موقع النيلين:
2024-06-11@19:35:22 GMT

غزة وكسر التابوهات

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT


التابوهات هي المحظورات أو المحرمات، سواء المجتمعية أو السياسية؛ وقد “كسرتها” غزة بمقاوميها وشعبها ورجالها ونسائها وأطفالها أيضا منذ السابع من أكتوبر وما تلاه.

فتح طوفان الأقصى الأبواب لتكسير التابوهات كالمعاداة “العلنية” لإسرائيل من بعض المسئولين في أمريكا والغرب وبعض المشاهير، فضلًا عن انتشار التعاطف مع فلسطين وكسر تابو العداء للسامية من عدد يتزايد من الناشطين، خاصة الشباب في أمريكا وأوروبا.

من التابوهات التي تم كسرها التظاهر ضد رئيس الوزراء أثناء الحرب والانتقادات العلنية من رؤساء ووزراء سابقين والمطالبة باستقالته، ووصل الأمر برئيس وزراء الصهاينة الأسبق إيهود باراك إلى القول بأن إسرائيل هي التي قامت ببناء المخابئ في مستشفى الشفاء مفندًا “علانية” اتهامات الصهاينة لحماس ببناء أنفاق تحت المستشفى في سابقة لم تحدث من قبل؛ حيث كان جميع المسئولين السابقين والحاليين يتكاتفون ولو “ظاهريًا” مع الحكومة أثناء الحرب، ثم يتقاتلون بعدها كعادتهم.

من التابوهات التي تكسرت اعتراض كثير من المسئولين في البيت الأبيض وفي بريطانيا وفي فرنسا على الانحياز السافر لحكومات بلادهم للصهاينة وتأييد “المذابح” في غزة تحت ادعاء حق الدفاع عن النفس واستقالة بعضهم، كما نشرت صحيفة فايننشال تايمز في تعبير “نادر”  عن موقف سياسي نائب المدير المساعد لشئون التحليل في سي آي إيه، أن مسئولة كبيرة في الاستخبارات الأمريكية نشرت صورًا داعمة لفلسطين وغيرت خلفية صفحتها على الفيس بوك إلى رجل يلوح بعلم فلسطين.

واستقال مسئول بالأمم المتحدة في نيويورك احتجاجًا على فشل المنظمة في منع الإبادة الجماعية في غزة، وقال السيناتور مارك وارنر رئيس الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي:  “إسرائيل فقدت تعاطف الناس في العالم كله”.

من التابوهات التي “أسعدت” الملايين كسر هيبة الصهاينة والسخرية منهم، وانتشار صور سحبهم من الدبابات وصور الاستسلام لبعض المستوطنين، وحديث أسرى الصهاينة الذين تم الإفراج عنهم عن حسن تعامل المقاومة معهم، وأشادت شابة بالتغيير “الجميل” الذي حدث لأختها الصغيرة بعد عودتها من الأسر؛ حيث أصبحت تتعامل معهم بلطف لم تفعله من قبل “وتصر” على تقاسم الطعام معهم، وهو جزء مما “تعلمته” في غزة.

من التابوهات التي تحطمت أيضًا الاعتراف علنا بالهزيمة في وسائل الإعلام الصهيونية، والمطالبة بمحاسبة المسئولين عنها والحرب ما زالت قائمة؛ قالت صحيفة معاريف: “يبدو أن الجيش لن ينتصر نحن نكذب على أنفسنا”.

ومن أبرز التابوهات تقديم إسرائيل للمحاكمة لأول مرة في تاريخها أمام محكمة العدل الدولية؛ من خلال الدعوى القضائية التي أقامتها جنوب إفريقيا وساندتها فيها بعض الدول.

