يعاني مصريون وأجانب من صعوبات في تحويل أموالهم خارج البلاد التي تعيش تدهورا اقتصاديا كبيرا أدى لفقدانها جاذبيتها كوجهة للاستثمار وجعل كثيرا من المواطنين تحت خط الفقر.

ويضطر أصحاب الأموال التي تتجاوز 10 آلاف دولار إلى “اللجوء لطرق شخصية” في التحويل من وإلى مصر بعيدا عن النظام المالي الرسمي، حسبما تحدث مصريون لموقع قناة “الحرة”.

وقال هؤلاء إنهم يواجهون صعوبات في إخراج أموالهم وشرحوا لموقع “الحرة” كيف يستخدمون علاقاتهم الشخصية لإجراء تحويلات خارجية بقيمة الدولار في السوق السوداء بدلا مع سعر الصرف الرسمي.

في حديثه لموقع “الحرة”، قال مواطن مصري يقيم في الخليج ويبلغ من العمر 45 عاما، إن مسألة التحويلات الخارجية أصبحت “شبه مستحيلة”.

وأضاف متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذه مشكلة سواء كان لديك حساب بالعملة المصرية أو بالدولار.. لا نستطيع استخدام بطاقة السحب الآلي خارج مصر. كما أن بطاقات الائتمان تعطيك 250 دولارا كحد أعلى للاستخدام شهريا”.

وتابع: “إن كان لديك حساب بالدولار وموجود في مصر.. لا تستطع سحبها من البنك بسهولة، فالأمر يحتاج لإجراءات طويلة”.

وتشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد غالبية حاجاته الغذائية، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي.

في المقابل، استبعد الخبير الاقتصادي، رشاد عبده، أن يكون هناك منع للتحويلات خارج مصر. وقال في حديثه لموقع “الحرة” إن “الدولة حريصة جدا ألا تقع في هذا المأزق”.

بدوره، يذهب الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، في الاتجاه ذاته بقوله إن مصر “لا تمنع التحويلات الخارجية”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، أرجع عبد المطلب تلك الصعوبات التي تواجه بعض الأشخاص في تحويل الأموال خارج مصر إلى “قواعد واشتراطات وضعتها الدولة على تحويل الأموال ليس من السهل على الجميع الوفاء بها”.

وأوضح أن الدولة المصرية في وقت تشتد فيه الحاجة إلى العملة الصعبة، “شعرت بأن تلك التحويلات أصبحت تجارة من أجل تحقيق أرباح وليست احتياجا”.

وفي ظل محدودية النقد الأجنبي في البلاد على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، تراجعت أيضا تحويلات المصريين بالخارج، وهي أكبر مصدر للعملة الصعبة في البلاد.

ويلجأ العديد من المصريين العاملين في الخارج إلى السوق الموازية، لا سيما خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن أصبح الفارق كبيرا بين الصرف الرسمي والسوق السوداء.

وقال المواطن المصري المقيم بالخليج: “لا نستطيع إخراج سوى 10 آلاف دولار نقدا من المطار، وعندما نرغب في تحويل مبلغ أعلى من ذلك نلجأ للعلاقات الشخصية في البحث عن شخص ما يرغب بإدخال أموال لمصر”.

واستطرد قائلا: “على سبيل المثال، لو كان هناك شخصان أحدهما يريد إخراج 10 آلاف دولار من مصر والآخر يريد إدخال هذا المبلغ للبلد، فالأول يحول 600 ألف جنيه (سعر صرف 10 آلاف دولار في السوق السوداء حاليا) للشخص الثاني في حسابه بمصر، على أن يقوم الأخير بمنحه ما يوازي ذلك بعملة البلد المحلية التي يقيم فيها خارج مصر”.

ومؤخرا، تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء 60 جنيها رغم أن السعر الرسمي في البنك المركزي المصري لا يتجاوز 31 جنيها، وهو السعر الذي يمثل انخفاضا بقيمة 50 بالمئة مقارنة بما قبل مارس 2022.

