نبض السودان:
2025-07-06@10:59:52 GMT

ناظر المسيرية يحذر من تدمير منشآت النفط

تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT

ناظر المسيرية يحذر من تدمير منشآت النفط

رصد – نبض السودان

حذر ناظر عموم قبيلة المسيرية مختار بابو نمر، من اختراق حدود السودان وتدمير منشآت النفط حال اقدامت مليشيا الدعم السريع، على مهاجمة قيادة الجيش في ولاية غرب كردفان والسيطرة عليها.

وظهرت إلى العلن خلافات وسط قبيلة المسيرية وهي ثاني أكبر الإثنيات التي ينتمي إليها جنود وضباط مليشيا الدعم السريع حيال الحرب الدائرة الآن، حيث يعارض عدد كبير منهم نقل القتال إلى ولاية غرب كردفان والسيطرة على مواقع القوات المسلحة، وبالمقابل يؤيد آخرون خطط الدعم السريع التوسعية في المنطقة.

ودفع الناظر نمر و22 من قيادات المسيرية في الثلاثين من ديسمبر المنصرم بخطاب لقائد المليشيا محمد حمدان دقلو، يعلنون فيه رفضهم لنقل الحرب إلى مناطقهم وإبعاد الجيش من ديار القبيلة.

وقال الخطاب المذيل بتوقيع الناظر إن “غرب كردفان ولاية تحادد دولة جنوب السودان خاصة عند مناطق الميرم، أبيي، هجليج، كيلك، لقاوة، وسقوط قيادة الفرقة 22 مشاه يعني خلو الولاية من وجود الجيش ما يسهل اختراق الحدود من الطامعين”.

وينتشر جنود الفرقة 22 مشاه في مناطق حدودية مع دولة جنوب السودان بما فيها مواقع متنازع عليها بين البلدين، ولم يتوافق السودان وجنوب السودان على ترسيم الحدود منذ استقلال الأخيرة في العام 2011.

وتخوف القادة الاهليون من وقوع مجازر تطال قبيلة المسيرية وإشاعة الفوضى في الولاية، حال اندلاع مواجهات عسكرية ترمي لإسقاط قيادة الجيش الرئيسية بولاية غرب دارفور.

وأكدوا بأن سقوط الفرقة 22 بابنوسة بالمواجهة العسكرية يؤدي كذلك إلى تدمير حقول النفط تماما، الأمر الذي سيترتب عليه انتشار مخاطر التلوث البيئي على الإنسان والحيوان بسبب تلوث المياه والنبات والأرض كما جرى من قبل عقب ضرب مطار وحقل “بليلة” النفطي.

ودعا القادة الاهليون في خطابهم إلى استثناء، قيادة الفرقة 22 مشاه من العمليات الحربية، تطبيقا لنموذج الفرقة السادسة مشاه بولاية شمال دارفور.

ووقع على الخطاب بجانب الناظر مختار بابو نمر، كل من وكيله إسماعيل حامدين حامد، والأمير حمدي الدود إسماعيل، والعمدة الدود محمد عبيد، علاوة على الجاك سليمان رحمة شنتو، بجانب خريف رحمة الدود وجبريل حماد أحمد بريقع، ويحي جماع عبد الله، والعمدة حمدان جار النبي الرحيمة وغيرهم.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: المسيرية النفط تدمير من منشآت ناظر يحذر

إقرأ أيضاً:

شرطة النووي.. تاريخ إسرائيل في تدمير المفاعلات النووية العربية

في 24 يونيو/حزيران 2025، نشرت النائبة الجمهورية في الكونغرس، مارجوري تايلور غرين، تغريدة على صفحتها الشخصية على موقع إكس (تويتر سابقًا)، ربطت فيه اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي بمعارضته للمشروع النووي الإسرائيلي، وطلبه إخضاع مفاعل "ديمونا" للتفتيش الدولي، خوفًا من تحوّله إلى برنامج نووي عسكري.

