"واشنطن بوست": شركة سعودية تستغل مياه ولاية أريزونا المهددة بالجفاف
تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن شركة سعودية تقوم بـ"استغلال" المياه في ولاية أريزونا الأمريكية، التي تعاني حاليا من الجفاف، لزراعة البرسيم الذي يستخدم غذاء للماشية في المملكة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه منذ ما يقرب من عقد، أجرت ولاية أريزونا منطقة ريفية تقع غربي فينيكس لشركة "فوندومونتي أريزونا" المملوكة للسعودية (الشركة الأم هي المراعي المملوكة من قبل رجل الأعمال الملكي السعودي محمد بن سعود الكبير، وشقيقان أيرلنديان)، ما سمح لها بضخ كل المياه التي تحتاجها لزراعة البرسيم، وهو محصول تصدره لتغذية المواشي في المملكة.
وأوضحت الصحيفة أنه على مدى سنوات لم تكن الحكومة الأمريكية تعرف كمية المياه التي كانت الشركة تستهلكها، مبينة أن الجفاف الشديد الذي أصاب أريزونا تسبب في إجهاد أنهارها وخزاناتها وتقليل المياه التي تصل إلى منازل عمال المزارع بالقرب من هذا الوادي الصحراوي، ومع ذلك تمتد الحقول الخضراء من البرسيم عبر آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية وتسحب الآبار المياه من أعماق الأرض، وتحول الأرض القاحلة إلى أراض زراعية خضراء.
وألقت الصحيفة بالمسؤولية على المسؤولين في الحكومة الأمريكية في ما وصفته بـ"التقاعس عن العمل" وترك المياه دون حماية وسط الجفاف الذي تفاقم في أريزونا بسبب تغير المناخ، وبالتالي تحول الأمر إلى نعمة للسعودية، حتى تم مؤخرا حظر زراعة محاصيل العلف مثل البرسيم للحفاظ على إمدادات المياه المحدودة.
وذكرت أنه بعد فترة وجيزة من وصول شركة "فوندومونتي أريزونا" إلى وادي باتلر في أريزونا عام 2015، اقترح مخططو الدولة مطالبة الشركة تركيب عدادات والإبلاغ عن استخدام المياه، حتى تتمكن الدولة من "الحصول على معلومات دقيقة على الأقل" عن المياه التي يتم استخدامها.
ونقلت الصحيفة عن أحد المخططين قوله إن الاقتراح "اصطدم بجدار حجري"، وهو أن المسؤولين في إدارة الحكومة آنذاك رفضوا ذلك، بحجة أن الاقتراح يتعارض مع وجهة نظر راسخة في الريف الغربي، مفادها أن المياه هي ملكية خاصة تأتي مع الوصول إلى الأرض، وليس موردا عاما.
ونقلت الصحيفة عن المدير العام لشركة "فوندومونتي" قوله إن الشركة تتبع نفس القواعد التي تحكم العمليات الزراعية في جميع أنحاء الولاية بينما تبذل قصارى جهدها لتوفير المياه وخدمة المجتمع.
وأضاف: "طورت فوندومونتي وادي باتلر ليكون واحدا من أكثر المزارع كفاءة وإنتاجية ليس فقط في ولاية أريزونا، لكن في الجنوب الغربي بأكمله. ونستخدم أفضل تكنولوجيا ومعدات الري في بإشراف واجتهاد فريق إداري متمرس"، مؤكدا أن "شركة فوندومونتي تعتبر رائدة في كفاءة استخدام المياه".
ووفقا للصحيفة، يعترف مسؤولو الولاية الآن بأن عقودا من الزراعة والنمو الهائل قد قلل بشكل خطير من احتياطيات المياه في ولاية أريزونا. وأدت الندرة المتزايدة إلى تعميق الانقسامات بين المجتمعات الحضرية والريفية وحولت شركة "فوندومونتي أريزونا" إلى نقطة اشتعال سياسية.
وأوضحت الصحيفة أن شركة "فوندومونتي أريزونا" تمتلك أيضا أربعة من حوالي 20 عقد إيجار زراعي للولاية عبر أحواض النقل الرئيسية الثلاثة في ولاية أريزونا، حيث يسمح قانون الولاية بنقل المياه إلى المدن، لكن كون أن هذه الشركة أجنبية وتواجه قيودا صارمة على استخدام المياه في بلدها الأم السعودية أثار الغضب في المجتمع المحلي.
وذكرت الصحيفة أنه في يونيو الماضي، كشفت الحاكمة الجديدة للولاية الديمقراطية كاتي هوبز، عن دراسة طال انتظارها تظهر أن المياه الجوفية في أجزاء من منطقة فينيكس لم تكن كافية لتلبية الطلب المتوقع خلال القرن المقبل. كما طلبت إدارتها مؤخرا الحصول على تفاصيل حول استخدام المياه في الأراضي المملوكة للدولة.
وأكدت الصحيفة أنه بعد أن هددت الدولة بإلغاء عقود إيجار "فوندومونتي أريزونا"، في يونيو الماضي، اضطرت الشركة للكشف عن مقدار ضخها سنويا في وادي باتلر. وقال الخبراء للصحيفة إن استهلاكها يعادل استهلاك مدينة يزيد عدد سكانها عن 50 ألف نسمة.
