فورين بوليسي: عودة ترمب للبيت الأبيض لن تغير كثيرا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
باستثناء بعض التحولات غير المتوقعة في الأحداث، ستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 بمثابة مباراة العودة بين الرئيس الحالي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترمب.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه على الرغم من أن معظم الأمريكيين سيكونون أكثر سعادة إذا لم يترشح أي منهما، إلا أن هذا ليس هو الخيار المرجح أن يواجهوه في انتخابات نوفمبر، التي تعتبر حدثا فاصلا من شأنه أن يخلف تأثيرات بعيدة المدى على الديمقراطية الأمريكية، ونهج واشنطن في التعامل مع بقية العالم.
وترى المجلة الأمريكية أنه فيما يتعلق بالمسألة الأولى (الديمقراطية)، فإن الشواهد من فترة رئاسة ترمب السابقة تشير إلى أن التزامه بالمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون غير موجود، إضافة إلى أن هناك دلائل مثيرة للقلق بأن ترمب والحزب الجمهوري يعتزمان استخدام فترة الولاية الثانية لمعاقبة المعارضين السياسيين ودفع الولايات المتحدة نحو الاستبداد، وتقليص حقوق المرأة بشكل أكبر، والتخلي عن الجهود الرامية إلى مكافحة تغير المناخ، مع منح الأثرياء والشركات حرية أكبر في خدمة مصالحهم الأنانية دون أي اعتبار للعواقب الاجتماعية والسياسية الأوسع.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه "مهما كان رأيك في بايدن أو سياساته، فمن غير المرجح أن يفعل أيا من هذه الأشياء المذكورة أعلاه"، مبينة أنه "إذا انتقلنا إلى السياسة الخارجية، فإن الاختلافات ليست صارخة إلى هذا الحد.فعلى الرغم من أن العديد من الناس يخشون الآن أن يكون لولاية ترمب الثانية تأثيرات هائلة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلا أن الاختلافات ستكون أقل أهمية مما قد يتصور البعض".
ووفقا للمجلة، سيكون ترمب غريب الأطوار، ومتقلبا، وفظا، خاصة تجاه حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تماما كما كان خلال فترة ولايته الأولى. لكن من نواح أخرى، قد لا تختلف ولاية ترمب الثانية كثيرا عما قد يفعله بايدن إذا فاز بأربع سنوات أخرى في المنصب. ولكي نرى هذا بشكل أوضح، فما علينا إلا أن نفكر في الكيفية التي من المرجح أن يتعامل بها كل رجل (بايدن أو ترمب) مع المحاور الثلاثة الأكثر أهمية على أجندة السياسة الخارجية اليوم، وهي: أوكرانيا، والصين، والشرق الأوسط.
فبالنسبة لأوكرانيا، كانت إدارة بايدن ملتزمة بالكامل بدعم أوكرانيا منذ بدء الحرب، على الرغم من معارضة بعض أعضاء الحزب الجمهوري والتشاؤم المتزايد بشأن قدرة كييف على الفوز في الحرب أو استعادة أراضيها المفقودة.
ويشعر الأوكرانيون ومؤيدوهم الغربيون بالقلق من أن ترمب سيوقف الدعم الأمريكي ويترك أوكرانيا تعتمد على أي مساعدة يمكن أن تحصل عليها من أوروبا وتحت رحمة الجيش الروسي.
وذكرت "فورين بوليسي" أن ترمب بكلامه المنمق المعتاد، تفاخر بأنه قادر على حل الحرب "في يوم واحد"، ثم تردد عندما سئل عما إذا كان يريد فوز أوكرانيا. وبناء على ذلك، قد تعتقد أن انتخاب ترمب من شأنه أن يحدث تغييرا جذريا في سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا.
