ما سر انقلاب بايدن المفاجئ على نتنياهو واشتعال الخلافات في هذا الوقت؟ .. هل ما يجري مسرحية سيئة الإخراج؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
سرايا - بعد أن كان بارعًا جدًا في التغطية على جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي التي ارتكبت في قطاع غزة ولا زالت تُرتكب حتى يومنا هذا، ويدافع بشراسة واستماتة أكثر من "الإسرائيليين" أنفسهم عن حق “بلادهم” في الدفاع عن نفسها وسحق وحرق غزة بكل ما فيها من بشر وشجر وحجر، حتى انقلب كل شي رأسًا على عقب، وبات الرئيس الأمريكي جو بايدن ينتقد “تل أبيب” ومسؤوليها بشدة بشكل علني وصريح.
التصريحات المفاجئة التي أدلى بيها بايدن حول غزة وانتقاده المباشر لأعداد “الضحايا الأبرياء” في غزة وقوة "إسرائيل" “المفرطة والمبالغ فيها” في الرد على هجوم حركة حماس في الـ7 من أكتوبر الماضي، وقبل بساعات تصريحات وزير خارجيته أنتوني بلينكن، المفاجئة كذلك حول شعوره بعدم الرضى من الضحايا الأبرياء بغزة، يفتح باب الجدل واسعًا حول سر هذا التغير المفاجئ في المواقف الأمريكية تجاه "إسرائيل".
وفي تصريحات مفاجئة، اعتبر بايدن، أن الرد العسكري "الإسرائيلي" في غزة “جاوز الحد”، في واحدة من أشد انتقاداته حدة لحكومة “تل أبيب”، وقال للصحافيين في البيت الأبيض: “أنا أرى، كما تعلمون، أن سلوك الرد في غزة تجاوز الحد”، مشيراً إلى أنه يضغط من أجل زيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، والتوصل إلى وقف للقتال يتيح إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس والفصائل الأخرى.
وقبلها بساعات قال بلينكن خلال لقائه نتنياهو، أنه “كل يوم وحتى نهاية عمره سيسأل نفسه يوميا عن أطفال غزة الذين قتلوا دون ذنب”، ليرد عليه نتنياهو بأن مسؤولية مقتل هؤلاء الأطفال تعود إلى قيادة حركة حماس .
تأتي تصريحات بايدن وبلينكن، في وقت يتعرّض فيه الرئيس (الديمقراطي) لضغوط داخلية متزايدة للضغط على "إسرائيل" لوقف الحرب في قطاع غزة.
ويبدو أن الخلافات بين بايدن ونتنياهو تأخذ منحنى تصاعديًا غير مسبوق، فقبل أيام وصفه بالرجل “السيء”، فيما أفاد بعد ذلك موقع “أكسيوس” الإخباري بأن بايدن أغلق الهاتف بوجه نتنياهو خلال آخر مكالمة بينهما، في دليل جديد على توسع الخلاف بينهما جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
تورط بايدن بأزمة نتنياهو
كذلك ونقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤولين أميركيين أن الانقسامات بين إدارة بايدن وحكومة “تل أبيب” باتت أكثر وضوحا منذ زيارة بلينكن إلى "إسرائيل"، كما نقلت الشبكة عن مسؤولين أميركيين أن إدارة بايدن “تتطلع إلى ما بعد نتنياهو لتحقيق أهدافها في المنطقة”، وأن الإدارة الأميركية تحاول وضع الأساس مع قادة "إسرائيليين" آخرين تحضيرا لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو.
وخلال الأسابيع الماضية، طفت على السطح خلافات علنية بين بايدن ونتنياهو حول طريقة إدارة الحرب على غزة، ومستقبل القطاع بعد توقف القتال، إلا أن تلك الخلافات لم تصل لنقطة وقف أو تغيير طبيعة الدعم الأميركي "لتل أبيب".
وأفادت تقارير أمريكية، بأن سخط بايدن على نتنياهو تزايد خلال الأيام الأخيرة لاعتبارات عديدة قد يكون على رأسها ما أخذ يستجمعه فريق حملة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي من مؤشرات أخطار وتهديدات جدية، على خلفية تأييد الإدارة المطلق للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، مقابل المستوى الهابط والفاضح من ممارسة الضغوط على نتنياهو بصدد ما يواجهه المدنيون الفلسطينيون من أوضاع إنسانية كارثية.
وقد لفت الانتباه بصفة خاصة استطلاع رأي أجراه معهد YouGov مؤخراً وكشف أن 50٪ من الذين عرّفوا أنفسهم في صف ناخبي بايدن صنفوا العمليات العسكرية الإسرائيلية في خانة “الإبادة الجماعية” كما اتضح من الاستبيان أن المنصرفين عن التصويت للرئيس الحالي لم تعد شرائحهم تقتصر على الشباب أو أوساط اليسار وثمة ترجيح لكفة مرشح ثالث خارج نطاق التنافس المنتظر بين المرشح الديمقراطي بايدن والمرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.
جانب آخر وراء سخط بايدن على نتنياهو يتمثل فيما بات يترسخ تباعاً من قناعة لدى مستشاري البيت الأبيض حول نوايا رئيس حكومة الاحتلال المبطنة في استدراج الولايات المتحدة إلى حرب في الشرق الأوسط، مع إيران وأدواتها في المنطقة بما يكفل استمرار تدفق الأسلحة والمعونات المالية الأمريكية، ويشغل واشنطن بعيداً عن ممارسة الضغوط على دولة الاحتلال حول كيفية إدارة الحرب، فضلاً عن إلحاق ما يمكن من أذى بجهود طهران لاستغلال المشهد الراهن المتفجر.
ويرى مراقبون، أن بايدن يحاول الآن الهروب من فخ نتنياهو الذي نُصب له، وانتقاداته المتكررة لـ "إسرائيل" ومسؤوليها تؤكد فعليًا وجود خلافات عميقة جدًا بين الجانبين، وكانت “حرب غزة” هي السبب في إشعالها وإظهارها للجميع رغم حرص الإدارة الأمريكية على إخفائها طوال أيام السابقة.
وفي هذا السياق، رأى محلل "إسرائيلي" أن زيارة بلينكن إلى إسرائيل كشفت “عمق الخلاف” مع نتنياهو و”عدم ثقة” الإدارة الأمريكية به و”نفاذ صبرها تجاهه”، وكتب ألون بينكاس، المختص بالشأن الأمريكي، في تحليله بصحيفة “هآرتس” العبرية: “يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تفقد صبرها وتحاول بطريقة أو بأخرى التوفيق بين الدعم الأساسي والعميق لـ "إسرائيل" وبين عدم الثقة والإحباط العميقين تجاه نتنياهو”.
وأضاف: “الزيارة الأخيرة لبلينكن أظهرت مجددا أن الخلافات في المواقف والثقة تتزايد بدلا من أن تضيق”، ونقل المحلل عن عضوين مؤيدين لـ "إسرائيل" في الكونغرس الأمريكي (لم يسمهما): “الإدارة على شفا قرار لا مفر منه (..) لا خيار ولا مجال للمرونة”.
وقال عضوا الكونغرس، وفق المحلل، إن “بايدن يدفع ثمنا سياسيا لدعمه الكبير وغير المحدود لـ "إسرائيل"، لكن مدى صبره وتسامحه وصل إلى أقصى الحدود”.
تسونامي سياسي
هذا وأفادت صحيفة “معاريف” العبرية، بأن "إسرائيل" تتخوف من اعتراف أمريكي بدولة فلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، وقالت: “تعرب مصادر سياسية في "إسرائيل" عن قلقها إزاء النشاط المكثف للإدارة الأمريكية للترويج لفكرة إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل حكومة موحدة تقوم على ما يعرف بسلطة فلسطينية متجددة”.
وأضافت: “وفقا لمسؤولين أمريكيين، تدرس وزارة الخارجية الاعتراف بدولة فلسطينية كجزء من مبادرة سياسية شاملة تتعلق باليوم التالي لحكم حماس بقطاع غزة”، ووصفت الصحيفة الإسرائيلية مثل هذه الخطوة في حال تمت بأنها “تسونامي سياسي”.
