ماذا بعد تحصين مجالس أمناء المؤسسات الأهلية من العزل؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
قضت المحكمة الدستورية العليا، السبت الماضى، بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالقانون رقم 84 لسنة 2002 – الملغى - فيما تضمنه من تخويل وزير التضامن الاجتماعى سلطة عزل مجالس أمناء المؤسسات الأهلية، وسقوط نص المادة 141 من اللائحة التنفيذية للقانون السالف الذكر فى مجال انطباقه على النص المقضى بعدم دستوريته.
واستندت المحكمة فى حكمها إلى أن المواثيق الدولية قد حفلت بالنص على حق الفرد فى تكوين الجمعيات، وصنوها المؤسسات الأهلية، ومن ذلك الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الدساتير المقارنة، والتى حظرت جميعها فرض قيود على هذا الحق إلا تلك التى تشكل تدابير ضرورية فى مجتمع ديمقراطى لصيانة الأمن القومى أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة وحقوق الآخرين وحرماتهم، وأن الدستور المصرى القائم كفل للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى، وحظر على الجهات الإدارية التدخل فى شئونها أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائى، بما يقى تلك المؤسسات تدخل جهة الإدارة فى شئونها بأدواتها المختلفة، أيًا كان مسماها، سواء بحل مجالس أمنائها أو عزلها بغية تنحيتها عن أداء دورها فى خدمة أعضائها والمجتمع ككل، ومن ثم يغدو ما قرره النص المحال من تخويل وزير التضامن الاجتماعى سلطة حل مجالس أمناء المؤسسات الأهلية مخالفًا لأحكام الدستور.
وبهذا الحكم يحتم على وزارة التضامن الاجتماعى وضع آليات رقابية محكمة تحد من شطط بعض المسئولين عن مجالس الأمناء بالجمعيات الأهلية، حفاظاً على المال العام وعلى اتباع النظم والتعليمات المنظمة لأداء الجمعيات التى تمنحها الموافقات اللازمة لأداء عملها، دون الاصطدام بقرارات حل مجالس أمنائها.
والسؤال الأهم بعد صدور الحكم هو كم من الوقت ستستغرقه الجهة الإدارية فى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفات التى تقع فيها هذه المؤسسات؟ وهل لدى الوزارة الامكانيات المادية والقانونية لمقاضاة آلاف الجمعيات حتى بصدر القضاء كلمته؟ وكم من الوقت تحتاجه الوزارة فى تستيف الأوراق ورصد المختلفات ورفع الدعاوى ضد المخالفين؟
والسؤال الآخر الذى يطرح نفسه : بعد هذا الحكم التاريخى، ما هو مصير الجمعيات والمؤسسات الأهلية التى صدر بشأنها قرار بحل مجلس أمنائها، وهل ستتقدم إلى الجهة الادارية الممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى لإعادة اختصاصات مجالس امنائها، التى فقدت صلاحيتها بقرار وزير التضامن ام ان هذا الحكم سيطبق مستقبلا والمجالس الحالية ستكمل مدتها القانونية؟
يؤكد د. علاء الدين جبر أستاذ القانون والاقتصاد ان مثل هذه النوعية من القضايا يتم السير فى إجراءات التقاضى بها بطريقتين
الطريقة الاولى هى قيام الجهة الادارية التى وقع عليها قرار الحل بالتظلم أمام لجنة فض المنازعات وفى حالة الرد على التظلم خلال 60 يوما يحق للجهة الادارية برفع دعوى امام مجلس الدولة والمتضمنه إلغاء قرار الوزير الذى يخالف الدستور، وبالتالى تقوم محكمة مجلس الدولة بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن عليها وفى حالة مخالفة القوانين لمواد الدستور يتم قبول الطعن كما حدث فى المادة 63 من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالقانون رقم 84 لسنة 2002.
والطريقة الاخرى هى ان تقوم محكمة مجلس الدولة بنفسها بوقف الدعوى لحين الفصل فى هذه المادة، فتقوم المحكمة بإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا لمعرفة صحة ومطابقة المادة للقانون فإذا وجدها مخالفة وجب قبول الطعن لأن القوانين لا تخالف مواد الدستور.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مجالس أمناء المؤسسات العزل المحكمة الدستورية العليا قانون الجمعيات المؤسسات الأهلية الجمعیات والمؤسسات الأهلیة التضامن الاجتماعى المؤسسات الأهلیة
إقرأ أيضاً:
مجالس الإدارة ومسؤولياتها التاريخية
من المؤسف أن نجدَ شركاتٍ كانت تتمتع بسجل جيد من الأرباح والأداء المالي والنمو والتوسع والانتشار الجغرافي والحصول على العقود والمناقصات ثم بين ليلة وضحاها تقف هذه الشركات عاجزة عن تبرير أسباب الخسائر التي حدثت لها، وكثيرا ما تُعيد هذه الأسبابَ إلى التحديات الاقتصادية العالمية والمشاكل التي يواجهها القطاع الذي تعمل فيه كصناعات الأسمنت والألمنيوم والقطاعات المتعلقة بالخدمات والمقاولات والأعمال الهندسية.
وفي نظرنا أن التبريرات التي نجدها في التقارير السنوية والربعية التي تُصدرها شركاتُ المساهمة العامة عن أسباب الخسائر التي تتكبدها بعيدة كل البعد عن الأسباب الحقيقية والممارسات الإدارية والمالية الخاطئة التي تقع فيها، وهنا يفترض أن نجد دورا فاعلا لمجلس الإدارة لإعادة الشركات إلى المسار الصحيح من خلال رقابة صارمة على الأعمال التي تنفذها الشركات، ومراجعة السياسات والأنظمة الإدارية والمالية، ودراسة مدى تأثيرها على أداء الشركة، ومناقشة الجوانب المتعلقة بالتوسع غير المدروس، وافتتاح فروع دون دراسة واقعية، وتعيين أشخاص في المناصب القيادية دون الكفاءة المطلوبة ونحوها من الأسباب الأخرى التي كثيرا ما تتجاهلها الشركات وتؤثر سلبا على أدائها المالي وتدفعها إلى تحقيق الخسائر.
وهذا يجعلنا نفكر في دور مجالس الإدارة في مساندة الشركات و«إنقاذها» والمحافظة على مكانتها قبل أن تنزلق إلى فخ الخسائر، وقد لاحظنا أن الشركات التي تتعرض للخسائر بسبب الممارسات الإدارية والمالية الخاطئة لا تتمكن من العودة إلى تحقيق الأرباح سريعا بل ترتفع خسائرها من سنة إلى أخرى وربما تلجأ إلى إعادة هيكلة رأس المال وضخ رأسمال جديد ولكن دون أي جدوى، في حين أن الشركات التي تقع في الخسائر نتيجة للأزمات الاقتصادية والمالية العالمية تستطيع العودة إلى تحقيق الأرباح مجددا شريطة أن تمتلك مجلس إدارة كفء ولديه إحساس بمسؤولياته التاريخية ودوره الحيوي في إعادة الشركة إلى الربحية، وهنا نتساءل عن المعايير التي يضعها المساهمون لاختيار ممثليهم في مجالس الإدارة، وعن أهمية وجود كفاءات متخصصة يتم انتخابها نتيجة لكفاءتها وليس نتيجة للمجاملات أو المحاباة لأن هذه الشخصيات هي التي تحدد مسار الشركات؛ إما إلى الربح أو الخسارة.
هناك أمثلة عديدة لشركات المساهمة العامة التي أثرت الممارسات الإدارية والمالية الخاطئة على أدائها ودفعتها إلى تكبّد الخسائر. العديد من هذه الشركات غادرت السوق بالفعل وتمت تصفيتها، والبعض الآخر من المتوقع أن يغادر السوق قريبا خاصة الشركات التي تآكلت رؤوس أموالها وعجزت عن تسديد التزاماتها المالية تجاه البنوك وشركات التمويل والشركات الأخرى. وهو ما يعني أن مجالس الإدارة لم تقم بدورها في حماية الشركات وإنقاذها وإعادتها إلى الربحية والمحافظة على أموال المساهمين وحقوق المتعاملين مع الشركة وتأدية التزاماتها تجاه الغير.
الأموالُ التي يدفعها المساهمون في تأسيس الشركات، والأموال التي يدفعها المستثمرون في بورصة مسقط لشراء الأسهم، والقروضُ التي تقدمها البنوك وشركات التمويل، والسلعُ والبضائع التي يتم شراؤها من الغير وغيرها من الالتزامات المالية الأخرى؛ ينبغي على الشركات المحافظة عليها.
وهنا تبرز أهمية أن يتمتع أعضاء مجالس الإدارة بكفاءة عالية لأن المجلس أمام مسؤوليات تاريخية خاصة البنوك والشركات الكبرى التي تم تأسيسها قبل أكثر من 3 عقود والشركات الصناعية الكبرى التي يعول عليها الكثير في تعزيز أداء الاقتصاد الوطني وزيادة العوائد على أموال المساهمين والمساهمة في توفير فرص العمل وزيادة الناتج المحلي للقطاعات الاقتصادية.
إن أحد أبرز التحديات التي يواجهها المستثمرون في بورصة مسقط هي عدم اكتراث العديد من مجالس الإدارة بالخسائر التي تسجلها شركات المساهمة العامة. ومع استمرار الشركات في تبرير أسباب الخسائر دون اتخاذ خطوات عملية ومراجعة شاملة لأداء الشركة، فإن هذه الخسائر سوف تتضاعف وستجد الشركات أنفسها أمام أحد خيارين: إما الخروج من السوق وإعلان التصفية، وإما إعادة الهيكلة وضخ رأسمال جديد، وفي كلتا الحالتين سوف يخسر المستثمرون أموالهم وستخسر الشركة سمعتها ومكانتها الاقتصادية.