ولكن تكمن المشكلة في أن بايدن من المرجح أن يتبع مسارا مماثلا إذا فاز بولاية أخرى، حتى لو سعى لتحقيق ذلك بطريقة مختلفة. وقد تجلى ذلك في طريقة دعمه الحرب خلال عام 2023، حيث على الرغم من أن مؤيدي أوكرانيا يواصلون تقديم مخططات متفائلة لعكس حظوظها وتحرير الأراضي التي غزتها روسيا وضمتها بشكل غير قانوني، إلا أن آمالهم تكاد تكون وهمية بالتأكيد، وربما تعرف وزارة الدفاع (البنتاجون) ذلك.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بايدن ورفاقه لن يعترفوا بهذه الحقيقة قبل الانتخابات، لأن ذلك سيلقي بظلال من الشك على طريقة تعاملهم مع الحرب. ولكن إذا عادوا إلى مناصبهم، فمن المرجح أن يضغطوا على كييف لحملها على تبني أهدافا أكثر واقعية والتحرك نحو التسوية.
لذا، ربما سيفعل بايدن ذلك بطريقة محسوبة، وسيحاول مساعدة كييف في التوصل إلى أفضل صفقة ممكنة.. وعلى النقيض من ذلك، ربما يظهر ترمب نفس المهارات الدبلوماسية التي أظهرها في صداقته الودية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون (دون تقديم أي شيء على الإطلاق)، وسيكون أكثر ميلا إلى التراجع والهرب. ومع ذلك، فإن النقطة الأوسع هي أن كلا الإدارتين ستحاولان التفاوض على إنهاء الحرب بعد يناير 2025، ومن المرجح أن يكون الاتفاق المرجح أقرب بكثير إلى أهداف الحرب المعلنة لروسيا من أهداف كييف.
أما في ما يتعلق بالصين، فخلال فترة ولايته الأولى، انفصل ترمب بشكل حاسم عن السياسات الأمريكية السابقة المتعلقة بالتعامل الاقتصادي مع الصين، وأطلق حربا تجارية سيئة التصميم أضرت بالاقتصاد الأمريكي ولم يكن لها تأثير يذكر على العجز التجاري الثنائي الذي كان من المفترض تصحيحه.
وأعاد بايدن صياغة هذا النهج وشدده، حيث فرض ضوابط تصدير صارمة على نحو متزايد تهدف إلى عرقلة الجهود الصينية لإتقان العديد من المجالات الرئيسية للتكنولوجيا المتقدمة.
وفي سياق رفضهم لنزعة الحماية العلنية، دافع مسؤولو الإدارة الأمريكية عن رفض هذا النهج باعتباره يركز بشكل ضيق على المخاوف المتعلقة بالأمن القومي. ومع ذلك، فإن اتباع نهج أكثر تصادمية تجاه الصين إحدى القضايا القليلة التي تتمتع بإجماع قوي من الحزبين.. ولهذا السبب، فإن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين لن تتغير كثيرا بغض النظر عن نتيجة الانتخابات في نوفمبر المقبل.
وقد حددت التصريحات الرسمية الصادرة عن إدارة بايدن وإدارة ترمب السابقة، الصين باعتبارها أحد المنافسين الرئيسيين لسيادة الولايات المتحدة العالمية، ورغم أن ترمب قد يتبنى موقفا أكثر تصادمية إلى حد ما تجاه حلفاء أمريكا الآسيويين (الذين اتهمهم مرارا وتكرارا بالاعتماد المفرط على الحماية الأمريكية)، لكنه لا يستطيع التخلي عنهم إذا كان جادا في الوقوف في وجه بكين.
لذا، عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الصين، فإن كل من بايدن وترمب سيتبعان نفس النهج في ولايتهما الثانية.
وفي ما يخص منطقة الشرق الأوسط، فإنه بالنظر إلى سياسة الولايات المتحدة الحالية في منطقة الشرق الأوسط، قد تعتقد أن كلا من بايدن وترمب سيكونان حريصين على تغيير المسار في عام 2025. وللأسف، لا يوجد سبب لتوقع أن يتصرف أي من الرئيسين بشكل مختلف في المستقبل عما كانا عليه في الماضي. والأمر الأكثر إثارة للدهشة في الواقع هو مدى التشابه الذي تصرف به هذان الرئيسان المختلفان للغاية عند التعامل مع هذه المنطقة المضطربة.
