جسور السوداني معابر لطموحات كبيرة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
بقلم : هادي جلو مرعي ..
أنا مختلف، ومثلي جيل كامل لاأحزر عدده ننظر الى الأمور بمعايير خاصة بنا. تعبنا بإنتظار كل شيء يمكن أن يبعث بنا أملا في غد أفضل لنسير نحو المستقبل دون عجز أو كسل فذلك مدعاة للفشل والنكوص واليأس الذي لم يعد نافعا، فهناك من يسمع لبعض الضجيج، ويستجيب، وبرغم طموحاتنا البسيطة فنحن نرضى بالقليل لأنه يفتح الباب للمزيد والكثير مما نتمنى، ولا ألوم أحدا من المتعبين والمرهقين، والذين إستحوذ عليهم التعب لفرط الجراحات، وإنتظار المعجزات في بلد تناوشته الحروب، وعزاؤنا أنه لابد من المضي قدما، وليس التراجع، وليس التأييس، وليس الرفض، وليس التعطيل.
المشاريع الإستراتيجية في قطاع الطاقة والإسكان والتربية والتعليم والنقل والرياضة والصحة والإتصالات تؤمن مستقبل الدولة لعقود قادمة، وتكون بديلا ناجحا للمشاريع التي لم تعد تكفي حاجة السكان الذين يتزايدون وهم بحاجة الى الماء والكهرباء والغذاء، وفوق ذلك الى بنية تحتية صحية وتعليمية، ولكن هناك حاجات ضرورية تلبيها مشاريع قد لاتوضع في خانة الوصف الإستراتيجي بل من خلال تنفيذ سريع وحاسم، ومثال ذلك الطرق والمجسرات والجسور على الأنهار الكبيرة، وتنشيط حركة العمران والعمل وتيسير وصول البضائع الى الجغرافيا المستهدفة تجاريا، ولعل الفترة الحالية تشهد نقلة نوعية في حركة الناس والأسواق بالرغم من ولعنا بالشكوى والتذمر والرفض لأسباب مرتبطة بمزاج موروث محكوم بعقد وولاءات، وعدم قدرة على الإنسجام مع التغيير، ووصم كل عمل، أو جهد بأنه غير كاف، ولايلبي الطموح، وأقل مايقال غالبا : إنه عمل ترقيعي، ولاأفهم كيف يكون ترقيعيا، ونحن ننتظره من عقود، وتحملنا الكثير لنراه يتحقق بالفعل ونتلمسه واقعا في حياتنا؟
عدد من المجسرات ستكتمل بعد إنجاز أحدها في جانب الرصافة، وهو مجسر كلية الفنون، وهناك جهود متسارعة وعمل متواصل وكبير لإنجاز البقية على جانبي دجلة، وكذلك جسر الكريعات الذي يربط الكاظمية بالرصافة، وهناك عدد من الطرق الداخلية والحولية وطرق تم إستحداثها تشير الى إن ذلك أمر صار ممكنا تحقيقه ليلبي حاجات ورغبة الناس وأمانيهم، وهذا مدعاة للحديث عن ضرورة تكاتف الجهود، والإبتعاد عن رغبة التعطيل قدر الإمكان، وعدم الإنسياق وراء الظموحات السياسية الحزبية والشخصية التي تعيق العمل، وتوقف عجلة النمو.فالحكومة سلطة تنفيذية يقع عليها مسؤولية رعاية الناس، وتلبية متطلباتهم اليومية، وتبتعد ماإستطاعت عن التجاذبات السياسية والمشاكل التي تعصف بالبلاد بالرغم من إنها ملزمة بالعمل الدائب على تلبية المتطلبات اليومية في قطاعات مختلفة ويؤثر في ذلك مايحدث من تنازع وخلاف وحتى في حال تأخير الموازنة المالية بسبب الخلافات العميقة فإن الحكومة تستمر في تنفيذ أولوياتها وهي بحاجة الى وعي سياسي متقدم من السياسيين والقوى الفاعلة التي يجب أن تدرك أهمية مساعدة الحكومة وإقرار القوانين الضرورية لتسهيل إجراءات الإدارة التنفيذية التي عليها تقديم كل ماتستطيع من خدمات. ولعل كل منجز هو جسر لمستقبل مختلف وطموح كبير.
هادي جلومرعي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
إفريقيا بحاجة إلى اتفاقية ديون تُكافِئ الإصلاح
ترجمة: قاسم مكي
الياس موسى دوالِه - نزيوكا وايتا
دَيْن إفريقيا ليس فريدا في ارتفاعه، إنه فريد في تكلفته الباهظة. فعلى الرغم من أن مُعَدَّلات الدَّيْن إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الإفريقية أقل كثيرا من معدلاته في بلدان مجموعة السبع مرتفعةِ الدخل (67% في المتوسط مقارنة بحوالي 126%) إلا أنها تواجه تكاليف فائدة أعلى بأربعة إلى خمسة أضعاف قياسا إلى الإيرادات الحكومية.
نتيجة لذلك تنفق الحكومات الإفريقية في المتوسط 18% من كل الإيرادات في خدمة الفائدة لوحدها، وفي بعض البلدان يرتفع هذا الرقم إلى دولار بين كل أربعة دولارات من حصيلة الضريبة.
تخيَّل إذا كان ربعُ دخلِك العائلي يذهب مباشرة إلى الدائنين فقط لتغطية الفائدة ودون اقتطاع سنت من أصل الدين، كم سيتبقى لك بعد ذلك لإنفاقه على الأشياء المهمة كشراء الملابس أو إجراء إصلاحات منزلية؟ وكما هي حال مع العائلات كذلك الحال بالنسبة للبلدان؛ فتكاليف الفائدة المنخفضة تعني توافر المزيد من المال لإنفاقه في المدارس والمشافي والموانئ والطاقة النظيفة والبنية التحتية الرقمية وتحديث الزراعة.
النظام المالي العالمي الذي تشكَّل عبر أنشطة البنوك والمستثمرين ووكالات تصنيف الائتمان يحبس البلدان الإفريقية في «دورة تصوُّر سلبي لمخاطر استدانتها». تبدأ هذه الدورة بتقييم سلبي من هؤلاء الفاعلين (البنوك والمستثمرين والوكالات) للبلدان الإفريقية يعتبرها عالية المخاطر، يقود ذلك إلى فرض أسعار فائدة أعلى.
وهذا بدوره يَحِدُّ من قدرة الحكومات الإفريقية على الاستثمار في المهارات والتنمية الاقتصادية، وفي ذات الوقت تصارع الشركات المحلية مع تكاليف الاقتراض المرتفعة التي تزيد من صعوبة الاستثمار والقدرة على المنافسة. والنتيجة هي ضعف الاقتصادات وقلة الوظائف وبطء النمو. هذه كلها أوضاع تُضعِف الإيرادات الضريبية وتزيد من عجز الحكومات عن سداد الديون. وهكذا يتعزز التصور الأصلي والسلبي لمخاطر إقراض البلدان الإفريقية، وتستمر الدورة.
لكن لا يمكن أن يظل الوضع هكذا.. إفريقيا بحاجة إلى اتفاقية ديون جديدة الآن. حول القارة، تسعى الحكومات جاهدة لتغيير الاقتصادات «بِرَقْمَنَة» الأنظمة الضريبية والاستثمار في التعليم وإصلاح إجراءات المشتريات وتحديث المؤسسات المالية لتحسين التوقعات الاقتصادية للناس وتحقيق نمو أكثر استدامة.
لكن هذه الجهود تُحبَط ليس بانعدام الطموح والانضباط أو الرؤية ولكن بالقبضة الخانقة لنظام مالي غير عادل يُصدِر اللاعبون الرئيسيون فيه أحكاما قاسية ويرون المخاطرَ على الرغم من وجود الإصلاحات وعدمَ الاستقرار قبل الفرص والتكلفةَ قبل الثقة.
لا تبحث الحكومات الإفريقية عن إنقاذ مالي، ولا تطلب من العالم تجاهل مواضع القصور في اقتصاداتها. إنها تريد نظاما يكافئ الإصلاح ويدعم الحوكمة الجيدة ويضمن للحكومات التي تتعهد باستيفاء شروط الاقتراض الحصول على رأس المال عند أسعار فائدة معقولة. نحن ندعو فقط إلى مثل هذا النظام.