وقال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، في كلمة متلفزة بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة، إن مشكلة الدولار طالما كانت موجودة في البلاد، وسببها يعود إلى أن الدولة تشتري السلع بالعملة الأجنبية، ثم تقدمها للمواطنين بالجنيه المصري، على حد تعبيره.

وتستورد مصر معظم احتياجاتها الأساسية من الخارج وتحتاج للعملة الصعبة لتأمين تلك الأساسيات، حيث “تنفق مليار دولار شهريا لاستيراد السلع الأساسية”، حسبما قال الرئيس السيسي.

وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج مصر إلى العملة الخضراء لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكم معظمها خلال السنوات العشر الماضية.

ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون هذا العام، على الرغم من توقع محللين إرجاء سداد بعض هذه المبالغ إلى فترات لاحقة، بحسب رويترز.

ورأى مواطن مصري آخر مقيم في الخليج ويبلغ من العمر 41 عاما أن فارق سعر الصرف أدى لتزايد الاعتماد على “الحلول الشخصية” في تحويل الأموال.

وقال المواطن المصري، وهو يعمل مديرا لإحدى شركات المواد الغذائية في دولة خليجية دون الكشف عن هويته هو الآخر، إن “المستهلك يلجأ للحلول الشخصية لأنه سيخسر ضعف القيمة الحقيقية للأموال التي يملكها لو قام بتحويلها عن طريق القنوات الرسمية”.

وأضاف في حديثه لموقع “الحرة” أن “الدولة أيضا لا تستفيد من ذلك.. فجزء كبير من إيرادات الدولار تدخل للحكومة المصرية من تحويلات المصريين في الخارج، ولكن تلك التحويلات قلت بصفة كبيرة لأن الناس لا تذهب للقنوات الرسمية”.

وهوت التحويلات الخارجية لمصر ما قيمته 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لأرقام البنك المركزي.

ويواجه أجانب صعوبات مماثلة في إخراج أموال سواء كانت أرباح استثمارات داخل مصر أو عقارات يرغبون في بيعها.

وقال بعض الخليجيين الذين يملكون عقارات في مصر إنهم لا يفكرون في البيع الآن، رغم أن بعضهم بحاجة لسيولة نقدية في بلدانهم على اعتبار تقلبات العملة المحلية والفجوة الكبيرة في أسعار الصرف.

أحد المصريين المقيمين في الخليج أيضا والذي هو الآخر تحدث لموقع “الحرة” مفضلا عدم الكشف عن هويته، ذكر أن الحلول لهذه الإشكالية هي “البقاء في المناطق الآمنة من خلال شراء الذهب أو عدم بيع العقارات”.

وقال لموقع “الحرة” إن “الخليجيين أصبحوا يبيعون عقاراتهم شريطة استلام المبلغ بالدولار في بلدانهم بسعر السوق السوداء”.

ورأى خبراء أن هذه المشاكل التي تزايدت بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ مارس 2022، لها تأثيرات سلبية على جذب الاستثمارات وتخلق مناخا غير مناسب لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.

وقال عبد المطلب إن “التأثير كبير على الاستثمار” على اعتبار أن المستثمر الأجنبي “يفكر ألف مرة كجزء من دراسة الجدوى قبل القدوم” لمصر.

مدير شركة للمواد الغذائية، قال إن “الشركات الكبرى ترى أن مصر تفقد جاذبيتها كسوق لعدم القدرة على إخراج الأموال خارج البلاد”.

واستشهد بشركة “الشايع” الكويتية التي أعلنت، الأسبوع الماضي، تقليص عملياتها في مصر وأرجعت ذلك لتحديات اقتصادية على مدى 3 سنوات دون أن تشرح تلك التحديات.

ولم ترد مجموعة “الشايع” على طلب موقع “الحرة” للتعليق عبر البريد الإلكتروني.

