قال الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع قصفت بقذائف المدفعية ظهر الأحد مستشفى علياء التخصصي بمدينة أم درمان شمال غرب العاصمة الخرطوم، في حين تتواصل الجهود من أجل إحياء المحادثات في مدينة جدة السعودية.

وأفاد بيان لمكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية أن من وصفهم بـ"المليشيا المتمردة وفي خرق للأعراف والقوانين الدولية استهدفوا مستشفى علياء التخصصي بأم درمان بالقصف المدفعي" ظهر اليوم الأحد.

وأدى القصف، حسب البيان، إلى إصابة سيدة مريضة إلى جانب أضرار كبيرة بمركز غسيل الكلى والعناية المكثفة وغرفة العمليات.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان قولهم إن مسيّرات تابعة للدعم السريع نفذت قصفا على السلاح الطبي بأم درمان.

وكان الجيش السوداني قد اتهم السبت في بيان قوات الدعم السريع باستهداف مجمع الطوارئ والاصابات بمستشفى السلاح الطبي بأم درمان، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المرضى.


دوي انفجارات

في غضون ذلك، أفاد مراسل الجزيرة بسماع دوي انفجارات قوية ومتتالية في جنوب مدينة أم درمان، وذلك بعد ساعات من قصف طائرة حربية تابعة للجيش السوداني موقعين، أحدهما بالجريف شرقي العاصمة، والآخر في شمال شرقيها.

كما أفاد المراسل بأن طائرات الجيش السوداني بدأت منذ فجر اليوم التحليق في سماء مدن العاصمة السودانية: الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان، بينما سُمعت أصوات أسلحة المضادات الأرضية التابعة لقوات الدعم السريع تطلق النار في وسط الخرطوم وجنوب أم درمان.

كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود أن الطيران الحربي قصف تجمعات للدعم السريع في حي الجريف شرق بشرق النيل، وأشاروا إلى تصدي قوات الدعم السريع باستخدام مضادات أرضية.


معارك دارفور

في غضون ذلك، قالت مصادر محلية للجزيرة إن مدينة كاس، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومترا شمال غرب نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور شهدت اليوم اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وطبقا للمصادر فإن المواجهات بين الجيش والدعم السريع بدأت صباح اليوم على 3 محاور من الشمال والجنوب الغربي والشرق.

وفي هذا الصدد أشارت قوات الدعم في بيان الأحد الى تحقيقها "السيطرة الكاملة على قيادة اللواء 61 بمدينة كاس".


مفاوضات جدة

سياسيا، قال مصدر حكومي سوداني للجزيرة إن وفدا من الجيش وصل مدينة جدة لاستئناف المفاوضات مع قوات الدعم السريع برعاية سعودية أميركية.

وكان الجيش السوداني قد علق مشاركته في المفاوضات أواخر شهر أيار/ مايو الماضي احتجاجا على ما اعتبره خرق قوات الدعم السريع للهدنة.

من ناحيته، قال عضو مجلس السيادة السوداني شمس الدين كباشي إن المجلس منفتح على أي مبادرة جادة لوقف الحرب في إطار المحافظة على السيادة الوطنية ومؤسسات الدولة.

وأشار كباشي في تصريحات للجزيرة إلى أن المبادرة السعودية الأميركية متقدمة وأن موقف المجلس المبدئي يدعم الحوار السياسي الموسع والشامل.

وأكد على ضرورة ان يفضي الحوار الشامل إلى تشكيل حكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية وتهيئ لانتخابات حرة ونزيهة.

في المقابل، قال المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يوسف عزت للجزيرة مباشر إن القوات تؤكد التزامها بمسار جدة.

وأضاف عزت أن قوات الدعم مستعدة للتفاوض مع الجيش وأنها تنظر لتصريحات كباشي بشكل إيجابي.


قمة الإيغاد

وكان رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد أعلن رفضه نتائج قمة الإيغاد التي كانت قد عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخرا، جاء ذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس الكيني، وليام روتو.

وذكر بيان للمجلس أن البرهان أوضح للرئيس الكيني أسباب تحفظ حكومة السودان على رئاسة كينيا للجنة الرباعية المكلفة من قبل الإيغاد بمعالجة الأزمة في السودان.

من جهته، كشف رئيس جزر القمر الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي غزالي العثماني عن إجراء مشاورات مع مفوضية الاتحاد بشأن إجراء اتصالات مع الجهات الفاعلة الرئيسية للأزمة في السودان.

وفي السياق ذاته، شدد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي على الأولوية القصوى لمواءمة جهود الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة في السودان مع جهود المجتمع الدولي.

