مصر.. شكاوى من “صعوبات” في تحويل الأموال للخارج وسط أزمة الدولار
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
يعاني مصريون وأجانب من صعوبات في تحويل أموالهم خارج البلاد التي تعيش تدهورا اقتصاديا كبيرا أدى لفقدانها جاذبيتها كوجهة للاستثمار وجعل كثيرا من المواطنين تحت خط الفقر.
ويضطر أصحاب الأموال التي تتجاوز 10 آلاف دولار إلى “اللجوء لطرق شخصية” في التحويل من وإلى مصر بعيدا عن النظام المالي الرسمي، حسبما تحدث مصريون لموقع قناة “الحرة”.
وقال هؤلاء إنهم يواجهون صعوبات في إخراج أموالهم وشرحوا لموقع “الحرة” كيف يستخدمون علاقاتهم الشخصية لإجراء تحويلات خارجية بقيمة الدولار في السوق السوداء بدلا مع سعر الصرف الرسمي.
في حديثه لموقع “الحرة”، قال مواطن مصري يقيم في الخليج ويبلغ من العمر 45 عاما، إن مسألة التحويلات الخارجية أصبحت “شبه مستحيلة”.
وأضاف متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذه مشكلة سواء كان لديك حساب بالعملة المصرية أو بالدولار.. لا نستطيع استخدام بطاقة السحب الآلي خارج مصر. كما أن بطاقات الائتمان تعطيك 250 دولارا كحد أعلى للاستخدام شهريا”.
وتابع: “إن كان لديك حساب بالدولار وموجود في مصر.. لا تستطع سحبها من البنك بسهولة، فالأمر يحتاج لإجراءات طويلة”.
وتشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد غالبية حاجاته الغذائية، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي.
في المقابل، استبعد الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، أن يكون هناك منع للتحويلات خارج مصر. وقال في حديثه لموقع “الحرة” إن “الدولة حريصة جدا ألا تقع في هذا المأزق”.
بدوره، يذهب الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، في الاتجاه ذاته بقوله إن مصر “لا تمنع التحويلات الخارجية”.
وفي حديثه لموقع “الحرة”، أرجع عبد المطلب تلك الصعوبات التي تواجه بعض الأشخاص في تحويل الأموال خارج مصر إلى “قواعد واشتراطات وضعتها الدولة على تحويل الأموال ليس من السهل على الجميع الوفاء بها”.
وأوضح أن الدولة المصرية في وقت تشتد فيه الحاجة إلى العملة الصعبة، “شعرت بأن تلك التحويلات أصبحت تجارة من أجل تحقيق أرباح وليست احتياجا”.
وفي ظل محدودية النقد الأجنبي في البلاد على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، تراجعت أيضا تحويلات المصريين بالخارج، وهي أكبر مصدر للعملة الصعبة في البلاد.
ويلجأ العديد من المصريين العاملين في الخارج إلى السوق الموازية، لا سيما خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن أصبح الفارق كبيرا بين الصرف الرسمي والسوق السوداء.
وقال المواطن المصري المقيم بالخليج: “لا نستطيع إخراج سوى 10 آلاف دولار نقدا من المطار، وعندما نرغب في تحويل مبلغ أعلى من ذلك نلجأ للعلاقات الشخصية في البحث عن شخص ما يرغب بإدخال أموال لمصر”.
واستطرد قائلا: “على سبيل المثال، لو كان هناك شخصان أحدهما يريد إخراج 10 آلاف دولار من مصر والآخر يريد إدخال هذا المبلغ للبلد، فالأول يحول 600 ألف جنيه (سعر صرف 10 آلاف دولار في السوق السوداء حاليا) للشخص الثاني في حسابه بمصر، على أن يقوم الأخير بمنحه ما يوازي ذلك بعملة البلد المحلية التي يقيم فيها خارج مصر”.
ومؤخرا، تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء 60 جنيها رغم أن السعر الرسمي في البنك المركزي المصري لا يتجاوز 31 جنيها، وهو السعر الذي يمثل انخفاضا بقيمة 50 بالمئة مقارنة بما قبل مارس 2022.