ويعتقد عبد المطلب أن المجموعة التجارية الكويتية العملاقة “تأثرت بالمقاطعة المرتبطة بحرب غزة على اعتبار أنها تملك علامات تجارية عالمية”.

وبينما أشار عبد المطلب إلى أن حلول هذه الأزمة يتطلب “إرادة من الحكومة” بإصدار سندات دولارية والترويج لها “كواجب وطني لإنقاذ الاقتصاد”، يعود عبده لجذور المشكلة قائلا: “ما أوصلنا لهذه المرحلة هو حكومة لا تعرف تدير الملف الاقتصادي”.

وأضاف عبده: “لا يوجد وزراء أكفاء يديرون الملف الاقتصادي.. مطلوب أن يكون هناك حكومة جديدة يرأسها رجل اقتصادي”.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: السوق السوداء تحویل الأموال ملیار دولار عبد المطلب آلاف دولار دولار فی فی تحویل خارج مصر

إقرأ أيضاً:

كيف سعت إيران لتجنيد جواسيس داخل إسرائيل؟ تقرير لـ”الغارديان”: “طلبت اغتيال نتنياهو”

قبل أن تشن إسرائيل حربها على إيران الشهر الماضي، كانت أجهزتها الأمنية قد كشفت عن شبكة واسعة من مواطنيها المتجسسين لصالح طهران، على نطاق فاجأ البلاد.

وحسب ما جاء في تقرير لصحيفة “الغارديان”:

منذ أول وابل صاروخي إيراني على إسرائيل في أبريل 2024، تم توجيه اتهامات لأكثر من 30 إسرائيليا بالتعاون مع الاستخبارات الإيرانية.

في العديد من الحالات، بدأت الاتصالات برسائل مجهولة تعرض المال مقابل معلومات أو مهام بسيطة. ثم تصاعدت المدفوعات تدريجيا بالتوازي مع مطالب تزداد خطورة.

وبحسب وثائق المحكمة، فإن موجة التجسس الإيرانية خلال العام الماضي لم تحقق سوى القليل، إذ فشلت طموحات طهران في تنفيذ اغتيالات رفيعة المستوى لمسؤولين إسرائيليين.

ومع ذلك، فإن عدد الإسرائيليين الذين كانوا على استعداد لتنفيذ مهام متواضعة كان كافيًا ليجعل من حملة التجسس ناجحة جزئيا، بوصفها وسيلة لجمع معلومات حول مواقع استراتيجية، قد تصبح لاحقا أهدافا للصواريخ الباليستية الإيرانية.

في المقابل، تجسست إسرائيل على إيران بشكل “مدمر”، مما مكن جهاز الموساد من تحديد مواقع واغتيال عدد كبير من قادة إيران وعلمائها النوويين دفعة واحدة في ساعات فجر الجمعة 13 يونيو، إلى جانب أهداف أخرى.

ومنذ بداية الحرب، اعتقلت السلطات الإيرانية أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وفقا لوكالة أنباء فارس. وفي ما لا يقل عن ست حالات، أفضت المحاكمات إلى إعدامات فورية.

من جهتها، السلطات الإسرائيلية قدّمت لوائح اتهام مفصلة بحق المتهمين بالتجسس لصالح إيران. ورغم صدور إدانة واحدة فقط حتى الآن ضمن موجة الاعتقالات الأخيرة – ما يعني أن الذنب الفردي لا يزال قيد التقييم – فإن وثائق المحكمة رسمت صورة واضحة عن الكيفية التي استخدمتها إيران لاصطياد عملاء محتملين.

عادةً ما تبدأ العملية برسالة نصية من مرسل مجهول. إحدى هذه الرسائل، من جهة تُدعى “وكالة أنباء”، سألت: “هل لديك معلومات عن الحرب؟ نحن مستعدون لشرائها”. وأخرى، أُرسلت من جهة تُدعى “طهران – القدس” إلى مواطن فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، كانت أكثر وضوحا: “القدس الحرة توحد المسلمين. أرسل لنا معلومات عن الحرب”.

