مكبرات الصوت تذيع الأسماء.. تحذيرات من إعدامات جماعية لمعتقلين في العراق
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
لا يكاد يمر يوم في العراق إلا وتصدر أو تُنفذ فيه أحكام إعدام جديدة، من قضاء تشوبه الكثير من الإشكاليات وظروف اعتقال وتعذيب تفتقر لأدنى متطلبات حقوق الإنسان، وفق منظمات حقوقية عربية ودولية.
الأسبوع الماضي، كشفت منظمات حقوقية عن عزم السلطات العراقية تنفيذ احكام إعدام بالجملة بحق معتقلين عراقيين بتهمة الإرهاب، تلك التهمة التي اعتقل وفقها آلاف العراقيين خلال السنين الماضية.
وذكر المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، أن هناك ارتفاعا كبيرا بأحكام الإعدام ضد المعتقلين في السجون، بالتوازي مع تحذيرات سياسيين من مغبة تنفيذها وسط غياب محاكمات عادلة.
150 ينتظرون الإعدام
وقال المركز إن السلطات أُصدِرَت أوامر تنفيذ حكم الإعدام بحق أكثر من 150 معتقلا، مبينا أن الخطوة تدل على أن المحاكمات ناقصة الشرعية والثبوتية.
وأشار المركز إلى الإجراءات الإجراءات التي سبقت البت بحكم الإعدام ومنها التعذيب والإجراءات الانتقامية، كما أن إجراءات التحقيق لم تكن وفق الطرق الصحيحة في الاستئناف ولا غيره من الطرق القانونية التي يمكن من خلالها أن تثبت الجرم أو عدمه، ومن ثم سيكون الإعدام من أول جلسة حكم على المدان، سواء أكان مجرماً أم بريئا، وفق بيان المركز.
وأردف المركز، "أن السلطات الحكومية تحتجز عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحيا لسنوات طويلة بدوافع انتقامية وطائفية، مع انعدام الظروف الصحية في معتقلاتهم، وفي درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ما يؤثر على صحتهم بشكل مباشر".
وطالب المركز مكتب الأمم المتحدة في العراق بالعمل على "وقف عقوبة الإعدام في العراق، كونها تتم تجري بشكل تعسفي وعلى أساس اعترافات انتزعت تحت التعذيب والإكراه، لافتا إلى أن النظام القضائي العراقي لا يكفل إجراء محاكمة نزيهة كافية بما يتفق مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية".
وقالت مستشارة المركز الدكتورة فاطمة العاني، "إن المركز يتوصل لأعداد الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام بعد أن يتم التنفيذ بهم وحتى هذه الأعداد ليست كاملة ودقيقة".
وأضافت في حديث لـ "عربي21"، "لا يمكن معرفة الأعداد التي تروم السلطات تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وهذا ما يدفعنا إلى التسؤال أين الإجراءات القانونية واين محامي الأشخاص واين الضمانات الحكومية في تحقيق العدالة؟".
تصريح صحفي
إعدامات جماعية في ظل غياب العدالة
أكدت مصادر حكومية قبل أيام إصدار أوامر تنفيذ حكم الإعدام بحق أكثر من (150) معتقلا مدانين خلال الأعوام المنصرمة.
أن المحاكمات ناقصة الشرعية والثبوتية نظرا إلى الإجراءات التي سبقت القرار النهائي بحكم الإعدام من تعذيب.#العراق #iraq pic.twitter.com/acEg4WoRzk — مركز جرائم الحرب (@IWDCiraq) January 23, 2024
تسارع وتيرة الإعدامات
من جانبها استنكرت هيئة علماء المسلمين في العراق، ارتفاع وتيرة تنفيذ عمليات الإعدام خلال الفترة الماضية في البلاد، كاشفة عن تنفيذ عمليات إعدام أخرى غير معلنة داخل السجون.
وذكرت الهيئة في بيانها، أن العراق ما زال يحتل "المراكز المتقدمة عالميا للأعداد المعلنة للسجناء مع وجود ما لا يقل عن 140 ألف معتقل في السجون الحكومية المعلنة"، بينما تشير تقارير عدة إلى أن الأعداد الحقيقية للسجناء المغيبين بشكل قسري أكبر من ذلك بكثير.
وأضافت، "أن الحكومات المتعاقبة تطلق موجات متتابعة من الإعدامات الجماعية الانتقامية بحق مواطنين حكم عليهم بالإعدام خلال محاكمات سريعة تفتقر لأدنى مقومات العدالة، وتصل أعدادهم إلى 8 آلاف محكوم بالإعدام".
