مرّة أخرى مع الأسير الفلسطيني المهندس عبدالله البرغوثي صاحب أطولِ الأحكامِ بالمؤبّد في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي: (67 مؤبدًا، وخمسة آلاف ومائتي عام)، قضى منها حتى الآن العشرين عامًا الأولى في حبس انفرادي.

نقف معه في رواية جديدة، أهداها للمحامين، وكتبها عن فلسطين والمحامين والمقاومة، وكأنه يعتبر أن مفتاح النصر في هذه القضية هو في التحالف بين هذه العناصرِ الثلاثةِ: "فلسطينَ" التي تمثل الشعب والذاكرة والتراث والدين، والمحامين الذين يؤمنون بعدالة القضية، وينافحون عنها بالكلمة والقانون، والمقاومين الذين قرّروا التضحية بحياتهم من أجل القضية.

في بداية روايته "فلسطين العاشقة والمعشوق" يكتب البرغوثي إهداء إلى قائمة من المحامين، يختمها بمحامية من صنع خياله اختار أن تكون بطلة لروايته، سماها "فلسطين".

لماذا يحظى المحامون بهذه الأهمية لأسير فلسطيني؟!

فلنتخيل رجلًا مثل البرغوثي، يقبع في سجنه الانفرادي منذ العام 2003، لا يرى في حياته إلا نوعين من البشر؛ هما: أعداؤه الذين يحصون أنفاسه على باب زنزانته المظلمة، والمحامون الفلسطينيون الشرفاء الذين يمثلون رئته التي تمده بهواء فلسطين، وتنقل له حكايات أهله، وتوصل لهم صوته، وهم مَن يمدونه بما يحتاج من كتب وأوراق، وهم من يسعون لجعل قسوة الحبس، أقل قسوة.

عندما يقع المقاوم في الأسر، يتوقف سلاحه عن الكلام، وينقطع صوته إلا ما تنقله أوراق مسربة، أو ينقله محامٍ مؤمن بقضيته، وقد قال عبدالله البرغوثي في صدر كتابه أنه ليس كاتبًا محترفًا، ولكنه مقاوم عشق إطلاق الرصاص على صدور الأعداء، "وعندما عزّ الرصاص في بندقيتي لم أجد سوى الرصاص في قلمي"، وهذا القلم الرصاص والأوراق أيضًا نقلهما له محامٍ، ولهؤلاء هو يشعر بالامتنان، بل يمكن اعتبار هذه القصة نداء للمحامين الفلسطينيين ليدركوا أهمية عملهم، ويجعلوا منه رسالة وسلاح مقاومة في معركة تحرير الوطن.

بطلة القصة -كما قلنا- اسمها "فلسطين"، وقد عاشت رحلة بدأت من السأم من القضية والرغبة في فكّ الارتباط بآلامها، ولكنها وجدت نفسها مدينة للقضية، ومدينة للمقاومة، بل مدينة للمقاوم الذي تصرفت معه بشكل سيّئ ثم اكتشفت أنه نفسه الذي أنقذها من عدوان الاحتلال قبل سنوات، ولولاه ربما ما كانت هنا.

شعرت "فلسطين" بالندم الشديد على إهانتها الغضنفرَ، وعدم تركه يكمل رسالته التي كانت تنتظرها أمّه التي فقدت بصرها حزنًا عليه، فقد كان ابنًا بارًا بوالدته وبفلسطين وقدسها وأقصاها

"فلسطين".. العاشقة والمعشوق

"فلسطين" المحامية في رواية البرغوثي فتاة جميلة ورقيقة مثل قطعة "آيس كريم" نشأت في أسرة مَقدسية ثرية، وتمتّعت بكل ما تتيحه تلك النشأة من دلال.. ورغم أنها تتمتع بالذكاء؛ إلا أنها أهملت دراستها؛ فلم تحصل على المعدل الذي يؤهلها للالتحاق بكلية الطب التي كانت تحلُم بها، فاضطُرت لدخول كلية الحقوق التي تكرهها، ومع ذلك تخرّجت فيها بتفوق.

عملت محامية في مكتب عابدين للمحاماة؛ بالرغم من أنها تكره المحاكم والمجرمين والقضاة، وتكره اسمها "فلسطين" ولا تعرف لماذا أسماها والدها بهذا الاسم، وترى أن قضية فلسطين لن تُحل أبدًا.

وهي تكره التوجه إلى مناطق حكم سلطة أوسلو لحضور جلسات المحاكم هناك؛ فتلك المحاكم السلطوية المدنية لا تقل فسادًا عن سلطة أوسلو، فالرِّشوة والمحسوبية والواسطة منتشرة بها انتشار النار في الهشيم، لذلك تركت تلك المحاكم السلطوية الفاسدة لكي تترافع أمام محاكم العدو الصهيوني الظالمة.

تتصاعد الأحداث عندما يطلب منها المحامي عابدين أن تتوجّه لزيارة الأسير عبد القدوس المعروف بالغضنفر في سجن بئر السبع؛ لأنها كانت المحامية الوحيدة التي قبلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منحها التصريح بزيارته.

في اللقاء، طلب الأسير أن يُملي عليها رسالة لأمّه، لكنها بعد عدد قليل من السطور، رفضت أن تكمل كتابة الرسالة، بأسلوب يُشكِّل إهانة له؛ فلم تكن تعنيها قضية تحرير فلسطين التي يضحي هؤلاء الأسرى بحياتهم من أجلها، لذلك أرسل عبد القدوس رسالة إلى المحامي عابدين تعني أنه لا يريد رؤية هذه المحامية مرة أخرى.

الذاكرة والندم

تكتشف "فلسطين" بعد ذلك ما صدمها وهز مشاعرها، فقد عرفت من زميلتها ساجدة أن هذا الأسير الغضنفر هو الذي أنقذها من تحت حوافر خيول جيش الاحتلال عندما كانت طفلة في التاسعة من عمرها، وخرجت مع زميلاتها في المدرسة تهتف لفلسطين؛ فضربها الجندي الإسرائيلي على أنفها بهِراوته، فسال دمها، وتمزق ثوبها، فأنقذها عبد القدوس الذي كان في الثامنة عشرة من عمره، وغطاها بسترته الزرقاء التي ما زالت تحتفظ بها حتى الآن، وأن عبد القدوس عاد بعد أن وضعها في سيارة الإسعاف، فهاجم الجندي الذي ضربها، وأسقطه أرضًا، وفرّ بحصانه حتى ابتعد عن المكان، لكن جيش الاحتلال تمكن من القبض عليه، وتم الحكمُ عليه بالسجن عامَين؛ بسبب ذلك، وأنه كان فارس أحلامها التي عاشت تحلُم به.

شعرت "فلسطين" بالندم الشديد على إهانتها الغضنفرَ، وعدم تركه يكمل رسالته التي كانت تنتظرها أمّه التي فقدت بصرها حزنًا عليه، فقد كان ابنًا بارًا بوالدته وبفلسطين وقدسها وأقصاها.

في حوار مع نفسها أخذت تلوم نفسها؛ لأنها حرمت الأسير من إرسال رسالة يطمئن بها أمه وأباه، ويطمئن بها فلسطين وأبناءها الذين أحبوه، وقدروا جهاده ضد أعداء الحرية والتحرر.

في حوارها مع ذاتها قالت فلسطين: إن عبد القدوس أحب القدس وضحى لأجلها بحريته؛ كم هو شامخ الرأس، مرفوع الهامة بين أولئك السجانين الأقزام.. وكم هو فلسطيني عنيد ضحّى بعمره من أجل قضية آمن بها وعمل لأجلها طويلًا.

لذلك قررت فلسطين أن تعود إلى جذورها؛ إلى فلسطين الطفلة التي كانت تتظاهر وتشارك بالفعاليات الجماهيرية.. فلسطين الطفلة التي أحبت أميرًا شجاعًا، وما زالت تحبه، وما زال هو كما كان شجاعًا مقدامًا.

شعرت فلسطين بالحب للغضنفر عبد القدوس؛ فهو أميرها الذي كانت تحلم به، وأن حياتها لم تكن لها معنى بدونه.

هذه الرواية- كما قلنا- هي تكريم لكل محامٍ فلسطيني يؤمن بقضية المقاومة وقضية بلاده، فهؤلاء جنود في معركة لا تستقيم بدونهم، وهم شركاء لكل مقاوم.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عبد القدوس التی کانت ه التی

إقرأ أيضاً:

11 سؤالا تشرح ما الذي يفعله الحجاج في يومي التروية وعرفة؟

مع بزوغ فجر اليوم يدفق مئات آلاف الحجيج إلى وادي منى العتيق، حيث يمتد أطول مخيم في العالم، وتتراص خيمه البيض على طول الأفق في لوحة فنية جميلة تقر العين وتريح النفس، وعلى أطرافه الشمالية والجنوبية تمتد بشموخ سلسلة جبلية يتردد على قممها صدى تكبيرات الملبين كل عام.

بياض خيام منى يتناسب مع بياض المقاصد التي دفعت ملايين الحجاج إلى النفير إلى هذا الوادي الذي يغص برواده ويتنفس عطر الشوق وعبير التلبية والتكبير والتهليل.

كما يتناسب أيضا مع بياض ثياب الإحرام التي تلف أجساد الحجاج وهم يجوبون خيام منى، يحملهم الحنين على أجنحة شوق عارم.

في هذا اليوم تبدأ فعليا رحلة الحج المتصلة زمانا ومكانا، والتي تتواصل على مدى 6 أيام، بالإضافة إلى ما يسبقها من تلبية وطواف بالبيت الحرام.

وفي هذا اليوم المبارك يقضي الحجاج يومهم في صلاة وعبادة فيما يعرف بيوم التروية، فما أبرز أعمال الحج في هذا اليوم والذي يليه (يوم عرفة)؟

ما يوم التروية؟

يوم التروية هو يوم الثامن من شهر ذي الحجة، ينزل فيه الحاج في مشعر مِنى ويؤدي بها صلاة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر.

لماذا سمي يوم التروية؟

يختلف المختصون في أسباب تسميته بهذا الاسم، إذ يرى البعض أن ذلك يعود إلى أن الحجيج كانوا يتروّون فيه من الماء استعدادا ليوم عرفة.

إعلان

وقيل لأن الحجاج يروون فيه أنفسهم بالإيمان والتقوى استعدادا للوقوف بعرفة، منسك الحج الأعظم، في التاسع من ذي الحجة.

وقيل سمي يوم التروية لأن آدم رأى فيه حواء واجتمع بها، أو لأن إبراهيم رأى في منامه ذبح ابنه فأصبح يتروى، أو لأن جبريل أرى إبراهيم فيه المناسك، أو لأن الإمام يعلم الناس ويرويهم فيه المناسك.

ما الذي يفعله الحجاج في يوم التروية؟

في يوم التروية، يقضى الحجاج وقتهم في الدعاء والذكر والتأمل، وترديد تلبية الحج "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".

كما يُصلّون في مِنى الصلوات الخمس قصرا من دون جمع، ويبيتون هناك قبل التوجه إلى صعيد عرفة بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة.

ويستحب للحاج الإكثار من الدعاء والتلبية أثناء التوجه إلى مِنى، كما يستحب له أن لا يخرج من منى إلا بعد بزوغ شمس اليوم التاسع من ذي الحجة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.

أين يقع مشعر منى؟

يقع مشعر مِنَى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو عبارة عن وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكن إلا في فترة الحج.

وتبلغ مساحة مشعر منى بحدوده الشرعية 16.8 كيلومترا مربعا، وهو من أكبر المشاعر المقدسة احتضانا للدوائر الحكومية والجهات الخدمية العاملة على تيسير أداء مناسك حجاج بيت الله الحرام، بما يقدر بـ15% من مساحة السفوح الجبلية للمشعر.

وتستخدم المساحة المتبقية لنصب الخيام من أجل إيواء الحجاج على مساحة تقدر بـ2.5 مليون متر مربع تستوعب نحو 2.6 مليون حاج، وبهذا يكون المشعر أكبر مدينة خيام في العالم.

من أين جاءت تسمية منى؟

تختلف المصادر التاريخية في سبب تسمية ذلك الوادي المبارك، فقيل لما يُمنى فيه من الدعاء، وقيل إن جبريل عليه السلام أتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام في ذلك الوادي وقال له تمنى على ربك ما شئت، فسمي الوادي منى.

إعلان

ويقول المؤرخون إن تسمية مشعر مِنَى مشتقة من الفعل أَمنَى بمعنى أراق الدماء، وذلك لكثرة ما يراق فيه من دماء الهَدْي.

ورأى آخرون أن منى سُميت كذلك لاجتماع الناس بها، إذ إن العرب تسمي كل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.

ولئن اختلفت الروايات بشأن التسميات، فالمؤكد أنه يمثل إحدى محطات الحج الأساسية، يمر بها الحجيج كل عام ذهابا وإيابا من عرفات ركن الحج الأعظم.

ما مكانة منى في الإسلام؟

ولمشعر منَى مكانة دينية خاصة عند المسلمين. ففي هذا المكان، رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام إبليس بالجمار، وذبح كبشا فداء لسيدنا إسماعيل عليه السلام.

ثم أكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذا الفعل في حجة الوداع، إذ رمى جمرة العقبة أو الجمرة الكبرى صبيحة العاشر من ذي الحجة، وذبح الهدي بعد رمي الجمرات، وحلق شعره في اليوم ذاته، ومن بعده استنَّ المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.

ويشتهر مشعر مِنَى أيضًا بمعالم مهمة في الحج، منها الشواخص الثلاثة التي يرمي فيها الحجاج الجمرات، التي تتمثل في جمرة العقبة في اليوم العاشر من ذي الحجة، وجمرات أيام التشريق الثلاثة في أيام 11 و12 و13 ذي الحجة.

كما يحتضن هذا المشعر مسجد الخيف الذي يقع على السفح الجنوبي من جبل منى، قريبا من الجمرة الصغرى، ويعد ثالث أكبر مسجد بمنطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام ومسجد نَمرة.

وهو أحد المواضع التي صلى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

كذلك، شهد مشعر مِنَى أحداثا تاريخية في الإسلام، منها بيعتا العقبة الأولى والثانية عامي 12 و13 من الهجرة، واللتين بايع فيهما مجموعةٌ من الأنصار النبي محمد عليه الصلاة والسلام على نصرته.

عرفات

وبعد يوم التروية يصعد الحجاج إلى عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة للوقوف على صعيدها الطاهر وأداء ركن الحج الأعظم، فما الذي يجري في هذا اليوم؟

إعلان أين تقع منطقة عرفات؟

عرفات أو عرفة منطقة مستوية تبعد عن المسجد الحرام في مكة المكرمة نحو 20 كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي. ويحد عرفات من الجهة الغربية وادي عرنة.

وتقع عرفات خارج حدود الحرم، وهي أحد حدود الحرم من الجهة الشرقية، وإجمالي مساحتها 10.4 كلم2، وقد وضعت علامات تبين حدودها.

لماذا سميت عرفة بهذا الاسم؟

قيل إن عرفات سميت بذلك لأن الناس يتعارفون فيها، أو لأن أمين الوحي جبريل عليه السلام طاف بالنبي إبراهيم عليه السلام وكان يريه المشاهد فيقول له "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟"، فيرد إبراهيم "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، كما قيل غير ذلك في سبب التسمية.

ما المقصود بالوقوف بعرفة؟

الوقوف بعرفة يعد الركن الأعظم ولا يصح الحج من دونه، يبدأ من فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، ويمتد إلى طلوع الفجر الصادق لليوم العاشر، ويكثر فيه الحاج من الذكر والدعاء.

والمقصود بالوقوف بعرفة هو الحضور والشهود والمكوث في هذا المكان لمدة من الزمن، وليس بالضرورة الوقوف على القدمين، فيمكن أن يجلس الحاج أو يستلقي إن كان ذلك أريح له، وعرفة كلها موقف كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس هناك مكان فيها مخصوص بذلك دون غيره، والشرط أن يكون الوقوف ضمن الحدود المعروفة لمشعر عرفات، ويستمر حتى غروب الشمس.

