تصاعد المخاوف من اندلاع حرب أهلية أمريكية.. تمّرد في ولاية تكساس بين السلطات المحلية والفيدرالية
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
تصاعدت المخاوف من اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة، على خلفية إرسال قوات من الحرس الوطني للولايات الجمهورية إلى ولاية تكساس، في تحدٍ لإدارة الرئيس جو بايدن والقوات الفدرالية.
وبدأت عدة ولايات يقودها الجمهوريون في إرسال أفراد من الحرس الوطني قبل أشهر لمكافحة تزايد موجات المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث قالت إحدى الولايات «لا شيء مطروح على الطاولة»، مع تصاعد التوترات بين حاكم تكساس غريغ أبوت، وإدارة بايدن.
وأعرب أبوت عن استيائه من قرار المحكمة العليا الصادر، الإثنين الماضي، بأغلبية 5 أصوات مقابل 4، والذي ألغى أمرًا قضائيا من محكمة الاستئناف، وسمح لوكلاء حرس الحدود الفدراليين، بإزالة الأسلاك الشائكة التي ركّبها مسؤولو تكساس على الحدود تحت إشراف أبوت.
وكان حكام جمهوريون من 25 ولاية (نصف الولايات الخمسين)، تعهدوا الخميس بتقديم دعمهم لحاكم تكساس والسلطة الدستورية في الولاية للدفاع عن نفسها، بما في ذلك وضع أسوار الأسلاك الشائكة لتأمين الحدود، ضد ما وصف أبوت بأنه «غزو» المهاجرين لولايته.
وجاء في البيان المشترك للحكام المحافظين: «نحن نفعل ذلك جزئيا لأن إدارة بايدن ترفض تطبيق قوانين الهجرة الموجودة بالفعل، وتسمح بشكل غير قانوني بالإفراج المشروط الجماعي في جميع أنحاء أمريكا عن المهاجرين الذين دخلوا بلدنا بشكل غير قانوني».
تأتي هذه الخطوة استجابة لدعوة الرئيس السابق دونالد ترامب، الولايات التي يقودها الجمهوريون إلى التعاون معًا لمكافحة مشكلة الهجرة غير النظامية على الحدود الجنوبية، وهي قضية قال الجمهوريون إن بايدن يفشل في التعامل معها بشكل صحيح.
وقال ترامب: «نشجع جميع الولايات الراغبة في نشر حراسها في تكساس لمنع دخول المهاجرين غير النظاميين وإعادتهم عبر الحدود»، مشيرا إلى «غزو» المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة.
ومع قيام ترامب والحكام الجمهوريين بالتصعيد في مواجهة إدارة بايدن، تزايدت المخاوف من نشوب حرب أهلية تعصف بالبلاد.
وقال حاكم أوكلاهوما كيفن ستيت – أحد الـ25 الذين وقعوا على الرسالة – «الآن لديك العملاء الفدراليون الذين يقطعون الأسلاك، ثم لديك الحرس الوطني في تكساس الذي لديه أوامر بوضع الأسلاك، هذا برميل بارود يستحق التوتر».
وأضاف: «إنها حالة غريبة جدا، ونحن نقف بالتأكيد مع تكساس في حقها في الدفاع عن نفسها».
وجاءت دعوة ترامب للولايات التي يقودها الجمهوريون للتعهد بدعم ولاية تكساس وسط مطالبات من الزعماء الديمقراطيين في تلك الولاية، إدارة بايدن بإضفاء الطابع الفدرالي على الحرس الوطني في تكساس من أجل منعه من وضع المزيد من الأسلاك الشائكة، وفقًا لوسائل إعلام أمريكية.
وتعليقا على هذه التطورات، نشر بايدن بيانا على منصة «إكس» (تويتر سابقا)، قال فيه «لفترة طويلة جدًا، نعلم جميعًا أن الحدود قد تم اختراقها. لقد مضى وقت طويل لإصلاح هذا الوضع».
وأضاف: «لهذا السبب، أصدرت تعليماتي قبل شهرين لفريقي ببدء المفاوضات مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين لمعالجة أزمة الحدود بشكل جدي ونهائي، وهذا ما فعلوه من خلال العمل على مدار الساعة».
وتابع: «دعونا نكون واضحين.. إن ما تم التفاوض عليه سيكون -إذا تم إقراره ليصبح قانونًا- أصعب وأعدل إصلاحات لتأمين الحدود على الإطلاق، ومن شأنه أن يمنحني، كرئيس، سلطة طوارئ جديدة لإغلاق الحدود عندما تصبح مزدحمة بالمهاجرين. وإذا مُنحت هذه السلطة، فسأستخدمها في اليوم الذي أوقع فيه مشروع القانون ليصبح قانونًا».
علاوة على ذلك، قال بايدن إن الكونغرس يحتاج إلى توفير التمويل الذي طلبته في أكتوبر الماضي لتأمين الحدود.
ويشمل ذلك 1300 عنصر إضافي من حرس الحدود، و375 قاضي هجرة، و1600 موظف لجوء، وأكثر من 100 جهاز تفتيش متطور للمساعدة في كشف وإيقاف مخدر الفنتانيل على حدودنا الجنوبية الغربية.
وكان مسؤولو البيت الأبيض امتنعوا عن القول ما إذا كان بايدن قد فكر في إضفاء الطابع الفدرالي على الحرس الوطني في تكساس، وسط اشتباكه مع حاكم تكساس.
من جانبه، تجاهل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، أسئلة حول هذا الموضوع خلال اجتماع قصير مع الصحفيين على متن طائرة الرئاسة الخميس الماضي، وقال «ليس لدي أي قرارات للتحدث نيابة عن الرئيس».
وتواجه المدن الأمريكية على الحدود مع المكسيك والتي يبلغ طولها 3100 كيلومتر، تدفقا كبيرا لمجموعات المهاجرين، وقالت شركة الحدود إن عدد المهاجرين بلغ في الأشهر الأخيرة من عام 2023 نحو 10 آلاف يوميا.
ويستخدم الجمهوريون قضية الهجرة باستمرار لمهاجمة خصومهم من الحزب الديمقراطي، ومن المتوقع أن تزداد حدة هذه الانتقادات مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
استياء بين مسلمي تكساس بعد قرار الحاكم إدراج مجلس كير على لائحة الإرهاب
أثار تهجم الحاكم الجمهوري لولاية تكساس، كريغ أبوت، موجة غضب وسط مسلمي هيوستن، بعد إقدامه على تصنيف مجلس العلاقات الأمريكية–الإسلامية "كير" منظمة إرهابية بزعم ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين.
ورفض المجلس، الذي يقع مقره في واشنطن، هذه الاتهامات، فيما دعت فروعه في ولايات أخرى الجهات القضائية للتصدي لقرار أبوت. غير أن الاستياء الأكبر كان بين مسلمي تكساس الذين يرون في "كير" جهة للعمل السياسي المدني تدافع عن حقوقهم.
وأوضحت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير أن أمينة إسحق، العاملة الاجتماعية في مسجدها المحلي بضاحية شوغرلاند، كانت تعتمد على "كير" للدفاع عن حقوقها وحقوق المسلمين في مجتمعها، سواء خلال مشاركتها في اجتماعات الحكومة المحلية، أو أثناء احتجاجها على الحرب في غزة، أو في مواجهة مظاهر معاداة الإسلام داخل المدارس. وقالت إسحق: "كانوا يشاركون في احتجاجاتنا للتأكد من أننا بخير".
وأصدر حاكم تكساس، كريغ أبوت، في وقت سابق من شهر تشرين الثاني/نوفمبر، قرارا صنف فيه "كير"، وهي من أبرز منظمات الدفاع عن حقوق المسلمين وحقوقهم المدنية في الولايات المتحدة، بوصفها "منظمة إرهابية أجنبية"، واضعا إياها في التصنيف نفسه مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة إسلامية.
وجّه هجومه ضد مجلس العلاقات الأمريكية–الإسلامية "كير"، متهما إياه بمحاولة "تقويض القوانين عبر العنف والترهيب والمضايقة".
وذكر أبوت أن تصنيفه للمجلس "منظمة إرهابية أجنبية" سيحول دون تمكنه من شراء أراضٍ داخل تكساس، وفق قانون أقرّه المجلس التشريعي هذا العام، كما يتيح للمدعي العام رفع دعاوى تهدف إلى إغلاقه، وقال أبوت في بيانه: "هؤلاء المتطرفون المتشددون غير مرحب بهم في ولايتنا".
وبالنسبة لأمينة إسحاق، ترى أن الخطاب الرسمي بات يستهدف "كير" كما لو كان يستهدف منظمات مدنية تاريخية مثل رابطة مكافحة التشهير أو الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين، مؤكدة أن المجلس "يحمي الحريات المدنية".
واتهم أبوت المجلس، وهو منظمة غير ربحية، بإقامة علاقات مع حركة حماس المصنفة في الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، رغم نفي قياداته وجود أي صلة، واستشهد الحاكم بقضايا وتقارير صادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي وبرنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، زاعما أن قادة "كير" سَعَوا إلى فرض الشريعة الإسلامية على الأمريكيين.
ويرفض مسؤولو "كير" هذه المزاعم، وقد رفعوا دعوى قضائية ضد أبوت والمدعي العام الجمهوري للولاية كين باكستون.
وطالب فرعا المجلس في دالاس فورت وورث وأوستن قاضيا فدراليا بإلغاء الإعلان، الذي وصف الجماعة بأنها "منظمة إجرامية عابرة للحدود القومية"، وجاء في الدعوى أن "هذه المحاولة لمعاقبة أكبر منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في البلاد بسبب اختلاف الحاكم مع آرائها، تتعارض مع الدستور، ولا تستند لأي قانون في تكساس".
وأُشير فيها إلى أن "كير"، الذي تأسس عام 1994، لديه 25 فرعا على مستوى البلاد، بينما اتهم قادة المجلس الحاكم بتهديد جميع جماعات الحقوق المدنية، وليس فقط الإسلامية.
وفي بيان للينا المصري، مديرة التقاضي في "كير"، قالت فيه: "لا أمان لأي منظمة حقوق مدنية إذا كان بإمكان الحاكم، دون أي أساس، تصنيفها إرهابية ومنعها من شراء الأراضي وتهديدها بالإغلاق".
فيما رفض متحدث باسم أبوت الرد على أسئلة الصحيفة، مكتفيا بالإحالة إلى إعلان الحاكم وبياناته.
وعاد أبوت ليصعد هجومه يوم الاثنين، مستغلا الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترامب الذي صنف فروع جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
وفي مقابلة إذاعية، قال إن إعلانه جاء استجابة لمخاوف داخل الحزب الجمهوري في تكساس بشأن تزايد عدد السكان المسلمين وصعود مسؤولين مسلمين مثل عمدة نيويورك المنتخب زهران ممداني.
وأضاف: "القلق كبير، خاصة عندما ترى شخصا مثل ممداني يُنتخب وما قد يسببه ذلك من مشاكل كارثية. لدينا حرية دينية، لكن لا يمكن أن يتحول الدين إلى تهديد لحريتنا"، ورغم خطابه التحذيري، لم يقدم أمثلة على كيفية تهديد المسلمين لحرية الآخرين.
ويعيش في تكساس نحو 420,000 مسلم، يتركز أغلبهم في هيوستن ودالاس وضواحيهما، حيث تنتشر المساجد والشركات المملوكة للمسلمين، وتعد مقاطعة "فورت بيند" في شوغرلاند من أكثر المقاطعات تنوعا في الولايات المتحدة، وقد ارتفع عدد السكان المولودين في الخارج فيها بنسبة 71 في المئة خلال التعدادين الأخيرين.
ويواجه الحزب الجمهوري صعوبة في الحفاظ على نفوذه داخل هذه الضواحي المتنوعة والمتسارعة النمو، إذ يشارك الناخبون المسلمون بعض قيم الحزب مثل حرية الدين والأسواق والتنمية، لكنهم لا يتفقون مع توجهاته المسيحية المحافظة.
وشهد العام الحالي اعتراض أبوت وباكستون على مشروع سكني تبلغ مساحته 400 فدان يحمل اسم "إبيك سيتي"، ويطوره أعضاء مسجد شمال شرق دالاس، ووصفه أبوت بأنه غير شرعي، ودعا جهات الولاية للتحقيق فيه.
