لجريدة عمان:
2024-06-11@20:52:52 GMT

مصفاة الدقم.. نقلة جديدة في جهود التنويع

تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT

مصفاة الدقم.. نقلة جديدة في جهود التنويع

أحد الأهداف الأساسية لتوجهات التنمية المستدامة هو زيادة التشابك بين مختلف الأنشطة والقطاعات كركيزة تعتمد عليها جهود التنويع في سلطنة عمان

نموذج ناجح للتكامل بين القطاعات الاقتصادية

الكيانات الاستثمارية يتزايد عددها في المدن والمناطق الصناعية وتسهم في توسعة الاقتصاد وجذب الصناعات الجديدة وإنجاح منظومة التنويع والاستثمار

مع وجود المصفاة في الدقم، تجد سلطنة عمان زخما متزايدا لتعزيز مكانتها على خارطة الاستثمار العالمية والقيام بدور متزايد في أسواق الطاقة

البتروكيماويات.

. صناعة واعدة عالميا ومن المتوقع أن يصل حجمها إلى 886 مليار دولار بحلول عام 2030

منذ بدء تنفيذ الرؤية المستقبلية، ووفقا لطموحات هذه الرؤية وأهداف النمو في خطتها التنموية الأولى، الخطة العاشرة، أصبح أحد الأهداف الأساسية لتوجهات التنمية المستدامة هو زيادة التكامل والتشابك بين مختلف المستهدفات والأنشطة والقطاعات كركيزة أساسية تعتمد عليها جهود التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان، ويعد ذلك أحد الملامح الأساسية للسياسات الاقتصادية الداعمة للوصول إلى تقدم مطرد في جهود تنويع الاقتصاد ضمن سياق المسار الجديد والجاد لتوجهات التنمية المستدامة في سلطنة عمان.

وتعد التطورات المهمة في قطاع الطاقة انعكاسا مهما لهذا المسار حيث يمثل افتتاح وتشغيل مصفاة الدقم في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة نقلة نوعية على عديد من المستويات ذات العلاقة بمسار النمو القائم على التنويع في سلطنة عمان ويخدم بشكل كبير مستهدفات التكامل بين الأنشطة والقطاعات الاقتصادية.

يأتي مشروع المصفاة في حد ذاته كصرح جديد وكبير ينضم لقطاع الصناعات التحويلية الذي يعد ركيزة للنمو خلال الخطة العاشرة، ويحقق مشروع المصفاة استغلالا أكبر للنفط عبر تكريره وتحويله إلى المنتجات البتروكيماوية التي يرتفع الطلب عليها في الأسواق العالمية وهو ما يعني عائد جيد من الموارد المالية وزيادة في حجم الصادرات، كما تأتي المصفاة كنموذج ناجح للاستفادة من الشراكات الاستثمارية مع الدول الشقيقة والصديقة والتي أسفرت عن تعاون مثمر في مشروعات مهمة في القطاع اللوجستي وصناعات الهيدروجين الأخضر وغيرهما من القطاعات.

وفي نفس السياق الخاص بتكامل مسارات التنويع وتعزيز منظومة الاستثمار، فمع وجود المصفاة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، تتلقى سلطنة عمان زخما جديدا لتعزيز مكانتها على خارطة الاستثمار العالمية وزيادة تنافسيتها وقدرتها على جذب الاستثمارات للعمل في مدنها ومناطقها الصناعية خاصة الدقم التي تتمتع بميزة فريدة هي موقعها المتميز عند ملتقى خطوط التجارة الدولية وقربها من عديد من الأسواق الإقليمية والناشئة وهو ما يزيد من دور المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم في قيادة النمو وتحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق رؤية "عُمان 2040" خاصة ما يتعلق بدعم القطاع الخاص وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية والخاصة، حيث تسهم الكيانات الاستثمارية التي يتزايد عددها في منطقة الدقم وغيرها من المدن والمناطق الصناعية في توسعة الاقتصاد وجذب العديد من الصناعات والمشروعات الجديدة فيما يمثل دورة كاملة لإنجاح منظومة التنويع والاستثمار في سلطنة عمان، وهي منظومة تكتسب أيضا بشكل متزايد ملامح العمل المؤسسي المتكامل بين مختلف الجهات المعنية والذي يعززه بشكل مستمر التوجهات المتناسقة للسياسات الاقتصادية والاستثمارية وما يتم تقديمه وتطويره من حزم جيدة من الحوافز والتسهيلات لجذب الاستثمارات التي تعزز من آفاق النمو الاقتصادي، وهذا العمل المؤسسي المتناسق الذي أصبحت ترتكز عليه جهود جذب الاستثمار هو ما يضمن إحراز مزيد من التقدم في ترسيخ المكانة الاستثمارية لسلطنة عمان كوجهة عالمية جاذبة ومشجعة للاستثمار نظرا لما يقوم به من دعم للسمعة الاستثمارية الجيدة لسلطنة عمان كمقصد واعد وآمن للاستثمار.