وتضمنت الرسالة رابطا لتطبيق تلغرام، حيث يبدأ حوار جديد، أحيانا مع شخص يستخدم اسما إسرائيليا، مع عرض مالي لتنفيذ مهام بسيطة على ما يبدو. وإذا أبدى المتلقي اهتماما، يُنصح بتنزيل تطبيق “باي بال” وتطبيق لاستلام الأموال بالعملات الرقمية.

في حالة أحد المشتبه بهم الذين تم اعتقالهم في 29 سبتمبر، كانت أول مهمة مطلوبة هي الذهاب إلى حديقة والتأكد من وجود حقيبة سوداء مدفونة في مكان معين، مقابل مبلغ يقارب 1000 دولار أمريكي. لم تكن هناك حقيبة، وأرسل المجند مقطع فيديو لإثبات ذلك.

فيما بعد، أوكلت إليه مهام أخرى مثل توزيع منشورات، وتعليق لافتات، أو رش كتابات على الجدران، معظمها بشعارات ضد بنيامين نتنياهو، مثل “كلنا ضد بيبي” (لقب نتنياهو)، أو “بيبي جلب حزب الله إلى هنا”، أو “بيبي = هتلر”.

ثم جاء دور التصوير. إسرائيلي “من أصول أذرية” تم تجنيده لالتقاط صور لمنشآت حساسة في أنحاء البلاد، ويبدو أنه حول الأمر إلى “عمل عائلي”، إذ شاركه أقاربه في التقاط صور لمرافق ميناء حيفا (والذي استُهدف لاحقًا بصواريخ إيرانية في الحرب التي استمرت 12 يوما)، وقاعدة “نفاتيم” الجوية في النقب (التي ضُربت بوابل من الصواريخ في أكتوبر)، بالإضافة إلى بطاريات القبة الحديدية المنتشرة في البلاد، ومقر الاستخبارات العسكرية في غليلوت شمال تل أبيب.

المجند ذاته الذي كُلّف بالبحث عن الحقيبة السوداء، طُلب منه لاحقًا تصوير منزل عالم نووي يعمل في معهد وايزمان، وهو المركز العلمي الأهم في إسرائيل، الذي كان محل اهتمام بالغ من قبل إيران. فعلى مدى 15 عاما سبقت الحرب، تم اغتيال خمسة علماء نوويين إيرانيين، ويرجّح أن الموساد كان وراء تلك العمليات. وفي صراع طويل حول ما إذا كانت إسرائيل ستحتفظ باحتكارها للسلاح النووي في الشرق الأوسط، سعت طهران للرد.

وقد استهدفت إيران معهد وايزمان بصواريخ باليستية خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، ومن المرجح أن الصور التي التقطها عملاؤها ساهمت في توجيه تلك الضربات. غير أن محاولة اغتيال العلماء فشلت. في الواقع، لا يبدو أن وزارة الاستخبارات الإيرانية أو الحرس الثوري قد نجحوا في اغتيال أي من أهدافهم خلال هذه الحرب الخفية الطويلة.

بينما اعتمد الموساد على زرع مجموعة من العملاء المدربين تدريبا عاليا داخل إيران، فإن الاستخبارات الإيرانية اتبعت أسلوبا مختلفا يتمثل في اختبار مدى استعداد “المجندين الجدد” للمضي قدما. ووصف خبير الاستخبارات الإسرائيلي يوسي ميلمان الأمر نقلا عن مسؤول في الشاباك بأنه “نهج الرشّ والدعاء” (spray-and-pray)، أي محاولة تطوير عدد محدود من العملاء الموثوقين من خلال استثمار منخفض المخاطر في عدد كبير من المجندين الآخرين.

بعد تنفيذهم مهام بسيطة مثل تعليق لافتات والتقاط صور، يُطلب من المجندين القيام بأعمال أكبر مقابل مزيد من المال. فعلى سبيل المثال، بعد أن التقط صورا لمنزل عالم نووي في معهد وايزمان، “عُرض على أحدهم مبلغ 60 ألف دولار لاغتيال العالم وأسرته وحرق منزلهم”.

