تراشق لفظي بين مسئولين في الحكومة الإسرائيلية .. ما القصة؟
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
أفادت شبكة سكاي نيوز، بأن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير شن هجوما عنيفا على نظيره وزير الدفاع يوآف غالانت، بسبب إخلاء منازل في مستوطنة غوش عتصيون، حسبما ذكرت صحيفة "معاريف".
ونقل المصدر عن بن غفير قوله: "عندما يكون مقاتلونا في غزة والناس متحدون، يأتي الوزير غالانت ويدمر مستوطنة"، وفق تعبيره.
وأضاف الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف: "بدلا من وقف وتدمير الاستيلاء الفلسطيني غير القانوني على الأرض، اختار غالانت أن يضع إصبعه في عين المستوطنين والمقاتلين. وهذا استمرار لمفهوم تحويل المحب إلى عدو والعدو إلى محب".
كما هاجم يمينيون متطرفون آخرون هذه العملية، واعتبروها "خطوة لا يمكن تصورها في وقت الحرب".
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية قالت إن الجيش الإسرائيلي أخلى، صباح الثلاثاء، مباني أقيمت في غوش عتصيون.
ونقلت الصحيفة عن المستوطنين الذين تم إخلاء منازلهم، قولهم: "من حولنا مئات المنازل العربية غير القانونية التي تم بناؤها بهدف واحد: إنشاء بنية تحتية لدولة فلسطينية على الأرض، والقائد الأعلى لا يمسها"، وفق تعبيرهم.
وتسلط هذه الانتقادات الجديدة الضوء على الانقسامات في الداخل الإسرائيلي، بالتزامن مع استمرار الحرب ضد حماس في قطاع غزة وسيناريوهات "اليوم التالي" ما بعد الحرب.
وسبق لإيتمار بن غفير أن انتقد الخطة العسكرية التي أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي قبل أيام، مجددا تأكيده على على ضرورة "إجبار أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة"، وهي فكرة نددت بها عدة دول، بل إنها لاقت معارضة حتى داخل إسرائيل.
كما ذكرت المتحدثة باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن "مستقبل الفلسطينيين من غزة يكمن في غزة".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الأمن القومي الإسرائيلي وزير الدفاع مستوطنة معاريف غزة
إقرأ أيضاً:
التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي: درع إسرائيل المؤقت أم عبء التاريخ القادم؟
في ظلال ما بعد حرب غزة، يتشكّل في الخفاء مشهدٌ جديد للمنطقة، مشهد لا تذيعه البيانات الرسمية، لكنه يُرسم في الغرف المغلقة، ويُدار بعناية من قبل أجهزة استخبارات ووزارات دفاع أكثر مما يُدار من وزارات الخارجية.
إنه التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي، الوجه العملي لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي فشل في فرض نفسه بالسلام، فحاول الآن أن يفرض نفسه بالأمن.
أولا: من التطبيع الناعم إلى الأمن الصلب
لم تبدأ القصة باتفاقات أبراهام، بل قبلها بعقود، حين قايضت بعض الأنظمة العربية السلام بالأمن. لكن بعد طوفان الأقصى وما تبعه من حرب إبادة على غزة، تغيّر الإيقاع: لم تعد إسرائيل تسعى إلى "الاعتراف" بقدر ما تسعى إلى الاندماج الأمني داخل الجسد العربي.
فالتحالفات التي تُنسج اليوم ليست بين سياسيين، بل بين ضباط أمن ومهندسي مراقبة وقيادات عسكرية. الهدف المُعلن: "الاستقرار ومحاربة الإرهاب"، أما الهدف المستتر: تحويل إسرائيل إلى نواةٍ أمنية إقليمية تُملي معايير الحماية وتُحدّد من هو العدو ومن هو الصديق.
ثانيا: إسرائيل في قلب المنظومة لا على هامشها
من البحر الأحمر إلى الخليج، ومن سيناء إلى جبال النقب، تتكوّن منظومة مراقبة وتبادل معلومات استخبارية تشارك فيها أجهزة عربية بشكل مباشر أو عبر قنوات أمريكية.
إنها ليست تحالفا مكتوبا، بل تفاهمات أمنية فوق الطاولة وتحتها، تضمن لإسرائيل أن تبقى هي العقل المركزي لهذه المنظومة، فيما تُمنح الدول العربية هامشا من المنافع التقنية مقابل ولاء سياسي غير معلن.
بهذه الطريقة، تُستبدل "القضية الفلسطينية" بـ"التهديد الأمني"، وتُصبح المقاومة بندا في قائمة المراقبة لا في جدول الكرامة.
ثالثا: الأمن بديلا عن الشرعية
يُسوَّق هذا التعاون بوصفه طريقا إلى "الاستقرار"، لكنه في الحقيقة يُعمّق فقدان الشرعية لدى الأنظمة التي تظن أنها تشتري أمنها من إسرائيل. فالأمن لا يُشترى بالتقنيات ولا يُستورد من الخارج؛ إنه يُبنى من الداخل، من عدالة المجتمع وكرامة مواطنيه.
ولهذا، كل منظومة أمنية تُقام فوق الجراح الفلسطينية ستبقى هشة من الداخل، عاجزة عن الصمود أمام زلزال الوعي الشعبي حين يستيقظ.
رابعا: المدى القريب.. حماية مؤقتة
في السنوات الخمس المقبلة، سيبدو هذا التحالف كأنه درع واقٍ لإسرائيل من اضطرابات الإقليم. سيمنحها قدرة على مراقبة الحدود والبحار، وعلى إدارة مرحلة "ما بعد الحرب" بأدوات عربية تحت غطاء أمريكي.
لكن هذه الدرع ستبقى مؤقتة، لأن التاريخ لا يحميه الحديد بل الشرعية. وحين تنقلب موازين القوى العالمية، ويصعد وعي الأجيال الجديدة في الشارع العربي والإسلامي، سيتحوّل هذا التحالف إلى عبء أخلاقي وسياسي على أصحابه.
خامسا: المدى البعيد.. ارتداد التاريخ
في العقدين المقبلين، إن بقيت الأمور على حالها -وأظنها لن تبقى- سيكتشف الجميع أن التطبيع الأمني لم يصنع استقرارا بل جمّد الصراع دون أن يحلّه. وما يُجمَّد لا يختفي، بل يتراكم ويشتعل.
وكما سقطت ممالك الصليبيين بعد أن أحاطت نفسها بالتحالفات الأجنبية، ستسقط هذه المنظومة حين تفقد مبرر وجودها الأخلاقي والسياسي، فالتحالف الذي يُبنى على الخوف لا يصمد أمام الشعوب التي تُبنى على الأمل.
سادسا: فلسطين.. الغائب الحاضر
كلما اتسع التعاون الأمني، تقلّص حضور فلسطين في الخطاب الرسمي، لكنها لا تغيب من الوجدان. إنها الحاضر الذي يطارد كل نظام يحاول تجاوزه، والجرح الذي يُعيد المنطقة إلى حقيقتها الأولى: أن لا أمن في الشرق الأوسط بلا عدل، ولا استقرار بلا حرية، ولا تحالف ينجو إن تجاهل فلسطين.
قد يبدو التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي اليوم درعا يحيط بإسرائيل، لكنه في جوهره درعٌ من ورق أمام نار التاريخ.
فكل منظومة تُبنى على إنكار الحق، سرعان ما تتحول إلى وثيقة اتهام ضد نفسها. وفي ميزان الزمن، لن يكون هذا التحالف سوى فصلٍ جديد في روايةٍ طويلة عنوانها: "حين يتحالف الخوف مع القوة.. ينتصر عليهما الضمير".