دراسة لمؤسسة ماعت: قصور في أداء البرلمان تجاه تحقيق أهداف استراتيجية حقوق الإنسان
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
كتب- محمد نصار:
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، دراسة بعنوان "المسار التشريعي للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. هل قام مجلس النواب بدوره لتحقيق أهداف الاستراتيجية؟"، وذلك بمناسبة اقتراب منتصف المُدة المقررة لتنفيذ الاستراتيجية والتي تنتهي في سبتمبر 2026.
الدراسة أوضحت مدى استجابة مجلس النواب للنتائج المستهدفة في الاستراتيجية والتي تتطلب صياغة أو تعديل قوانين وأوضحت كما وردت في محاور الاستراتيجية الأربعة، وذلك عن طريق حصر أنشطة مجلس النواب وتحديد التدخلات التشريعية التي قام بها منذ إعلان رئيس الجمهورية عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021 وحتى الآن.
واستهدفت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إصدار وتعديل قرابة 33 تشريعًا يخدم تحقيق النتائج المستهدفة في المحاور الأربعة للاستراتيجية، لذلك تعتمد الدراسة على متابعة ما قام به مجلس النواب تجاه هذه التشريعات، سواء في مرحلة الاقتراح أو المناقشة أو الصياغة، وصولًا إلى القوانين التي صُدرت بالفعل، وهو ما يؤدي إلى قياس مدى نجاح مجلس النواب في القيام بالدور المنوط به في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية.
كما أوضحت الدراسة دور الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب في العمل على تنفيذ المسار التشريعي للاستراتيجية، وتتناول الأولويات التشريعية المطروحة للنقاش.
وأشارت الدراسة، إلى أن مجلس النواب نجح فعليًا في تحقيق 9% فقط من المتوقع تحقيقه على مدار أكثر من عامين، وذلك عن طريق الموافقة على 3 تشريعات، وهو معدل بطيء للغاية، بينما نجح مجلس النواب في إثارة النقاش حول عدد 10 موضوعات أخرى، بما يمثل 30% من إجمالي الموضوعات المستهدفة، في حين لم يتم تسليط الضوء على حوالي 61% من إجمالي التشريعات المستهدفة، وهو ما يعكس في النهاية وجود قصور ملحوظ في أداء مجلس النواب تجاه تحقيق الأهداف المطلوبة.
كما أوضحت أن دور الانعقاد الثالث لمجلس النواب شهد الموافقة على 188 مشروع قانون، ومع ذلك فإن القوانين التي تم إقرارها أو تعديلها المرتبطة بأهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان هي قانون واحد فقط، أي أقل من 1% فقط من إجمالي التشريعات التي أقرها مجلس النواب خلال دور الانعقاد الثالث.
وبمرور قرابة 4 أشهر من دور الانعقاد الرابع الذي بدأ في أكتوبر 2023، فإن مجلس النواب أقر تشريعًا واحدًا يتعلق بالاستراتيجية الوطنية، والمتمثل في تعديل قانون الإجراءات الجنائية، ليتيح استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات من جميع أنواع المحاكم.
وأشارت الدراسة، إلى أن برغم قوة التمثيل الحزبي داخل مجلس النواب، فإن الاهتمام بالمسار التشريعي للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان جاء بعيدًا تمامًا عن اهتمام الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، فبينما استهدف المسار التشريعي للاستراتيجية الوطنية حوالي 33 تشريعًا، نجد أن مشروعات القوانين التي تم مناقشتها، سواء تم إصدارها أو لا زالت قيد المناقشة تبلغ (13 مشروع قانون)، ليتضح أن حزب واحد فقط هو من تقدم بمشروع قانون من القوانين المستهدفة في الاستراتيجية، وهو مشروع قانون تقنين أوضاع العاملين في الخدمة المنزلية، ومقدم من النائبة هالة أبو السعد عضو حزب مصر الحديثة.