لمّحت غرين في تغريدتها إلى أن معارضة كينيدي للمشروع النووي الإسرائيلي في الشرق الأوسط كان أحد أسباب اغتياله في عام 1963. ففي حقبة الستينيات، بنت إسرائيل مشروعها النووي في عملية سرية تمامًا لم تطلع أحدًا عليه بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية  (IAEA).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اعترافات فيلسوف جهاديlist 2 of 2الرقابة العسكرية.. قصة الجهاز الذي يمنعنا من معاينة الأضرار في إسرائيلend of list

وبينما اتفقت إسرائيل مع فرنسا لبناء مفاعل ديمونة سرًا، خدعت إسرائيل الولايات المتحدة طيلة عقد الستينيات وأخبرتها أنها تبني مشروعًا نوويًا لأهداف سلمية، ولا نية لها لبناء سلاح نووي في المستقبل القريب. لم يكن كينيدي مطمئنًا لنيات الإسرائيليين فأرسل عدة وفود تقنية لمتابعة المشروع النووي الإسرائيلي، إلا أن كافة الوفود تعرضت للتلاعب والخداع من قبل الإسرائيليين.

This is extremely sick and disturbing. Please read to the end.

Mark, you have the exact same tone and language that the psychopaths use that send me death threats every single day.

You should be fired from Fox News. And shame on Fox if they condone this.

Let me introduce you… https://t.co/twsWLwkQU3

— Rep. Marjorie Taylor Greene???????? (@RepMTG) June 24, 2025

لكن على قدر الغموض الذي أحاط بالمشروع النووي الإسرائيلي منذ تأسيسه وإلى اليوم، إلا أن بُعدًا واحدًا فيه كان شديد العلنية والوضوح، ويتم التأكيد عليه مرارًا منذ ثمانينيات القرن الماضي؛ ألا وهو أن دولة الاحتلال هي شرطة الذرة في المنطقة، بمعنى أنها لا تسمح لأي دولة في محيطها الإقليمي أن تمتلك سلاحًا نوويًا، ولا ترى أميركا أنه يحق لأي دولة في المنطقة أن تمتلك القدرات النووية اللازمة لتطوير أسلحة نووية سوى دولة الاحتلال.

إعلان

سُميت هذه المبادئ الإسرائيلية بـ"عقيدة بيغن"، وتجددت هذه العقيدة مع اندلاع الحرب الإسرائيلية-الإيرانية في يونيو 2025، حينما صرح نتنياهو في بداية الحرب أن هدف العملية هو تفكيك القدرات النووية الإيرانية، وكبح قدراتها على تطوير أسلحة نووية، وتدمير البنية التحتية لمشروعها النووي "كي لا تشكل تهديدًا لإسرائيل".

لم تكن هذه الضربة الإسرائيلية لإيران هي الأولى من نوعها للمشاريع النووية في الشرق الأوسط. فقبلها، تحديدًا في سبتمبر 2007، ضربت إسرائيل مفاعل نووي في سوريا بستة عشر طنًا من المتفجرات، كما أنها ناصبت العداء للمشروع النووي الليبي بعدما انتبهت له، وهو المشروع الذي تم تفكيكه في بداية الألفية الثانية. وقبلهما، دمّرت إسرائيل مفاعل العراق النووي في عام 1981م، وتعد تلك الأخيرة اللحظة التأسيسية لما سُمي "عقيدة بيغن" التي صارت حاكمة للاستراتيجية النووية الإسرائيلية في المنطقة منذ تلك اللحظة إلى يومنا هذا.

 

فما قصة التدخلات الإسرائيلية على المشاريع النووية للمنطقة؟ وكيف تأسست "عقيدة بيغن" وعانت منها المنطقة العربية ولم تسمح لأحد أن يمتلك قوى نووية سوى دولة الاحتلال؟

العملية أوبرا – العراق – مفاعل أوزيراك – 1981م

تعود طموحات العراق النووية إلى الخمسينيات من القرن الماضي، حينما تفاهمت العراق مع الاتحاد السوفياتي لبناء مفاعل بحثي في العراق عام 1959. وتزامنًا مع صعود صدام حسين إلى الحكم، كان مسؤولًا عن الملف النووي كذلك. وفي عام 1975 زار صدام حسين الاتحاد السوفياتي وطلب منهم تطوير برنامجه النووي، إلا أنهم اشترطوا عليه أن يكون البرنامج تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي قابله صدام بالرفض.

اتجه صدام إلى الغرب باحثًا عن مطوّر لطموحه النووي، ووجد ضالته عند فرنسا في نفس العام، 1975. وقع العراق اتفاقية تعاون نووي مع فرنسا بقيمة 300 مليون دولار (ما يوازي 1.8 مليار دولار تقريبًا بالقيمة الحالية مع حسابات التضخم). تضمنت الصفقة شراء مفاعلين نووين بحثيين، الأول من فئة أوزوريس والثاني من فئة إيزيس، كما تضمنت الصفقة كذلك شراء كميات محدودة من اليورانيوم المخصب، بالإضافة إلى الخبرة التقنية الفرنسية، وتصدير مواد بناء المفاعل، والإشراف الفرنسي على المشروع.

صدام حسين عام 1976 خلال زيارته لباريس والتباحث مع رئيس الوزراء الفرنسي جاك شيراك لانشاء مفاعل نووي عراقي/ AFP (AFP)

أطلقت فرنسا اسم "أوزيراك" على المفاعل المصدّر للعراق (وهي كلمة تجمع بين أوزيريس والعراق)، بينما سمّاه النظام العراقي "تموز 1″، أما المفاعل الثاني "إيزيس" فقد سمّاه العراق "تموز 2". بدأ بناء المفاعل "أوزيراك" في عام 1979 في مجمع التويثة للأبحاث النووية، على بُعد حوالي 17 كيلومتراً جنوب شرق بغداد. بدورها، ضغطت إسرائيل على فرنسا من أجل منع شحنات اليورانيوم، وتقليل نسبة التخصيب. وبالمقابل، كان الدعم الفرنسي لهذا المشروع حريصًا على إبقاء المشروع النووي العراقي مدنيًا وسلميًا، رغم إن طموح صدام كان أوسع من أهدافه المدنية.

في الحقيقة، ورغم أن فرنسا لم تعلن ذلك صراحة لصدام، إلا أنها تلاعبت باليورانيوم المصدر إلى العراق خشية استغلاله لتطوير أسلحة نووية. ففي وثائق سرية كشف عنها النقاب في عام 2021، أوضحت الوثائق أنه قبل الشروع في بناء "أوزيراك" عام 1979، التقى مسؤولون أميركيون بنظرائهم الفرنسيين ليسائلوهم حول مدى قدرة صدام حسين على تحويل مشروع العراق النووي إلى أسلحة دمار شامل. أكد الفرنسيون للأميركان أن  اليورانيوم "تم تعديله كيميائيًا سرًا لجعلها غير صالحة للاستخدام كأسلحة".

إعلان

بدورها، اعتبرت إسرائيل أن امتلاك العراق لقدرات نووية متقدمة يشكل تهديداً وجودياً لها، خاصة في ظل الخطاب العدائي المتكرر من قبل صدام حسين ضد الكيان الصهيوني. بالإضافة إلى ذلك، كانت إسرائيل تدرك أن نجاح العراق في تطوير برنامج نووي قد يشجع دولاً عربية أخرى على اتباع نفس المسار، مما يقوض التفوق النووي الإسرائيلي في المنطقة.

المفاعل النووي العراقي تموز خلال مرحلة البناء/ AFP
(AFP)

نجح رونالد ريغان في انتخابات الرئاسة الأميركية أواخر عام 1980، ولم توضع احتواء المشروع النووي العراقي على أجندتها، بينما واصلت فرنسا دعمها النووي للعراق، وجدت إسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة المشروع العراقي، ووجدت أن فرصها تتقلص في قمع الطموح النووي العراقي كلما طال به الأمد.

أمام هذا المأزق، قررت إسرائيل ألا تنتظر الولايات المتحدة ولا أوروبا، وقررت ضرب المفاعل النووي العراقي قبل بدء عملية تخصيب اليورانيوم لتجنب التلوث الإشعاعي، لكن، وبحسب ديفيد إيفري، السفير الإسرائيلي الأسبق للولايات المتحدة، لم تكن إسرائيل تملك سوى طائرات F-4 التي لا تستطيع التحليق لمسافة أكثر من 1500 كيلومتر، بينما كانت المسافة الإجمالية للرحلة الجوية ذهابًا وإيابًا من الأراضي المحتلة إلى المفاعل العراقي تتجاوز 2000 كيلومتر، كما إن عمليات التزويد بالوقود في منتصف الرحلة الجوية وأنظمة التتبع الملاحي GPS لم تكن متوفرة في ذلك الوقت، بالإضافة إلى أن الحمولة الكبيرة للمتفجرات لن تمكّن الطائرات تلك من تنفيذ المهمة.