ووفقا للصحيفة، يُعد مساعدو الحاكمة الآن خططا لعدم تجديد عقود إيجار "فوندومونتي أريزونا" في وادي باتلر عندما تنتهي صلاحيتها العام المقبل، لكن القرار لم يتم الانتهاء منه بشكل كامل بعد.
وأوضحت الصحيفة أنه في حالة صدور هذا القرار، يمكن أن يتبع ذلك مواجهة مع الشركة، مع انعكاسات ليس فقط على الشركات الأجنبية المهتمة بالموارد الطبيعية الأمريكية لكن أيضا على مستقبل الزراعة حيث يشتد الجفاف في الجنوب الغربي وتزدحم المدن باحتياطيات المياه الريفية.
المصدر: The Washington Post
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أخبار أمريكا أخبار السعودية الرياض الزراعة المياه المیاه التی المیاه فی
إقرأ أيضاً:
دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
قدّم علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أدلة علمية قاطعة تُثبت أن البحر الأحمر جفّ بالكامل قبل نحو 6.2 مليون سنة، قبل أن يُعاد ملؤه فجأة إثر فيضان كارثي ضخم من المحيط الهندي، في حدثٍ غيّر شكل المنطقة الجيولوجي إلى الأبد.
ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Communications Earth & Environment العلمية، حيث تمكّن فريق الباحثين من تحديد الإطار الزمني الدقيق لهذا التحوّل الجيولوجي الهائل، الذي شكّل نقطة فاصلة في تاريخ البحر الأحمر.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات التصوير الزلزالي وتحليل الأحافير الدقيقة وتقنيات التأريخ الجغرافي الكيميائي، ليكتشفوا أن الجفاف وإعادة الغمر وقعا في فترة قصيرة نسبيًا لا تتجاوز مئة ألف عام — وهي مدة تُعد وجيزة للغاية بمقاييس الأحداث الجيولوجية.
وقالت الدكتورة تيهانا بنسا، الباحثة الرئيسة في كاوست:"تكشف نتائجنا أن حوض البحر الأحمر شهد أحد أكثر الأحداث البيئية تطرفًا على وجه الأرض، إذ جفّ تمامًا ثم غُمر فجأة قبل نحو 6.2 مليون سنة. لقد غيّر ذلك الفيضان شكل الحوض وأعاد إليه الحياة البحرية، مؤسسًا الاتصال الدائم بين البحر الأحمر والمحيط الهندي".
في بدايات تكوّنه، كان البحر الأحمر متصلًا بالبحر الأبيض المتوسط من الشمال عبر حاجز ضحل، لكن هذا الاتصال انقطع لاحقًا، ما أدى إلى جفاف البحر الأحمر وتحوله إلى صحراء ملحية قاحلة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
أما من الجنوب، فكانت سلسلة بركانية قرب جزر حنيش تفصله عن مياه المحيط الهندي.
لكن قبل نحو 6.2 مليون سنة، اخترقت مياه المحيط هذا الحاجز في فيضان هائل، نحت خندقًا بحريًا بطول 320 كيلومترًا، لا يزال أثره واضحًا حتى اليوم في قاع البحر.
وخلال فترة قصيرة، امتلأ الحوض من جديد وعادت إليه المياه، لتتشكل الظروف البحرية الطبيعية في أقل من مئة ألف عام، وذلك قبل نحو مليون سنة من فيضان زانكلي الذي أعاد ملء البحر الأبيض المتوسط.
وتشير الدراسات إلى أن البحر الأحمر نشأ نتيجة انفصال الصفيحة العربية عن الإفريقية قبل نحو 30 مليون سنة، وكان في بدايته واديًا صدعيًا ضيقًا تحول تدريجيًا إلى خليج واسع بعد أن غمرته مياه البحر الأبيض المتوسط قبل 23 مليون سنة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } دراسة سعودية تثبت تعرض البحر الأحمر لجفاف تام قبل 6 ملايين سنة
وازدهرت آنذاك الحياة البحرية، كما تشهد على ذلك الشعاب المرجانية الأحفورية الممتدة قرب ضبا وأملج.
لكن مع مرور الزمن، أدت الحرارة المرتفعة وضعف دوران المياه إلى زيادة الملوحة، ما تسبب في انقراض واسع للكائنات البحرية بين 15 و6 ملايين سنة مضت.
تراكمت إثر ذلك طبقات الملح والجبس حتى جف البحر تمامًا، قبل أن يعيده الفيضان القادم من المحيط الهندي إلى الحياة التي ما زالت تزدهر في شعابه المرجانية حتى اليوم.
يُعد البحر الأحمر اليوم مختبرًا طبيعيًا فريدًا لدراسة نشوء المحيطات وتفاعل المناخ مع الحركات التكتونية، بفضل تاريخه المعقّد وغناه الجيولوجي.
وتبرز نتائج الدراسة الجديدة مدى الترابط بين تاريخ البحر الأحمر وتغيرات المحيطات العالمية، مؤكدين أن المنطقة مرّت بظروف بيئية قاسية لكنها استطاعت استعادة توازنها البيئي على المدى الطويل.
البروفيسور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في كاوست
وقال البروفيسور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في كاوست وأحد المشاركين في البحث: وقال البروفيسور عبد القادر عفيفي، أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في كاوست، وهو أحد المشاركين في الدراسة "تُضيف هذه الورقة إلى فهمنا لعمليات تكوّن المحيطات واتساعها على كوكب الأرض، كما تُعزز المكانة الريادية لجامعة كاوست في أبحاث البحر الأحمر".