الأونروا: الحرب الدائرة منذ مئة يوم في غزة “تلطخ إنسانيتنا المشتركة”
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) السبت إن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة “تلطخ إنسانيتنا المشتركة” مع مرور مئة يوم على النزاع في القطاع المحاصر.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان “إن جسامة الموت، والدمار، والتهجير، والجوع، والخسارة، والحزن في الأيام الـ100 الماضية يلطخ إنسانيتنا المشتركة”.
المصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: الأونروا الاحتلال الإسرائيلي فلسطين
إقرأ أيضاً:
عادل الباز: “رهائن لا حواضن”: تفكيك الأكذوبة
1 بارك الله في الدكتور أسامة العيدروس ونفعنا بعلمه. فقد تميز، منذ بداية الحرب، بتحليل واقعي وبصيرة نافذة لما يجري على الأرض. في الوقت الذي كان الناس فيه تائهين بين الشائعات واليأس، ظل الدكتور أسامة يكرر أن هذه المليشيا، رغم دعواها الفارغة بالسيطرة، ما هي إلا “قلعة رمل” سرعان ما تتهاوى. وقد صدق.
2
وبالفعل، من جبل موية إلى جبال كردفان، انهارت أوهام السيطرة الميدانية تباعًا. ومؤخرًا، عاد الدكتور أسامة ليطل من على شاشة قناة الجزيرة مكذبًا مزاعم المليشيا الإجرامية بأنها تحظى بـ”حواضن اجتماعية”. أكد الدكتور أسامة أن أولئك الذين تدعي المليشيا أنهم يشكلون حواضنها هم في الحقيقة رهائن ومختطفون من أبناء الوطن، اختطفتهم المليشيات عنوة. وقال بوضوح: “من واجبنا تحريرهم من براثنها”. وقد صدق.
3
اليوم، يمكن القول بثقة إن كل القبائل والمكونات الاجتماعية التي كانت تُستغل دعائيًا كظهير اجتماعي للمليشيات تبحث الآن عن مخرج، بل تتمرد على هذه العصابة علنًا. الأدلة على ذلك كثيرة:
• رغم دعوات المليشيا المتكررة للتجنيد، رفضت القبائل الدفع بأبنائها إلى محرقة حرب خاسرة، ولم تنفع الوعود بالمناصب أو المال. الناس يرون بأعينهم جثامين أبنائهم تُقبر بالعشرات، بل بالمئات، يوميًا، فلم يعد المال يعني شيئًا.
• تحدث الاستاذ الصحفي الصادق الرزيقي عن أن مدينة الضعين وحدها فقدت أكثر من 40 ألفًا من أبنائها في هذه الحرب العبثية.
• وليس هذا فحسب، بل خرج يوسف عزت، المستشار السياسي السابق لقائد المليشيا حميدتي، في تغريدة قبل أيام داعيًا إلى عدم الزج بالقبائل في الحرب، مؤكدًا أن الحرب نشأت أساسًا من خلاف داخل المؤسسة العسكرية، وأن إدخال المكونات الاجتماعية فيها سيحولها إلى حرب أهلية طويلة الأمد. هذه التغريدة تكشف عمق الانقسام داخل شظايا الدعم السريع.
• بل إن المليشيا، التي طالما تغنت بالحاضنة الشعبية، باتت تعترف ضمنيًا بانهيارها من خلال لغة التهديد والابتزاز التي يستخدمها قادتها. فقبل أيام، خرج عبد الرحيم دقلو محذرًا القبائل من التخاذل، مهددًا بمحاسبة زعمائها إن لم يساهموا في التجنيد. قالها بوقاحة: “ذقتم حلو الدعم السريع.. الآن ذوقوا مره.”
أي حواضن تلك التي تُهدَّد بالعقوبة إن لم تُسلّم أبناءها للموت؟
4
وفي مشهد آخر من مشاهد انهيار أكذوبة الحواضن، رُصدت أكثر من 18 نزاعًا مسلحًا خلال ثلاثة أشهر بين مجموعات إثنية داخل المليشيا نفسها، على خلفية اتهامات بالخيانة والصراع على الغنائم، مما أدى إلى اشتباكات مسلحة وانقسامات متزايدة. هذا الانقسام الداخلي يعكس عمق أزمة الشرعية الاجتماعية التي تعاني منها المليشيا، ويُسقط عنها آخر أوراق التوت.
لقد وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير منتصف 2024 أن المليشيا اختطفت مدنيين من القرى واستخدمتهم كدروع بشرية، مما يؤكد أن مفهوم “الحواضن” هو أكذوبة لا تصمد أمام التحقيقات الميدانية.
كما أن انشقاق شخصيات قيادية من داخل المليشيا، مثل العميد المنشق محمد شرف الدين، الذي قال بوضوح إن “المليشيا تستغل أبناء القبائل كوقود رخيص”، يدعم ما ذهب إليه الدكتور العيدروس ويوسف عزت.
5
مفهوم “الحواضن الاجتماعية” ليس جديدًا في النزاعات السودانية، بل استُخدم عبر التاريخ كغطاء لتبرير وجود المليشيات المسلحة في مناطق محددة. لكن هذه الحواضن، كما أثبتت التجارب، كانت دائمًا هشة، تعتمد على المصالح الآنية أكثر من كونها تعبيرًا عن دعم شعبي حقيقي ومستدام.
الحديث عن الحواضن بات أداة سياسية لاستغلال الانتماءات القبلية في تقسيم المجتمع وشرعنة العنف، وليس تعبيرًا عن قاعدة دعم شعبي متماسكة. إن القبائل التي زُعِم أنها حواضن للمليشيات هي في الواقع ضحايا وأسرى، ترفض اليوم الاستمرار في دعم الحرب.
تخلت العديد من هذه القبائل عن المليشيات وتمردت ضدها، وبدأت تتجه نحو الجيش الوطني كحامٍ ومحرر، ما يؤكد هشاشة الحواضن التي تتحدث عنها المليشيات والدعاية الإعلامية التابعة لها، والتي لا تعكس الواقع على الأرض.
6
هذه الحقائق تدحض أسطورة الحواضن وتكشف أن الحديث عنها ما هو إلا جزء من الدعاية المضللة التي تهدف إلى إطالة أمد الصراع وتفتيت النسيج الاجتماعي السوداني.
إن الذين يتحدثون عن الحواضن يحاولون الانحراف بطبيعة الحرب، من تمرد على الدولة قادته أسرة عميلة أعماها المال، واستُخدمت كمخلب لنزع سيادة البلاد واستقلالها، بواسطة غزو شاركت فيه أكثر من تسع دول بأسلحتها ومرتزقتها. هؤلاء يحاولون تحويل طبيعة هذه الحرب إلى حرب أهلية، بينما الحديث عن الحواضن لا يتجاوز كونه غطاءً دعائيًا لجرائم ممنهجة.
وقريبًا، حين يصل الجيش إلى مرتع من يُسمَون اليوم “الحواضن”، سيدرك الناس أنه لا حاضنة أصلًا لهؤلاء المجرمين، وستنهار أوهام الحواضن والحرب الأهلية، كما انهارت من قبل قلعة الرمل.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب