راشد بن حميد الراشدي **
أصبح العالم مجنونًا معتوهًا يبحث عن كل ما يدمره ويُنهي مسيرته وفي مختلف جوانب الحياة باسم التطور والعلم، وبات الإنسان محور حياة الكون مغيبًا بين فضاءات هذه الحياة المجنونة التي تسير بالكون لعالم مجهول لا يعلم منتهاه وخاتمته وقيامته إلا رب العالمين.
صنعوا مُمكنات الذكاء الاصطناعي ولا زالوا يصنعون ويطورون في برمجياتها يومًا بعد يوم، حتى دخلت تلك التقنيات في جميع مجالات الحياة؛ فغاب دور الإنسان في الصناعة والابتكار والحرف والمهن، واستُبدِل بالروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، كما تمادوا في تدمير كل شيء جميل؛ حيث دمروا الحياة الفطرية العفوية بكل تفاصيلها من إبادة البشر وتخفيض معدلات سكان العالم الذين لا فائدة منهم، إلّا استهلاك الثروات والخيرات التي أنعم الله بها عليهم، ونشروا الأمراض والفتن والحروب بين بني البشر لتتحقق أمنياتهم بحياة هادئة بعيدًا عن ملايين البشر الذين لا فائدة منهم فالتقنية والذكاء الاصطناعي هو من سيقوم بخدمتهم في جميع مناحي الحياة حتى التفكير المنطقي وذكاء الإنسان يريدون التحكم فيه وتحويل البشر إلى مسوخ لا هم لها سوى الأكل والشرب.
عالم معتوه وأنا أرى كل يوم اختراعًا في هذه المجالات التي أحرقت العالم بأسره وقضت على كل مناحي الحياة الكريمة السعيدة.
فقد إعلان إيلون ماسك مؤسس شركة "نيورالينك" عن نجاح أول عملية لمريض من البشر بعد خضوعه لزراعة شريحة دماغية من التي تنتجها الشركة الناشئة وإنه يتعافى بشكل جيد فهذا الخبر شد فكري لكتابة هذا المقال المهم، خاصة وأنا أرى التضحية بملايين البشر من خلال حروب مستعرة تخدم أهدافهم ومن خلال نشر مختلف الأمراض القاتلة طوال السنوات الماضية، وهذا أحد أهداف خطط تقليص نسبة سكان العالم، إضافة للوسائل القبيحة الأخرى، ولو سخّر هؤلاء البشر هذه التقنيات لخدمة البشرية في جميع المجالات وفي مختلف العلوم التي تخدم الكون، لتغيرت الحياة وعمّت السعادة في الكون، فلا فقر ولا عوز ولا أمراض ولا حروب ولا فتن، ولو تم تسخير هذه الخدمات للخير ومكافحة كل مشكلات الأرض لكان خيرًا وأبقى، وتبقى إرادة الله في ملكه هي من تقود العالم والإنسان في هذا الكون وفق منظومة إلهية من الأزل إلى نهاية الكون وقيامته.
إنه عالم معتوه يقوده مجانين لا يرقبون في الله والبشرية جمعاء إلًّا ولا ذمّةً، سوى تحقيق أهدافهم المجنونة التي ستصل بهم نحو تدمير الكون وفناءه وسيبقى لطف الله وحكمته وإرادته هي فيصل الأمر فلا غالب لأمر الله عز وجل.
اللهم أحفظ أوطاننا وسائر بلاد المسلمين والعالم من شرور المفسدين الظالين واجعل الدائرة عليهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: من علامات غضب الله على الإنسان ضياع عمره فيما لا يفيد
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "إدارة الوقت وأثرها في بناء الإنسان".
قال الدكتور ربيع الغفير، إن الإسلام أولى قضية الوقت عناية فائقة، حيث شغل الحديث عن الزمان مساحة واسعة من القرآن الكريم، كما جاء الحديث عن الوقت في القرآن الكريم بصيغة القسم، وفي القسم بالزمان دليل على أهميته، كما جاء في سور العصر، الفجر، الليل، والضحى، مشيرا إلى أن الله سبحانه وتعالى جعل الزمان دليلا على خلقه وقدرته وعظمته، ومظهرا من مظاهر جبروته وسلطانه على هذا الكون، بل وأمرنا بالتدبر في ذلك، يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
خطيب الجامع الأزهر: خلق الله للزمان وتقسيمه إلى ليل ونهار مظهر من مظاهر قدرته وعظمتهنتيجة الثانوية الأزهرية برقم الجلوس.. رابط مباشر لبوابة الأزهر الإلكترونية
ربيع الغفير: موقف الأزهر ومصر تجاه فلسطين غير قابل للمزايدة
خطيب الجامع الأزهر: العبد سيسأل يوم القيامة عن عمره عامة وشبابه خاصة.. فيديو
خطيب الجامع الأزهر: الإسلام أولى الوقت والزمان عناية فائقة.. فيديو
وتابع "خلق الله للزمان وتقسيمه إلى ليل ونهار مظهر من مظاهر قدرته وعظمته، لذا يجب على الإنسان أن يولي الاهتمام بنعمة الوقت أهمية كبرى لأن الله سوف يحاسبه حسابًا دقيقًا شاملاً، يقول ﷺ: (لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟).
وبيّن فضيلته الدكتور ربيع الغفير، أن القرآن الكريم أخبرنا أن الإنسان سيندم ندمًا شديداً على تفريطه في عمره، وتضييع شبابه ووقته في غير طائل، فما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: "يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة"، وفي الحديث النبوي الشريف ما يؤكد على عظمة الوقت: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ)، وكان لقمان الحكيم يقول لولده: "يا بني إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرى، فَدَارٌ أنت إليها تسير أقرب من دار أنت عنها تُبَاعِد".
وأشار خطيب الجامع الأزهر إلى أن الإنسان يبدي ندمه على تفريطه في وقته في موقفين، الأول وهو على فراش موته، تنكشف له الحقائق فيندم فيقول: ﴿رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾، ولكن يكون الجواب الإلهي: ﴿وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، والموقف الثاني حينما يتمنى أهل جهنم أن يعودوا إلى الدنيا، يقول تعالى في وصف الذين كفروا: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾.
وأضاف الدكتور ربيع الغفير أن المتأمل في حديث القرآن الكريم والسنة النبوية عن الوقت وقضية الزمن يصاب بالحزن حين يظهر مصطلح في هذه الأيام بين الشباب، وعامة الناس وهو "قتل الوقت"، قتل الوقت الذي هو الإنسان عينه، وهو رأس ماله الذي سوف يُسأل عنه يوم القيامة.
واستطرد "نحن أمة عمل وجد واجتهاد، ومن علامات غضب الله على الإنسان أن يشغله بغيره عن نفسه فيضيع وقته فيما لا يفيد، لكن يجب على الإنسان أن يقسم وقته إلى ساعات عمل وطاعة وعبادة، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يخلو فيها لنفسه لأجل التأمل والتفكر، وألا ينشغل بغيره عن نفسه. فإن علامة المقت إضاعة الوقت".
ولفت خطيب الجامع الأزهر إلى أن كل المجتمع صار في ظل الأحداث الأخيرة منشغلا بما يجري في العالم أجمع، متأثراً بها غافلاً عن نفسه ووقته، فعليه ألا ينشغل بتلك الأحداث وينسى نفسه، يجب عليه ألا ينشغل بأشياء أعفاه الله من مسئوليتها، وعليه أن ينشغل بما هو مسئول عنه أمام الله يوم القيامة.