذي بسيطـ، قائم على الاختيار بين ثلاثة مسارات: (1) شراكة محلية مع شركة عالمية، (2) مُورِّد مكوناتٍ معتمد لجهاتٍ رائدة إقليمية، (3) مُزوِّد خدماتٍ متخصصة (تشغيل وصيانة).

ومن الأفضل إبرام اتفاقيات شراء مُسبقة متى أمكن ذلك، بجانب التوسع في إصدار شهادات الاعتماد، وتطوير المُورِّدين المحليين ضمن دائرة عمل الشركة، بدلًا من منافستهم. وينبغي لكل مشروع رائد أن ينشُر ثلاثة مؤشرات: نسبة المحتوى المحلي، والوظائف المخصصة للعُمانيين، وحصة الصادرات، وذلك لمعرفة مستوى نجاح الشركة وإمكانية تكرار هذا النموذج.

التحوّل الثالث: التمويل للدورة الجديدة؛ إذ كشفت صدمة التدفقات النقدية بين عامي 2020 و2021، هشاشةَ بعض ميزانيات الشركات، ولذا يجب أن يكون رد الفعل الانضباط وليس التراجع، من خلال الالتزام بتوفير احتياطي نقدي كافي، وإعداد برامج لرأس المال العامل للتحكم في إدارة المستحقات والمخزون والديون قصيرة الأجل؛ وعزل الأصول المكتملة المُوَلِّدة للنقد (مثل العقارات المُدِرة للدخل، وخدمات تشغيل المرافق، وامتيازات الخدمات اللوجستية)؛ بهدف إعادة التمويل أو الإدراج الجزئي في البورصة.

ويمكن للصكوك والائتمان الخاص وإبرام صفقات مع عائلاتٍ إقليمية وتنفيذ إدراجات انتقائية في البورصة، أن تُعيد تدوير رأس المال لإنشاء مصانع إنتاجية، وعملياتٍ رقمية، ومنصّاتٍ تصديرية، مع الاحتفاظ بحصة تضمن استمرار السيطرة.

ومع تحسّن الحوكمة، تتراجع تكلفة التمويل، وتنخفض تكلفة رأس المال.

ولذلك يمكن؛ بل ويجب، على السياسات العامة للدولة، أن تُسهم في تسريع هذه التحوُّلات، من خلال الدعم القائم على الأداء الذي يُكافئ الإنجاز وليس فقط الاكتفاء بالوعود. 

ويتحقق ذلك من خلال:

أولًا: برنامج «الشراء المُسبق والمشروعات القيادية» في التجمعات الاقتصادية ذات الأولوية، بما يساهم في تخفيف مخاطر الإيرادات على رواد الأعمال الأوائل. وإذا التزم شركة عائلية بإنشاء مصنعٍ معتمدٍ في منطقةٍ حرة مع أهدافٍ مُعلنة عن حجم المحتوى المحلي والتوظيف، فإن عقود شراءٍ محددة المدة أو عقود جماعية يمكن أن تساعد على فتح تمويل مصرفي.

ثانيًا: «المسار السريع للتصاريح» والذي يساعد على توفير الوقت والجهد للشركات. فبينما تلتزم الشركات بتقديم أداء شفاف وإصدار تقارير ربع سنوية، فإن مشاريعها تحظى بتخصيصٍ سريعٍ للأراضي والمرافق والحصول على التصاريح التنظيمية، وفق جداول زمنيةٍ محددة.

ثالثًا: ينبغي للاستثمار المشترك أن يجذب رأس المال الخاص لا أن يُزاحمه؛ حيث إنَّ منح صناديق التنمية حصص الأقلية في المشروع، وخفض الفائدة المشروط بتعيين المواطنين، وتسهيلات رأس المال العامل المضمونة بطلبات التصدير؛ كلها عوامل تُسهم في زيادة الطاقة الإنتاجية دون أي أعباء مالية. ومن الضروري أن تمتد هذه الأدوات إلى سلاسل الإمداد؛ كي تستفيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عندما تنمو هذه الكيانات القيادية.

وينبغي أن تكون تنمية رأس المال البشري هدفًا أساسيًا لكل قرارٍ استثماري؛ إذ يتعين على كل مصنعٍ أو منصة خدمات إعداد برامج تدريب مقرونة بالتوظيف، وتنظيم معسكراتٍ مكثفة للمشرفين، يمكن تصميمها بالشراكة مع الجمعية العُمانية للموارد البشرية «أوشرم» أو مؤسسات التعليم العالي، مع الالتزام بالإفصاح السنوي عن أعداد المُعينين.