ورصدت الدراسة، طرح مشروعي قانون، من جانب نائبة مستقلة، حيث طرحت النائبة نشوى الديب، مشروع قانون لتعزيز حقوق كبار السن، ومشروع قانون شامل لحماية المرأة من العنف يتضمن تعديلات على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية فيما يخص المواد التمييزية، ويُجرم جميع أشكال العنف ضد المرأة، وفي المقابل، يتضح أن 10 مشروعات وتعديلات على القوانين كانت مقدمة من الحكومة إلى مجلس النواب، وهو ما يشير إلى أن الحكومة كانت أكثر حرصًا على تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بينما لعب مجلس النواب دورًا أقل في تنفيذ المسار التشريعي الوارد في الاستراتيجية.
من جانبه، قال أيمن عقيل، الخبير الحقوقي الدولي، ورئيس مؤسسة ماعت، إن متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، هي الضمانة الأساسية لقياس مدى تحقق النتائج المستهدفة منها.
وأضاف: في الوقت الذي حققت فيه الدولة تقدم ملحوظ في تنفيذ بعض جوانب الاستراتيجية، فإننا لاحظنا وجود قصور في أداء مجلس النواب تجاه القيام بدوره والعمل على تنفيذ الأهداف الواردة بالاستراتيجية وتتعلق بالجانب التشريعي، خاصة القوانين التي تم مناقشتها في جلسات الحوار الوطني، وعلى رأسها قانون حرية تداول المعلومات، والقانون الموحد للقضاء على العنف ضد المرأة، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية.
وأشار إسلام فوقي، مدير وحدة دعم الديمقراطية بمؤسسة ماعت، إلى أن مجلس النواب يسير بخُطى بطيئة تجاه تحقيق أهداف الاستراتيجية، فحينما وافق مجلس النواب أخيرًا على تشريع يتيح استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات من جميع أنواع المحاكم، وهو أحد أولويات الاستراتيجية الوطنية، فإن هذا التحرك جاء في اللحظات الأخيرة، كون هذا التشريع له إلزام دستوري ينص على ضرورة وجوده خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور، وكان ملفتًا أن يتم الموافقة على القانون يوم 16 يناير 2024، في حين أن المُدة الدستورية المحددة تنتهي يوم 17 يناير 2024، أي أن مجلس النواب احتاج 10 سنوات كاملة للموافقة على تشريع منصوص عليه في الدستور.
في حين، دعا أحمد صلاح، نائب مدير وحدة دعم الديمقراطية بمؤسسة ماعت، لأن يبادر مجلس النواب ويجعل دور الانعقاد الحالي، هو "دور انعقاد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" ويضع أمامه كل التشريعات المرتبطة بالاستراتيجية الوطنية حيث أنه يستطيع إنجازها قبل بدء دور الانعقاد الخامس والأخير، والذي سيشهد انشغال الأحزاب والبرلمانيين بالإعداد للانتخابات البرلمانية القادمة، كما يدعو لتكامل الجهود بين البرلمان وأمانة الحوار الوطني ولجنة العفو الرئاسي، لتحقيق الأولويات المتفق عليها وطنيًا.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: كأس الأمم الإفريقية حصاد 2023 أسعار الذهب الطقس مخالفات البناء سعر الدولار انقطاع الكهرباء فانتازي الحرب في السودان طوفان الأقصى سعر الفائدة رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 استراتيجية حقوق الإنسان طوفان الأقصى المزيد الاستراتیجیة الوطنیة لحقوق الإنسان القوانین التی دور الانعقاد مجلس النواب مشروع قانون إلى أن
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما هو وضعها في تونس؟
حذر حقوقيون تونسيون، من الوضع "الخطير" الذي باتت تشهده الحقوق والحريات في تونس، خلال السنوات الأخيرة وذلك بالنظر للاستهداف الكبير للمعارضين والصحفيين والمدونيين، وتسليط المرسوم عدد 54 على رقاب كل من يتكلم ويعبر عن موقفه بحرية وخاصة من يخالف السلطة.