وخلال الصيف، أعلنت وزارة العدل أن المطورين تعهدوا الالتزام بقوانين الإسكان العادل الفدرالية، فيما قال أبوت وباكستون إن التحقيقات لا تزال جارية. وقد أعيدت تسمية المشروع إلى "المرج" دون بدء العمل فيه.
وأشار مارك جونز، الباحث السياسي في جامعة رايس، إلى أن قطاعا داخل الحزب الجمهوري يرى الإسلام تهديدا وجوديا للمسيحية. وقال إن بعض الجمهوريين يستشهدون بانتشار الإسلام في أوروبا للتحذير مما قد يحدث في الولايات المتحدة، بل ويشيرون إلى مدن مثل مينيابوليس حيث يصدح الأذان عبر مكبرات الصوت.
ولفت جونز إلى أن أبوت يترشح لإعادة انتخابه، بينما يخوض باكستون انتخابات تمهيدية لمجلس الشيوخ في مواجهة الجمهوري جون كورنين، مضيفا أن المسلمين رغم كونهم أقلية في تكساس، فإن المسيحيين الإنجيليين يشكلون ثقلا كبيرا في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، و"نسبة كبيرة منهم تعتبر الإسلام تهديدا للولاية".
وأشار إلى أن بعضهم يرى الولايات المتحدة "دولة يهودية مسيحية"، مستشهدا بقانون الولاية، الذي أوقفت المحاكم أغلبه، ويفرض تعليق الوصايا العشر في الفصول الدراسية.
وأدان عدد من الجمهوريين المسلمين في تكساس هجوم أبوت على "كير".
وقال مو نهاد، وهو ضابط شرطة ترشح لمنصب عمدة "فورت بيند" دون نجاح، بعد انضمامه إلى الحزب الجمهوري بدعم من ابنته الناشطة فيه، إن إعلان أبوت "سخيف" ولا يستند إلى أساس، ورفض رواية الحاكم حول محاولة فرض الشريعة الإسلامية، واصفا إياها بأنها "متحيزة وغير مبنية على أي حقيقة".
وقال: "لدينا ما يقلقنا أكثر: قدامى المحاربين، العائلات الفقيرة، الأطفال الذين لا يجدون ثمن الغداء، والهجرة غير القانونية".
وقال النائب الديمقراطي سليمان لالاني، أحد أول نائبين مسلمين يُنتخبان في الولاية، إن إعلان الحاكم أثار قلق ناخبيه، وأضاف: "هناك الكثير من الخوف والحزن، والناس يتعرضون للتنمر ويتجنبون الأماكن العامة"، مشيرا إلى حادثة تعرض فيها طلاب مسلمون يصلّون خارج مقهى يمني في شمال دالاس لمضايقات من رجل قال لهم: "أنا أسخر من دينكم"، وقد طلبت "كير" التحقيق في الواقعة.
وأشارت الصحيفة إلى محيط مسجد مركز مريم الإسلامي في شوغرلاند، حيث كانت فتيات يرتدين العباءات يلعبن كرة السلة فيما تصل العائلات لصلاة العشاء، وقال زين، أحد المصلين، إنه يفضل ذكر اسمه الأول فقط حفاظا على سلامة أسرته، موضحا: "نحن مواطنون ملتزمون بالقانون وندفع الضرائب. نحن معلمون ومحامون وممرضون".
ونفى صحة ادعاءات الحاكم قائلا إن مخاوف فرض الشريعة "لا أساس لها"، مضيفا: "لم أسمع يوما أحدا يطالب بذلك". واستنكر هجمات أبوت على "كير"، معتبرا أنها تزرع الانقسام. وقالت زوجته سارة إن المجلس "يناضل من أجل الحقوق المدنية للجميع".
أما أمينة إسحاق، العاملة الاجتماعية نفسها والناشطة في شوغرلاند، فقالت إنها انزعجت لرؤية الوصايا العشر معلقة في مدرسة ابنتها الثانوية هذا العام، إلى جانب هجمات الحاكم والمواقف المعادية للمسلمينـ مؤكدة أنها تخطط لمواصلة الاحتجاج، مضيفة: "سنواصل رفع أصواتنا".