نحن نقترح قيام المجتمع الدولي بعمل مشترك لإيجاد آلية مالية جديدة بقيمة 100 بليون دولار لمبادلة الديون وضمانها وإعادة تمويلها، وعلى نحو مماثل للتسهيلات التي سبق أن أعدها معهد توني بلير للتغيير العالمي (آلية تبادل الديون لمساعدة الدول الإفريقية على التخلص من أعباء ديونها- المترجم) . من شأن هذه التسهيلات أو الآلية تمكين البلدان الإفريقية من إحلال ديونها المرتفعة الفائدة بتمويل أقل تكلفة مما يقلل بقدر كبير من تكاليف الفوائد مع ربطها مباشرة بإجراء تحسينات في إدارة المالية العامة.
هذه خطة جريئة، لكنها أيضا براجماتية. فهي تخاطب كُلاّ من الأعراض وجذور الأسباب. إنها تقرُّ بالحقيقة وهي أن الحكومات الإفريقية تحرز تقدما له معنى في تحسين أنظمة الموازنة وإدارة الدين وتعزيز الشفافية وتقوية المؤسسات.
بموجب الآلية المقترحة ستتمكن البلدان من الحصول على ائتمان أقل تكلفة كلما حققت تحسينات في الحوكمة. وسيتم توجيه هذه العملية بواسطة مؤشرات معترف بها عالميا مثل «إطار الإنفاق العام والمساءلة المالية». وهو مبادرة يدعمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من بين جهات أخرى وساعدت في توحيد مقاربات الإدارة الاقتصادية في البلدان النامية.
بالنسبة للبلدان الضامنة ستكون التكلفة في حدها الأدنى، فلن تكون هنالك مساهمات نقدية بل فقط ضمانات تدعم آلية تبادل الديون. ستستفيد هذه الآلية من تصنيفاتِها الائتمانية القوية في اقتراض الأموال بتكلفة رخيصة ومن ثم إقراضها للحكومات الإفريقية عندما تستوفي المعايير الموضوعة مسبقا لتحسين إدارة الأموال العامة. فالضامنون في الواقع يُقْرِضون «تكلفتَهم المنخفضة» لرأس المال إلى البلدان النامية التي تُثبِت تدنِّي مخاطرة إقراضِها ببلوغها تلك الأهداف.
بالنسبة للبلدان الإفريقية قد يُحدِث ذلك تحولا بتدبير «إعادة تمويل» تصل إلى بليوني دولار للبلد الواحد بالإضافة إلى عشرات ملايين الدولارات من الوفورات السنوية في فوائد الدين والتي يمكن إعادة تخصيصها لأولويات التنمية الوطنية.
وسيستفيد القطاع الخاص أيضا مع الخفض الذي يترتب عن تحسين الجدارة الائتمانية والحوكمة لأسعار الفائدة في أرجاء الاقتصاد.
دعونا نَكُن واضحين. هذا ليس بديلا للعون التنموي؛ إنه تصحيح هيكلي لعدم إنصاف يتموضع في قلب التمويل الدولي ومسعى لتحقيق المساواة في الفرص حتى تتمكن إفريقيا من النمو وفق شروطها الخاصة بها.
نحن نحث البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي والشركاء الثنائيين على العمل معنا لإنشاء وتجريب هذه الأداة، وندعو البلدان المشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين في الشهر القادم لإقرارها والمساعدة في تصميمها. وندعو المستثمرين ووكالات تصنيف الائتمان للانضمام إلينا في كسر دائرة التصوّر السلبي التي تشدّ إفريقيا إلى الخلف.
يجب بناء مستقبل التمويل التنموي على أساس المساءلة المتبادلة والازدهار المشترك. واتفاقية الدين الجديدة لإفريقيا، وهي التسمية التي تطلق على مقترحنا، تقدم مسارا عمليا إلى الأمام. إنه مسار قابل للتوسع ومتجذر في الإصلاح ويركز على تحقيق نتائج. على العالم ألا يهدر أي وقت في تبَنِّيها.