صورة لبطن الطائر إف 4 (غيتي)

أمام هذه المعضلات التقنية، وفي عام 1980، كما يروي المؤرخ الأسترالي توم كوبر و الباحث في الشؤون الإيرانية فارزاد بيشوب، تواصلت إسرائيل مع النظام الثوري الناشئ في إيران للتنسيق معه حول مواجهة التهديد المشترك لصدام حسين. وبحسب روايتهما، ناقشت إسرائيل ضرب المفاعل النووي العراقي مع النظام الإيراني. وتجاوزت الرغبة الإسرائيلية في ضرب مفاعل العراق الغرف المغلقة والاتصالات الأمنية مع إيران، فبعد اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية، تحديدًا في 27 سبتمبر/أيلول 1980، حرض يايهوشوا ساجوى Yehoshua Sagi، رئيس استخبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، الإيرانيين علنًا على الهجوم، مُعربًا عن دهشته من "عدم محاولة إيران قصف المفاعل النووي العراقي قيد الإنشاء قرب بغداد".

لم يدم انتظار الإسرائيليين طويلًا، ففي 30 سبتمبر/أيلول 1980، انطلقت عملية "السيف المشتعل" من طهران، وانطلقت طائرتان إيرانيتان من طراز فانتوم الأميركية لتقصفا مفاعل أوزيراك النووي. لكن الضربة فشلت في تحقيق أهدافها وتسببت في أضرار جزئية بالمفاعل العراقي فحسب وفي مبانيه الثانوية فقط، فأدركت إسرائيل أن عليها تنفيذ المهمة بنفسها.

لم يكن قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحيم بيغن بتدمير المفاعل النووي العراقي قرارًا سهلًا، بل  كما وصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه قرار "بطولي وصعب"، لأنه يعرض إسرائيل لتعقيدات ومشاكل دبلوماسية كبيرة من ناحية فرنسا، كونها المستثمر الأكبر في المشروع النووي العراقي، ومع المنطقة العربية من ناحية أخرى كونها بيئة معادية ابتداءً.

كان قرار بيغن جذريًا، وقد أتى بعد عدة محاولات إسرائيلية لتفكيك االمشروع النووي العراقي عدة مرات بالفعل، مرة عبر تخريب معداتٍ مخصصةٍ للمنشأة التي كانت فرنسا على وشك تسليمها للعراق عام 1979. ومرة في عام 1980، حين اغتالت إسرائيل العالم النووي المصري يحيى المشد، الذي كان له دور كبير في المفاعل النووي بالعراق. ومرة عبر وسائل الضغط الدبلوماسية على الفرنسيين ولقف مساعداتهم النووية للعراق، كما تناقشت إسرائيل مع الولايات الأميركية كذلك في الضغط على إيطاليا من أجل وقف تصدير البلوتونيوم إلى العراق.

إعلان

لكن كل هذه المحاولات أدت إلى تأخير المشروع بضعة أشهر أو سنوات قليلة فحسب، ولم تؤدِّ إلى التفكيك الكامل، وحينها كان قرار بيغن استثنائيًا في تلك الحقبة والأول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية. لكن إذا أرادت إسرائيل تدمير المفاعل العراقي بهجمة جوية، فكيف ستتجاوز المعضلات التقنية للطائرات؟

استطاعت إسرائيل تجاوز هذه الأزمة عندما استغلت فرصة توقيف الولايات المتحدة لشحنة طائرات F-16 كانت موجهة إلى نظام الشاه قبل إسقاطه، فعرضت أميركا الطائرات على إسرائيل، وقبلت إسرائيل بالصفقة فورًا حتى قبل الإجراءات البيروقراطية المتعارف عليها، وبذلك توفرت لدولة الاحتلال القوة اللازمة لضرب المفاعل العراقي.

وفي السابع من يونيو 1981، قامت إسرائيل بمهاجمة وتدمير مفاعل أوزيراك للأبحاث النووية، باستخدام طائرات F-15 و F-16 الأميركية الصنع لتنفيذ الهجوم. قُتل في الهجوم عشرة عراقيين ومهندس فرنسي. انطلقت المهمة، التي أسمتها العملية أوبرا (واشتهرت بالعملية بابل كذلك)، من قاعدة عتصيون الجوية في صحراء النقب، حيث خرج ثمانية طيارين مقاتلين في منتصف الليل لشن الضربة، حاملين 16 طنًا من المتفجرات، ودمروا المفاعل النووي العراقي. كانت الطائرات الإسرائيلية تحلق على ارتفاعات منخفضة لتجنب الرادارات، وقد استفادت من المجال الجوي السعودي والأردني دون إذن منهما.