كما يقدم مشروع المصفاة مثالا ناجحا لتحقيق التكامل في مصفوفة المشروعات الإنمائية الحكومية واستثمارات جهاز الاستثمار العماني وشركاته التابعة من جانب وبين منظومة الاستثمار الخاص من جانب آخر، إذ إن الإنفاق والاستثمارات الحكومية، بحجمها الضخم، تتزايد فعاليتها وكفاءتها في تعزيز نمو الاقتصاد ودعمهم لمختلف القطاعات الاستراتيجية وأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص.

بفضل هذا الإنفاق الإنمائي، أرست الحكومة بنية أساسية وفوقية تتسم بالتطور الكبير في منطقة الدقم الاقتصادية وغيرها من المناطق الصناعية، وتعد دعامة قوية لجذب الاستثمارات ووجود مشروعات استراتيجية مثل مصفاة الدقم، وهناك تقدم متواصل في تعزيز البنية الأساسية والمرافق المركزية في المنطقة الاقتصادية في الدقم حيث تم بالتزامن مع افتتاح المصفاة إتمام مشروعين استراتيجيين هما مشروع محطة المياه والكهرباء التي تسهم في توفير الطاقة الكهربائية ومياه التحلية لمصفاة الدقم "أوكيو 8" والشركة العُمانية للصهاريج "أوتكو"، ويبلغ حجم الاستثمارات في المحطة 196 مليون ريال عُماني، ومشروع الشركة العمانية للصهاريج الذي يرفد أعمال المصفاة فيما يخص تخزين النفط في محطة رأس مركز والتي أقيمت باستثمارات 200 مليون ريال وتتميز بموقعها الاستراتيجي بالقرب من الأسواق الناشئة لا سيما في آسيا وإفريقيا، وتتسع لتخزين حوالي 200 مليون برميل من النفط، وتتكامل المحطة مع المصفاة عبر خط أنابيب بطول 80 كيلومترًا يتم من خلاله نقل النفط الخام من رأس مركز إلى المصفاة، وتضم المحطة منشآت متطورة ذات سعات عالية لتخزين النفط منها 8 خزانات ضخمة لتخزين النفط، ومنصات عائمة لاستيراد وتصدير النفط، وخطوط أنابيب تحت البحر لاستقبال وتصدير النفط بطول 7 كيلومترات، ومحطة لضخ النفط إلى الخزانات.

وفي قطاع الصناعات التحويلية والبتروكيماويات، تعد مصفاة الدقم هي المنشأة الرابعة من نوعها في سلطنة عمان التي يوجد بها مصفاة ميناء الفحل ومصفاة صحار ومصفاة صلالة، وترتفع الطاقة الإنتاجية لتكرير النفط بأكثر من الضعف لتتجاوز 500 ألف برميل يوميا مع التشغيل الكامل لمصفاة الدقم وهو ما يعني مكانة أكبر لسلطنة عمان في تجارة الطاقة الدولية التي تعد بمثابة شريان الحياة لمختلف الأنشطة في العالم، وقد شهدت صناعة البتروكيماويات توسعا في سلطنة عمان خلال الفترة الماضية منذ افتتاح مجمع لوى للصناعات البلاستيكية والذي أسهم في تعزيز النمو وحجم الصادرات غير النفطية.

وتنبع أهمية التوسع المستمر في صناعة البتروكيماويات كونها أحد الصناعات الواعدة التي تحقق نموا مستمرا، ومن المتوقع أن ينمو حجم الصناعة عالميا من 628 مليار دولار في نهاية عام 2023 إلى 886 مليار دولار بحلول عام 2030 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 5.0 بالمائة خلال الفترة المشار إليها، وهو معدل نمو جيد بالنظر إلى ضخامة هذه الصناعة، ويعزز هذا النمو تزايد الطلب عالميا على المشتقات النفطية والمنتجات والسلع التي تستخدم في الصناعة والحياة اليومية خاصة منتجات اللدائن والبلاستيك والمطاط والكيماويات، ومواد التنظيف، والمستحضرات الصيدلانية، وأجزاء السيارات ومواد التغليف.

ومن جانب آخر، فهذا التوجه نحو التكامل بين المشروعات والقطاعات الاستراتيجية، يمتد ليشمل أيضا توجهات استراتيجية أخرى تعزز التنمية المستدامة، منها هدف سلطنة عمان للوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050, ولتحقيق هذا الهدف تشهد سلطنة عمان تحولا جادا نحو الطاقة المتجددة بكافة مصادرها المتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية وصناعات الهيدروجين الأخضر، ويتم بشكل حثيث توجيه الصناعات الجديدة والقائمة نحو الاستدامة وتقليص الانبعاثات، ويعتمد مشروع مصفاة الدقم على الابتكار والتقنيات الحديثة في التشغيل مما يضعه في مسار التكيف مع مستهدفات الاستدامة وخفض الانبعاثات.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التنمیة المستدامة فی سلطنة عمان مصفاة الدقم المصفاة فی

إقرأ أيضاً:

الأمن الغذائي الخليجي يبدأ من الدقم

 

 

خليل بن عبدالله بن محمد الخنجي **

 

 

الأمن الغذائي والمائي هاجس لدول كثيرة ومنها دول مجلس التَّعاون لدول الخليج العربية وهذا ليس بمستغرب بسبب شح الأمطار في هذه الدول ولكن الأزمة وصلت إلى الهند والصين وبلدان عديدة كثيفة السكان، منتجة للمواد الغذائية الأساسية للإنسان والحيوان، إلّا أن مفهوم الأمن الغذائي التقليدي أصبح من الماضي، وهناك مستجدات يجب على أصحاب القرار في دولنا الأخذ بها بكل جدية وذلك بسبب التطورات العلمية في تحقيق الأمن الغذائي العالمي.

كنَّا نتحدث ونتحاور في عُمان ولاحقًا على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي منذ العام 2007 وحتى 2020 جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم وانعكاساتها على دول المنطقة وكان السائد في حواراتنا هو كيف لنا أن تمتلك دولنا أراضي شاسعة في دول مثل السودان وروسيا وفيتنام والأرجنتين وغيرها من دول العالم لما لديها من أراضٍ تصلح لزراعة القمح والذرة والحبوب وتربية الماشية والأبقار بل حتى الجمال وغيرها من أنواع الحيوانات المتعددة وسبل استيرادها لدولنا وذلك لتأمين منافذ آمنة نمتلكها في الخارج ولكن ما أثبتته لنا السنوات الماضية: أن ما تنتجه أراضي غيرك لن يُؤمن غذاك، بل هي خدمة مجانية يستفيد منها أصحاب الأرض عند حدوث الأزمات.

إذن ما الجديد في الأمن الغذائي العالمي؟

منذ عام 2004 والعلم يبحث عن إنتاج لحوم الأبقار عن طريق زراعة الجينات الوراثية من لحم الأبقار وإنتاجها بكميات كبيرة من خلال المختبرات والمصانع الخاصة في كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة وبعض الدول المتقدمة والمنفتحة علميًا على المستجدات الوراثية في علم الجينات وبالفعل تم في الآونة الأخيرة تمَّ اعتماد بيع تلك اللحوم في أرفف محلات البيع في كلٍ من سنغافورة أولًا وأمريكا لاحقًا وهذا ليس بجديد في العالم لأن العلم قد طور علم الجينات في إنتاج البذور وفسائل النباتات التي ساهمت في نمو القطاع الزراعي بشكل ملحوظ .

أحد المواد الأساسية التي يستهلكها المواطنون في دول المجلس والمقيمون بها هو الأرز وقد أثبتت التجارب العلمية في الصين التي تعاني شبح قلة المياه خلال العشر سنوات القادمة أنه بالإمكان زراعة الأرز على الأراضي المحاذية للبحار بل حتى على سطح مياه البحر شرط ألا تتعدى درجة ملوحة المياه 0.6، وبالفعل أجريت كثير من التجارب على هذا النوع من المنتج الذي سوف يسهم في زيادة منتجات الأمن الغذائي الأساسية.

بالنسبة للقمح تستطيع دول الخليج زراعته خاصةً في المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ولكن هناك دول معروفة تنتجه بأسعار غير مكلفة وبكميات كبيرة جدًا مثل أستراليا وكندا وأمريكا والأرجنتين والبرازيل لما تملكه من أراضٍ شاسعة صالحة ومناسبة لزراعة الحبوب، وقد أجريت تجارب جينية على القمح وذلك لمضاعفة الإنتاج وذلك تلبيةً للطلب العالمي للحبوب وذلك لاستهلاكه من قبل الإنسان والحيوان على حدٍ سواء.

تعددت المنتجات الغذائية التي تصل إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية لتلبية طلبات المُقيمين على أرضها وهم أضعاف المواطنين الأصليين تستورد  في أوقات السلم والرخاء بكل سهولة ويسر، أما في أوقات الحروب التي قد تؤثر على بعض المنافذ البحرية والعوائق البرية كما حدث لبعض الدول أو حصار جوي لا سمح الله بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط التي تنعكس سلبًا على أسعار المنتجات على اختلافها وخاصة المواد الغذائية الأساسية وهذا ما أثبتته تجاربنا السابقة لذلك وجب تأمين سلسلة الإمداد والتوريد لدول المجلس. وهذا لا يتأتى إلّا من خلال الأراضي والموانئ العُمانية المتعددة لكونها خارج مضيق هرمز ومنها المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم بالدقم التي بإمكان القائمين على إدارتها توفير التسهيلات للمنتجين للصناعات التحويلية من المواد الغذائية المعلبة وصوامع الغلال لتخزين أنواع الحبوب والأرز والسكر وتقديم التسهيلات كذلك لمستثمري الاستزراع السمكي ومحاولة الاستفادة من تجارب الدول في زراعة الأرز على ضفاف بحر العرب في الدقم بموقعها الحيوي بعيدًا وخارج جميع المضائق البحرية شرط ربط الموانئ العُمانية كلها بشبكة نقل بري عبر بناء منظومة قطارات لنقل البضائع من الدقم وإلى جميع موانئ مجلس التعاون الخليجية.

** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • رئيس اتحاد غرف الإمارات: قرار مجلس الوزراء تشكيل فريق عمل لتطوير الاتحاد نقلة نوعية
  • ركائز التكامل في سلطنة عمان
  • الصيرفة الإسلامية في سلطنة عمان تنمو بشكل متسارع في حجم الأصول والودائع
  • سلطنة عمان تستعرض تجاربها السياحية في السوق الروسي
  • صور تحتضن النسخة الثالثة من "معرض النيازك في سلطنة عُمان"
  • إعلان رسمي من سلطنة عمان بشأن اليمن
  • بحث جهود جذب الطلبة الدوليين للدراسة في مؤسسات التعليم العالي العمانية
  • الأمن الغذائي الخليجي يبدأ من الدقم
  • سلطنة عمان تدين المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات
  • سلطنة عمان تصدر بيانا حول "مذبحة النصيرات" في غزة