وبحسب لائحة الاتهام، فقد وافق العميل و”بدأ بتجنيد أربعة شبان من عرب إسرائيل”. وفي ليلة 15 سبتمبر، وصل فريق الاغتيال المفترض إلى بوابة معهد وايزمان، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز الحرس الأمني وغادروا بهدوء.

في اليوم التالي لتلك الفضيحة، طلب المشغّلون الإيرانيون من المجند العودة إلى المعهد والتقاط صور جديدة. وبفضل كونه “يهوديا إسرائيليا”، تمكن من إقناع الحراس بالسماح له بالدخول نهارا، وصوّر سيارة العالم. دُفع له مبلغ 709 دولارات، وسُئل عمّا إذا كان مستعدًا لوضع جهاز تتبع GPS على السيارة، لكنه رفض.

وقد تكرر هذا النمط في لوائح الاتهام مرارا وتكرارا. ورغم أن المجندين الإيرانيين أثبتوا فعالية في العثور على إسرائيليين مستعدين لالتقاط الصور وتوزيع المنشورات مقابل المال، إلا أن مسؤولي التجنيد في طهران “كانوا على ما يبدو متسرعين جدا في تحويلهم إلى عملاء طويلَي الأمد”.

فقد طُلب من عدة مجندين – بعد أيام فقط من تنفيذ مهامهم الأولى – التفكير في تنفيذ اغتيالات لمسؤولين كبار. و”طُلب من مجموعة الأذريين” البحث عن قاتل مأجور لكنهم رفضوا. أما المجند الذي رفض وضع جهاز تتبع على سيارة العالم، فقد سُئل بعد أيام عما إذا “كان يوافق على رمي زجاجة حارقة على سيارة نتنياهو”.

حتى الآن، لم يُدان سوى مشتبه به واحد وتم الحكم عليه بالسجن، بعد أن اعترف بالتهم المنسوبة إليه.

طلب بمليون دولار

عندما اقتربت الاستخبارات الإيرانية من مردخاي “موطي” مامان (72 عامًا) في ربيع العام الماضي، كان قد تزوج حديثًا من امرأة أصغر سنا، وكان في حاجة ماسة إلى المال بعد فشل عدة مشاريع تجارية.

كان مامان قد أمضى “سنوات في مدينة سامانداج” بجنوب تركيا، وفي أبريل تواصل مع شقيقين من رجال الأعمال يعرفهما هناك، بحثا عن فرص ربح. قال له الشقيقان إن لديهما “شراكة تجارية مربحة مع إيراني يُدعى “إدي”، يعمل في استيراد الفواكه المجففة والتوابل”، واقترحا أن يلتقي به.

في أبريل، سافر مامان إلى سامانداج عبر قبرص، لكن “إدي” أرسل اثنين من زملائه بدلا منه، قائلا إنه لا يستطيع مغادرة إيران لأسباب بيروقراطية. وفي الشهر التالي، دُعي مامان مجددا إلى تركيا، إلى بلدة يوكسكوفا في الجنوب الشرقي، حيث نزل في فندق على نفقة “إدي”.

مرة أخرى، قال “إدي” إنه لا يستطيع العبور إلى تركيا، لكنه أبلغ مامان أن “هناك وسيلة لتهريبه إلى داخل إيران”. وافق، وفي 5 مايو، تم تهريبه داخل شاحنة.

التقى به “إدي” ومسؤول إيراني آخر في فندق فاخر داخل إيران، وقدما له عرضا بمبالغ ضخمة مقابل ثلاث مهام: “أن يترك أموالا أو أسلحة في أماكن محددة داخل إسرائيل، أن يلتقط صورا لأماكن مزدحمة، وأن ينقل تهديدات إلى عملاء آخرين، تحديدا فلسطينيين إسرائيليين تلقوا أموالا من إيران لتنفيذ مهام عدائية لكنهم لم ينفذوها”.

قال مامان إنه سيُفكر بالأمر، وتم تهريبه مجددا إلى تركيا. وهناك، سُلم له مبلغ 1300 دولار نقدا كدفعة أولى.

في أغسطس، عاد مامان إلى تركيا، وتم تهريبه مرة أخرى للقاء “إدي” ومساعده. هذه المرة، كانت المهام أكثر جرأة. عرض الإيرانيون مبلغ 150 ألف دولار مقابل اغتيال أي من نتنياهو أو رئيس الشاباك رونين بار، أو وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت.

وبحسب الادعاء، ذكر مامان أن له علاقات في العالم السفلي قد تساعده في تنفيذ المهمة، لكنه طلب مليون دولار. وهو مبلغ اعتبره الإيرانيون مرتفعا جدا، واقترحوا هدفا أقل شأنا: رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار. لكن مامان أصر على مطلبه، ولم يتم التوصل إلى اتفاق.

تلقى مامان 5000 دولار، وسافر إلى قبرص، ثم في 29 أغسطس عاد إلى تل أبيب، حيث كانت عناصر الشاباك بانتظاره.

في 29 أبريل، حُكم على مامان بالسجن 10 سنوات بعد أن أقر بالذنب في التهم الموجهة إليه، وهي الاتصال بوكيل أجنبي والدخول غير القانوني إلى دولة عدوة. ووصف محاميه، إيال بيسيرغليك، الحكم بأنه قاس للغاية وقدّم استئنافا.

وقال بيسيرغليك إن موكله اعتقد حتى اللحظة الأخيرة أن “إدي” مجرد رجل أعمال إيراني يعمل في تجارة الزبيب والتوابل، وإنه لم يكن يعلم أنه يُنقل إلى داخل إيران حين أُدخل الشاحنة. وينفي أن مامان طلب مليون دولار، ويؤكد أن موكله اضطر إلى التظاهر بالموافقة على مخططات الإيرانيين خوفا من أن يؤدي الرفض المفاجئ إلى قتله.

وصرح بيسيرغليك لصحيفة الغارديان: “ما البديل؟ أن يُختطف داخل شاحنة أو يُقتل؟” وأضاف أن مامان تعرّض للضرب في السجن واحتُجز في زنزانة قذرة مليئة بالبراز.

وتابع المحامي: “لقد ارتكب خطأً جسيمًا، لكنه لا يجب أن يموت بسببه، لأنه في النهاية لن يكون هناك أحد لمحاسبته”.

المصدر: “الغارديان”

مقالات مشابهة

  • كيف سعت إيران لتجنيد جواسيس داخل إسرائيل؟ تقرير لـ”الغارديان”: “طلبت اغتيال نتنياهو”
  • هل يتراجع الدولار إلى مستويات أقل من 50 جنيهًا؟.. خبير اقتصادي يوضح
  • “المياه” توقع اتفاقيات مشاريع بقيمة 39 مليون دولار
  • شاهد بالفيديو.. الناشطة وسيدة الأعمال السودانية الشهيرة “رانيا أربجي” تغمر إحدى مطربات الدلوكة بأموال النقطة بالعملة الصعبة “الدولار”
  • حماس تعلن استعدادها لبدء محادثات وقف إطلاق النار في غزة “فورا”
  • عقب توديع البطولة من الدور ربع النهائي.. رئيس الهلال يثني على أداء فريقه المشرف في “مونديال للأندية”
  • الوزير السابق بوليف لي شرا فيلا بقرض بنكي يهاجم التوفيق بسبب “الفوائد”
  • حرائق كبيرة في غابات “إزمير” التركية
  • “يونيسف”: أزمة سوء تغذية تهدد آلاف الأطفال في غزة
  • اليمن يفقد جيله القادم.. ملايين الأطفال خارج المدارس وتحذيرات من “كارثة تعليمية”