وقال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، في كلمة متلفزة بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة، إن مشكلة الدولار طالما كانت موجودة في البلاد، وسببها يعود إلى أن الدولة تشتري السلع بالعملة الأجنبية، ثم تقدمها للمواطنين بالجنيه المصري، على حد تعبيره.
وتستورد مصر معظم احتياجاتها الأساسية من الخارج وتحتاج للعملة الصعبة لتأمين تلك الأساسيات، حيث “تنفق مليار دولار شهريا لاستيراد السلع الأساسية”، حسبما قال الرئيس السيسي.
وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج مصر إلى العملة الخضراء لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكم معظمها خلال السنوات العشر الماضية.
ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون هذا العام، على الرغم من توقع محللين إرجاء سداد بعض هذه المبالغ إلى فترات لاحقة، بحسب رويترز.
ورأى مواطن مصري آخر مقيم في الخليج ويبلغ من العمر 41 عاما أن فارق سعر الصرف أدى لتزايد الاعتماد على “الحلول الشخصية” في تحويل الأموال.
وقال المواطن المصري، وهو يعمل مديرا لإحدى شركات المواد الغذائية في دولة خليجية دون الكشف عن هويته هو الآخر، إن “المستهلك يلجأ للحلول الشخصية لأنه سيخسر ضعف القيمة الحقيقية للأموال التي يملكها لو قام بتحويلها عن طريق القنوات الرسمية”.
وأضاف في حديثه لموقع “الحرة” أن “الدولة أيضا لا تستفيد من ذلك.. فجزء كبير من إيرادات الدولار تدخل للحكومة المصرية من تحويلات المصريين في الخارج، ولكن تلك التحويلات قلت بصفة كبيرة لأن الناس لا تذهب للقنوات الرسمية”.
وهوت التحويلات الخارجية لمصر ما قيمته 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لأرقام البنك المركزي.
ويواجه أجانب صعوبات مماثلة في إخراج أموال سواء كانت أرباح استثمارات داخل مصر أو عقارات يرغبون في بيعها.
وقال بعض الخليجيين الذين يملكون عقارات في مصر إنهم لا يفكرون في البيع الآن، رغم أن بعضهم بحاجة لسيولة نقدية في بلدانهم على اعتبار تقلبات العملة المحلية والفجوة الكبيرة في أسعار الصرف.
أحد المصريين المقيمين في الخليج أيضا والذي هو الآخر تحدث لموقع “الحرة” مفضلا عدم الكشف عن هويته، ذكر أن الحلول لهذه الإشكالية هي “البقاء في المناطق الآمنة من خلال شراء الذهب أو عدم بيع العقارات”.
وقال لموقع “الحرة” إن “الخليجيين أصبحوا يبيعون عقاراتهم شريطة استلام المبلغ بالدولار في بلدانهم بسعر السوق السوداء”.
ورأى خبراء أن هذه المشاكل التي تزايدت بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ مارس 2022، لها تأثيرات سلبية على جذب الاستثمارات وتخلق مناخا غير مناسب لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
وقال عبد المطلب إن “التأثير كبير على الاستثمار” على اعتبار أن المستثمر الأجنبي “يفكر ألف مرة كجزء من دراسة الجدوى قبل القدوم” لمصر.
مدير شركة للمواد الغذائية، قال إن “الشركات الكبرى ترى أن مصر تفقد جاذبيتها كسوق لعدم القدرة على إخراج الأموال خارج البلاد”.
واستشهد بشركة “الشايع” الكويتية التي أعلنت، الأسبوع الماضي، تقليص عملياتها في مصر وأرجعت ذلك لتحديات اقتصادية على مدى 3 سنوات دون أن تشرح تلك التحديات.
ولم ترد مجموعة “الشايع” على طلب موقع “الحرة” للتعليق عبر البريد الإلكتروني.
ويعتقد عبد المطلب أن المجموعة التجارية الكويتية العملاقة “تأثرت بالمقاطعة المرتبطة بحرب غزة على اعتبار أنها تملك علامات تجارية عالمية”.
