لوموند: مع فشل الوساطات في السودان يزداد الخوف من أقلمة الصراع
تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT
قالت لوموند (Le Monde) الفرنسية إن تدفق اللاجئين والتداعيات الاقتصادية للعنف المتجدد في السودان -منذ أبريل/نيسان- يزعج الجيران في مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، خاصة أن كل محاولات الوساطة الدولية ومؤتمرات القمة المتتابعة فشلت ولم تسفر عن أي حل تفاوضي أو وقف دائم لإطلاق النار.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم إليوت براشيه- أن اجتماع القاهرة الأخير الذي حضره 6 من قادة دول الجوار، فشل أيضا، وقال المشاركون فيه إنهم "قلقون من تدهور الوضع" وشددوا على أهمية "منع تفتيت البلاد" دون التمكن من وضع خطة لإنهاء الأزمة بين المتحاربين الذين لا يقبل أي منهم سوى الانتصار التام على خصمه.
وحتى الآن -كما تقول لوموند- استغل المتحاربون الهدن المتعددة التي تم التفاوض عليها في جدة لإعادة تنظيم قواتهم ومواصلة انتهاكاتهم ضد السكان، حيث قتل خلال 3 أشهر من الصراع أكثر من 3 آلاف مدني وتشرد أكثر من 3 ملايين شخص، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.
وبعد تعليق مفاوضات جدة وعدم تقدم "خطة التهدئة" التي وضعها الاتحاد الأفريقي، أمسكت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بملف القضية ولكن اقتراحها -نشر قوة فاصلة في السودان من شرق أفريقيا- قوبل بالرفض على الفور من قبل الجيش السوداني الذي اعتبر أن أي تدخل خارجي سيعتبر "عدوانا واعتداءً على سيادة البلاد".
وساطات متنافسة
ترى خلود خير من مؤسسة مركز الأبحاث "Confluence Advisory" أن "المنافسة بين المبادرات المختلفة تطرح مشكلة، حيث يمكن لكل من الجيشين أن يدعي أنه يدعم إحدى الوساطات المتنافسة، موضحة أن هذه ليست حربا بالوكالة، لكنها صراع له تداعيات إقليمية عميقة، وإن أي دعم إن وجد، لن يكون كبيرا بما يكفي لتغيير مسار الحرب" خاصة أن تعدد المبادرات يفشي التباين بين مصالح الجيران المتنافسين.
ومع تعثر الصراع، تحاول القوات المسلحة استمالة حلفائها القدامى، وإحياء العلاقات التي أقيمت في ظل نظام عمر البشير مع موسكو أولا حيث التقى مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة بسيرغي لافروف، ومع إيران أيضا، حيث التقى وزير الخارجية السوداني نظيره الإيراني بأذربيجان، كما يحاول الجيش كسب دعم تركيا.
أما قوات الدعم السريع من جانبها، فتعتمد باستمرار -كما تقول الصحيفة- على دعم الإمارات التي تستغل المماطلة الدولية لمواصلة دعمها الخفي عبر الحدود المحيطة بدارفور، حيث تلقت هذه المليشيات التي تدير طرق التهريب الوقود والغذاء من ليبيا والمناطق التي يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر المقرب من أبو ظبي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
لوبوان: هل فرنسا سببٌ في الصراع بين كمبوديا وتايلند؟
قالت مجلة لوبوان، إن كمبوديا وتايلند وقعتا اتفاقا لوقف إطلاق النار بعد 4 أيام من الاقتتال، دارت فيها معارك شرسة عن معابد متنازع عليها، تعود مشكلتها إلى عهد الاستعمار الغربي للمنطقة.
وفي سابقة، هي الأولى من نوعها في تاريخ هذا النزاع الحدودي الطويل -حسب تقرير جيريمي أندريه للمجلة- استخدمت تايلند سلاحها الجوي لقصف الخطوط الكمبودية، وأعلنت عن تعبئة قواتها البحرية، مما خلف نحو ثلاثين قتيلا ونزوح 200 ألف شخص.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: نحن عالقون بغزة وعملية عربات جدعون نتائجها عكسيةlist 2 of 2كاتبة أميركية: عم نتحدث عندما نستذكر حق العودة؟end of listواستضافت ماليزيا، التي ترأس رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) مفاوضات، اتفق فيها الطرفان على وقف إطلاق نار غير مشروط، واستنكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الحرب قائلا إن " هذه المشكلة تنبع من الضرر الدائم الذي سببه المستعمرون الغربيون، وتتطلب الآن حلا هادئا ومناسبا".
وأشارت المجلة إلى أن كلام الوزير الصيني موجه إلى فرنسا، لأن الخلاف الرئيسي بين البلدين، هو الخلاف على الحدود التي رسمها الجغرافيون الفرنسيون عام 1907، عندما كانت كمبوديا محمية مدمجة في الهند الصينية الفرنسية، وقد وضعت 4 معابد على أراض كمبودية على الخرائط الفرنسية، بعد أن كانت معاهدة سابقة تحدد موقعها ضمن الأراضي التايلندية.
انسحاب مفاجئونظرا لذلك، ظلت تايلند تطالب بالمعابد منذ عام 1934، وفي خمسينيات القرن الماضي أرسلت قواتها للسيطرة على أهمها، وهو معبد "برياه فيهير"، الذي يعود تأسيسه إلى 1200 عام، وسبق أن احتلته عدة مرات بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر. ومع ذلك، كسبت كمبوديا قضيتها عام 1961 في محكمة العدل الدولية، التي قضت بأن خرائط عام 1907 المرفقة لا تلغي نص المعاهدة السابقة.
واعتبرت باريس، أن الموقف الصيني ضد القوة الاستعمارية السابقة "مملٌ" وغيرُ مجد ، لأن تطورات كثيرة طرأت بعد فرنسا في تلك المنطقة، حيث اقتربت تايلند وكمبوديا من تسوية القضية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتشاركتا إدارة ثلاثة معابد، وبناءً على عرض مشترك، أُدرج معبد "برياه فيهير" كموقع للتراث العالمي لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم (يونسكو) عام 2008.
إعلانغير أن تايلند انسحبت فجأة من المبادرة، مما أدى إلى معارك متقطعة وتبادل للقصف المدفعي، وقد أحصى ناثان روسر، الباحث في المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية 33 حادثة تصعيد بدأتها كمبوديا، و14 حادثة تصعيد بدأتها تايلند، و9 حوادث تهدئة مشتركة"، حسب إحصائه المنشور على موقع إكس.
واستعرضت المجلة عددا من الحوادث وتبادل التهم بين البلدين، وقالت إن الجيش التايلندي جر الدولتين إلى الحرب لإسقاط عائلة شيناواترا التي تحكم تايلند في تفاهم مع كمبوديا، وأشارت إلى إحالة رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت القضية إلى محكمة العدل الدولية في منتصف يونيو/حزيران.
خيارات محدودةوفي هذا السياق نبهت المجلة إلى وجود نزاع بين الحكومة الكمبودية وعائلة شيناواترا حول الكازينوهات والأنشطة الإجرامية المحيطة بها، حيث تدرس تايلند السماح بإنشاء كازينوهات على أراضيها منذ عام 2024، وهي نعمة كانت، حتى الآن، حكرا على جارتها، وكذلك كثفت إجراءاتها ضد مراكز الاحتيال الإلكتروني التابعة للمافيا الصينية التي تستخدم منشآت القمار واجهة لها في كمبوديا.
وقد استهدفت تايلند كبار رجال الأعمال الكمبوديين بمداهمات الشرطة وأوامر التفتيش، ولكن مصالح النخب التايلندية والكمبودية المترابطة بشكل كبير من خلال استثماراتها المتبادلة في العقارات والسياحة، أدت إلى توقيع وقف إطلاق النار السابق لأوانه، لتتساءل المجلة، هل من الممكن التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع الحدودي؟
وذكرت المجلة أن انهيار وقف إطلاق النار سيؤثر على قمة الفرانكوفونية لعام 2026، المقرر أن تستضيفها كمبوديا، مما دفع الأمينة العامة للمنظمة لويز موشيكيوابو، إلى التعبير عن "قلقها العميق".
ومن شأن ذلك أن يدفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بذل قصارى جهده لتهدئة الوضع، لكن خياراته محدودة، بعد عدة سنوات من الجهود لبناء علاقات أوثق بين البلدين، ينغصها وجود مشاعر معادية لفرنسا في تايلند، تستند إلى ضغائن طويلة الأمد بشأن الإهانات التي تعرضت لها في القرن التاسع عشر وتغذيها سلوكيات بعض السياح الفرنسيين في الجزر التايلندية.