واعتبر الحقوقيون، في ندوة صحفية الأربعاء، بالتزامن مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن الحقوق تعيش "وضعا صعبا للغاية" ما يستوجب الدفاع عنها بكل قوة مهما كلف الأمر، مطالبين السلطات بالبلاد باحترام الحقوق وفتح حوار جدي لأن في ذلك ضمانة للجميع دون استثناء.
وضع صعب
وقال عميد المحامين التونسيين بوبكر بالثابت: "وضع حقوق الإنسان صعب جدا في تونس، وهو بعيد عما يخطه الإعلان العالمي وما تسنه النصوص الوطنية والقوانين وحتى التراتيب".
وأكد بالثابت في تصريح لـ "عربي21"،"ضمانات الدفاع والمحاكمة العادلة غائبة، هناك عديد الممارسات التي تنسف عناصر المحاكمة العادلة ونحن نعيشها تقريبا يوميا كمحامين وخاصة في القضايا التي يحاكم فيها عدد من منظورينا".
ويقبع بالسجون عدد بارز من المحامين من ذلك عبير موسي ،نور الدين البحيري، رضا بالحاج، غازي الشواشي، عصام الشابي، نجيب الشابي والعياشي الهمامي..
وشدد على "إن إحالة حقوقيين و إعلاميين وسياسيين على معنى قانون الإرهاب، أمام محاكم غير مختصة، أمر ترفضه معايير حقوق الإنسان والقانون" لافتا إلى أن "هناك أحكام قاسية تصدر ومخالفة لما نتدارسه اليوم وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
يشار إلى أنه وخلال الأشهر الأخيرة، قد تواترت الأحكام القضائية بتونس ضد عدد من المعارضين السياسيين في ملفات مختلفة أبرزها "التآمر1"،"التآمر2" وتراوح مجموع أحكام كل قضية مئات السنين ما شكل صدمة عند الرأي العام وخاصة الحقوقي.
وأضاف"هناك تضييق على عدد من المساجين خلال الزيارات ونقلتهم من السجون بعيدا عن المحاكم التي يحاكمون فيها"مشددا"كل هذا فيه مس من الحقوق الأساسية والإنسانية التي نص عليها القانون ولذلك نحن نقول إن حقوق الإنسان بتونس تعيش ظروفا خاصة جدا".
وأكد "المحاماة تناضل من أجل القانون وأبدا ومطلقا لن تسكت عن مخالفة القانون كلفنا ذلك ما كلفنا" مطالبا، "نحن نتابع الأوضاع وندعو السلطة إلى فتح حوار حقيقي حول ما نطالب به لأن سيادة القانون فيه سلامة لجميع الأطراف بما في ذلك السلطة الموجودة".
المرسوم السيف
بدوره قال نقيب الصحفيين التونسيين زياد الدبار: "واقع الحقوق صعب للغاية وخاصة على مستوى الحريات الصحفية وفي ظل المرسوم عدد 54 الناسف لكل الحقوق".
وفسر في تصريح خاص لـ "عربي21"،"المرسوم تسبب في سجن عديد الصحفيين وحتى مواطنيين،اليوم عندما نتكلم عن الحرية الصحفية نتكلم عن ممارستها فهي باتت صعبة بالنظر لإقصاء الصحفيين من تغطية الندوات الكبرى وكذلك التفريق بين من هو صحفي في القطاع العام والخاص".
وتابع أن "كل صحفي ناقد للسلطة ولا يعجبها موقفه يتم منعه من التغطية بالمحاكم وهو تضييق ممنهج"، مؤكدا أن "الخطاب الرسمي يتبنى الحقوق والحريات والواقع بعيد البعد عن ذلك".
جدير بالذكر أن عددا من الصحفيين يقبعون بالسجون منذ سنوات ومحالون طبقا للمرسوم عدد 54،كما يحاكم عدد من السياسيين طبقا لنفس المرسوم.
وتنص المادة 24 من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 الصادر في 13 سبتمبر/ أيلول ،على عقوبة "السجن مدة 5 أعوام وبغرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 16 ألف دولار) كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان".