سرايا - أجمعت التقديرات الإسرائيلية أن قبول محكمة العدل الدولية الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا بخصوص الحرب على غزة، ورفض طلب إسرائيل برد الدعوى بمثابة بطاقة حمراء دولية في وجه تل أبيب، وسيكون له تداعيات سلبية على إسرائيل في مختلف المحافل الدولية.

وتتفق قراءات المحللين والمختصين الإسرائيليين على أنه رغم عدم إصدار المحكمة قرارا يلزم إسرائيل بوقف الحرب على غزة، فإن الإجراءات والتعليمات الصادرة عنها تشكل ضغطا على إسرائيل وتقيّدها، كما تضع الجيش الإسرائيلي وعملياته العسكرية تحت عين الرقيب والقانون الدولي.



وتناغمت التحليلات فيما بينها بشأن قرارات المحكمة التي تلزم إسرائيل بالقيام بإجراءات لمنع الإبادة الجماعية ومنع التحريض عليها وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، واعتبرت القرار انتكاسة للسردية الإسرائيلية وإسنادا لقطاع غزة والرواية الفلسطينية، وهو ما يشكل مقدمة لممارسة مزيد من الضغوط على إسرائيل لوقف إطلاق النار.

ورغم عدم إصدارها قرارا يلزم إسرائيل بوقف الحرب، قال قاضي المحكمة العليا الإسرائيلية المتقاعد حنان ميلتسر، إن "قرار محكمة لاهاي بمثابة بطاقة حمراء في وجه إسرائيل، وهو القرار الذي سيرافقها لسنوات طويلة، وسيكون له كثير من التداعيات على إسرائيل وقياداتها السياسية والعسكرية".

وأوضح ميلتسر، خلال حوار معه في القناة 12 الإسرائيلية، أن القرار يعني أن على إسرائيل توخي الحذر مستقبلا في كل ما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين، لافتا إلى أن جوهره يعني أن إسرائيل لا يمكنها أن تفعل ما يحلو لها في قطاع غزة والضفة الغربية أو الاستمرار في الحرب والقتال بشكل عنيف.

ويعتقد القضائي الإسرائيلي أن القرار رغم عدم كونه ملزما لإسرائيل بوقف الحرب، فإنه يضع الجيش الإسرائيلي أمام اختبار ومجهر القانون الدولي، ويؤسس لمرحلة جدية وجديدة في التعامل الدولي مع إسرائيل بكل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين.

ويرى ميلتسر أن اقتباس هيئة المحكمة الدولية تصريحات قيادات إسرائيلية خلال سير الحرب على غزة، تدعو إلى الإبادة الجماعية والدمار ومنع المساعدات الإنسانية، ووصف السكان بغزة والمسلحين بالحيوانات البشرية، سيصعب على إسرائيل في المداولات القضائية المستقبلية.

وأشار إلى أن موقف المندوب الإسرائيلي القاضي المتقاعد، أهارون بارك، المتناغم مع موقف المحكمة ضد الإبادة الجماعية، والذي يطالب إسرائيل بالامتناع عن ذلك وتجنب استهداف المدنيين، شكّل عمليا طوق نجاة وحماية ومنع استصدار قرارات وإجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل.

ويتفق الخبير بالقانون الدولي المحامي إيلان بومباخ، مع طرح القاضي ميلتسر، لكنه يعتقد أن القرار الأولي لمحكمة لاهاي يشير إلى هزيمة السردية الإسرائيلية وانتكاستها بشأن الحرب وقبول السردية الفلسطينية وانتصارها.

ولفت إلى أن المحكمة "لم تتطرق إلى ما قامت به حماس خلال الهجوم المفاجئ على "غلاف غزة" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما تطرقت إلى المختطفين الإسرائيليين بغزة بشكل عابر وكأنه ملف هامشي". على حد تعبيره.

ونبه الخبير بالقانون الدولي إلى أن الإجراءات في المحكمة الدولية لم تنتهِ والقرار الصادر هو البداية، ذلك يعني أن إسرائيل أمام مرحلة مختلفة وجديدة بكل ما يتعلق بالإجراءات والتعامل مع الفلسطينيين والعمليات العسكرية في الضفة أو بحال استمرار القتال في القطاع.

وبموجب قرار وملاحظات محكمة العدل الدولية، يقول المحامي بومباخ، في حديثه للقناة 12 الإسرائيلية "ستكون إسرائيل مطالبة بحال استمر القتال بتقديم تقرير شهري للمحكمة بشأن الإجراءات التي قامت بها لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وتجنب استهداف المدنيين، وكذلك السماح بإدخال كافة شحنات الإغاثة الإنسانية، وبحال لم تلتزم ليس مستبعدا استصدار قرارات احترازية ضدها".

وأكد بومباخ أن إسرائيل خسرت المحافل الدولية القانونية والقضائية، بحيث بات عليها أن تثبت أنها لا تقوم بأي جرائم حرب، وأن إجراءاتها العسكرية في القطاع لا تنتهك القانون الدولي، كما أن وصم إسرائيل بشبهة الإبادة الجماعية، سيرافقها طويلا، ويضعها أمام اختبارات في ظل استمرار الحرب والقتال.

وأشار الخبير الدولي إلى أنه منذ البداية كان واضحا بأن المحكمة العليا الدولية لن تصدر قرارا يلزم إسرائيل بوقف الحرب، لكن قبول دعوى جنوب أفريقيا ورفض الطلب الإسرائيلي برد الدعوى، يؤسس لمرحلة جديدة بكل ما يتعلق بالتعامل القانوني والقضائي المستقبلي على المستوى الدولي مع إسرائيل وقيادتها السياسية والعسكرية.

وفي محاولة لعدم استفزاز محكمة العدل الدولية وعدم توريط إسرائيل بمزيد من الملفات والقضايا والدعاوى، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعليمات إلى الوزراء بعدم الرد أو التعليق على قرار محكمة لاهاي.

وتأتي تعليمات نتنياهو خشية توظيف هذه التصريحات في أي مداولات أو إجراءات مستقبلية قد تعلن عنها المحكمة بكل ما يتعلق بالحرب على غزة أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بحسب ما أفادت مراسلة الشؤون السياسية في القناة 13 الإسرائيلية، موريا فولبرغ.

ولا تستبعد المراسلة أن يكون لقرار محكمة لاهاي تداعيات على إسرائيل في المحافل الدولية، على مختلف الأصعدة والمجالات، سواء التعاون العسكري وصفقات الأسلحة، والتعاون الأكاديمي والبحث العلمي، والتعاون التجاري والاقتصادي. وقالت إن "التجارب تثبت أن كثيرا من الدول والمؤسسات حول العالم تمتنع عن التعامل مع أي كيان، حتى لو وجهت له شبهة الإبادة الجماعية".

وأشارت إلى أن اعتماد المحكمة الدولية اقتباسات لقيادات إسرائيلية خلال سير الحرب ترتبط بالإبادة الجماعية، بمثابة مؤشر خطير، وهذا سيوثقه التاريخ وسيكون له تداعيات سلبية حتى بشكل شخصي على قيادات سياسية وعسكرية قد تجد نفسها مستقبلا أمام دعاوى في المحكمة الجنائية الدولية.

خلال جلال المجلس الوزاري الموصع "الكابينت"، نتنياهو وسط الصورة وبعدييا عنه في يمين الصورة يجلس غالانت الذي من المفروض حسب البروتوكول الجلوس بجانيه- من تصوير مكتب الحصافة الحكومي، عممها للاستعمال الحر لوسائل الإعلام)

وفي الجانب القانوني، يعتقد مراسل الشؤون القضائية في الموقع الإلكتروني "والا"، بيني أشكنازي، أنه على الرغم من أن قرار المحكمة لا يلزم إسرائيل بوقف الحرب، قإنه يضع الجيش الإسرائيلي تحت عين الرقيب ومجهر القانون والمحافل الدولية، التي لن تترد مستقبلا باتخاذ إجراءات قضائية ضد إسرائيل بحال انتهاكها للقانون الدولي.

وأوضح أشكنازي أن هناك في إسرائيل من يحاول التخفيف من حدة وتداعيات القرار مستقبلا، ويبدي "سعادة" بأن المحكمة لم تصدر أمرا يلزم إسرائيل بوقف الحرب، أو بقرارات أكثر حدة ضد الجيش الإسرائيلي، وقد يكون هذا الترويج لاعتبارات شخصية ودوافع سياسية.

ولكن بصرف النظر عن هذه الحقيقة، يقول الصحفي الإسرائيلي "هناك شيء يدعو للقلق، المحكمة تراقب إسرائيل، وتلزمها بتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، والعمل ضد التحريض على الإبادة الجماعية، ومعاقبة المحرضين، وتقديم تقرير إلى المحكمة عن جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل خلال شهر من اليوم".


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی الإبادة الجماعیة قرار محکمة لاهای الحرب على غزة على إسرائیل إلى أن

إقرأ أيضاً:

كان من الأسهل للإمارات ان تطعن في شرعية حكومة السودان أمام محكمة العدل الدولية

كان من الأسهل للإمارات ان تطعن في شرعية حكومة السودان أمام محكمة العدل الدولية طالما أنها لا ترى أنها تمثل السودانيين بدلا من الدفع بعدم اختصاص المحكمة للمداولة في جريمه الإبادة الجماعية و الاعتراف ضمناً بأنها قد إرتكبت هذه الأفعال بحق المواطنين السودانيين مما ألجأها بالطعن في اختصاص المحكمة.

‏لكن حكومة أبو ظبي ، اختارت عدم الطعن في شرعية الحكومة السودانية لأن المقام هنالك للحديث المسؤول أمام مؤسسات قانونية دولية لا يمكن فيها استهلاك الكلام السياسي الذي تعوّد حكام أبو ظبي تقديمه للسياسيين السودانيين السذج و الذين يصدّقون أنه بإمكان الإمارات أن تعترف من طرف واحد بسفير سوداني. و لأنّهم يعيشون بشكل كلي في عالم خيالي موازي ، فإن الإمارات تحتفظ برجلين على أراضيها كلهم يدعي أنه صاحب منصب رسمي في السودان : الأول هو عبدالله حمدوك الذي ما زال يراسل المؤسسات الدولية والأمين العام للأمم المتحدة زاعما بأنه رئيس الوزراء الشرعي ، و لم يجد من ينتبه له حتى لحق به آخر هو هذا السفير المطرود من منصبه و الموجود كذلك في بلدية أبوظبي حيث يجاور حمدوك و ربما يعاقران نفس الضلالات التي تجعلهما يؤمنان بفكرة “الرئيس الشرعي و السفير الشرعي”.

و على فرض واقعية الطرح الإماراتي ، فلنبارك لقحت فقد حصلت على إعتراف على حكومتها في المنفى الإماراتي لكنها تتكون من رجلين فقط : رئيس وزراء شرعي و سفيره في دولة الإمارات. و هذا هو حلمها و ما تراه و تتمناه في السودان : رئيس تابع و سفير واقف على الباب يبارك.

د. عمار عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تظاهرة في ستوكهولم احتجاجا على توسيع الكيان الإسرائيلي جريمة الإبادة الجماعية على غزة
  • محكمة تل أبيب تكشف هوية الحاخام المدان باغتصاب بناته بعد طلب من الضحايا
  • كان من الأسهل للإمارات ان تطعن في شرعية حكومة السودان أمام محكمة العدل الدولية
  • خبراء فلسطينيون: العمليات اليمنية تربك اقتصاد العدو الإسرائيلي وسلاسل الأمداد
  • خبراء فرنسيون: رفض دعوى «سلطة بورتسودان» ضد الإمارات استند إلى أسس صلبة من القانون الدولي
  • خبراء فرنسيون: رفض دعوى سلطة بورتسودان ضد الإمارات استند على أسس صلبة من القانون الدولي
  • خبراء فلسطينيون: العمليات اليمنية تربك اقتصاد العدو الإسرائيلي وسلاسل الإمداد
  • محكمة العدل الدولية تفجع العالم في العدالة
  • السيد القائد: العدو الإسرائيلي وعلى مدى 19 شهراً مستمر في عدوانه الهمجي والإبادة الجماعية في قطاع غزة
  • فتح أبواب البطولات الجماعية الدولية أمام المبارزين الروس