ونتوقف عند كسر مهم لتابوهات عدم الاجتراء على القواعد الأمريكية؛ حيث فوجئت أمريكا والعالم كله بضرب القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، والأهم استخدام البحر الأحمر لأول مرة في التاريخ “لعقاب” إسرائيل على عدوانها النازي على غزة، ومنع السفن من الوصول إليها إلا بعد إنهاء الحصار الظالم على غزة، ثم مهاجمة السفن الأمريكية والبريطانية أيضًا من قبل الحوثيين في اليمن، وهي مفاجأة “قاسية” لم يتوقعها العدو الصهيوني ولا حلفاؤه أبدًا.

كما استهدف الحوثيون مواقع صهيونية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة وهددوا بالمزيد.

من التابوهات المحطمة ما رأيناه عندما أغلق أمريكان بأجسادهم بوابة مصنع للأسلحة في أمريكا؛ لمنع وصولها للصهاينة، وفي بريطانيا حاصر أكثر من ألف نقابي مصانع تزود الصهاينة بالأسلحة؛ دعمًا لغزة في صمودها أمام نازية الصهاينة وحلفائهم، وساندت أسبانيا جنوب إفريقيا ضد الصهاينة، ورفضت المشاركة في العدوان على اليمن مع أمريكا وبريطانيا وأستراليا وهولندا والبحرين، وإعلان إيطاليا عن توقفها عن بيع الأسلحة للصهاينة.

ومن التابوهات التي تحطمت أيضًا التعاطف غير المسبوق مع غزة في أنحاء العالم، خاصة في أمريكا وأوروبا؛ ففي بريطانيا شاهدنا مظاهرات كثيرة تندد بالعدوان على غزة، وتعرض الملك تشارلز لانتقادات هو ورئيس حكومته العنصري، وبسط المتظاهرون ملابس تمثل أكثر من 11 ألف طفل بطول 5 كيلومترات على الرمال كنصب تذكاري رمزي للأطفال الذين استشهدوا في غزة في شاطئ مدينة بورنموث البريطانية.

كما انضم كثير من المشاهير في العالم لمؤيدي غزة ومنهم ممثلون من أمريكا فازوا بالأوسكار، وتحدوا هيمنة اللوبي الصهيوني على صناعة السينما.

كما شكل تضامن الأمين العام للأمم المتحدة مع غزة كسرًا للتابوهات أيضا وقال: أشعر بالفزع من الموت والدمار في غزة التي باتت تئن من فرط الألم والويل والكمد، ولا يوجد مكان آمن يمكن اتخاذه ملاذًا بعد إجبار الغزاويين على ترك منازلهم.

من التابوهات التي تحطمت أيضًا، ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الدفاع الصهيونية من رحيل أكثر من ربع مليون صهيوني من منازلهم “خوفًا” من صواريخ حزب الله اللبناني، ورفضهم العودة وعدم شعورهم بالأمان.

رد المتحدث باسم الحوثيين على مذيعة البي بي سي “العربية” عندما سألته “بعدوانية” وحدة عن سبب هجوم الحوثيين على السفن المتوجهة للصهاينة، رغم “بعد” اليمن عن فلسطين المحتلة؟!؛ فقال: وهل يسكن بايدن مع نتنياهو وهل يسكن ماكرون في الطابق الذي يعلو نتنياهو وهل يسكن رئيس وزراء بريطانيا في نفس العمارة؟! هؤلاء جاءوا من آلاف الكيلومترات..

تمنى رئيس وزراء الصهاينة الأسبق شارون أن يستيقظ ليجد غزة وقد ابتلعها البحر؛ وتعفن وهو حي؟ وسيتعفن الصهاينة كلهم وستنتصر غزة بمشيئة الرحمن، ويحتفل أهلها بصمودهم المذهل فكم رأينا أطفالًا صامدين فوق ركام بيوتهم وطفل يرفع يده بعلامة النصر وهو داخل سيارة الإسعاف، وثالث يحتضن إخوته الصغار بعد استشهاد والديه ويهتف: صامدون.