وحتى اليوم، ترفض الإدارات الأمريكية المتعاقبة الاعتراف بدولة فلسطينية، وربطت ذلك بتوصل الفلسطينيين و "الإسرائيليين" إلى اتفاق بشأن الدولة، كما عارضت واشنطن حصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة بإحباط طلبات فلسطينية للحصول على العضوية من خلال مجلس الأمن الدولي آخرها عام 2011.
غير أن إسرائيل باتت تلحظ أن إدارة بايدن تفكر جديا بالاعتراف بدولة فلسطينية حتى دون موافقة إسرائيل، الصحيفة أشارت أيضا إلى “أمر بلينكن مؤخرًا موظفي مكتبه بإعداد عمل منظم لاحتمال الاعتراف الأمريكي أو الدولي بدولة فلسطينية من جانب واحد وليس من خلال المفاوضات مع "إسرائيل" أو بموافقة إسرائيلية”.
وتابعت: “على خلفية المعلومات الواردة من الإدارة الأمريكية ودول أوروبية شريكة أيضاً في الخطوة، يعرب مسؤولون كبار في إسرائيل عن قلقهم إزاء ما يصفونه بافتتان إدارة بايدن بفكرة إقامة دولة فلسطينية والاعتراف بها من جانب واحد كوسيلة للضغط على "إسرائيل"”.
ونقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية (لم تسمها): “إن هذه القضية تشغل مؤخراً حيزاً في الأجندة السياسية للشرق الأوسط التي يروج لها الأمريكيون والأوروبيون”.
وأضافت المصادر: “لم يعد الأمر يتعلق بتفجير بالونات تجريبية أو فكرة نظرية، إن فكرة الاعتراف بدولة فلسطينية تكتسب زخما ويتم الترويج لها على أرض الواقع”.
وتابعت: “وليس من قبيل الصدفة أن سلسلة من الزعماء الغربيين أعلنوا في الآونة الأخيرة دعمهم لإقامة دولة فلسطينية، وهذا يشمل الزعماء الذين اعتبروا يمينيين والأكثر تأييدا لـ "إسرائيل"، مثل رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني”.
ونقلت الصحيفة العبرية عن مسؤول إسرائيلي (لم تسمه): “الأمريكيون يواصلون الترويج لفكرة السلطة الفلسطينية المتجددة وفي الوقت نفسه، فإن السلطة الحالية في رام الله بصدد تقديم الإصلاح، وهذا يتوافق مع مطالبة الولايات المتحدة بإثبات أنها أصبحت بالفعل هيئة تفي بتعريف السلطة المتجددة”.
وأضاف المسؤول: “الإصلاح الفلسطيني يشمل تغييرات داخل الحكومة، وتغيير طبيعة إدارة الأجهزة الأمنية، وهناك حديث عن حكومة تكنوقراط (مهنية) جديدة”.
وأمام هذا المشهد الساخن..
هل سينجح بايدن في الهروب من فخ نتنياهو؟ أم سيدفع الثمن؟ أم أن ما يجري مجرد مسرحية سيئة الإخراج؟
رأي اليوم
إقرأ أيضاً : رئيسة صندوق النقد الدولي: الأردن أدار إصلاحاته بشكل "احترازي" ساعد في استقرار اقتصادهإقرأ أيضاً : "التعليم العالي" تلغي قبولات الموازي بعد صدور قائمة الجامعة الأردنيةإقرأ أيضاً : رئيس مجموعة البنك الدولي يزور الأردن
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: جرائم الاحتلال غزة الدفاع غزة الرئيس بايدن بايدن غزة غزة باب غزة غزة غزة قيادة بايدن الرئيس بايدن بايدن بايدن بايدن بايدن بايدن القطاع بايدن الرئيس بايدن بايدن الرئيس بايدن رئيس الاحتلال إيران المنطقة الاحتلال بايدن الكونغرس غزة فلسطين مجلس بايدن بايدن الوزراء الله بايدن جرائم قيادة فلسطين ترامب إيران المنطقة الأردن مجلس الكونغرس اليوم التعليم الحكومة الدولة الله بايدن الدفاع غزة الاحتلال باب العالي رئيس الوزراء الرئيس القطاع الاعتراف بدولة فلسطینیة دولة فلسطینیة إدارة بایدن على نتنیاهو قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ترمب ينفي مناقشة اعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية
صراحة نيوز- نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الثلاثاء، أن يكون قد ناقش مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خطة بريطانيا للاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل، ما لم تقدم إسرائيل على خطوات لتحسين أوضاع الفلسطينيين.