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إدانتها للهجوم وعلّقت أي تعاون تقني مع إسرائيل، كما أدان مجلس الأمن الهجوم. أما الإدارة الأميركية، فقد أوقفت صفقة F-16 إلى إسرائيل، ثم أعادت العلاقات كما هي بعد بضعة أشهر. بدورها، أبدت السعودية استياءها للولايات المتحدة الأميركية، لأن الطائرات الإسرائيلية تواصلت مع القواعد الأرضية السعودية وخدعتهم بمحاكاة لهجة الأردن وزعموا أنهم أردنيون انحرفوا عن المسار الطبيعي وأنهم في طريقهم للعودة إلى الأردن.

من ناحيتها، استاءت فرنسا من تدمير استثماراتها وتعطيل خطها التجاري مع العراق. منذ بداية التعاون بين فرنسا والعراق، أكّدت الأولى أنها تضمن أن المنشأة النووية التي بنتها للعراق ليست صالحة لإنتاج أسلحة نووية على المدى المتوسط. حتى إنه في عام 2005، علّق ريتشارد ويلسون، أستاذ الفيزياء بجامعة ستانفورد والذي عاين الأضرار الناتجة عن القصف في زيارة للمفاعل عام 1982، قائلًأ: "كان مفاعل أوزيراك الذي قصفته إسرائيل في يونيو/حزيران 1981 مصمماً بشكل واضح من قبل المهندس الفرنسي إيف جيرارد ليكون غير مناسب لصنع القنابل. كان ذلك واضحاً لي خلال زيارتي عام 1982″.

هذا التصريح من خبير نووي معتبر أثار تساؤلات جديدة حول ضرورة الضربة الإسرائيلية ومبرراتها، فما الذي يدفع إسرائيل لهذه المخاطرة وتهديد علاقاتها مع العديد من الدول من أجل ضرب المشروع العراقي؟ يكمن الجواب في نتائج الضربة التي لم تقتصر على العراق فحسب، وإنما أسست لنظام نووي حاكم جديد في المنطقة، سُمي بـ"عقيدة بيغن".

جاءت تسمية هذه العقيدة من التصريحات التي ألقاها رئيس الوزراء الأسبق مناحم بيغن بعد الضربة بأيام، حيث قال في لقاءين منفصلين: "لن نسمح لأي عدو بتطوير أسلحة دمار شامل ضدنا.. سيكون هذا الهجوم سابقة لكل حكومة إسرائيلية قادمة.. سيتصرف كل رئيس وزراء إسرائيلي مستقبلي، في ظروف مماثلة، بنفس الطريقة".

مناحيم بيغن (مواقع التواصل الاجتماعي)

مثلت هذه الهجمة الجوية كانت الأولى من نوعها ضد أي منشأة نووية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. كما إن آثارها السياسية والاستراتيجية لا تزال بصماتها ملحوظة وحية في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي ستعاني منه ثم سوريا، ثم حاليًا إيران. لكن الطريق الإسرائيلي إلى ضرب المشروع النووي السوري مرّ أولًا بالمشروع النووي الليبي، ولا يمكن فهم هذا دون ذاك.

تفكيك المشروع النووي الليبي في 2003

رغم إنه لم يكن لإسرائيل دور مباشر في تفكيك المشروع النووي الليبي عام 2003، إلا أنه من أبرز الأحداث في تاريخ منع انتشار الأسلحة النووية، لأنه أسس لما سُمي لاحقًا بـ"النموذج الليبي"، والذي يعنى به تسليم دولة لكافة معادتها وتفكيك مفاعلاتها ومعداتها تحت أعين أميركا ومؤسساتها الدولية، ومنذ ذلك الحين ظل النموذج الليبي هو النموذج الي طالما نادى نتنياهو به في المفاوضات النووية لأميركا مع إيران.

كانت نهاية النموذج الليبي متوقعة ومفاجئة في الآن ذاته، ففي 19 ديسمبر/كانون الأول 2003 أعلن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي طوعيا عن تخلي بلاده عن برنامجها النووي السري. ورغم أن المفاوضات كانت جارية بين الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا من جهة، وليبيا من جهة أخرى، إلا أن الإعلان المفاجئ أذهل المسؤولين الغربيين قبل العرب. منذ ذلك الحين، بدأت الوكالات الدولية والمؤسسات الأميركية في الإشراف على تفكيك الأسلحة النووية والكيميائية والصواريخ الباليستية طويلة المدى للدولة الليبية.