وأشارت إلى أن السلطات انتزعت الاعترافات من المحكومين، تحت التعذيب مع علم القضاة بهذه الحقيقة ورؤيتهم لما يثبت ذلك بعين اليقين.
وأكل بيان الهيئة، "أن نسبة تنفيذ عمليات الإعدام المسجلة والوفيات في سجون العراق في العام الماضي هي ضعف ما كانت عليه عام 2022 حيث يرجع ذلك لتسارع الموافقات التنفيذية على أحكام الإعدام.
واستدرك البيان، "أن السلطات نفذت خلال الشهر الماضي وفي يوم واحد حكم الإعدام بـ13 معتقلًا في سجن الناصرية، جنوبي البلاد".
ووصف بيان الهيئة، عمليات الإعدام "بأنها أسلوب انتقام وفق عقلية طائفية"، كما اتهمت الحكومة العراقية بأنها "تسعى لتحقيق مكاسب سياسية بائسة على حساب حياة الأبرياء، في وقت ما زال فيه الجناة الحقيقيون يتمتعون بإفلات مطلق ومستمر من العقاب في البلاد".
||بيان رقم (1539)
المتعلق بتزايد وتيرة الإعدامات في العراق
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد:
فما يزال العراق يحتل مراتب متقدمة عالميًا من حيث الأعداد المعلنة للسجناء مع وجود ما لا يقل عن (140) ألف معتقل في السجون… pic.twitter.com/VXwX7YpSgn — هيئة علماء المسلمين في العراق (@amsiiraq) January 14, 2024
"ظلم مريع"
من جانبها قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن 150 معتقلا يواجهون الإعدام الوشيك بدون إنذار في حال موافقة الرئيس عبد اللطيف رشيد على الأحكام بحقهم.
وذكرت سارة صنبر، باحثة العراق في المنظمة، "إن استئناف الإعدامات الجماعية في العراق تطورٌ مريع، لا سينا أن هذا الظلم الهائل تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة جيدا، التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة".
وبينت هيومن رايتس ووتش، أن إعدامات الشهر الماضي، نُفذت بدون مراعاة الحقوق الإنسانية للمحكومين.
150 سجينا على الأقل في سجن الناصرية في #العراق يواجهون الإعدام الوشيك بدون إنذار في حال موافقة الرئيس عبد اللطيف رشيد على الأحكام بحقهم https://t.co/0cLY4uZMc5 pic.twitter.com/1iGHVXtjeH — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) January 24, 2024
من جانبها أكدت الدكتورة فاطمة العاني مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، "أن خبراء في الأمم المتحدة يشيرون إلى أن عمليات الإعدام التعسفي، التي نُفذت على نطاق واسع ومنهجي في السجون الحكومية، قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية".
وأوضحت، "أن ذلك يستلزم مسؤولية جنائية عالمية لأي مسؤولين متورطين وهذا بحسب ما أفاد به تقرير بعثة الأمم المتحدة الأخير بشأن الاعدامات التي أجريت مؤخرا".
مكبرات الصوت تبث الرعب
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن معتقل في سجن الناصرية قوله، إن أسماء الرجال الـ 13 الذين أُعدموا أُذيعت على مكبرات الصوت في السجن ليلة الإعدام، حيث جمعتهم السلطات من زنزاناتهم وأعدمتهم في الصباح، ولم يُسمح لهم بالاتصال بعائلاتهم أو محاميهم قبل إعدامهم.
وذكر محام، طلب عدم ذكر اسمه، يمثّل سجناء عدة في سجن الناصرية للمنظمة "يستحيل عليّ منع إعدام الضحايا الذين أمثلهم لا نعرف مَن سيكون الهدف، وفي أي قضية، ولأي سبب، ومتى، ولا يمكنني حتى الاطلاع على ملفات قضايا موكليَّ. أبحث منذ أشهر وأتصل بجميع المحاكم في العراق، لكن الجميع يقولون إنه لا يمكنهم إعطائي إيّاها".
وأضاف، "بدون شفافية، لا يعرف المساجين وعائلاتهم إذا تمت المصادقة على أحكامهم أم لا. يعرف بعض المساجين أن أحكامهم صُدّقت منذ سنوات، ويخافون من المناداة عليهم عبر مكبرات الصوت في يوم من الأيام".