ما الذي يفعله الحاج في عرفة؟

يعرف يوم عرفة أيضا بأنه يوم الحج الأكبر، إذ فيه يؤدي الحجاج الركن الأعظم للحج، وهو الوقوف في صعيد عرفة والإكثار من الذكر والدعاء، وهو ركن لا يصح الحج من دونه.

يجتمع الحجاج في عرفة يوم التاسع من شهر ذي الحجة، ويصلون الظهر والعصر قصرا (ركعتين فقط لكل صلاة منهما) وجمع تقديم، ويستمرون في الدعاء والذكر والتكبير إلى وقت غروب الشمس.

ويوم عرفة من أعظم أيام الله، تغفر فيه الزلاّت وتجاب فيه الدعوات، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين، وجعله الله كالمقدمة ليوم النحر، وقد وردت في فضائله ومآثره والأعمال المشروعة فيه -للحاج ولغير الحاج- أحاديث نبوية عديدة.

إعلان

كما ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام".

ما أبرز معالم عرفة؟

ومن أهم معالم عرفة التي يتنافس الحجاج في الوقوف بها طلبا للمغفرة والرحمة "جبل عرفة"، الذي تسميه العامة "جبل الرحمة"، وهو المكان الذي ألقى أسفله النبي محمد عليه الصلاة والسلام -قبل 14 قرنا- خطبة الوداع التي أعلن فيها اكتمال رسالة الإسلام.

ويقع "جبل عرفة" شرقي عرفات، وهو أكَمَة تتكون من حجارة صلدة سوداء وكبيرة وسطحها مستوٍ وواسع، يعلوه شاخص (عمود حجري) طوله 7 أمتار، كما يدور حوله حائط يبلغ ارتفاعه نحو 57 سنتمترا.

ويبلغ عرض هذا الجبل شرقا 170 مترا، وعرضه غربا 100 متر، وطوله شمالا 200 متر، وطوله جنوبا 170 مترا، وارتفاعه عن سطح البحر 372 مترا، وارتفاعه عن الأرض التي تحيط به مقدار 65 مترا.

ومن أهم معالمه أيضا مسجد نمرة، وهو الموضع ذاته الذي خطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، ويصلي فيه كثير من الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا، ويحرصون على القدوم إليه ليستمعوا إلى خطبة يوم عرفة.

ويعرف المسجد بعدة أسماء كمسجد إبراهيم وعرنة وعرفة، وتقول إحدى الروايات إنه أخذ اسم "مسجد عرفة" من قرية تقع خارج منطقة عرفة، أقام فيها النبي صلى الله عليه وسلم ثم سار منها إلى وسط عرفة وصلى هناك وخطب في الناس.

ويرجَّح بناء المسجد في منتصف القرن الثاني للهجرة في بداية عهد الخلافة العباسية (في القرن السابع الميلادي)، ثم حظي لاحقا باهتمام السلاطين على مر فترات التاريخ الإسلامي.

مقالات مشابهة

  • إيران لم تُعلنها... كلمة واحدة كانت كفيلة بنزع سلاح الحزب
  • محامٍ يتعرض لاعتداء داخل مكتبه من طرف موكله بالحوز
  • نادي الأسير صوت المعتقلين الفلسطينيين
  • بدونه تحبط الأعمال وإن كانت جبالا.. خطيب عيد الأضحى بالحرم المكي: أصل الدين
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: مبادرة ويتكوف كانت منحازة بالكامل للاحتلال
  • سرير تحت النجوم
  • خالد أبو بكر: يستطيع اليوم المواطن أن يحصل على الدولار الذي يطلبه.. فيديو
  • حماس: إعدام الأسير أبو حبل يكشف ممارسة الاحتلال “منهجية سادية” في التعامل مع الأسرى
  • 11 سؤالا تشرح ما الذي يفعله الحجاج في يومي التروية وعرفة؟
  • طفل غزي لتايمز: الطعام الذي كانت أمي ستحضره لنا تضرج بدمائها