نجلاء محفوظ – بوابة الأهرام

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی أمریکا فی غزة

إقرأ أيضاً:

اليمنُ والحربُ الاقتصادية

عبدالرحمن مراد

لقد خضنا معركتنا المصيرية ونحن نعي أهدافنا تماماً وهي لا تقل عن الحرية والسيادة والاستقلال، ولذلك فالتضحيات لن تكون هباء منثوراً، بل حرية واستقلال وسيادة على كامل الأراضي اليمنية، وعلى السعوديّة أن تعي حجم التحول في هذا المسار، فلم يعد الأمر قابل للنقاش، كما أن المقايضة بالملف الإنساني في مقابل المِلف العسكري هو في حَــدِّ ذاته إعلان بالهزيمة وإن جاءت مغلفة تحت لافتات السلام، فالسلام قيمة في ذاته، والانتصار لا يكون بالصغائر بل بالقدرات التي تفرضه، ونحن أصبحنا نملك تلك القدرات وقادرون على فرضه بما يحقّق استقرارنا وأمننا واستقلالنا وسيادتنا على كامل أراضينا.

تحاول السعوديّة أن تقول إنها مع السلام في اليمن، وَتقوم بحملة ترويج واسعة النطاق في العالم كله؛ بهَدفِ تحسين صورتها، محاولة منها في الانتصار الشكلي وفرض شروط الاستسلام عن طريق استغلال الملف الإنساني والمقايضة به تعويضاً عن الشعور بالهزائم، وهي في السياق نفسه تحاول أن تستر نفسها من الاعتراف بالهزيمة العسكرية بعد أن امتد الزمن ليصل إلى العام العاشر دون أي تقدم للسعوديّة ولمرتزِقتها، وقد باءوا بالذل والخسران المبين في كُـلّ المواقع والجبهات، وها هي اليوم تمارس غواية الضغط الاقتصادي من خلال مصفوفة الإجراءات للبنك في عدن، وهو إجراء تمارسه أمريكا من تحت الطاولة، لكن العالم يدرك أن من يقف وراء هذه الإجراءات ظاهراً هي السعوديّة، وكأنها ترقص في شوارع صنعاء كطائر مذبوح، ذلك أن الإنسان الذي صبر على الجوع طوال عشرة أعوام يدرك أن النصر ليس أكثر من صبر ساعة.

فإحكام الحصار الاقتصادي لن يكون إلا اعترافاً واضحًا بالهزيمة العسكرية؛ لأَنَّ الأقوياء والذين هم منتصرون لا يذهبون إلى الصغائر؛ لأَنَّها تقلل من انتصاراتهم وتنزلهم منازل الذل والهوان، ولذلك على السعوديّة أن تدرك أن اليمنيين ليسوا على استعداد بالتضحية بانتصاراتهم التي صنعوها بالجماجم والأشلاء المتناثرة وبالصبر والجلد، فالملف الإنساني لن يكون محل مقايضة بيننا وبين السعوديّة؛ فقد اقترفت يدها ما هو أفظع وأبشع، ولن يكون التاريخ متصالحاً مع السعوديّة في المستقبل في حال يستمر نظام آل السعود في الحكم في منطقة جزيرة العرب، ذلك أن النهايات بدأت ترسم ملامحها بدخان الحروب والأحداث التي يديرها نظام آل سعود في كُـلّ بلدان العرب.

تجربة الصمود اليمني في وجه قوى الشر والعدوان أضحت مثالاً لكل أحرار العالم ولكل حركات المقاومة للظلم والصلف والعدوان، وهي تجربة ستكون نتائجها ذات أثر على القوى الاجتماعية والثقافية والسياسية في السعوديّة، ولذلك من خلال هذه التجربة أصبح النظام العام والطبيعي في السعوديّة قاب قوسين أَو أدنى للانهيار، وعند هذه النقطة علينا الوقوف حتى نجعل من غطرسة السعوديّة ومن صلفها وظلمها ناراً تأكل فيها، وتحد من شبقها، ومن سياسة التدمير التي تنتهجها تجاه الشعوب العربية والإسلامية.