إعلان

يشكل "النموذج الليبي" قصة نجاح للدول الغربية في تفكيك قوة نووية عربية بشكل سلمي. لكن، وبينما تركزت الأضواء على الدور الأميركي والبريطاني في هذا الإنجاز الغربي، إلا أن الدور الإسرائيلي فيه سيمكّننا من فهم دور إسرائيل في ضرب المشروع النووي السوري لاحقًا في 2007.

الﺮﺋﻴﺲ ﺍﻻﻣيﺮﻜﻲ ‏( ﺟﻮﺭﺝ ﺑﻮﺵ ‏) ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻔﻘﺪ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ التي سلمها النظام الليبي إلى أمريكا في يوليو 2004
(AFP)

منذ صعود القذافي للسلطة، بات المشروع النووي أحد أهدافه التي يود تحقيقها على الأراضي الليبية لمواجهة البرنامج النووي الإسرائيلي السري. ورغم إن ليبيا وقعت على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 1968، وصدقت عليها عام 1975، إلا أن القذافي بدأ في الإعداد سرًا لبناء أسلحة نووية. وبين أعوام 1978م و1981، اشترت ليبيا كميات من اليورانيوم من النيجر، وبنى الاتحاد السوفيتي مفاعل نووي بحثي في ليبيا، واستعان القذافي بمجموعة من الطلبة كان قد أوفدهم إلى باكستان لدراسة العلوم النووية.

لكن مع حادثة الطائرة لوكيربي عام 1988، اشتدت العقوبات الأميركية المفروضة على ليبيا وعملت على حصار وتضييق الطاقات والموارد الليبية، الأمر الذي عطل طموح القذافي النووي. ومع نهاية الحرب الباردة عام 1991 وصعود إدارة كلينتون إلى السلطة، أدرك القذافي أن العقوبات ستقسم ظهر ليبيا، فبدأ القذافي في التقرب من الإدارة الأميركية بغية رفع العقوبات.

وفي 2001، عقب أحداث سبتمبر، أرسلت إدارة بوش الابن رسالة شديدة اللهجة إلى القذافي خاطبته فيها قائلًا:  "إما أن تفكك أسلحة الدمار الشامل وإما سيدمرها بوش شخصيًا ويدمر كل شيء بلا نقاش". حينها بدأ النظام الليبي في الرضوخ للمطلب الأميركي وتسريع عملية المفاوضات، لكن المحفز الأكبر لإعلان ليبيا التخلي عن الأسلحة النووية، وفقًا للصحفية الأميركية جوديث ميلير، كان القبض على صدام حسين في ديسمبر 2003، وهو نفسه العام الذي رُفعت فيه العقوبات الأميركية.

طيلة هذه العقود لم تكن إسرائيل شريكًا في التنسيق الاستخباري بين لندن وواشنطن، واستبعد الأميركان والبريطانيين الموساد من الصورة، ورغم تلقي الموساد تقارير سابقة عن نشاط نووي مشتبه به في ليبيا، إلا أن هذه المعلومات "لم تكن كافية لإجراء تقييم استخباراتي دقيق".

وبمجرد إعلان القذافي تخليه عن مشروعه النووي في ديسمبر 2003م، تحرك الموساد على وجه السرعة لسد هذا الفراغ، فتعقب شبكة السوق السوداء الباكستانية لعبد القدير خان، الملقب بـ"أبي القنبلة النووية الإسرائيلية"، وارتباطاتها بليبيا. وفي غضون أيام، أمر رئيس الموساد، أمنون سوفرين، بإجراء مراجعة إقليمية شاملة لأنشطة خان؛ الذي لم يكن نشاطه معتبرًا بقوة داخل الموساد، وحدد الموساد ليبيا وسوريا كأهداف للمراقبة المكثفة.

يمكن القول أن المشروع النووي الليبي، وإن لم يكن للإسرائيليين دورًا مباشرًا فيه، إلا أنه كان كاشفًا عن النقاط العمياء لدى الموساد، وممهدًا لتكثيف نشاط الموساد في سوريا، وهو الأمر الذي سيجني الموساد ثماره مع اكتشافهم للمشروع النووي السوري الذي دمّروه في عام 2007.

شكّل عمى الموساد عن البرنامج النووي الليبي نقطة نظام لإسرائيل. فوفقًا لأمنون صفرين، الرئيس الأسبق لقسم المخابرات العسكرية ، "صُدمت" إسرائيل في 2003 عندما علمت أن النظام الليبي في مرحلة متقدمة من برنامجه النووي بينما لا يعلم الإسرائيليون عنه شيئًا. وحينها تتبع الموساد تحركات عبد القدير خان، وبدأ  في تجميع المعلومات حول النظام السوري.