وبينما أشار عبد المطلب إلى أن حلول هذه الأزمة يتطلب “إرادة من الحكومة” بإصدار سندات دولارية والترويج لها “كواجب وطني لإنقاذ الاقتصاد”، يعود عبده لجذور المشكلة قائلا: “ما أوصلنا لهذه المرحلة هو حكومة لا تعرف تدير الملف الاقتصادي”.
وأضاف عبده: “لا يوجد وزراء أكفاء يديرون الملف الاقتصادي.. مطلوب أن يكون هناك حكومة جديدة يرأسها رجل اقتصادي”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: السوق السوداء تحویل الأموال ملیار دولار عبد المطلب آلاف دولار دولار فی فی تحویل خارج مصر
إقرأ أيضاً:
الريال الإيراني يهوي إلى أدنى مستوى على الإطلاق
ذكرت عدة وسائل إعلام إيرانية منها وكالة تسنيم شبه الرسمية أن العملة الإيرانية، هوت اليوم الاثنين، إلى أدنى مستوى في تاريخها، مقتربة من مليون و250 ألف ريال مقابل الدولار في سوق الصرف الحرة.
وكان سعر الريال الإيراني بلغ نحو 55 ألف مقابل الدولار في عام 2018، عندما أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى فرض العقوبات لإجبار طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بالحد من صادراتها النفطية وحصولها على العملات الأجنبية.
وحملت وسائل الإعلام الإيرانية سياسات التحرير الاقتصادي التي تبنتها الحكومة أخيرا مسؤولية زيادة الضغط على سوق الصرف الحرة.
وسوق الصرف الحرة هي المكان الذي يشتري فيه أفراد الشعب الإيراني العملات الأجنبية، في حين تعتمد الشركات عادة على أسعار صرف تحددها الدولة.
وقالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية، إن قرارا أصدرته الحكومة أخيرا ويسمح للمستوردين بالاستفادة من سوق الصرف الحرة لاستيراد السلع الأساسية زاد من الضغط على السوق ورفع سعر الدولار.
ويواجه الاقتصاد الإيراني خطر الركود، إذ يتوقع البنك الدولي انكماشا اقتصاديا بنسبة 1.7% في العام الجاري وبنسبة 2.8% في عام 2026.
وتتفاقم المخاطر بسبب ارتفاع التضخم، إذ أعلن مركز الإحصاء الإيراني عن تضخم شهري بلغ 48.6% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو الأعلى في 40 شهرا.
ورغم الضغوط التضخمية، قالت إيران الشهر الماضي، إنها ستزيد أسعار الوقود في ديسمبر/كانون الأول وفق شروط معينة، وهو ما يؤثر في المقام الأول على السائقين الذين يستهلكون أكثر من 100 لتر شهريا.
تداعيات الهبوطالانخفاض يأتي في ظل ضغوط شديدة على الاقتصاد الإيراني، من عقوبات دولية وقيود على صادرات النفط إلى قرارات حكومية بالسماح للمستوردين باستخدام السوق المفتوحة لاستيراد السلع الأساسية، ما زاد الطلب على الدولار.
إعلانووفقاً لتقارير محلية وسوقية، فإن هذا التراجع يؤثر سريعاً على أسعار المواد الأساسية، ما يزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية في إيران.
وإليكم أبرز التداعيات:
غلاء المعيشة، ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد المستوردة، ما يضغط مباشرة على المواطن. تآكل القدرة الشرائية، إذ منيت مدّخرات الإيرانيين بالريال بخسارة كبيرة، وفقدت قيمتها بوتيرة سريعة أمام الدولار. ضغوط أكبر على القطاع التجاري، حيث سيواجه المستوردون تكلفة أعلى لتأمين الدولار اللازم للاستيراد، ما قد يؤدي إلى نقص في السلع وأسعار مرتفعة. استمرار تأزم الاقتصاد الكلي، حيث أن تراجع العملة وارتفاع التضخم، سيشكلان تحديا كبيرا أمام النمو الاقتصادي والاستقرار.