فعندما أصبح رئيسا، تخلى ترمب عن الاتفاق النووي الذي وضع حدا لبرنامج إيران النووي، ونقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل إلى القدس، وأغلق المكتب القنصلي الأمريكي للقضايا الفلسطينية في واشنطن. كما قام ترمب بتعيين محام مؤيد بشدة للمستوطنين سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل.
كما استهزأت خطته للسلام بالهدف الأمريكي طويل الأمد المتمثل في حل الدولتين، في حين دعمت خطة الدبلوماسي الهاوي (وصهره) جاريد كوشنر - وفقا لفورين بوليسي - للتطبيع العربي الإسرائيلي. وأنشأت اتفاقيات أبراهام (اتفاقيات إبراهيم) علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ودول عربية، فيما لم تفعل الإدارة الأمريكية شيئا لمعالجة محنة ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي القاسي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتساءلت المجلة الأمريكية عن: ماذا فعل بايدن عندما ورث هذا الوضع؟ لقد جعل الأمر أسوأ. فعلى الرغم من تعهده خلال حملته الانتخابية بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، إلا أنه تردد حتى جلبت الانتخابات في إيران المتشددين إلى السلطة وجعلت العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) أكثر صعوبة. والنتيجة، أصبحت إيران الآن أقرب إلى القنبلة النووية من أي وقت مضى.
كما تعامل بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مع الفلسطينيين بنفس الطريقة التي تعامل بها ترمب، حيث خصص المسئولان القليل من الجهد لاستئناف عملية السلام، وغضا الطرف عن أعمال العنف المتزايدة التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية، علما بأنه لن يتم التسامح مع هذه التصرفات إن لم تكن مدعومة علنا من قبل الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل.
وترى المجلة الأمريكية أن هذه الأخطاء - بدءا بترمب واستمرارا لبايدن - تسببت في حدوث نتائج عكسية "في جميع أنحاء العالم". فعلى سبيل المثال، شن مقاتلو حماس في 7 أكتوبر هجوما على المجتمعات الحدودية، لكن رد إسرائيل الشرس وغير المتناسب، والذي يمكن وصفه بالإبادة الجماعية، يشكل وصمة عار أكثر خطورة على صورة إسرائيل، وسمعة أمريكا، والضمير العالمي.
كما تساءلت المجلة عن كيفية استجابة الولايات المتحدة، التي قال وزير خارجيتها ذات يوم إن حقوق الإنسان ستكون "في مركز السياسة الخارجية الأمريكية"، لهذه الكارثة الدبلوماسية والإنسانية؟
وأشارت المجلة إلى أن الاستجابة كانت من خلال الإسراع في تقديم مساعدات عسكرية بقيمة مليارات الدولارات إلى البلد (إسرائيل) الذي تسببت قنابله في مقتل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة، ومن خلال استخدام حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، ووصفها الطلب الموثق على نطاق واسع الذي تقدمت به جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، والذي تتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بأنه "لا أساس له من الصحة".
وبحسب ما يتردد، فقد طلب مسئولو الإدارة الأمريكية من إسرائيل التخفيف من تصرفاتها، لكنهم لم يهددوا بتقليص الدعم الأمريكي. وكما هو متوقع، تجاهلت حكومة بنيامين نتنياهو الطلبات الأمريكية.
لذا، لا يوجد سبب لتوقع أي شيء مختلف بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات المقبلة، حيث يعتبر كل من بايدن وبلينكن صهيونيين، وفقا لفورين بوليسي، ومن غير المرجح أن يمارس أي منهما أي ضغوطا ذات مغزى على إسرائيل لتغيير مسارها. ويبدو أن ترمب لم يهتم قط بأي من الجانبين كثيرا، لكنه يفهم توازن النفوذ السياسي في أمريكا، كما أن تحيزه المناهض للمسلمين موثق بشكل جيد، على حد قول المجلة الأمريكية.
وقد تشهد ولاية بايدن الثانية محاولة لإحياء نوع ما من عملية السلام، ولكن لا ينبغي لأحد أن ينخدع بالاعتقاد بأنها ستحقق أكثر مما حققته الجهود الأمريكية السابقة. ففي نهاية المطاف، فإن الرجل (بايدن) الذي يقال إنه قوض جهود الرئيس السابق باراك أوباما، لتحقيق حل الدولتين، من غير المرجح أن يحقق هذا الحل حتى لو حصل على ولاية أخرى. كما أنه من المرجح أن يتبع ترمب المال، تماما كما فعل صهره.
وأكدت فورين بوليسي، أنه رغم ما سبق، فلا يمكن القول إن هذه الانتخابات لن يكون لها أي تأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. فقد يحاول ترمب إخراج الولايات المتحدة من الناتو، على سبيل المثال، رغم أن مثل هذه الخطوة ستواجه بلا شك مقاومة هائلة من مؤسسة السياسة الخارجية والدفاعية. وقد يركز في المقام الأول على أجندته الداخلية - ومشاكله القانونية العالقة - والتي من شأنها أن تقلل من اهتمامه المحدود بالفعل بالشئون الخارجية، والميل نحو تعزيز الوضع الراهن.
بلا شك، ستكون هناك اختلافات طفيفة بين بايدن 2 (فترة الرئاسة الثانية) وترمب 2، لكن حدوث تحول جذري أمر مستبعد الحدوث، وإن تأثير الانتخابات المقبلة سيكون أكبر بكثير على السياسة الداخلية للولايات المتحدة مقارنة بالقضايا الرئيسة للسياسة الخارجية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولايات المتحدة انتخابات أمريكا دونالد ترامب عملية السلام فورين بوليسي السیاسة الخارجیة المجلة الأمریکیة الولایات المتحدة للولایات المتحدة فورین بولیسی على الرغم من من المرجح أن إلى أن إلا أن
إقرأ أيضاً:
البيئة تبحث مع وكالات الأمم المتحدة سبل التكيف مع تغير المناخ
نظمت وزارة البيئة ضمن فعاليات إطلاق الحوار المجتمعي الوطني حول تغير المناخ، حلقة نقاشية حول (كيف تُعزز وكالات الأمم المتحدة القدرة على التكيف مع تغير المناخ في المجالات الرائدة في مصر)، بمشاركة، د. عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد، الممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، د. جان بيير دي مارجري، ممثل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ومديره القطري في مصر، د. أحمد رزق، المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) في مصر، د. بشر إمام، رئيس وحدة العلوم الطبيعية والهيدرولوجيا الإقليمية، المكتب الإقليمي لليونسكو للعلوم في الدول العربية، د. مروة علم الدين، مسؤولة، هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، د. ناتاليا ويندر روسي، ممثلة اليونيسف في مصر، د. محمد بيومي، مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق تغير المناخ، حيث أدار الجلسة الإعلامية داليا عبدالسلام.
وخلال الجلسة النقاشية، بمشاركة شركاء التنمية وخبراء البيئة وقيادات وزارة البيئة.
وقد أشار الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد، الممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فى مداخلته إلى أهمية وجود الحوار الوطني المجتمعي في مصر بشكل منظم والاستفادة بمخرجاته، مؤكدًا على أهمية تأسيس المفهوم وتغير التصرفات والتكيف على أرض الواقع خاصة فيما يخص منظمة الفاو، وأيضًا مساهمة هذا الحوار في رسم السياسات التي يتم صياغتها وتشكيلها على مستوى الدولة، مشيرًا إلى إطلاق منظمة الفاو الاستراتيجية العالمية لمواجهة تغير المناخ لتنفيذ برامج موجهة لمواجهة تحديات تغير المناخ.
وأشار عبد الحكيم الواعر، إلى الممارسات الذكية المناخية وإدارة الموارد المائية بشكل مستدام وذلك من خلال المشروع التي تنفذها منظمة الفاو بالتعاون مع وزارتي الزراعة والموارد المائية والري التي تتعلق برفع إنتاج محصول قصب السكر في الصعيد المصري، كما أن هناك تركيز في شمال الدلتا حول تغير أصناف الزراعة في منطقة الدلتا لمواجهة ملوحة التربة، كذلك العمل على رفع معدلات الوعي بخطورة زيادة وكثافة انتشار الآفات في مناطق غير متوقعة متأثرة بالتغيرات المناخية والتي بدورها تؤثر على الزراعة.
وأضاف عبد الحكيم الواعر، إلي وجود خطة كاملة من قبل منظمة الفاو للمشاركة في الحوار الوطني المجتمعي على مستوى المحافظات، وذلك من خلال وزارة البيئة والزراعة والوزارات المعنية المختلفة، مؤكدا على أهمية وجود المياه والموارد المائية كأحد الحلول الناجحة من أجل الوصول لحياة بيئية مستدامة.
من جانبه، أكد الدكتور جان بيير دي مارجري، ممثل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ومديره القطري في مصر،على أهمية وجود حلول جذرية ووضع برامج لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ حيث أن هناك ١٨ مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهناك تنبؤات مستقبلية توضح أن زيادة درجات الحرارة سيزيد مما يعانون من الجوع ونقص الأمن الغذائي حول العالم، مشيرا أنه فيما يخص مصر فإن منطقة صعيد مصر من أكثر المناطق المعرضة لزيادة الفقر والجوع والأمن الغذائي بسبب زيادة درجات الحرارة والتأثيرات السلبية لتغير المناخ.
وأضاف ممثل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، إلى أننا أصبحنا اليوم أكثر ابتكارا وإبداعا لإيجاد حلول لمواجهة هذه المخاطر من خلال التكيف وتنفيذ سياسات التخفيف لمواجهة نقص الأمن الغذائي ط، وذلك ما كنا نعمل عليه خلال الـ ١٠ سنوات الماضية حيث نعمل على تنفيذ نموذج متكامل يفيد المجتمع الريفي بمصر للحصول على الطاقة الجديدة والمتجددة وتوفير مصادر مبتكرة للري، وتقديم التدريب المهني للشباب والمرأة من خلال استخدام وسائل توفر استخدام المياه مثل استخدام وسائل الري بالتنقيط التي توفر بمقدار ٣٠./. من استخدام المياه وهو ما يمثل استثمار داخل القرى الريفية حيث نعمل على ١٠٠ قرية ريفية مختلفة ونستهدف ١٠٠ ألف فرد في صعيد مصر، معربا عن أمله فى رفع مستوي الفرد هناك من خلال التمويل المستمر لمثل هذه المشروعات.
وأكد السيد أحمد رزق، المدير القطري لبرنامج موئل الأمم المتحدة في مصر، أن المناخ تحدي كبير للإنسان، وأيضًا لتخطيط المدن، خاصة مع تجاوز عدد سكان المدن لعدد سكان الريف خلال السنوات الاخيرة، ومن المتوقع أن تتجاوزها في ٢٠٥٠ بنسبة ٧٠٪، كما تتركز الأنشطة الحياتية والاقتصادية في المدن، ليكون ٧٠٪ من الناتج العالمي من المدن، لذا فإن تحدي المناخ يعد اولوية في تخطيط المدن، ويعمل البرنامج مع مصر في اعادة تحديث المخططات العمرانية فيما يسمى بالمدن ذات الطابع الخاص، مثل دهب ومرسى علم والتي يعد المناخ تحديا لها، كما يهدف البرنامج للعمل مع المجتمعات المحلية لترجمة التحديات إلى فرص استثمارية للخروج بنماذج أعمال ناجحة من قلب المجتمع، مؤكدا أن الحوار المجتمعي هو من أساسيات عمل البرنامج، لذا سيتم تسليط الضوء على الأطر التنظيمية للسياحة لتكون أكثر استدامة وصونا للتراث المحلي. وأكد رزق أن كلمة السر في المرونة المناخية هي الإنسان.
من جانبها، أكدت السيدة مروة علم الدين ممثلة منظمة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، أن منظمة الأمم المتحدة تولي أولوية للمناخ وتأثيراته على المرأة دوليا ودورها القيادي فيه، وتعمل في مصر مع عدد من الجهات ومنها المجلس القومي للمرأة ووزارتي الخارجية والبيئة، حيث أطلقت في مؤتمر المناخ COP27 مبادرة المرأة الأفريقية والتكيف مع المناخ بهدف دعم دور المرأة في اتخاذ قرارات التكيف، كما تشارك منظمة الأمم المتحدة للمرأة في مصر في مبادرات مختلفة ومنها المشروعات الخضراء الذكية فيما يخص المشروعات التي تقودها المرأة، ومع وزارة البيئة عملنا على تعزيز قدرات العاملين في الربط بين المرأة وتغير المناخ، ولدينا اولوية تعزيز الخبرات وبناء القدرات ورفع الوعي في تحقيق الاستدامة للشركات الناشئة التي تقودها سيدات، ومن خلال الحوار المجتمعي سنعمل على تعزيز دور المرأة في العمل المناخي والاستفادة من مخرجات الحوار في برامجنا، موضحة أن كلمة السر في تحقيق المرونة المناخية هو إشراك المرأة في اتخاذ قرارات المناخ.
من جانبه أكد د. بشر إمام، على أن قضية المياه تمثل نقطة أساسية لليونسكو والتي يتم العمل فيها على منظمة الأمم المتحدة والفاو، ووزارات مختلفة في مصر، مشيرا إلى أن التأقلم مع التغيرات المناخية في مصر بدأ منذ فترة طويلة حيث شهد مؤتمر تغير المناخ في مصر COP27 إحداث نقطة تحول كبيرة ووضع قضية المياه في صلب العمل المناخي كجزء لا يتجزأ من العمل المناخي وهو ما كان له بالغ الأثر فى عملية التمويل الخاصة به.
وأشار إلى دور منظمة اليونسكو ضمن إطار مشروع الاسكادا، مشيرا إلى أن الحوار الحكومي والخبراء من الوزارات المعنية بالمياه سواء وزارات الموارد المائية والرى - والإسكان - والزراعة - البيئة - كوزارات أساسية معنية بمواضيع المياه، حيث استطعنا أخذ مجموعة من المؤشرات الأساسية يمكن البناء عليها لقياس مدى التقدم لتحقيق المرونة والتكيف التغيرات المناخية.
وأشار د. بشر إمام، إلى أن لدي اليونسكو اهتمام كبير بمواقع التنوع البيئي حيث لدينا برنامج (الإنسان والتنوع الحيوي) يهتم بالمحميات الطبيعية، مشيرا إلى أننا بصدد تشكيل مجموعة من الخبراء خاصة بدراسة النظم البيئية التى تعتمد على المياه الجوفية ومدى تأثير التغير المناخي على هذه النظم، كما أن لدينا برامج خاصة بدرأ المخاطر والكوارث ونعمل مع مجموعة عمل لتضمينها في البرامج التربوية والتعليمية.
وأشار إلى أن التأقلم مع التغيرات المناخية ليس مسئولية الدول والحكومات فقط ولكن مسئولية الأفراد أيضًا، معربًا عن تطلعه فى أن يسهم الحوار المجتمعي فى الخروج بتطوير لبرامج أفضل للتوعية بالتغير المناخي ومشاركة الجميع، كما أن قضية الحوار المجتمعي يجب أن تكون قضية تحويلية يتم العمل فيها على الأرض مع المجتمعات المحلية.