عملية "خارج الصندوق"

لم يكن الموساد في غفلة كاملة عن طموح حافظ الأسد النووي، فخلال عقد التسعينيات، سعى حافظ الأسد إلى شراء مفاعلات نووية بحثية من الأرجنتين ومن روسيا، لكن الضغط الأميركي حال دون إتمام الصفقات. امتلك الموساد منذ 2002 بعض المعلومات الأولية عن وجود مشروع استراتيجي مجهول قد يرقى لمستوى التهديد النووي في سوريا، إلا أن الموساد لم يرَ أن هذه المعلومات كانت تستحق أن يُفرد لها عملية خاصة. لكن بعد "صدمة" القذافي، وتحديدًا في فبراير 2004، أطلق الموساد أول وثيقة تحذر من احتمالية تملك النظام السوري لمشروع نووي، وبدأ التركيز الإسرائيلي في سوريا.

بدأ الموساد في إدراك بعض مواقع المشروع النووي السوري بحلول نهاية عام 2006، كما لاحظ الموساد ازدياد نشاط الكوريين الشماليين في سوريا، إما للتعاون في الترسانة الصاروخية لسوريا، وإما للعلاج في المستشفيات السورية. دخل الموساد سباقًا مع الزمن لتحديد ماهية النشاط النووي، لكنه لم يعرف من أين يبدأ.

عززت بعض الحوادث احتمالية تعاون النظام السوري مع الكوريين الشماليين في بناء أسلحة نووية. فمثلًا في أبريل/نيسان 2004 انفجر قطار في كوريا الشمالية محدثًا آثار ضخمة وقُتل فيه أكثر من 160 إنسانًا، لاحقًا تبين أن القطار تم تفجيره بشكل عمد، ولقى أكثر من عشرة سوريين كانوا يعملون في هيئة الطاقة الذرية السورية حتفهم. وفي يوليو 2007، وقع انفجار بالقرب من حلب قُتل فيه إيرانيون وثلاثة تقنيين على الأقل من كوريا الشمالية.

 

تحت ضغط الزمن، وفي سبيل اكتشاف موقع المفاعل أو الأسلحة النووية، اضطر الموساد إلى تنفيذ عملية جريئة في فيينا في مارس عام 2007م، ونشرت مجلة نيويوركر في 2012م تقريرًا عن تفاصيل العملية. ففي 2007م كان رئيس هيئة الطاقة الذرية السورية، إبراهيم عثمان، يحضر مؤتمرًا في فيينا لوكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، واستغلت وحدة من الموساد حضوره للمؤتمر فاقتحمت غرفته القندقية، واستولت على معلومات وصور سرية من حاسوبه الشخصي، ثم رحلت بلا أثر.

أظهرت الصور للموساد مبنىً غامضاً شُيد في الصحراء يحوي مفاعلاً نووياً مبرداً بالغاز لصناعة البلوتونيوم، وشاركت فيه كوادرٌ من كوريا الشمالية، ومع توارد تقارير الموساد عن زيارات لخبراء كوريين شماليين لموقع الكبار في دير الزور ووجود أعمال بناء مشبوهة هناك، حدد الموساد موقع المفاعل النووي السوري الذي بُني على النمط الكوري الشمالي.

… صور نشرتها المخابرات الأمريكية في 2008 تظهر المفاعل النووي السوري من الداخل قبل ضربه (أسوشيتد برس)

عندما عُرضت المعلومات على رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك إيهود أولمرت، قرر فورًا تنفيذ "عقيدة بيغن" وضرب المفاعل بضربة جوية مباغتة. جهز الموساد خطته وعرضها على الأميركان، فاختلف الإسرائيليون والأميركان حول خطورة ضرب المفاعل. فبينما أكدت المخابرات الأميركية أن الضربة ربما تشعل حربًا كبيرة في المنطقة، إلا أن تقديرات الموساد طمأنت الأميركان بأن الضربة لن تتسبب في حرب بين سوريا وكيان الاحتلال مادامت الضربة سرية ولم يعلن عنها. لم يعطِ الأميركان الضوء الأخضر لإسرائيل لكنهم لم يمنعوهم كذلك. فهم أولمرت الرسالة ووجه الضربة.