وعن ذلك قالت الحقوقية العراقية فاطمة العاني، "أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ذكرت أيضا (أن عدم إخطار الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام في الوقت المناسب بتاريخ إعدامهم يشكل، كقاعدة عامة، شكلاً من أشكال سوء المعاملة، مما يجعل الإعدام اللاحق مخالفاً للمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالعقوبات) العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
قالت هيومن رايتس ووتش إن ما يجري يبدو محاولة من قبل السلطات العراقية لاستئناف تنفيذ عقوبة الإعدام بطريقة تتفادى الدعاية السلبية والإدانة الدولية اللتين رافقتا آخر جولة من الإعدامات.
وفي إجابتها عن سؤال حول دور المنظمات الحقوقية لوقف هذه الانتهاكات، قالت العاني، "إن المنظمات الحقوقية الدولية وغير الدولية ليس لها صفة الالزام بوقف هذه الانتهاكات ولكن على الأمم المتحدة يجب ان تضغط بقوة على مجلس الأمن لوقف هذه الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان، وإلا فإن الأمر مستمر لأغراض انتقامية طائفية".
محاكمات غير عادلة
وأكدت المنظمة أن التطبيق الواسع لعقوبة الإعدام يثير القلق بشكل خاص بسبب الشوائب الخطيرة في القضاء العراقي، لا سيما في محاكمات الإرهاب، التي تحرم المتهمين من الحق في محاكمة عادلة.
وأكدت رايتس ووتش، أنه في الغالب كانت محاكمات الإرهاب معجلة، واعتمدت على اعترافات المتهمين غالبا منتزعة تحت التعذيب، ولم تسمح بمشاركة الضحايا.
وأردفت، عادةً ما تستند المحاكم العراقية إلى اعترافات لا سند لها وتتجاهل مزاعم انتزاع هذه الاعترافات تحت التعذيب. ينبغي للقضاة العراقيين، تماشيا مع معايير القانون الدولي والإجراءات الجزائية العراقية، أن يحققوا في جميع مزاعم التعذيب المعقولة، ويحاسبوا قوى الأمن، وينقلوا المحتجزين إلى منشآت أخرى فور ادعائهم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة لحمايتهم من الانتقام.
بدورها تقول العاني، "إن تقارير دولية سابقة أظهرت بأن عمليات الاحتجاز والتحقيق تفتقر إلى المعايير الدولية لاسيما أن عمليات الاعتقال نفسها هي مخالفة للقانون وأنها تعتمد على المخبر السري الذي لا أساس وسند قانوني لأقواله ومن ثم التعذيب الذي يكتنف عمليات التحقيق ضد الأشخاص الذين يتهمون بتهم كيدية والذين تتراوح اعدادهم بنسبة 90 بالمائة".
وتابعت في معرض حديثها لـ "عربي21"، "بالتالي تفتقر إلى السند القانوني الحقيقي لعملية الاعتقال والحكم النهائي الصادر بحقهم، وهذا ما أشار إليه تقرير الأمم المتحدة الذي يصف هذه الإجراءات بأنها لا تتصف الشفافية وأنها لا تقدم ضمانات الأمم المتحدة التي تحمي حقوق من يواجهون عقوبة الإعدام فإن الشفافية هي الحد الأدنى من متطلبات تطبيق عقوبة الإعدام".
شهادات مروعة
ونقلت المنظمة شهادة عراقي لديه ثلاثة أشقاء محكومون بالإعدام حيث قال، إن تهمة الإرهاب لفقت لأشقائه بعد رفض عائلته محاولات ابتزاز إحدى الميليشيات لجعلها شريكة في شركة البناء التي تملكها العائلة.
وأضاف أن أشقاءه تعرضوا للتعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة يُسمح لوالدته وزوجات أشقائه بزيارتهم مرة كل ستة أشهر فقط، ويتعرضن للمعاملة القاسية من قبل الحراس عند كل زيارة.
وتابع، "خلال الزيارة الأخيرة، ضرب أحد الحراس ابن شقيقي البالغ من العمر 10 سنوات، كما أخبر أشقائي أمي أنهم تعرضوا للتعذيب، وأُجبروا على توقيع اعترافات، وعُذبوا نفسيا، وأجبرهم الحراس على الوقوف عراة في الهواء الطلق كنوع من التعذيب".
ويعرف سجن الناصرية بظروفه المزرية، خيث قالت رايتس ووتش إنها على علم بـ 96 حالة وفاة على الأقل بين سجناء الناصرية منذ 2021، 18 منها خلال أربعة أسابيع في 2021.
وقعت العديد من هذه الوفيات في ظروف مريبة وظهرت آثار التعذيب على الجثث وحُرمت العائلات من الحصول على تقارير التشريح، وفقا للمنظمة.
دوافع طائفية
من جانبه دعا مرصد أفاد لحقوق الإنسان السلطات العراقية، لوقف تنفيذ أحكام الإعدام بحق 150 سجينا في سجن الحوت بالناصرية جنوب العراق.
وقال المرصد في بيان له، إن قضية أحكام الإعدام في العراق تثير جدلا واسعا منذ سنوات في ظل تقارير عن انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بداية من وشايات المخبر السري وصولا إلى ضغوط سياسية تستخدم ملف المحكومين بالإعدام خصوصاً لأغراض انتخابية، ناهيك عن إثارة الشحن الطائفي الذي يسعى إليه بعض السياسيين بحسب ما تقوله منظمات حقوقية عالمية ومحلية وتصريحات لنواب في البرلمان العراقي.
وذكر المرصد أنه حصل على معلومات تفيد بتصديق رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال على تنفيذ أحكام الإعدام بحق 150 سجينا جديدا في سجن الحوت في ظل تجاهل واضح لانعكاساته السلبية على وضع ملف حقوق الإنسان بالعراق دوليا، فضلا عن السلم الاجتماعي في البلد الذي يعاني منذ سنوات جراء الاحتقان الطائفي وممارسات انتقامية بجانب الإقصاء والتهميش لمكونات معينة من العراقيين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق السجون محاكمات التعذيب إعدامات العراق إعدامات المعتقلون تعذيب محاكم المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیومن رایتس ووتش فی سجن الناصریة عملیات الإعدام أحکام الإعدام عقوبة الإعدام الأمم المتحدة مکبرات الصوت الإعدام بحق تحت التعذیب حکم الإعدام فی السجون فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
حشد: «تحقيق دولي يكشف عن إعدامات ميدانية في نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية في غزة»
أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» تحقيقًا ميدانيًا دامغًا بعنوان «إعدامات ميدانية داخل نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية»، للباحثة القانونية لبنى ديب.
يكشف التحقيق الواقع المأساوي الذي يواجهه الفلسطينيون في غزة، حيث تحولت ما يُسمى بنقاط توزيع المساعدات الإنسانية إلى مصائد موت يومية خلال حرب طوفان الأقصى عام 2025.
ومن خلال شهادات حية، وتحليلات طبية، وبيانات موثقة، يكشف التقرير أن ما يسمى بـ«نقاط التوزيع» أصبحت مناطق إعدام، حيث يتم إطلاق النار على المدنيين الجائعين وقتلهم تحت ستار المساعدات الإنسانية.
نقاط التوزيع في غزة: من مناطق المساعدات إلى مناطق القتليتتبع التحقيق الأحداث منذ افتتاح ما يُسمى بـ«مراكز توزيع المساعدات» ابتداءً من 27 مايو 2025، هذه المراكز، الممولة من الولايات المتحدة وإسرائيل والمدارة من خلال مؤسسة غزة الإنسانية، تحولت إلى مصائد موت حقيقية. لا يُقابل المدنيون المصطفون للحصول على الطعام بالشفقة، بل بنيران القناصة وقنابل الغاز والطائرات المسيرة والمراقبة البيومترية.
تقع المراكز في:
رفح
شمال غزة
شارع التينة
نيتساريم
زيكيم
ورغم الترويج لها دوليا باعتبارها مناطق إنسانية محايدة، فإن التقرير يجد أنها في الممارسة العملية تعمل كمناطق عسكرية تسيطر عليها إسرائيل، حيث يتم تنظيم وصول المدنيين إليها بشكل صارم وغالبا ما يتم قمعها بعنف.
نشأة وتشكيل منظمة العمل الإنساني العالمي.. الإنسانية المصطنعةوُلدت مؤسسة غزة الإنسانية أواخر عام 2023 من خلال منتدى ميكفيه إسرائيل، وهو تجمع غير رسمي لجنود الاحتياط الإسرائيليين ورجال الأعمال والمستشارين السياسيين، سعى هذا المنتدى إلى تهميش وكالات الأمم المتحدة، مثل الأونروا، واستبدالها بهيئة «محايدة» أكثر قابلية للرقابة.