ومنذ اندلاعها في 15 أبريل/ نيسان الماضي أسفرت المعارك في السودان -بحسب وكالة الصحافة الفرنسية- عن مقتل 3 آلاف شخص على الأقل، وشردت أكثر من 3 ملايين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی فی السودان

إقرأ أيضاً:

كيف سيتجاوز رئيس الوزراء السوداني الجديد حقول الألغام المحيطة به؟

لو أنّ رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، فتح نوافذ السيارة التي استقلها في طريقه من المطار الواقع جنوبي مدينة بورتسودان إلى وسطها، لسمع هدير مولدات الكهرباء، التي تنتشر في أنحاء هذه المدينة التي تمثّل العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، وذلك لمواجهة مشكلة الانقطاع الحاد والمتكرر للتيار الكهربائي، التي يعاني منها السكان هناك.

ولو تمعّن إدريس، الذي وصل للتوّ إلى هذه المدينة لتولّي مهام منصبه، في المشهد، لرأى العديد من المدارس والجامعات الواقعة على جانبي الشارع الذي سلكه موكبُه، وقد تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين الفارّين من ويلات الحرب.

كما كان سيتسنى له أن يلاحظ بوضوح خزانات الوقود الضخمة، المدمَّرة والمحترقة، على الجانب الأيمن من الطريق الرئيسي، والتي تعرضت للاستهداف من قبل قوات الدعم السريع، باستخدام الطيران المُسيّر قبل نحو أسبوعين.

وقد تشكل هذه المشاهد -إنْ كان قد رآها – مؤشراً لما ينتظره من تحديات جسيمة ومشكلات معقدة، منذ اللحظة التي قبِل فيها المنصب، الذي عيّنه فيه رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.

تصريحات إدريس -على الأقل- توحي بأنه على دراية بحجم التحديات التي سيتعين عليه مواجهتها؛ إذ قال عقب أدائه اليمين الدستورية أمام البرهان: “سأكرّس كل وقتي وجهدي من أجل أن ينعم المواطن السوداني بحياة كريمة”.

وفي مستهل أنشطته بعد أداء القسم، التقى إدريس المبعوث السويسري الخاص لمنطقة القرن الأفريقي سيلفان أستير.

ولد كامل إدريس، الذي يشارف الآن على الـ 70 من عمره، في قرية الزورات في أقصى شمالي السودان، حيث تعيش المجتمعات النوبية السودانية.

وحصل على بكالوريس الحقوق من جامعة القاهرة، وليسانس الفلسفة من جامعة الخرطوم، قبل أن ينال درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف في سويسرا.

وتقلّد إدريس العديد من المناصب المرموقة في منظمات تابعة للأمم المتحدة، مثل الأمين العام للملكية الفكرية ” الوايبو”، ورئيس الاتحاد الدولي لحماية المصنّفات النباتية، وعضو لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي.

لم يعرَف لهذا الرجل انتماء حزبي واضح، لكنه صاحِب طموح سياسي، إذ سبق أن ترشح لمنصب رئيس الجمهورية، في الانتخابات التي أُجريت عام 2010 ضد الرئيس السوداني وقتذاك عمر البشير، وذلك في اقتراع كانت قوى المعارضة الرئيسية قد قاطعته، وفاز فيه البشير باكتساح.

ولرئيس الوزراء السوداني الجديد، إسهامات سابقة في الحياة السياسية في بلاده، عندما نجح في التوسط في عام 1999، بين رئيس الوزراء السابق، الصادق المهدي، وزعيم المعارضة التاريخي، وقتها حسن الترابي، في مدينة جنيف السويسرية.

تعيين رئيس الوزراء الجديد في السودان، يأتي في وقت تشهد فيه البلاد حرباً دامية ومستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عامين، أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد ما يزيد على 14 مليون شخص من ديارهم، إلى جانب إلحاق دمار هائل وغير مسبوق بالبنية التحتية، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

ويرى رئيس تحرير صحيفة الشعب الإلكترونية، أسامة عبد الماجد، أن أمام رئيس الوزراء الجديد ثلاث مهام رئيسية: تأمين “معاش الناس” من خلال توفير الغذاء، والمياه الصالحة للشرب، والخدمات الصحية، بالإضافة إلى تحقيق الأمن والتنمية.

ويضيف: “الطريق أمام كامل إدريس ليس مفروشاً بالورود، فهناك حزمة من التحديات، سواء الاقتصادية أو الأمنية، إلى جانب الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بالسودان. لكن تظل الأولويات الثلاث كما ذكرت هي معاش الناس، والأمن والتنمية”.

وظلّ منصب رئيس الوزراء شاغراً، منذ أن أطاح البرهان بالحكومة الانتقالية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.

وقبيل وصول إدريس إلى بورتسودان، ألغى البرهان توجيهات سابقة، كانت تمنح أعضاء مجلس السيادة، صلاحية الإشراف على الوزارات والوحدات الحكومية، وهو ما يمنح رئيس الوزراء صلاحيات أوسع.