وفي 6 سبتمبر/أيلول 2007، بدأت عملية "خارج الصندوق" (سُميت أيضًا عملية البستان) فانطلقت طائرات إسرائيلية فجرًا ودمّرت المفاعل النووي السوري "كبر" في دير الزور، وقٌتل في الغارة الإسرائيلية 10 تقنيين من كوريا الشمالية، بحسب وسائل إعلام. وللسنوات العشر القادمة، ظلت إسرائيل من ناحية والنظام السوري من ناحية أخرى ترفضان الاعتراف بأي عملية وبأي معلومات حول وجود مفاعل نووي، رغم أن المخابرات الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أقرا لاحقًا بوجود مفاعل نووي في ذلك المكان.

ثم في 2018، أي بعد إحدى عشر سنة من العملية، اعترفت إسرائيل بالعملية. وأكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك، غادي إيزنكوت، أن رسالة الهجوم كانت واضحة: تنفيذ عقيدة بيغن كما تم التصريح بها منذ ستة وعشرين عامًا، فقال: "لن تسمح دولة إسرائيل ببناء قدرات تهدد وجودها". وفي 2022م نشر الجيش الإسرائيلي على قناته على موقع يوتيوب وثائقي قصير عن عملية الاستهداف، مكررًا نفس اللهجة التحذيرية لعقيدة بيغن.

لكن لماذا قرر الجيش الإسرائيلي نشر الوثائق والمقاطع المصورة بعد إحدى عشر عامًا من السرية؟ الجواب هو ما كتبه وزير المخابرات الإسرائيلي يسرائيل كاتس على صفحته الشخصية على موقع تويتر حينذاك، فقد صرح في نفس توقيت نشر الوثائق أن إسرائيل قصفت المفاعل النووي السوري منذ 11 عامًا مضت، وأنها لن تسمح لأي دولة مثل إيران أن تمتلك قوة نووية تهدد بها إسرائيل.

 

وبينما أصدرت عدة جهات دولية إدانات واسعة للهجوم الإسرائيلي على مفاعل أوزيراك في 1981، لم تكن هناك أية إدانات ذات اعتبار حقيقي في 2007، الأمر الذي يشير إلى تحول المزاج الغربي تجاه دولة الاحتلال.

كتبت الضربة الجوية للمفاعل السوري سطرًا جديدًا من سطور "عقيدة بيغن" في المنطقة. فبعدما دمر الإسرائيليون المشروع النووي العراقي عام 1981، وتفكك المشروع النووي الليبي في 2003، وقصفت إسرائيل المفاعل النووي السوري في 2007، لم يتبق لهم سوى إيران، والتي حاولوا بطرق دبلوماسية وأمنية تفكيك مشروعها النووي.

إلا أنه بعد فشل المحاولات الإسرائيلية في احتواء الطموح النووي الإيراني، وإيمانًا بعقيدة بيغن الإسرائيلية، شن نتنياهو حربًا في يونيو 2025 على إيران بهدف أساسي: تفكيك المشروع النووي الإيراني وإنهاء أي خطر على إسرائيل. فطبقًا لعقيدة بيغن، لا يُسمح لأي دولة في المنطقة إلا إسرائيل بتملك السلاح النووي، وهكذا يضمن الغرب التفوق الاستراتيجي لدولة الاحتلال، وتبقى إسرائيل هي شرطة النووي في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • شرطة النووي.. تاريخ إسرائيل في تدمير المفاعلات النووية العربية
  • الجيش السوداني: المصنع الأم للإجرام ومأزق النخبة النيلية:
  • قبل التهدئة المحتملة .. جيش الاحتلال يُسابق الزمن لتنفيذ مخطط تدمير شمال غزة وتهجير سكانه وتوسيع رقعة الإبادة
  • تصدرت التريند مؤخرًا.. من هى فرقة أواسيس الغنائية؟
  • الجيش اللبناني يحذر من الشائعات.. ضرورة توخي الدقة بنقل الأخبار وخاصة المتعلقة بالحدود مع سوريا
  • قائد الجيش الأوكراني يحذر من هجوم روسي وموسكو تتصدى لمسيّرات
  • إسرائيل تتّبع سياسة تدمير جباليا بالكامل
  • بهدف دعم المؤسسة العسكرية.. قيادة الجيش تتسلم دفعة مالية مقدّمة من قطر
  • مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين بعد تدمير دبابتهم في خان يونس
  • بعد إنهاء الخدمة العسكرية.. بي تي إس يعودون بألبوم جديد