بحلول فبراير 2025، وبفضل ضغط ومشاركة مباشرة من مسؤولين أمريكيين، سُجِّلت مؤسسة GHF رسميًا في جنيف، وبدأت عملياتها في غزة بحلول مايو، ورغم عدم وجود سجل سابق في العمل الإنساني، تلقت المؤسسة تمويلًا أوليًا تجاوز 20.000 فرنك سويسري، ووسَّعت نطاق عملياتها بسرعة.
ومن الجدير بالذكر أن قيادة GHF تشمل:
جيك وود - الرئيس التنفيذي، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية ومؤسس فريق روبيكون.
ديفيد بيرك - الرئيس التنفيذي للعمليات، مع خبرة في الاستراتيجية العسكرية.
جون أكري - رئيس البعثة، سابقًا في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ويضم المجلس الاستشاري جنرالات أمريكيين متقاعدين، وموظفي أمن سابقين في الأمم المتحدة، ومديرين تنفيذيين لشركات كبرى مثل ماستركارد وشركات فورتشن 500.
وتشمل الشركات المتعاقدة المشاركة في العمليات اللوجستية والأمنية شركة Safe Reach Solutions (SRS) وشركة Global Delivery Company (GDC) - وهي كيانات اتُهمت سابقًا بانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق الصراع.
عسكرة المساعدات والإعدامات الميدانيةيوثّق التقرير بدقة الحوادث اليومية لإطلاق النار الحي في مواقع التوزيع. وتُظهر إحصاءات موثقة من المستشفيات والمراقبين الميدانيين أنه بين 27 مايو و1 يوليو 2025:
972 مدنيا قتلوا وأصيب أكثر من 4278 شخصًا ولا يزال العشرات في عداد المفقودين.تُظهر التقارير الطبية أنماطًا متكررة من الاستهداف المميت للمناطق الحيوية، بما في ذلك الشريان الفخذي والصدر والرأس والرقبة. يموت العديد من الضحايا في غضون دقائق بسبب النزيف الحاد أو إصابات الرأس، ويتفاقم الوضع بسبب الانهيار الكامل للبنية التحتية الطبية في غزة.
إن استخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ضد المدنيين العزل - وكثير منهم من كبار السن والنساء والأطفال - يشكل انتهاكا للعديد من أحكام القانون الإنساني الدولي، «أُرسلنا للمساعدة، فأصبحنا جلادين»
ترسم شهادة مُبلّغ عن مخالفات من مُقاول أمني أمريكي، تعاقدت معه شركة UG Solutions، صورةً مُرعبة. يروي كيف وصل إلى واشنطن في 16 مايو، حيث نُقل على عجل إلى الشرق الأوسط مع 300 آخرين - بعضهم جنود مُدرّبون، والبعض الآخر مدنيون بلا خبرة قتالية.
لم نتلقَّ تدريبًا حقيقيًا، سلّمونا بنادق هجومية وأسلحة جانبية وقالوا إن هذا عمل إنساني. لكن سرعان ما بدأنا نطلق النار على حشود من الناس الجائعين.
كان المتعاقدون يفتقرون إلى المعدات الأساسية، وأجهزة الرؤية الليلية، وحتى المعرفة الطبية. وكان استخدام رذاذ الفلفل وقنابل الصوت شائعًا، وغالبًا دون معرفة المسافات الآمنة أو آثارها. ويتضمن التقرير شهادات مماثلة عديدة من متعاقدين آخرين.
الطائرات بدون طيار والمراقبة: «أطلقوا علينا اسم الحيوانات»وصف العديد من المدنيين الذين أُجريت معهم مقابلات الاستخدام المتكرر للطائرات الرباعية المروحية التي كانت تحلق فوق خطوط المساعدات. ووفقًا للضحايا، لم تقتصر هذه الطائرات على المراقبة فحسب، بل شملت أيضًا توجيه الإساءات الصوتية والشتائم.
ونقل أحد الضحايا عن مشغلي الطائرات بدون طيار قولهم:
«يا حيوانات، ماذا فعلتم بالطعام؟!» - قبل إلقاء الغاز المسيل للدموع.
أزمة الأخلاقيات الداخلية والاستقالات
حتى أعضاء لجنة التخطيط التي أسست GHF أعربوا عن مخاوف أخلاقية. وكشف خمسة أفراد شاركوا في المراحل الأولى من التصميم ما يلي:
وقيل لهم في البداية أن المهمة إنسانية.
وتضمن النموذج النهائي قوات أمنية خاصة، والمسح البيومتري، ونقاط التفتيش العسكرية.
ورأى البعض أن هذا الإجراء يُستخدم لتمكين النزوح القسري من وسط غزة إلى الجنوب، وهو عمل قد يشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي.