وكان ستارمر قد أعلن في وقت سابق من اليوم ذاته أن بلاده مستعدة للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، وذلك في ظل تنامي الغضب الشعبي إزاء مشاهد الأطفال الجائعين في غزة.
وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من اسكتلندا إلى الولايات المتحدة، أكد ترمب: “لم نناقش هذا الأمر مطلقاً”، مضيفاً أن “الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون بمثابة مكافأة لحركة حماس”. وتابع قائلاً: “إذا قمتم بذلك، فأنتم تكافئون حماس. لا أعتقد أن هذا هو الطريق الصحيح”.
وحول الأوضاع الإنسانية في غزة، أشار ترمب إلى أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات مالية لدعم الغذاء في القطاع، مؤكداً حرصه على ضمان إنفاق تلك الأموال بشكل مسؤول. وقال: “أريد التأكد من أن الأموال تُصرف بحكمة، وأن الطعام يُوزع بشكل عادل وسليم”.
وفي خطوة تعكس تحوّلاً كبيراً في السياسة البريطانية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أوضح ستارمر أن بلاده قد تعترف بدولة فلسطين قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ما لم تلتزم إسرائيل بشروط خطة سلام بريطانية مكونة من ثماني نقاط.
وتتضمن الخطة البريطانية دعوة إسرائيل إلى اتخاذ “خطوات عملية” لإنهاء الأزمة في غزة، ووقف إطلاق النار، والامتناع عن ضم أراضٍ في الضفة الغربية، إلى جانب الانخراط في عملية سلام شاملة وطويلة الأمد.
وأفادت صحيفة الغارديان بأن ستارمر أجرى محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل إعلان خطته، مؤكداً في الوقت ذاته أن لا تكافؤ بين إسرائيل وحماس. وشدد على ضرورة أن تقوم الأخيرة بإطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاحها، والتوقيع على وقف إطلاق النار، والقبول بعدم المشاركة في أي حكومة مستقبلية في غزة.
وقال ستارمر: “سنقوم بتقييم مدى التزام الأطراف بهذه الخطوات في سبتمبر. لا ينبغي لأحد أن يعتبر نفسه قادراً على تعطيل قرارنا”.
وتتعرض حكومة حزب العمال لضغوط متزايدة من الداخل لاتخاذ خطوات أكثر حزماً، في ظل تزايد السخط الشعبي البريطاني نتيجة الأوضاع المأساوية في غزة. وأوضح ستارمر أن تدهور الوضع الإنساني، والذي “يتفاقم يوماً بعد يوم”، هو أحد الأسباب التي دفعت الحكومة لتحديد موعد محتمل للاعتراف بفلسطين، خاصة مع تراجع فرص تحقيق حل الدولتين.
وأضاف: “لقد طالبنا منذ مدة بزيادة حجم وسرعة إيصال المساعدات إلى غزة. الوضع الآن مأساوي تماماً، ولهذا السبب اتخذت هذا القرار بشأن الاعتراف بفلسطين وحل الدولتين”.
وأشار إلى أن بريطانيا تعمل مع الأردن لإيصال المساعدات الإنسانية جواً، في ظل صعوبة دخولها عبر المعابر البرية.
وكانت صحيفة الغارديان قد كشفت الأسبوع الماضي أن ستارمر واجه ضغوطاً من وزراء في حكومته لاتخاذ خطوة فورية تجاه الاعتراف بدولة فلسطين، وسط تصاعد الاستنكار الدولي للعمليات العسكرية الإسرائيلية التي تطال المدنيين في غزة.
ورغم أن الاعتراف البريطاني سيكون رمزياً إلى حد كبير – على غرار الموقف الفرنسي – فإنه قد يسهم في زيادة الضغط الدبلوماسي لإيجاد حل للنزاع، خاصة في ظل ما وصفته وكالة أسوشيتد برس بـ”الموافقة الضمنية” من قبل ترمب، رغم نفيه مناقشة المسألة.