ويمكن للدولة احتساب تخفيضات الرسوم مقابل التوظيف، والدفع مقابل النتائج لا النوايا، وهكذا نحوِّل التدريب إلى أجور، والأجور إلى مساراتٍ مهنية.

ولا ينتقص ذلك من أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ فهي عمق اقتصادنا على المدى البعيد. لكن حين يكون عامل الوقت حاسمًا، فإن الشركات العائلية تمثل الخيار الأفضل؛ لأنها تملك بالفعل خطوط التوريد وأنظمة الجودة والعلاقات المصرفية والشركاء الدوليين القادرين على بدء المشروعات في اليوم التالي.

والتعامل مع الشركات العائلية باعتبار أنها من بُناة الوطن لا يعني أبدًا المحاباة؛ بل يعني المساءلة. ويمكن لـ«ميثاق القيمة المحلية المُضافة» أن يساعد على تحقيق ذلك؛ حيث تُفصح العائلات عن حجم إنفاقها على المحتوى المحلي، وعدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستفيدة من أعمالها، وبرامج التدريب المخصصة للشباب، وحجم الصادرات، لتحظى في المقابل بالوصول إلى المسارات السريعة، والحصول على الأراضي الصناعية، وتخفيضات جمركية وفق حدودٍ مُعينة.

والواقع يفرض علينا تساؤلًا: وهو كيف سيبدو نجاح مثل هذه الخطط خلال السنوات العشر المقبلة وربما حتى 2040؟

من المتوقع أن نشهد عشرات المشاريع العائلية المشتركة، التي تقودها عائلات تعمل في موانئنا ومناطقنا، بجانب زيادات ملموسة في نسب المحتوى المحلي، وآلاف العُمانيين المؤهلين العاملين في وظائف إشرافية وفنية، ومنصّتين إلى 4 منصّاتٍ عائلية أُعيد تمويلها أو أُدرجت جزئيًا في البورصة لتعميق سوق رأس المال، ومنظومة متكاملة تعتمد على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوريد مكوناتٍ معتمدة في سلاسل القيمة الإقليمية.

هذه ليست شعارات؛ بل نتائج قابلة للقياس تُعزّز هذه الجهود، وترفع الإنتاجية، وتزيد من النقد الأجنبي عبر بوابة الصادرات.

وأخيرًا.. إنَّ إرث شركاتنا العائلية ليس تجاريًا فحسب؛ بل مدني واجتماعي أيضًا؛ فهي الشركات التي تحافظ على استمرار توظيف الكفاءات المؤهلة في فترات الركود، وتُلبِّي النداء حين يحتاج أي مشروع للدعم، وتوفر الرعاية للمؤسسات المُعزِّزة للتماسك المجتمعي. ومع دخولنا المرحلة الثانية من «رؤية عُمان 2040»، ينبغي أن نتحدّث بصراحة عن التحديات الماثلة أمام الشركات العائلية اليوم؛ بما تتضمنه من فجوات التعاقب القيادي، والإفراط في تنويع الاستثمارات، وهياكل التمويل قصير الأجل وضغوط التدفقات النقدية، وذلك بالتوازي مع التركيز على الفرص المتاحة؛ لأنه عندما تتَّسق جهود الحوكمة والتركيز الاقتصادي والتمويل، تستطيع شركاتنا العائلية أن تُكرر ما أنجزته في «النهضة الأولى»، وأن تنطلق في مسيرة «النهضة المُتجددة»، من خلال تحويل الخطط إلى مشاريع، والمشاريع إلى منتجات، والمنتجات إلى ازدهار.. وهكذا نعتزُ بالماضي ونبني الحاضر لكي نجني ثمار المستقبل.

د. يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات

مقالات مشابهة

  • إسرائيل مسؤولة.. هآرتس: المياه أغرقت خيام غزة والأوضاع تنذر بالخطر
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • جادو تعلّق الدراسة مؤقتًا عقب ارتفاع غير معتاد في حالات العدوى داخل المؤسسات التعليمية
  • ارتفاع إصابات الإنفلونزا في إنجلترا يضغط على المستشفيات
  • تعرف على حالات يمنع فيها التخطئ الخاطئ أثناء السير بالطرق
  • ميزة أندرويد الجديدة تثير الجدل.. التقنية التي ستنقذك في لحظات الطوارئ
  • إنجلترا تواجه ''أسوأ سيناريو'' مع ارتفاع حالات الإنفلونزا بـ55% خلال أسبوع
  • ارتفاع وتيرة العمليات النوعية التي تنفذها أوكرانيا ضد روسيا
  • غزة تشهد 46% من حالات قتل الصحفيين خلال 2025
  • الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»