من جانبها أكدت د. ناتاليا ويندر روسي، ممثلة اليونيسف في مصر، على أن تغير المناخ لا يتعلق بدرجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر وفقط، ولكنه يمس الأسر والعائلات والأطفال، مشيرة إلى أن أزمة المناخ ليست بمعزل حيث تسبب أزمات ومنها الخاصة بالتعليم، مشيرة إلى عمل منظمة اليونيسيف من خلال دعم العمل المناخي الدولى للقضاء على هذه الظواهر وحماية الأطفال، لافتة إلى أن مصر تصنف كدولة شديدة المخاطر للأطفال حيث ٥.٤ مليون طفل يتأثرون بموجات الحر ويؤثر ذلك على قدراتهم وتركيزهم ونموهم، مؤكدة أيضًا على ضرورة دمج وزارة التربية والتعليم، الجوانب المناخية فى المناهج التعليمية باعتبار الاطفال ممثلين للتغيير وأن تصبح أصواتهم مسموعة ومدافعين أقوياء عن البيئة.
وأضافت ممثلة اليونيسف في مصر، إلى العمل على قدم وساق مع وزارة البيئة، حيث أطلقنا دراسة مؤخرا تعنى بالأطفال أسفرت عن كثير من النتائج الجيدة، مؤكدة حرصها على أن تُدمج تلك الدراسة فى خطط التكيف الوطنية، كما نعمل على أن تكون كل الخطوات فيما يتعلق بالصمود والمرونة والطاقة والمياه مأخوذة فى عين الاعتبار.
واكد السيد محمد بيومي مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق تغير المناخ، أن البرنامج شريك ممتد مع وزارة البيئة على مدار أكثر من ٢٥ عام لإعداد سلسلة من التقارير الوطنية لتقديمها لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، لتقييم آثار المناخ في القطاعات المختلفة وأولويات التكيف مع تلك الآثار، وللتوسع في المشروعات التنفيذية للتكيف ومن أهمها مواجهة ارتفاع سطح البحر، حيث تعاون البرنامج من ١٥ سنة مع وزارة الموارد المائية والري، للبحث عن وسائل منخفضة التكاليف للأراضي المنخفضة في الدلتا، وتم إنشاء جسور من الطبيعة، كما نجح البرنامج بالتعاون مع وزارات البيئة والخارجية والري في الحصول على منحة من صندوق المناخ الأخضر لتجربة نموذج في الدلتا لحمايتها من اخطار ارتفاع مستوى سطح البحر لنحو ٧٠كم، مؤكدا ان هذه المشروعات مجرد بداية فى إجراءات الحماية متدرجة، كما يتم الاشتراك مع الحكومة المصرية في اعداد خطة الادارة المتكاملة للمناطق الساحلية لربط استخدامات الأراضي بحماية الشواطئ لأول مرة في مصر، ويتم تطبيقها في تخطيط الأنشطة الساحل الشمالي.
وأوضح بيومي أن البرنامج يتعاون مع مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء في إنشاء منظومة للإنذار المبكر والكوارث المناخية على مستوي المحافظات لمواجهة الظواهر المناخية الحادة، وايضًا انشاء منظومة لإبلاغ المواطنين بخطورة بكيفية التعامل مع هذه الظواهر.
واضاف ان جلسات الحوار المجتمعي سيركز على موضوع حماية الشواطئ بعدد من الجلسات في محافظات ساحلية مثل بورسعيد وكفر الشيخ، وحوار مجتمعي في المناطق الريفية لدعم صغار المزارعين والصيادين في مواجهة آثار تغير المناخ، بالإضافة إلى التركيز على صون التنوع البيولوجي بالاستفادة من الخبرة الواسعة للبرنامج في هذا المجال.
واختتم بيومي الجلسة بالشكر لمنظمات الأمم المتحدة المتخصصة على الاستجابة للمشاركة في الحوار المجتمعي، والاستفادة من مخرجاته في إعداد الخطة الوطنية للتكيف، ايمانًا باهمية رأي المواطن في تنفيذ المخططات التي يتم إعدادها، وسيتم التوسع في الحوار المجتمعي على مدار السنوات القادمة ليصل المواطن في مختلف المواقع والمجتمعات المحلية.