لا يمكن لعاقل يعي أن يتجاوز مفردة الهزيمة حال أن يقف متفكراً في الحالة التفاعلية التي تجري في اليمن، فالسعوديّة عجزت عن بلوغ غايتها من اليمن، قد تكون أمريكا حقّقت قدراً من مصالحها في البحر والمنافذ البحرية قبل (طوفان الأقصى) لكن الطوفان جاء ليفرض واقعاً جديدًا، وقد أصبح هذا الواقع حقيقة لا يمكن القفز على معطياتها، ولذلك فأمريكا نفسها اليوم أمام معطى جديداً لا يسعها إلا الاعتراف به والتعامل معه بندية، قد تتجاوز السعوديّة فيه وحينئذ تصبح السعوديّة قد خسرت كُـلّ شيء حتى مشاعر أهل اليمن ولم تحقّق شيئاً يذكر.

لم يعد أمام آل سعود إلا التسليم للواقع في اليمن والتعامل معه وفق معطياته إن كانوا يعقلون، فكل شروط الانتصار وفرض الهيمنة تجاوزتها المرحلة، فالقوة التي عليها أهل اليمن -بعد عشرة أعوام من الحرب الكونية والحصار في مقابل الذل والهوان الذي بات عنوان السعوديّة ومرتزِقتها في اليمن- بلاغ واضح لمن ألقى السمع أَو كان بصيراً.

نحن في اليمن ندرك إدراكاً كاملاً أن السعوديّة تشن عدواناً علينا بالنيابة عن أمريكا وعن ربيبة أمريكا –إسرائيل- وما يفصح عنه الواقع اليوم في البحر الأحمر والعربي والبحر المتوسط ليس بخاف على كُـلّ ذي لب سواء من أهل اليمن أَو من غيرهم؛ إذ لا مصلحة للسعوديّة في هذا العدوان ولا للإمارات أَو من لف لفهم، كُـلّ المصالح المرسلة والمصالح المحقّقة من نتائج العدوان هي لأمريكا في صراعها مع الصين، وهي لـ “إسرائيل” في صراعها مع العرب، ولذلك كان التطبيع ثمرة من ثمار حركة الاضطرابات في اليمن وفي المنطقة العربية على وجه العموم، ولن يبلغ التطبيع مبتغاه بعد تموجات الطوفان وتجليات المعركة في غزة.

اليوم تعلن السعوديّة هزيمتها الأخلاقية، وعدم قدرتها على قيادة العالم الإسلامي، وهي تنساق كالبقرة الحلوب لتبلغ من العرب ومن المسلمين الغايات التي تعذرت على اليهود وعلى أمريكا في الزمن القديم، ونحن نعلم كم أنفقت أمريكا حتى تصل لتلك الغايات، وها هي تصل اليوم دون أن تنفق سنتاً واحداً بل تتباهى أنها استطاعت أن تجعل أعدائها يقتلون بعضهم بعضاً ويديرون حربها بالوكالة عنها.. أليس ذلك هو الغباء المطلق حين تصبح مطية يصل من خلالها عدوك إلى غاياته وتحسب حينها أنك تحسن صنعاً، فهل تدرك السعوديّة اليوم أن الحرب الاقتصادية دوران في الفراغ؟ وهي بذلك تعزز من مشاعر الغضب في نفوس أهل اليمن.

مقالات مشابهة

  • ابو لحوم: أمريكا تستحوذ على كل المعلومات البنكية في اليمن
  • القيم الأمريكية الغربية والنموذج (الصهيوني)..!
  • العار عار حتى لو طار
  • الجنائية الدولية والصهيونية والإمبريالية
  • عادل الباز: صهاينة الجنجويد
  • إيران تتوعد باستخدام كل قوتها لإلحاق الهزيمة إلى إسرائيل
  • إيران تتوعد باستخدام كل قوتها لإلحاق هزيمة ثقيلة بإسرائيل وإسقاطها في "بئر لبنانية"
  • الأزهر يندد بمجزرة النصيرات الوحشية.. الإرهابيون الصهاينة بغوا في الأرض فسادا
  • إسرائيل لم تعد تنام!
  • اليمنُ والحربُ الاقتصادية