ويرى عبد الماجد، أن فرص نجاح إدريس في أداء مهامه تبدو كبيرة، نظراً لإلمامه باهتمامات السودانيين، قائلاً: “الفرصة أمامه أكبر، خاصةً أنه يدرك جيداً ما يريده الناس، وله خبرة سابقة حين ترشح للرئاسة في انتخابات 2010”.

وعلى النقيض من ذلك، ترى الكاتبة الصحفية شمائل النور، أن مهمة إدريس مليئة بـ”المطبّات”، وتعتبر أن فرص نجاحه ضعيفة للغاية، لكنها غير منعدمة.

وتوضح شمائل النور في حديثها لبي بي سي، بالقول “الوضع الحالي لا يسمح بقيام حكومة مدنية أو انتقال ديمقراطي، كما يُروّج، في ظل استمرار الحرب”.

وترى شمائل النور، أن التحدي الأكبر أمام إدريس يتمثل في غياب التوافق، قائلة إن رئيس الوزراء الجديد “لم يأتِ باتفاق أو إجماع، بل إن الحليف الرئيسي للجيش، وهي القوات المشتركة، تعارض تشكيل الحكومة في الوقت الراهن. وأبرز المعارضين هو رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ما يعني أن رئيس الوزراء لن يعمل في أجواء سلِسة، بل سيواجه عراقيل كثيرة”.

ومع ذلك، تستدرك الصحفية بقولها: “قد ينجح إدريس فقط، إذا ركّز على الجانب التنفيذي، وأحجم عن التدخل في الشأن السياسي، أو محاولة الضغط على الجيش للدخول في مفاوضات مع الدعم السريع”.

منذ أن نفذ قادة الجيش، بالاشتراك مع حليف الأمس -وعدوّ اليوم- قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، الانقلاب على الحكومة المدنية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عاد السودان للعُزلة الدولية، بعد أن اعتبرت الأمم المتحدة أن ما حدث يمثل انقلاباً عسكرياً، كما علَّق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان فيه.

وسعت الحكومة السودانية، التي لا تزال تخوض حرباً ضارية ضد قوات الدعم السريع، إلى إنهاء تجميد عضوية السودان، لأكثر من مرة، لكنْ دون جدوى.

ويعتبر رئيس تحرير صحيفة الشعب الإلكترونية، أن رئيس الوزراء الجديد يمكنه أن يُسهم، بحكم علاقاته الدولية، في إعادة السودان إلى وضعه الطبيعي، مع الوضع في الاعتبار أن منظمَتَي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي رحبّتا بقرار تعيينه.

غير أن الكاتبة الصحفية شمائل النور ترى أن البرهان عيّن إدريس في منصب رئيس الوزراء، ليتمكن عبره من مخاطبة المجتمع الدولي وفَك العُزلة، قائلة “إذا أراد الجيش أن يعود لطاولة المفاوضات، فإن رئيس الوزراء هو الأنسب لمخاطبة المجتمع الدولي، لما له من ارتباطات دولية، وبالتالي، يمكن اعتبار تعيينه مؤشراً على رغبة الجيش في وقف الحرب عبر التفاوض”.

وفي كل الأحوال، يتعيّن على رئيس الوزراء الجديد في السودان، تشكيل حكومة منسجمة ورشيقة، لتضطلع بدورها في التعامل مع التحديات الهائلة التي تواجهها.

ولكن لا يبدو أن تحقيق هذا الهدف سيكون يسيراً، على ضوء أن الفصائل المسلحة والقوى السياسية التي ظلت مساندة للجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع -ومن بينها كتائب البراء بن مالك، ذات التوجهات الإسلامية والمحسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر البشير- تبحث عن موطئ قدم لها داخل التشكيل الوزاري، في ظل تأكيدات البرهان نفسه في أوقات سابقة أنه لن ينسى كل الفصائل التي قاتلت معه، وفي ظل إشارته إلى أن هذه الفصائل ستكون مُمثَّلة في أي حكومة مستقبلية يتمّ تشكيلها.

محمد محمد عثمان – بي بي سي نيوز عربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كيف سيتجاوز رئيس الوزراء السوداني الجديد حقول الألغام المحيطة به؟
  • الفاعل مجهول.. 3 مسيّرات تقصف مواقع للدعم السريع غرب السودان
  • قصف مواقع للدعم السريع ووفيات بالكوليرا غرب السودان
  • الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة
  • السودان.. اتهامات لـ«الدعم السريع» بقصف مستشفيات ومستودعات غذاء وقتلى بين المدنيين
  • تدمير المساعدات الغذائية.. السودان يفضح جرائم الدعم السريع
  • الدعم السريع تقصف مشفى وتقتل العشرات وسط السودان
  • قوات الدعم السريع ترتكب جريمة ضد الأمم المتحدة في السودان
  • قتلى وجرحى بقصف لقوات الدعم السريع على الأبيض والدبيبات
  • قوات الدعم السريع تقصف مستشفيين وأحياء سكنية في ولاية شمال كردفان