النتائج الطبية: تشريح الجريمةويتضمن التقرير تفصيلاً للعواقب الطبية الناجمة عن الهجمات:
تؤدي إصابة الشريان الفخذي إلى الوفاة خلال دقائق.
تؤدي الطلقات في الصدر إلى نزيف في الصدر وانهيار الرئتين.
تؤدي الطلقات في الرأس إلى نزيف داخل الجمجمة وكسور وفتق في الجمجمة.
غالبًا ما تتطلب الجروح في الأطراف البتر بسبب نقص التروية أو العدوى غير المعالجة.
تؤكد صور الأشعة السينية وتحليلات الخبراء من أطباء مثل الدكتورة يارا أبو مار استخدام رصاصات عالية السرعة، تهدف إلى تعطيل الجسم أو قتله. ويُعتبر استهداف المناطق التشريحية التي تحافظ على الحياة انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي.
نظام المراقبة والإذلالووصفت عملية الدخول إلى مواقع التوزيع بأنها عملية غير إنسانية:
المسح الحيوي الكامل عن طريق القزحية والتعرف على الوجه.
حظر تام على جمع المساعدات عن الآخرين (حتى للمرضى).
يتم تفتيش الحاضرات من الإناث من قبل موظفات مسلحات.
ويتم التحقيق مع عائلات الشهداء بشكل منفصل.
ويقارن السكان المحليون هذه العملية بـ«رعي الماشية» بسبب الممرات الأمنية المشددة والطوابير الإجبارية.
لا توجد ضمانات للسلامة. يُعتقل الكثيرون أو يختفون بعد وصولهم إلى مراكز المساعدة.
أصوات عامة: «نركض لنأكل ونرحل بالدم»وتؤكد شهادات السكان المحليين على القسوة: نركض كيلومترين للحصول على كيس دقيق. يطعن الناس بعضهم البعض بالسكاكين. رأيتُ ذات مرة رجلاً طُعن في رقبته ينزف حتى الموت.
نتناول مسكنات الألم لنواصل المشي. جسدي يؤلمني. نُعامل أسوأ من الحيوانات.
لا أريد رفاهية. أريد فقط طعامًا. نحن نموت ببطء، كل يوم.
القضية القانونية: الجرائم ضد الإنسانية
وتطالب الهيئة بما يلي:
توقف شركة GHF جميع عملياتها على الفور.
المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقات في عمليات الإعدام الميدانية.
السيطرة الكاملة على عودة المساعدات إلى وكالات الأمم المتحدة مثل الأونروا.
- إنشاء ممرات إنسانية آمنة دون تدخل أمني.
تُتهم منظمة GHF بتمكين الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي، بما في ذلك التجويع المتعمد للمدنيين، والقتل خارج نطاق القضاء، والتهجير القسري.
انتهاك وقف إطلاق النار والابتزاز الإنسانييربط التقرير أيضًا ظهور صندوق الأمم المتحدة للسكان (GHF) بانتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار في 18 مارس 2025، عندما أُعيد إطلاق حملة عسكرية واسعة النطاق. ومع منع وصول المساعدات، وتزايد الضغط العالمي، طُرح صندوق الأمم المتحدة للسكان كحل وسط سياسي.
ولكنها سرعان ما تحولت إلى أداة عسكرية مسيسة، تتحايل على المعايير الإنسانية بينما تعمل على تقويض الأمم المتحدة وتديم الحصار.
الخاتمة: «دعوا غزة تعيش»
وخلصت اللجنة الدولية إلى أن:
لقد أصبحت المساعدات سلاحا.
يتم استخدام الجوع كأداة للخضوع.
يتم استبدال القانون الإنساني بالحكم العسكري.
هذا التقرير، الذي يستند إلى أشهر من العمل الميداني والتوثيق الطبي والأدلة المباشرة، يُقدّم الآن كوثيقة قانونية للمجتمع الدولي. على العالم أن يتحرك، ليس فقط لوقف القتل، بل لاستعادة الكرامة والأمان والإنسانية لأهل غزة.
دعوا غزة تحيا. دعوا الطعام يبقى طعامًا. دعوا الإنسانية تستعيد عافيتها.
اقرأ أيضاًالإغاثة الطبية في غزة: نواجه أوضاعا كارثية مع استمرار إسرائيل منع إدخال المساعدات
«مكلفة وغير فعالة».. مفوض الأونروا ينتقد إسقاط المساعدات جوا في غزة