دراسة: تحليل النيازك يكشف أن اللبنات الأساسية للأرض تحتوي على الماء
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
وفقا لدراسة حديثة قام بها علماء من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، يُظهر تحليل لأحد النيازك أن اللبنات الأساسية و"البذور" الكوكبية التي شكلت الأرض في نهاية المطاف تحتوي على الماء.
وبحسب البيان الصادر من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، يقول الباحثون إنه عندما كانت شمسنا نجما شابا قبل 4.56 مليارات سنة، كان نظامنا الشمسي مجرد قرص من الغبار الصخري والغاز.
ونشر الباحثون نتائج دراستهم في دورية نيتشر أسترونومي بعنوان "تراكم أقدم الكواكب الصغيرة في النظام الشمسي الداخلي خارج خط الماء والثلج".
فهم البيئات القديمة للكواكبوبحسب بيان معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، فقد حاول الباحثون منذ فترة طويلة فهم البيئات القديمة التي تشكلت فيها هذه الكواكب المصغرة، ومعرفة ما إذا كانت تحتوي على ماء.
تُعرّف الكواكب المصغرة -حسب نظرية تشكل الكواكب- بأنها عبارة عن أجسام صلبة تحيط بنجم حديث التشكل، وتتشكل من حبيبات غبار كوني تلتصق ببعضها وتأخذ بتكوين أجسام أكبر فأكبر (مثل كرة الجليد).
وللإجابة على هذه الأسئلة، قام العلماء في معهد كاليفورنيا بتحليل عينات من نيازك يعتقد أنها تعود إلى السنوات الأولى للنظام الشمسي، والتي تشكلت من بقايا النوى المعدنية لأقدم الكواكب المصغرة في نظامنا الشمسي والتي سقطت في النهاية على كوكبنا.
بعد تحليل النيازك توصلت الدراسة إلى أن أقدم الكواكب المصغرة في النظام الشمسي الداخلي تشكلت في وجود الماء، مما يتحدى النماذج الفيزيائية الفلكية الحالية للنظام الشمسي المبكر.
كما توصلت إلى أنه يمكن للتركيبات الكيميائية لمثل هذه النيازك أن تكشف معلومات عن البيئات التي تشكلت فيها، ومعرفة ما إذا كانت اللبنات الأساسية للأرض قد تشكلت بعيدا عن شمسنا، حيث سمحت درجات الحرارة الباردة بوجود جليد مائي، أو تشكلت قريبا من الشمس، حيث إن الحرارة قد تُبخر أي ماء مما يؤدي إلى جفاف الكواكب الدقيقة.
ويضيف بيان جامعة كاليفورنيا، أنه وعلى الرغم من أن النيازك نفسها لا تحتوي على الماء، فإن العلماء يمكنهم استنتاج وجودها المفقود منذ فترة طويلة من خلال فحص تأثيرها على العناصر الكيميائية الأخرى.
ويحلل العلماء وجود الماء في السابق من خلال معرفتنا المسبقة بأن الماء يتكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين واحدة، وفي وجود عناصر أخرى غالبًا ما ينقل الماء ذرة الأكسجين الخاصة به بعيدا في عملية تسمى الأكسدة، فعلى سبيل المثال يتفاعل معدن الحديد (Fe) مع الماء (H2O) لتكوين أوكسيد الحديد (FeO). ويمكن أن يؤدي وجود فائض كاف من الماء إلى زيادة العملية، مما يؤدي إلى إنتاج أوكسيد الحديد الثلاثي (Fe2O3) وأوكسيد هيدروكسيد الحديد الثلاثي (FeO/OH)، وهي مكونات الصدأ.
ومن الأمثلة على ذلك ما نشهده في كوكب المريخ، إذ إن الكوكب مغطى بأوكسيد الحديد الصدئ، مما يوفر دليلا قويا على أن الكوكب الأحمر كان يحتوي على الماء في السابق.
يقول الباحث في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والمؤلف الأول للدراسة دامانفير جريوال؛ إنه على الرغم من أن أي أوكسيد حديد من الكواكب المصغرة المبكرة قد اختفى منذ فترة طويلة، فإن الفريق تمكن من تحديد كمية الحديد التي قد تتأكسد من خلال فحص محتويات النيكل المعدني والكوبالت والحديد في هذه النيازك.
ويضيف جريوال: يجب أن تكون هذه العناصر الثلاثة موجودة بنسب متساوية تقريبا مقارنة بالمواد البدائية الأخرى، لذلك إذا كان أي حديد "مفقودا"، فهذا يعني أن الحديد قد تأكسد.
وعن أهمية النيازك الحديدية يقول أستاذ الجيولوجيا والكيمياء الجيولوجية بول أسيموف: "لقد أُهملت النيازك الحديدية إلى حد ما من قبل مجتمع تكوين الكواكب، لكنها تشكل مخازن غنية بالمعلومات عن الفترة الأولى من تاريخ النظام الشمسي وبمجرد أن تتوصل إلى كيفية قراءة الإشارات، إذ إن الفرق بين ما قمنا بقياسه في النيازك في النظام الشمسي الداخلي وما توقعناه يعني وجود نشاط أكسجين أعلى بحوالي 10000 مرة".
من ناحية أخرى يقول البيان الصادر من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: في هذه الدراسة وجد الباحثون أن تلك النيازك الحديدية التي يُعتقد أنها مشتقة من النظام الشمسي الداخلي تحتوي على نفس الكمية من معدن الحديد المفقود مثل النيازك المستمدة من النظام الشمسي الخارجي.
ولكي يكون الأمر كذلك، لا بد أن تكون الكواكب المصغرة من مجموعتي النيازك قد تشكلت في جزء من النظام الشمسي حيث يوجد الماء، مما يعني أن الوحدات البنائية للكواكب تراكمت عليها المياه منذ البداية، كما أن بصمات الماء في هذه الكواكب المصغرة تتحدى العديد من النماذج الفيزيائية الفلكية الحالية للنظام الشمسي.
وإذا تشكلت الكواكب المصغرة في الموقع المداري الحالي للأرض، فلن يكون هناك ماء إلا إذا كان النظام الشمسي الداخلي أكثر برودة بكثير مما تتوقعه النماذج الحالية، وبدلا من ذلك ربما تكون قد تشكلت في مكان أبعد حيث كان الجو أكثر برودة، ثم هاجرت إلى الداخل.
يقول جريوال: "إذا كان الماء موجودا في اللبنات الأولى لكوكبنا، فمن المحتمل أن تكون العناصر المهمة الأخرى مثل الكربون والنيتروجين موجودة أيضا، وبالتالي ربما كانت مكونات الحياة موجودة في بذور الكواكب الصخرية منذ البداية ".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تحتوی على الماء الماء فی تشکلت فی إذا کان
إقرأ أيضاً:
تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟
كاليفورنيا- في تصعيد هو الأقوى منذ إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوّح حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم بإجراء غير مسبوق تمثل في وقف تحويل الضرائب الفدرالية من الولاية إلى واشنطن، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز السياسي" من الإدارة الفدرالية.
وتشهد مدينة لوس أنجلوس منذ أيام احتجاجات متصاعدة على خلفية حملة اعتقالات نفذتها سلطات الهجرة الفدرالية طالت عشرات المهاجرين في مناطق تعرف بـ"مدن الملاذ الآمن"، مما أسفر عن مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب، وهو ما دفع ترامب إلى نشر الحرس الوطني وقوات مشاة البحرية في المدينة.
ويأتي هذا التصعيد في لحظة سياسية دقيقة، إذ تسعى إدارة ترامب إلى تطبيق أجندة مركزية أكثر صرامة ترتكز على ضبط الحدود ومعاقبة الولايات المعارضة.
وبذلك، تتحول كاليفورنيا من مجرد ولاية "متمردة" إلى ساحة اختبار حقيقي لحدود السلطة الفدرالية، ومدى استقلالية الولايات بعد عودة ترامب للرئاسة.
ويعيد هذا التوتر السياسي إلى الواجهة تساؤلات جوهرية بشأن مدى استقلالية الولايات الأميركية، والأدوات السياسية والقانونية التي تملكها الولايات لحماية سيادتها، وماذا تملك الحكومة الفدرالية من صلاحيات للرد.
إعلان مبدأ عدم التسلطيشرح آرون كابلان أستاذ القانون الدستوري في كلية لويولا للحقوق بمدينة لوس أنجلوس أن القانون الأميركي يفرض قيودا صارمة لما يمكن للحكومة الفدرالية أن تمليه على الولايات، مؤكدا أنه "من الثابت أنها لا تستطيع إلزام الولايات بتنفيذ القوانين الفدرالية".
ويشير كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن المحكمة العليا لطالما رفضت فكرة تحويل الولايات إلى "أدوات تنفيذية تابعة للحكومة الفدرالية"، إذ لا يجوز -بموجب التعديل العاشر للدستور- أن تُجبر حكومة الولاية أو مسؤولوها على سن قوانين أو تنفيذ برامج فدرالية تتعارض مع إرادتهم السياسية أو التشريعية.
ويضيف أن المحكمة استخدمت في سوابق قضائية مصطلح "التسلط" للدلالة على التجاوز الدستوري، ويرى كابلان أن هذا المبدأ لا يحمي فقط استقلالية الولايات، بل يكرس أيضا التعددية السياسية داخل النظام الفدرالي الأميركي، ويحول دون احتكار المركز صلاحيات التشريع والتنفيذ على حساب المجتمعات المحلية.
ورغم أن مبدأ "عدم التسلط" متاح لجميع الولايات فإن استخدامه يختلف باختلاف التوجهات السياسية للولاية، إذ تلجأ إليه ولايات ليبرالية مثل كاليفورنيا لحماية المهاجرين أو مقاومة سياسات تعليمية أو بيئية، في حين تستند إليه ولايات محافظة لرفض تطبيق قوانين فدرالية تتعلق بتنظيم السلاح أو مناهج الهوية والعرق.
ولا تعتبر كاليفورنيا مجرد ولاية ذات توجهات ليبرالية تختلف جذريا عن سياسات إدارة ترامب، بل تعد أيضا رابع أكبر اقتصاد في العالم وأكبر "ولاية مانحة" للخزينة الفدرالية، أي أنها تحول سنويا مبالغ ضخمة من الضرائب تفوق بكثير ما تتلقاه من الإنفاق الفدرالي.
وتصنف كاليفورنيا إلى جانب ولايات مثل نيويورك وإلينوي وماساتشوستس ضمن الولايات التي تعاني من "عجز عكسي"، حيث تمول برامج فدرالية في ولايات أخرى أقل دخلا وأكثر اعتمادا على الدعم الحكومي.
إعلانومنح هذا الواقع المالي كاليفورنيا ورقة ضغط سياسية رمزية -لكنها تحمل دلالة قوية- دفعت بحاكمها غافن نيوسوم إلى التلويح بما سماها "إعادة النظر في آليات تحويل الضرائب"، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز الفدرالي" الذي تتعرض له برامج الولاية وجامعاتها.
ورغم أن الضرائب الفدرالية تجبى مباشرة من الأفراد والشركات عبر مصلحة الضرائب (آي آر إس) ولا تمر عبر خزائن حكومات الولايات، وبالتالي لا يمكن حجبها قانونيا بقرار محلي فإن محللين يرون أن استخدام هذه الورقة -ولو على مستوى الخطاب- يهدف إلى إعادة طرح العلاقة المالية بين واشنطن والولايات المانحة على طاولة النقاش العام.
وفي هذا السياق، يؤكد جارد والزاك نائب رئيس مشاريع الولايات في معهد الضرائب بواشنطن أن التهديد بوقف تحويل الضرائب الفدرالية لا يتعدى كونه "خطوة تفاوضية عالية الصوت"، وليس إجراء قانونيا قابلا للتطبيق من الناحية الدستورية.
ويضيف أن أي محاولة "للتفلسف الضريبي" قد تواجه برد قضائي حاسم، وذلك حسب تصريحه لمؤسسة "كال ماترز" الإعلامية.
أدوات ضغط متبادلةورغم أن تصعيد الأحداث في كاليفورنيا يبدو غير مسبوق من حيث الحدة والتوقيت فإن العلاقة المتوترة بين الحكومة الفدرالية والولايات ليست جديدة في التاريخ الأميركي، بل خضعت مرارا لاختبارات قضائية وسياسية حاسمة.
فقد رسّخت المحكمة العليا مبدأ "عدم التسلط" في قضية "برنتز ضد الولايات المتحدة" عام 1997 حين رأت أن إلزام قادة شرطة المقاطعات بتنفيذ قانون فدرالي يتعلق بفحوصات شراء السلاح يعد انتهاكا للدستور، وأكدت أن الحكومة الفدرالية لا تملك سلطة تسخير أجهزة الولايات لخدمة برامجها.
في المقابل، أقرت المحكمة في قضية "ساوث داكوتا ضد دول" عام 1987 بشرعية ربط التمويل الفدرالي بشروط محددة، مثل اشتراط رفع سن شرب الكحول مقابل استمرار تمويل الطرق، شرط أن تكون تلك الشروط واضحة ومشروعة وغير تعسفية، وقد شكّلت هذه السابقة أساسا يُستخدم حتى اليوم لتبرير ممارسات الضغط المالي على الولايات.
وتملك الحكومة الفدرالية أدوات فعلية للرد على تمرد أي ولاية، من بينها:
قطع التمويل عن قطاعات محددة. تحريك دعاوى قضائية ضد القوانين المحلية. استخدام الوكالات الفدرالية لممارسة ضغط مباشر كما حصل في لوس أنجلوس. إعلانلكنها في المقابل تخاطر بإثارة ردود فعل داخلية تتهمها بممارسة "عقاب سياسي"، خاصة عندما تكون المواجهة مع ولاية ذات ثقل اقتصادي وانتخابي كبير مثل كاليفورنيا.
ويخلص أستاذ القانون الدستوري آرون كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن "التوتر بين الولايات والحكومة الفدرالية ليس عارضا، بل جزء بنيوي من النظام الفدرالي الأميركي، حيث تعاد صياغة حدود السلطة في كل حقبة سياسية، ويبقى موضوعا قابلا لإعادة التفاوض مع كل إدارة جديدة أو أزمة سياسية".